* منذ أن قررنا إصدار عدد خاص بمناسبة مرور 24 عاماً على حكم (الإنقاذ)، حرصنا على أن يكون العدد محاولة لإعادة قراءة مجريات الأحداث والمواقف والتداعيات من خلال الثمار الآنية لتجربة الثلاثين من يونيو 1989م. * ليس من أهدافنا مجرد الاحتفاء الذي لم يعد يهتم به حتى أهل الإنقاذ أنفسهم بعد أن جرت مياه كثيرة تحت جسر الإنقاذ إذا صحّ التعبير ولا من مرامينا مجرد النقد الذي أصبح طاغياً في الساحة الداخلية حتى من أهل الإنقاذ أنفسهم. * إن ما يهمنا حقاً هو أخذ العبرة والاعتبار سواء من الممارسة العامة التي أثمرت هذه التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، أو من نتائج ما يجري حولنا بعد ما أصبح معروفاً في عالم الصحافة والإعلام ب (الربيع العربي). * إن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والأمنية ليست في حاجة إلى تبيان، خاصة عقب إعلان انحياز أهل الجنوب لخيار الانفصال وما ترتب على ذلك من آثار سالبة على مجمل حياتنا العامة؛ ليس فقط في العلاقة بيننا وبين دولة جنوب السودان وإنما في استمرار النزاعات في دارفور وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق وحول أبيي، واستمرار حالة الاستقطاب الحاد بين الحكومة والمعارضة بشقيها المدني والمسلح. * معروف لأهل الحكم قبل غيرهم أن المهددات الداخلية أخطر من المهددات الخارجية، خاصة بعد المفاصلة التي خرج بعدها حزب المؤتمر الشعبي إلى المعارضة، إضافة للتيارات التي خرجت من تحت مظلّة (المؤتمر الوطني) بعد ذلك، مدنية ومسلحة أيضاً.. * كل ذلك يجعلنا أكثر حرصاً على دفع المساعي الرامية إلى تحقيق اتفاق قومي شامل حول مستقبل الحكم والدستور، ودفع استحقاقات التحول الديمقراطي وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف مكونات الأمة السودانية وبناء دولة المواطنة بدلاً من دولة الحزب، لتأمين السلام مع دولة جنوب السودان وبناء علاقات طبيعية إنسانية واقتصادية واجتماعية لصالح المواطنين في الشمال والجنوب، ولاستكمال السلام في دارفور وتحقيقه في كل ربوع السودان الباقي، ولتهيئة المناخ للإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي لصالح إنسان السودان. نورالدين مدنى [[email protected]]