كشف مصدر مطلع عن موافقة المؤتمر الوطني على زيادة أسعار البنزين والجازولين، وأن الزيادات ستطبق في الأيام المقبلة، وستطال أولاً البنزين ثم تشمل الجازولين تدريجياً، وقال: إن نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم يوسف- خلال لقاء بنساء المؤتمر الوطني- كشف عن أن زيادة أسعار المحروقات ضرورة لابد منها بعد أن فشلت الدولة في إيجاد بدائل لحل الضائقة الاقتصادية، ولم يجد المؤتمر الوطني بداً من قبولها، وأقر أن النساء أكثر ضرراً من زيادة الأسعار لاهتمامهن بشؤون الأسرة. كل المؤشرات كانت تذهب في اتجاه تأكيد عزم الحكومة على رفع الدعم عن المحروقات والقمح بشكل نهائي، آخرها حديث الرئيس عمر البشير؛ حينما شكا في خطابه أمام اجتماع مجلس الشورى القومي للمؤتمر الوطني الجمعة، بأن نصف ميزانية الدولة(14) مليار جنيه تذهب لدعم سلع بعينها، ماعده مراقبون تمهيداً للقرار المرتقب برفع الدعم. وكانت إشارة الرئيس إلى أن أكبر المستفيدين من الدعم غير المباشر للسلع هم طبقة الأغنياء؛ لأنه يذهب لدعم البنزين والكهرباء وتابع:" أي أسرة فيها أكثر من عربة تنال دعماً أكثر من مرتب وكيل وزارة"، مشدداً على أن العدالة تستوجب تخصيص الدعم للفقراء باعتبارهم أقل استفادة من الكهرباء والوقود تؤكد قناعة الحزب الحاكم بأنه لا مفر من رفع الدعم كلية. وفي ذات السياق رشحت أنباء عن تقدم القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني بتوصية برفع الدعم عن السلع والخدمات كحل أوحد للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد حالياً، ورغم نفي نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب؛ نافع علي نافع لتطرق الشورى لقضية رفع الدعم، واعتبر الحديث عنه الآن غير مبرر، إلا أن البعض اعتبر إجابته مبطنة لجهة أنه قال: (لم تقدم ورقة الإصلاح الاقتصادي لمجلس الشورى، وزاد: "عندما تقدم الورقة للمكتب القيادي والمجلس سيستبين البعض). وإن تم رفع الدعم نهائياً تكون الحكومة السودانية امتثلت تماماً لتنفيذ توصية صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن المحروقات، رغم إقرار الصندوق بأن رفع الدعم عن المحروقات ألحق ضرراً كبيراً بالمواطن العادي من خلال زيادة مصروفاته؛ ولكنه في الوقت ذاته أكد أن الدعم ليس السبيل الأمثل لحماية الفقراء وأضاف: إن أسعار المحروقات في السودان أرخص من المعدلات الإقليمية وأرخص منها في جارتها تشاد. والشاهد أن وزير المالية علي محمود، نفى في بداية العام الحالي أي اتجاه لرفع الدعم عن المنتجات البترولية، مشيراً إلى أن الوقت الآن غير مناسب، لكنه تمسك برفعه تدريجياً وكشف عن ارتفاع استهلاك المواطنين من الموارد البترولية، متوقعاً ارتفاع تكلفة الدعم على المنتجات على المواد البترولية الى 4 مليارات و800 مليون دولار مقابل 2 مليار و500 مليون دولار في العام السابق. وظلّ اقتصاديون معارضون وموالون للنظام يحذرون من الاتجاه لرفع الدعم، وتوقعوا أن يؤدي رفع الدعم لازدياد أعباء تكاليف المعيشة على المواطنين مع الزيادات المستمرة في الأسعار. ويشير الخبير الاقتصادي محمد الناير، لصعوبة اتخاذ قرار برفع الدعم عن المحروقات، وأرجع ذلك خلال حديثه ل(الخرطوم) أمس- لما له من آثار سالبة على الاقتصاد، وقال:" رغم حديث البشير وقبله وزير المالية، بأن الدعم يشكل عبئاً كبيراً على الدولة إلا أنه من الصعب والمستحيل اتخاذ أي قرار برفع الدعم عن المحروقات؛ لما له من آثار سالبة على الاقتصاد) واستند في ذلك لما أفرزته قرارات يوليو من العام الماضي، والتي قفزت بالتضخم إلى (47%) نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي؛ رغم إشارته إلى أنه الآن بدأ في التراجع الى (37%) إلا أنه رآها ما زالت متسعة وتحتاج لفترة زمنية ليعود رقماً طبيعياً أو يصبح آحادياً وقطع بأن أي قرار عن رفع الدعم سيؤدي إلى قفزة في التضخم؛ وبالتالي هذا يكون ضد تحقيق الاستقرار ويعطله، ويطيل الفترة الزمنية التي يمكن أن يحدث فيها استقرار اقتصادي؛ لافتاً إلى أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يجذب تحويلات المغتربين ويهيئ مناخ الاستثمار، ويحدث تحركاً في كل القطاعات خاصة الإنتاجية. وتوقّع حدوث انفلات في الأسواق حال تطبيق القرار، مقارناً الوضع بالزيادة التي أقرّتها الدّولة من قبل، كون الوضع في الأسواق كان مستقرّاً، وكشف الناير عن وجود ما سماه (أزمة ضمير تجّار)، موضحاً أنّ القرار قد يتمّ استغلاله من قبل، وأكّد أنّ الأسعار لا تحتمل أيّة زيادة في الوقت الراهن، مؤكّداً وجود شرائح ستتأثّر سلباً؛ فيما ستظلّ الشرائح القادرة وكأنّها غير معنيّة بالأمر، وأكد أن تراجع العملة الوطنية أمام الأجنبية، وعدم استقرار سعر الصرف مسؤولية الدولة، وبدلاً من اللجوء للحلول السهلة لخلق استقرار سعر الصرف؛ اقترح الناير إعداد دراسة علمية متكاملة لقيمة برميل النفط وقياسه بالسعر العالمي إضافة لخصم تكلفة ترحيل الصادر وإلغاء رسوم الإنتاج وإنهاء الازدواج الضريبي والإبقاء فقط على ضريبة القيمة المضافة، ويؤكد أنه بذلك يتمّ التعامل مع المحروقات وفقاً للأسعار العالمية، ويكون طرحه للمستهلك وفقاً للسعر العالمي، مشيراً إلى أنّه من خلال ذلك يمكن للمواطن الاستمتاع بالتخفيض عندما تنخفض أسعار النفط عالمياً. وحذر خبراء، الحكومة من مغبة رفع الدعم عن المحروقات في الوقت الراهن، واعتبروا أن التوقيت غير مناسب لذلك، مشيرين إلى أن الخطوة ستقود لموجة غلاء طاحنة في أسعار السلع الاستهلاكية، داعين الحكومة إلى الاتجاه لبدائل أخرى لمعالجة الأزمة المالية التي تعاني منها. وأضافوا أنه يجب على الحكومة أن تتجه لخفض المصروفات وزيادة الإنتاج وفرض ضرائب جديدة على بعض السلع الهامشية بدلاً عن رفع الدعم عن المحروقات. وزادوا؛ إن التفكير في رفع الدعم يؤكد أن الحكومة تعاني من أزمة مالية؛ إلا أن ذاك الاتجاه للمعالجة مرفوض، وتوقعوا ردة فعل ومقاومة عنيفة للقرار حال صدوره من قبل المستهلكين ونقابات العمال وكافة التجمعات الأخرى. وفي السياق اعتبر اتحاد أصحاب العمل أن رفع الدعم ستكون آثاره كارثية تنعكس على التضخم وزيادة جميع الأسعار، وسيؤدي الى غضب الشارع و سيكون على حساب لقمة العيش خاصة وأن الفقر تقديراته بأكثر من 46% من حجم السكان، وقالوا: " آن الآوان لرفع المعاناة عن كاهل المواطن؛ بدل زيادة الأعباء برفع الدعم عن المحروقات والتي سوف تكون لها آثار اقتصادية وأمنية". rehab abdala [[email protected]]