*عندما نقارن بين المجتمعات والأزمنة فإننا لا نقصد تفضيل مجتمع على آخر أو زمان على غيره وإنما نهدف من وراء ذلك لأخذ العظة والاعتبار والاستفادة من ذلك في معالجة مشاكل الحاضر الماثل. *معروف أن الصراع بين قوى الخير وقوى الشر قديم منذ بدء الخلق، وأنه لا يخلو مجتمع من الخير ولا يسلم من الشر، وتختلف درجة تأثر الفرد بالمجتمع المحيط بمدى الحصانة المكتسبة من التربية في حاضنته الأسرية الأولى بكل ما فيها من قيم وسلوك وقدوة. *نقول هذا بمناسبة تنامي بعض الظواهر الاجتماعية السالبة التي بدأت تنتشر للأسف وسط الشباب كما صورتها منى سلمان في (لطائف) الاثنين الماضي بصحيفة حكايات بعنوان (أقيف يا زول). *حكت لنا منى تجربة حية عاشتها هي وعيالها مع سائق ركشة كان في حالة توهان ذهني وعدم تركيز، وهي تنبه إلى ظاهرة انتشار المخدرات وسط الشباب، وكيف أن صاحب منزل باع منزله بثمن بخس كي يهرب وأسرته من الحي الموبوء بالمخدرات!!. *هذا يؤكد أنه ليس بقانون النظام العام ولا بشرطة أمن المجتمع ولا بوحدات حماية الأسرة والطفولة تكافح الظواهر الاجتماعية السالبة، وأنه للأسف رغم كل هذه الأجهزة انتشرت جرائم أخلاقية مؤسفة في مجتمعنا أبرزها جرائم اغتصاب الأطفال حتى داخل المؤسسات التعليمية. *بالعكس من ذلك فإن شبابنا الذين يعيشون في مجتمعات غير محمية بهذه الأجهزة، رغم بعدهم عن أسرهم فإنهم يحافظون على أنفسهم ويقدمون النموذج الحي على أن الوازع الديني والاخلاقي لا يزرع بالقانون ولا يبنى بالعقاب وانما بتنمية الإحساس بالسؤولية. *حكى لي أحد الأصدقاء بمزيد من الفرح والفخر أن ابنه الذي اضطرته الظروف للهجرة للعمل بالخارج حضر إليهم في إجازته السنوية ليكتشف أنه قد اقلع عن عادة التدخين التي كان يمارسها قبل سفره للخارج بمحض إرادته لإحساسه بالمسؤولية تجاه نفسه. *نقول هذا ليس للتفضيل بين المجتمعات أو الأزمنة وإنما لتأكيد أهمية التربية والتنشئة الأسرية دون إغفال لأدوار المؤسسات التربوية والتعليمية الأخرى في بناء الشخصية السوية القادرة على حماية نفسها من المخاطر والمهددات المحيطة. * إن البداية الصحيحة تنطلق من داخل الأسرة، خاصة في سنوات التنشئة الأولى التي هي أيضا مرحلة أساس التكوين للشخصية. // نورالدين مدنى [[email protected]]