ذكر أحد أصدقائي تعليق حقيقة لاأرى فيه اليوم غرابة ، ونبهني إلى أننا كنا عبارة عن متلقين لمناهج يتم حشو رؤوسنا بها ثم نقوم نحن بالباقي ، التشنج والإنفعال المستميت من أجلها وهي حقيقة لا تسوى الحبر الذي كتبت به ، كتب صديقي ساخراً ( فلماذا ولماذا فتح المهدي الخرطوم من أساسه ؟ وهل كانت الخرطوم مغلقة ؟ أم فتحها ليغلقها ؟ يا للتاريخ !! ) ، وسأترك القارئ الكريم يجيب على تساؤلات صديقي وقبلها لنرى ونسمع عن أوجاع الخرطوم الحاضرة قليلاً وحقيقة ما أشبهها من تواريخ ، يناير 1885م ، ديسمبر 1955م ، نوفمبر 1958م ، مايو 1969 م ، يونيو 1989م ، ستظل شاهدة على أوجاع الخرطوم ، بين سقوطها و فتحها .. و في الحوار الجرئ الذي أجراه الزميل أشرف عبد العزيز مع نائب رئيس حزب الأمة الفريق صديق إسماعيل ، ظهرت حقائق خطيرة ، ومثيرة ، ومحزنة في ذات الوقت ، ففي الوقت الذي تتجه فيه المعارضة لتوحيد كلمتها حول إجماع وطني ، وبناء تحالف معارض قوي تستطيع من خلاله تمرير أجندة التفاوض والحوار والشد والجذب مع النظام ، نسمع تارة صراع هنا يطالب بتجميد نشاط حزب الأمة من تحالف قوى الإجماع ، وتارة أخرى تتبرأ الأحزاب من قرارات قيادة التحالف ، وكل هذا يقودنا لتوصيف حالة الإجماع الوطني بالميؤوس منها ، ولكن بتصريحات الفريق صديق الأخيرة ، نحرر شهادة وفاة مختومة لتحالف قوى الإجماع الوطني ونشيعه لمثواه الأخير ، وندعوا له بالمغفرة وصالح الدعوات !! ماقاله الفريق صديق عن خلافات حزب الأمة التنظيمة ، والتخريب الذي يحدث داخل الحزب ، وإعتماد الحزب الكلي مالياً على شخص الصادق المهدي ، وإعتمادهم للنظام الرئاسي داخل الحزب ، والإقالات والإستقالات واللوبيات التي تحدث داخل المكتب السياسي والأمانة العامة ، والحفير والمكايدات التي تحدث لتمرير القرارات داخل حزبه ، مع هولها وإظهارها لضعف هذا الكيان ، ستظل مشاكل تخص حزب الأمة ومنتسبي حزب الأمة ، أما أن يتجه ذات الصراع بذات الشكل وبذات الملامح الغريبة داخل الحزب ليصيب بها تحالفات المعارضة هو ما يهمنا وما يخصنا الآن ، فليس من المعقول وليس من المنطق أن يبدأ حزب الأمة حواره مع النظام على أن تلحق بهم باقي القوى السياسية بعد أن توصولوا لإتفاق بنسبة 85% على الأجندة الوطنية ، وليس من المنطق يؤدي حزب الأمة دور الأجاويد لدى المؤتمر الوطني ليوافق على مضض بضم الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي لحوار أو كما قال الفريق صديق ، كما أنه ليس من المعقول أن يرفض حزب الأمة طرح المؤتمر الوطني لتكوين حكومة إئتلاف ثلاثي بين ( الوطني ، الأمة ، الإتحادي ) من أجل عيون الحزب الشيوعي و وحزب البعث والشعبي ، بعد أن وصفهم بدعاة العلمانية مصرحاً رفض حزب الأمة لهذا الطرح ومؤكداً المرجعية الإسلامية لحزبه ، وقال أنهم لا يستطيعون إقناع قواعدهم بطرح العلمانية وهي ( الدولة المدنية ) بصوت خافت ، كما لا يستطيعون إقناع قواعدهم بقيادة فاروق ابوعيسى وأياديه ملطخة بدماء الأنصار ، وهو من دعا بدك حصون الطائفية والرجعية حينما كان وزيراً للخارجية ، وقال أن قوى الإجماع صنيعة حزب الأمة ، وهو تحالف ولد ناقصاً وفيه خلل لعدم إنضمام المؤتمر الوطني له في جوبا عند تكوينه فأصبح تحالفاً معارضاً . بإختصار شديد إذا كانت هذه رؤية حزب الأمة ومواقفه تجاه قوى المعارضة ، ومواقفه تجاه النظام ، فماذا ينتظر ولماذا يصبر كثيراً على وصفه بالحزب المعارض ، فليعلنها بكل صراحة ويسحب مندوب المعارضة وليشرع في تكوين حكومة الإئتلاف الثلاثية والتي بدأت فعلاً خطوطها تكتمل ، وتتشكل الآن داخل القصر الجمهوري ( ولكنه في تقديري الخوف من القواعد ) ، وعلى أحزاب تحالف قوى الإجماع العودة لدُّورها ليبدأ كل حزب نضاله المعارض منفرداً ، فالتحالفات المعارضة في ظل هذا النظام أثبتت فشلها بكل المقاييس وستظل تفشل في حالة وجود أحزاب كحزبي الأمة والإتحادي ، يبحثون فقط عن القيادة والوجاهة ولا يجيدونها وتتكسر كل أجندة المعارضة وتحالفتها عند رغبات هذين الحزبين وإصطحابهم مرارات الماضي داخل التحالفات ، والتاريخ لا يرحم وسيظل شاهداً على الكل دون فرز ، وحقيقة لماذا فتح المهدي الخرطوم ؟ ولكم ودي .. الجريدة [[email protected]]