في إطار إحتفاء حركة القوى الجديدة الديمقراطية "حق" بالذكرى السنوية الثامنة لرحيل المؤسس والمفكر والقائد السياسي الأستاذ الخاتم عدلان ،وإحتفاءها أيضاً باليوم العالمي لحرية الصحافة أقامت ندوة بعنوان السُودان إلي أيْن ؟... في ظل غيّاب الحُريات الصُحفية " بدارها الكائن بالخرطوم 2 يوم الأربعاء الموافق 8 مايو الجاري ؛تحدث في الندوة الأستاذ القانوني الضليع الأستاذ طه إبراهيم المحامي في إفادات قانونية دسمة حول أوضاع الصحافة السودانية وحرية التعبير والنشر من منظور قانونى ثم أعقبه المتحدث الثاني الكاتب الصحفي المرموق الأستاذ فيصل محمد صالح والذي نبتدر به نشر تفاصيل الندوة وتلاه في الندوة الأستاذ حسين ملاسي معرجاً علي أوضاع الصحافة الألكترونية ..كما كان مقرراً أن تستضيف الندوة الأستاذ ضياء الدين بلال إلا أنه أعتذر عن الحضور .. ونعدكم بنشر ملخص لكلمات المشاركين والمداخلات التي أثرت الندوة تباعاً .. نص كلمة المتحدث الثاني الأستاذ فيصل محمد صالح بسم الله ... مساء الخير : أترحم في البدء علي روح الراحل الأستاذ الخاتم عدلا ن ..ولا أزعم أنني أعرفه عن قرب ' كنت قد ألتقيت به في طريق الخروج من البلاد عبر القاهرة في أواخر التسعينيات وقد أتحيت لي الفرصة أن أجريت معه نقاشات مطولة إبان فترة خروجه من الحزب الشيوعي السوداني وحول رؤيتة التي تبناها وتبلورت فيما بعد وشكلت حدث نشوء حركة حق ..كما تشرفت بإجراء أول حوار صحفي مع الأستاذ الخاتم عدلان بعد تأسيسه مع آخرين حركة القوى الجديدة الديمقراطية حق .. وحقيقة كان رحيل الأستاذ الخاتم مفجعاً لي وللوطن فهكذا دائماً حال البلاد تفقد قاماتها ويرحلون في أعمار مبكر ة وفي أ وقات هي أحوج إليهم وهكذا مضي الأمام المهدي بعد فترة وجيزة من تحرير الخرطوم وهكذا أيضا مضي الدكتور جون قرنق . لتشخيص واقع حرية الصحافة السودانية لايمكن إغفال أن هنالك إرتباط بين طبيعة النظم السياسية في أي بلد وبينواقع منظومات الصحافة فيه. وللحكم علي واقع حرية الصحافة لابد أن نتناول الأضلاع الثلاثة التي من خلالها يمكن رؤية واقع الصحافة في السودان حيث تقوم منظومة الصحافة عليها هي الاول حرية الحصول علي المعلومة والثاني هي حرية تملك وسائل الإعلام والثالث حرية نشر المعلومات وهذه الأضلاع الثلاثة يمكن أن تقسم لفروع وعبرها يمكن أن نسأل هل هنالك قيود علي حرية الصحافة في السودان والإجابة هي نعم . في الدول الديمقراطية هنالك بغض القيود تفرض علي حرية المعلومات بموجب القانون بعض المعلومات ويتم تصنيفها علي أن ممنوعة من التدوال وكل معلومة خارج هذا التصنيف هي مباحة. . ولابد أن تتوفر حرية الحصول علي المعلومة كذلك حتي تكون هنالك حرية للنشر وكذلك يلزم نشر المعلومة حرية تملك وسيلة النشر فأضلاح هذا المثلث لايمكن أن تكتمل دون بعضها البعض . ولكن من هذا المنطلق لايمكننا أن نقسم النظم إلي أنظمة طيبة تسهل وصول المعلومات للجماهير وأخري شريرة تحجر حرية الحصول عليها ذلك لأن طبيعة أي جهاز تنفيذي تجعله يحاول علي الدوام الحد من حصول الآخرين علي المعلومات وحجب بعضها حتي في بلد ديمقراطي كالولايات المتحدةالأمريكية. ولكن الفرق أنه في البلدان الديمقراطية هنالك كوابح تحد من رغبة هذه الأجهزة التنفيذية علي سبيل المثال هنالك الجماعات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والنصوص الدستورية والقانونية كما توجد ثقافة قانونية في المجتمع وقيم ديمقراطية متجذرة وراسخة. في السودان علاقة السلطة بالصحافة كانت علي الدوام علاقة متأرجحة منذ صدور أول قانون للصحافة في البلاد العام 1930 م والتي أصدرته الحكومة الأنجليزية وفي الفترة 1945 و1946 تم تكوين أول إتحاد للصحافة خاض هذا الإتحاد معركة من أجل إلغاء القيودات علي الصحافة التي أتخذتها السلطات آنذاك وأستمرت العلاقة متأرجحة مع كل الأنظمة الديمقراطية والشمولية التي تعاقبت علي البلاد. ولكن حتي في ظل الأنظمة الديمقراطية التي مرت علي البلاد ظلت الممارسات الإنتهاكات لحرية الصحافة مستمرة لانه لم تتكون رؤية وثقافة ديمقراطية تقف ضد تلك الممارسات رغم حدوث بعض المقاومة ونلمس ذلك في المواقف التي تبلورت في فترة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان . في فترة الديمقراطية الثالثة كانت هنالك قدر من هامش الحرية أتيح للصحافة في تلك الفترة وهذه تعد إستثناءات ولكنها لم تكن القاعدة وحتي في تلك الفترة لم توضع قوانين تفصل وتوضح طبيعة العلاقة بين الأجهزة الرسمية للدولة وعلاقتها بوسائل الأعلام مثل جهاز الأذاعة والتلفزيون. في الدول الديمقراطية هنالك مبادئ ومواثيق يتم الأستناد عليها عند الحديث عن حرية الإعلام وهي مي بعد أعلان وييندهوك والتوقيع عليه تم التوافق علي الإحتفال في يوم 3 مايو بحرية الصحافة وهي أو تقليد يتم الإحتفاء به من أفريقيا وهذا شئ مبعث للفخر ويحتفل به علي مستوي العالم. من 179 دولة في العالمي في واضاع حرية الصحافة حل السودان في المرتبة الرابعة بعد الصومال وسوريا ولسعودية , بينما حلت دولة نامبيا في المرتبة التاسعة عشرة متقدمة علي البلدان الأوربية وهذا يكسر الأدعاء القائل بأن الدول التي تعاني من ظروف الفقر مؤهلة لإنتهالك حرية الصحافة. في السودان نملك إرث من القوانين منذ العام 1930م ومعظم نصوص هذه القوانين في الغالب جيدة مثلا قانون الصحافة والمطبوعات الحالي معظم نصوصة مقبوله بالرغم من أنه توجد به بعض النصوص سيئة وتم خوض عدد من الحملات والوقفات من أجل المطالبة بتعديل بعض بنوده ونجحت هذه الحملة في كثير من المرات ولقيت تجاوبا من بعض الشخصيات المؤثرة من طرفي نيفاشا . إلا أن قانون الصحافة والمطبوعات يعاني من إشكالية في باب العقوبات إذ أن العقوبات في تتم كعقوبات جنائية وليس كعقوبات مدنية ومن المعلوم أن أقصي عقوبة في المحاكم المدنية هي الغرامة ولكن في القضايا الجنائية مدي العقوبة واسع من الجلد وحتي الحبس وأحياناً الأنيين معا بالاضافة للغرامة الأ أن المشكلة هي في نصوص قانون الأمن الوطني للعام 2009 والتي يتم عبرها تفسير كل الممارسات ضد الصحفيين فهي تلغي كل الحقوق الممنوحه بموجب وثيقة الحقوق والحريات في الدستور الإنتقالي ل2005 ومعظم التهم التي وجهت للصحفيين في الفترة الماضية كانت تتعلق بمواد من قبيل إثارة الحرب ضد الدولة و علي أساسها. نستطيع القول في الواقع العملي أن هذه القوانين تحد من حرية الصحافة في البلاد بالإضافة لغياب تصنيف المعلومات المتاحة وغير المتاحة والتي غالبا ما تكون خاضعة لمزاج الموظف المعني كما أن هنالك الكثير من الممارسات تعبير حداً من حرية الحصول علي المعلومة ونشرها والأمثلة في ذلك عديدة . كذلك هنالك إشكالية في تعدد القوانين التي يحاكم الصحفيين بموجبها مما يؤدي لإذدواجية في العقوبات الموقعة علي الصحفي. كذلك هنالك إشكالية في تضارب الإختصاصات مثل ماحدث لجريدة التيار ورأي الشعب وكذلك لازالت الرقابة القبلية تتمارس علي الصحف سواء بوجود ضباط جهاز الأمن عند طبع الصحف أو بالمصادرة عقب طباعتها مما ينجم عنه تكبيد الصحف ومكالكيها خسائر مالية وكذلك فرض الرقابة عبر الرسائل النصية التي تأتي فيها أنه ممنوع الصحفيين تناول الموضع الفلاني وغيره ' كذلك ممارسة الضغوط الإقتصادية علي مالكي الصحف والمطابع والملاحقات الأمنية المستمرة للصحفيين فلذلك ليس غريبا أن يتحل هذها لمرتبة المتأخرة في تصنيف حرية الصحافةة علي مستوي العالم . ولكن نقول أن الحجج التي تقدم من قبل السلطات لتبرير هذه الأوضاع كالقول أن البلاد تمر بظروف إستثنائية وأزمات نراه ليس مبررا موضوعياً لفرض القيود علي حرية الصحافة والنشر في البلاد بل من الأحوج في ظل هذه الظروف المأزومة أن تتاح حريات أكب ر للصحافة وحرية أوسع لنقد السياسات التي أدت لهذه الأزمات ومثلا في بدايات أزمة دارفور العام 2003 و2004 بدأت صحيفة الأيام بنشر تقارير متتابعة عن الأوضاع بأقليم دارفور تمت ملاحقتها لأكثر وأيقافها لأكثر من عام واتصور لو أنها تركت تنشر مثل هذه التقارير التي تعكس الواقع في بداية إستفحال الأزمة لكان من الأيسر تدارك الأزمة وتحولاتها مبكراُ.