تحول بعض التقاليد والعادات إلى ظواهر سلبية لتصبح ملازمة لحياة الشعوب وجزاءآ من حراكها الإجتماعي ، مما يؤثر على أخلاقياته ومبادئه وقواعده الاجتماعية النبيلة، فالاكراميات وما يطلق عليه البعض (البقشيش ) أو (الرشوة) تقليد سرعان ما تحول الى وسيلة إبتزازغير محببه ، فالاكراميات مثلآ مقبولة فى قطاع السياحة ومقبولة عندما يحقق الانسان نجاحآ معينآ فى مجاله. غير أن الاستغلال الوظيفى من أكثر ممارسات الفساد شيوعآ فى العالم ، ولا يكاد يخلو منه مجتمع ولكنه يزيد أو ينقص بإختلاف الانظمة وصرامتها فى تطبيق القانون، وهو ما يحصل عندما يسخر المسئول الصلاحيات المتاحة لديه فى تحقيق مصالح شخصية (التربح غير المشروع)، دون إعتبار للامانة أو المسئولية وتزادا الامور سوء إذا كانت القوانين لا تساعد على وضع حد لهذه الممارسات أو أن القانون لا يطبق إلا على أشخاص دون غيرهم. الظواهر الجديدة فى الاستغلال الوظيفى تعدت الاستغلال المباشر إلى الإستغلال غير المباشر ، حيث يستغل الموظف روتين إجراءات العمل بنشر وترويج لفكرة أن تنفيذ المعاملات تحتاج إالى وساطة وتدخل من الموظف لكسر الجمود والاسراع فى تنفيذ المعاملة ، فيحصل مقابل ذلك على عمولة(رشوة) من صاحب المعاملة (العميل). وعادة تعرف الرشوة بإنها فرض مقابل غير مشروع للحصول على منفعة معينة، وهى ممارسة غير مقبولة ناتجة عن تعسف فى إستعمال السلطة ، واستغلال الموظف لسلطتة التقديرية وخيانتة للامانة سعيآ وراء تحقيق دخل إضافى بطريقة غير مشروعة.كما يقدم المواطن الرشوة إما جهلآ بالقانون أو استغلال لجشع الموظف بغية الحصول على الرخص والصفقات بطريقة غير منضبطة. وهى كما عرفها عالم الاجتماع الفرنسى ( إيميل دور كهايم – بأنها ظاهرة طبيعية سوية تشيع فى كل المجتمعات على إختلاف درجة خطورتها) وهى ظاهرة انتشرت عقب الحرب العالمية الثانية ، حيث شهد العالم ارتفاع فى الاسعار وإرتفاع عام فى مستوى المعيشة فى ظل عدم زيادة الاجور الموظفين والمستخدمين زيادة مماثلة وهذا ما أدى إلي انتشار الرشوة فى جميع دوائر العمل. يعتبر العامل الاخلاقى من أهم العوامل الرئيسية فى انتشار الرشوة وتتجلى أهمية هذا العامل فى إنعدام الوازع الدينى والتربوى والاخلاقى المستمد من التشريعات الدينية بإختلافها، والتى تعرض بالظاهر وتجعلها ضمن دائرة الحرام الذى لا يدوم وان دام لاينفع، وإنعدام الضمير المهنى لدى بعض الموظفين وعدم التفانى فى أداء الواجب الملقى على عاتقهم ، ذلك بسبب إنتشار إحساس الجمهور بعدم منافاة الرشوة لنظم المجتمع، فبعد أن كانت تعتبر خطيئة أصبحت من الاعمال التى لاتعتبر جريمة فى نظر المجتمع ومسمياها كثيرة منها( حلاوة – تسهيل- هدية – علاقات) ، وأصبح التحايل فى الحصول عليها من خلال التماطل فى قضاء المصلحة الى الدخول فى متاهة تعقيد الاجراءات وصولآ إلى إحساس التفوق فى تلبية الخدمة. يمكن تصنيف الرشاوى الى نوعين هما :- 1. الفساد العادى (الصغير) الرشاوى الصغيرة التى يتقاضاه الموظفين الصغار وذوى الرواتب المحدده. 2. الفساد الشامل (الكبير) والذى يتمثل فى قيام بعض المسئولين الكبار بتخصيص الاموال العامة للاستخدام الخاص ، وإختلاس الاموال العامة. والتفرقه بين الفساد الصغير والفساد الكبير ليست تفرقه فى الحجم ، فالفساد الصغير يتعلق بعدم اتمام الاجراءات الروتينية على وجه السرعه أو عدم إجرائها أصلآ ، بينما الفساد الكبير يتعلق بالتأثير على إتخاذ القرارات وعقد الصفقات. للفساد أسباب خلاف الاسباب المرتبطة بالقوانين والتشريعات والرقابة وهو سبب جوهرى جديد لعبت فيه الثورة الثقافية من خلال وسائلها الاتصالية السريعة المتعددة ، حيث أن هذه الثورة قد فتحت عقول الكثير من الافراد من مواطنى الدول الفقيرة على مستويات ووضعيات معيشية عالية، ومن هنا تبدأ المقارنة بين أوضاعهم واوضاع الاخرين ومحاولة الوصول اليها برغم ضعف الإمكانيات والتى قد تؤدى الى حالات فساد متعدده ، لغرض الوصول الى مستويات الرفاهية عند الاخرين ، أى تعتبر إحدى سلبيات الثورة المعرفية المعلوماتية، أى انها خلقت حاله من الانبهار باوضاع الاخرين ومحاولة الوصول الى مستوياتهم وذلك بالطرق غير المشروعة . أن تأثير الفساد فى تقيم العمل فقد يؤدى أيضآ الى الغاء أو إ ضعاف مفعول الحوافز الموضوعيه العادلة ، حيث انه بطبيعته الدينامكية القاتلة يثبط من عزيمة المنتجين والعاملين الجادين ويجعل أغلب الادارات متثاقله وأقل فعاليه فى منح الحوافز نتيجه تغلغل الفساد والذى يلغى معه الجديه فى العمل. ولكثرة المؤثرات التى تسبب الفساد إلا إن مؤثرآ واحد اذا انفرد بالمجتمع وبناءاته ، حطمه فالموضوع يتعلق بكل ما له صله بالانسان من ناحيه الوضع الاقتصادى والمجتمعى وفقدان الهيئة الحقيقيه للدوله والقضاء والعادالة. NAZIK ELHASHMI [[email protected]]