القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسى .. بقلم: عثمان الطاهر المجمر طه / لندن
نشر في سودانيل يوم 08 - 07 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسى نريدك أن تكون
أبنا للشعب كاللواء محمد نجيب ولا نريدك أن تكون
جمالا عبد الناصر آخر ديكتاتورا مستبدا بالسلطة
يجب أن تعود الديمقراطية ويعود الجيش لثكناته العسكرية ويمارس مهمته الأساسيه بعيدا عن مصادرة الحرية !
بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى
عثمان الطاهر المجمر طه / لندن
[ ربى أشرح لى صدرى ويسر لى أمرى وأحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى ]
{ ربى زدنى علما }
عين الرضا عن كل عيب كليلة
وعين السخط تبدى المساويا
بادئ ذى بدى تحية إجلال وتقدير لموقفكم الكبير للتدخل من أجل مصر وحمايتها من أن تنزلق إلى حمامات دم لا تبقى ولا تذر ولإنهاء دكتاتورية وإستبدادية حكم مرسى الذى جاء بديلا لطغيان حسنى ولكننا فى ذات الوقت لا نريد إستبدال إستبداد بإستبداد آخر ولا نريد مصادرة الديمقراطية لصالح ديكتاتورية عسكرية فقد تجلى هذا واضحا فى مصادرة صحف الأخوان ووقف بث فضائياتهم وهذا يعنى مصادرة الحرية لماذا إختلفنا مع الأخوان إذن إختلفنا معهم لإنفرادهم بالسلطة وتهميش الآخرين هل من المعقول تنهون عن كل ذلك ثم تأتون لتمارسون ما كنتم تنهون عنه بالأمس وكما قال الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتى بمثله عار
عليك إذا فعلت عظيم
وحتى لا توغل فى مصادرة الحريه والديمقراطيه أهديك يا سيادة الفريق مقتطفات من مذكرة اللواء محمد نجيب أولا رئيس جمهورية لمصر والذى أراد أن يعود الجيش لثكناته العسكريه وتعود الديمقراطيه والحياة الحزبية والبرلمانيه والجمهوريه فرفض عبد الناصر الذى أرادها ديكتاتوريه عسكريه ثم تحولت إلى زعامة سياسية إستبدادية فقد شطب إسم نجيب من التأريخ كأول رئيس للجمهوريه وصار هو بقدرة قادر أول رئيس للجمهورية وما أشبه الليلة بالبارحة إقرأ ما جاء فى مقتطفات من مذكرات اللواء محمد نجيب الرئيس الذى تجرى فى عروقه دماء سودانيه لهذا سوف أقوم بنشر معظمها قريبا إن شاء الله نسبة لأهميتها قال نجيب :
وهو يتحدث عن بعض الإجراءات التى إتخذها عبد الناصر وعارضت الأمر ولم أقبل إستقالة الوزراء المدنيين ، وتركت الموقف على حاله .. وكما عرفت بعد ذلك كانت حركة سليمان حافظ المباغتة تمهيدا لإعلانى رئيسا للجمهورية ولإبعادى عن الجيش ووضع سلطة التصرف فيه إلى عبد الحكيم عامر الذى رقى رغم معارضتى من صاغ إلى لواء وأصبح القائد العام للقوات المسلحة ، ولاحظت بعد ذلك أيضا أن الرقة ، والمجاملة ، والمعاملة الحسنة أصبحت طابع العلاقة بينى ، وبين أعضاء المجلس ووصل الأمر إلى حد أن جمال عبد الناصر وقف يخطب فى أبناء قريته بنى مر ، وكنا فى زيارة لها فقال : { بإسم الفلاحين أقول سر ، ونحن معك جنودك فقد حفظنا أول درس لقنتنا إياه ، وهو أن تحرير مصر ، وخروج قوات الإحتلال عن بلادنا أمر واجب ، وأصبحت أملا فى أن تحقق لمصر حريتها على يديك .
إن مصر كلها تناصرك للقضاء على قوات الإحتلال لكن هذه النغمة الرومانسية سرعان ما تلاشت بعد أن أصبحت رئيسا للجمهورية ، وعادت الخلافات تسعى من جديد بينى ، وبين باقى أعضاء المجلس ، وكان أول خلاف بيننا فى تلك الفترة حول محكمة الثورة لأننا سنكون كما قلت خصما ، وحكما فى نفس الوقت ، وتشكلت المحكمة فى أوائل سبتمبر1953م من عبد اللطيف البغدادى رئيسا ، وحسن إبراهيم وأنور السادات أعضاء وخولت هذه المحكمة سلطات محاكمة قضايا الخيانة العظمى ، وبعض قضايا أمن الدولة ، وكان من حقها أن تكون جلساتها علنية أو سرية أما أحكامها فلا تكون نهائية إلا إذا صدق عليها مجلس الثورة بأغلبية الأصوات ، ولم تكن هذه المحكمة سوى أسوأ دعاية للثورة .. فقد أشاعت الكراهية لنا بعد إعادة إعتقال بعض الزعماء والسياسيين الذين سبق الإفراج عنهم حتى إننى نجحت فى إلغائها بعد ذلك لكن بين 26 سبتمبر و30 يونيو 1954م نظرت المحكمة 31 قضية وحكمت على 4 أشخاص بالخيانة العظمى والإعدام ونفذ فيهم الحكم فعلا .. وكان خامسهم إبراهيم عبد الهادى رئيس وزراء مصر الأسبق الذى حكم عليه بالإعدام أيضا لكننى خففت الحكم عندما طلبوا التصديق عليه إلى الأشغال الشاقة .. وساعتها قلت لأعضاء المجلس إنى أفضل أن يلتف حبل المشنقة حول عنقى دون أن أصدق على هذا الحكم ، وسافرت إلى الإسكندرية ، وأنا أنوى عدم العودة إلى الحكم إحتجاجا لهذا الإنزلاق الخطير ،وبقيت فى ثكنات مصطفى كامل هناك .. وحتى لا تثار بلبلة بين الناس أعلنت إن إعتكافى فى الإسكندرية هو إعتكاف صحى كان ذلك يوم الأحد 4 إكتوبر1953م وبعد يومين صدرت نشرة طبية من ديوان كبير الأطباء جاء فيها :
{ شعر السيد رئيس الجمهورية بعدظهر الأحد 4 إكتوبر بإنحراف فى صحته مما إستدعى توقيع الكشف الطبى عليه ، ووجد أن سيادته يشكو من إجهاد عام يستلزم الراحة التامة بالفراش لبضعة أيام وصحة سيادته الآن فى تحسن مطرد ، والحمد لله }وأحس أعضاء المجلس بالذعر ، والإرتباك من تصرفى لكنهم إنبسطوا من حكاية الإعتكاف الصحى هذه ففى نفس اليوم خرج صلاح سالم الذى كان وزيرا للإرشاد بعد إنتهاء المؤتمر المشترك ليعلن :
إن الرئيس لواء أركان حرب محمد نجيب ما زال مريضا فى الإسكندرية ، وملازما الفراش بإستراحة
ثكنات مصطفى باشا ، وأنه يشكو من مرض بسيط وقد نصحه الأطباء بعدم مغادرة الفراش حتى يوم الجمعة القادم .
وإنزعج جمال عبد الناصر من موقفى فسافر إلى الإسكندرية ، وكان معه عبد الحكيم عامر ، وزكريا محيى الدين ، وأحمد أنور قائد البوليس الحربى وأبلغونى أن المجلس وافق على رأى ، وخفف حكم الإعدام على إبراهيم عبد الهادى إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ، وفى 8 إكتوبر بعد إنتهاء الأزمة صدرت نشرة طبية أخرى جاء فيها :
إن صحتى قد تحسنت تحسنا ملموسا تمكننى من مقابلة الزوار ، والسفراء فى مكتبى بالقاهرة .
لكن ما كادت هذه الأزمة تنتهى حتى ظهرت أزمة أخرى قدم جمال عبد الناصر لمجلس الثورة بصفته وزيرا للداخلية كشفا بأسما بعض الزعماء السياسيين الذين رأى أنهم خطر على النظام ، ورأى أن من الضرورى إعتقالهم ، وكان من بينهم مصطفى النحاس الذى طلب تحديد إقامته ، ورفضت ، ووافقنى المجلس على رفضى ، وشطب إسمه من الكشف ، ووقعت الكشف لكنى فوجئت بأنهم أعادوه للكشف بعد توقيعى ، وإعتبرت ذلك تزويرا لا يمكن السكوت عليه ، وطلبت شطب النحاس من جديد فقال جمال عبد الناصر :
إن شطب إسم النحاس بعد نشر الكشف فى الصحف يزيد الموقف بلبلة ، وتعجبت من تصرف عبد الناصر .. وتعجبت من موقفه من النحاس الذى سبق أن قال لى عنه : إنه رجل طيب ، واللى يتعرض له مايشوفش خير ، ومرة أخرى إعتكفت فى بيتى كان ذلك فى21 إكتوبر ، وصدرت نشرة طبية أخرى تقول : إننى إعتكفت فى بيتى { بسبب إنحراف مفاجئ} ألم بصحتى فى الصباح لم يمكننى من الذهاب إلى القصر الجمهورى بعابدين ، وتأجلت جميع مقابلاتى الرسمية ، وكان منها مقابلة سفير العراق ، ووزير أستراليا المفوض .
إلى هذا الحد كنت أرفض قرارات المجلس سواء منه مباشرة أو التى يصدرها من خلال محكمة الثورة . فقد شملت هذه القرارات الكثير من فئات الشعب وزادت من حجم أعدائنا ، وضاعفت من كراهية الناس لنا خاصة قرارات محكمة الثورة التى حكمت بمصادرة322 فدانا من أملاك زينب الوكيل حرم النحاس باشا ، وحكمت على الدكتور أحمد النقيب وعلى سائق الملك فاروق ، وعلى كامل القاديش محافظ القاهرة الأسبق بالسجن لمدة 15 عاما وحكمت على أربعة من الصحفيين منهم أبو الخير نجيب صاحب جريدة { الجمههور المصرى } و محمود أبو الفتوح صاحب جريدة { المصرى } بالمؤبد ، وبمصادرة صحفهم بتهمة إفساد الحياة السياسية .
ويضاف إلى هذه القرارات قرارات أخرى صدرت رغم إننى رفضت التوقيع عليها منها القرار الجمهورى الذى لم أوقعه بسحب الجنسية المصرية من ستة من المصريين من الأخوان المسلمين منهم عبد الحكيم عابدين ، والذى صدر من ورائى ونشر بإسمى فى الوقائع المصرية .
وزاد الصدام بينى ، وبين أعضاء المجلس عندما إكتشفت أنهم ينقلون الضباط دون مشورتى وعندما قرروا تعيين جمال سلام وزيرا للمواصلات وزكريا محيى الدين وزيرا للداخلية على أن يتفرغ جمال عبد الناصر لنيابة رئاسة الوزراء ، وكمال الدين حسين وزيرا للتربية والتعليم أو وزيرا للشؤون الإجتماعية بعد أن إعترضت ووصل العبث ، والإستخفاف إلى حد أن زكريا محيى الدين رفض أداء اليمين الدستورية أمامى وكذلك جمال سالم ، وإلى حد أن تنازل المجلس عن صلاحياته ، وسلطاته إلى جمال عبد الناصر فى حالة عدم إنعقاده ، وهذا مادفع عبد الناصر للتنازل عن منصب وزير الداخلية لزكريا محيى الدين ، ولينفرد أيضا بعمله نائبا لرئيس الوزراء .
وإنتقل الإحساس بالسخط على عبد الناصر ، ومجموعته من خارج الجيش إلى داخله أيضا فقد بدأوا حركة كبيرة من التنقلات ، والوقف ، والترقيات الإستثنائية جعلت أغلبية الشرفاء فى الجيش يحتجون على تصرفاتهم ، ووصل الأمر بهم إلى حد أن ضرب صلاح سالم بحذائه ضابط مخابرات شاب إسمه محمد وصفى إبن الأميرلاى وصفى مدير سلاح الحدود الأسبق أثناء التحقيق معه حتى نزف الدم منه ومات بعد ذلك .
ثم قرر عبد الناصر إبعاد من يتصور أنهم أنصارى أو من الممكن أن يقفوا معى فى أى صدام يقع بينى وبينهم فأمر بنقل عدد كبير منهم إلى الصعيد ، وحدث نفس الشئ مع ضباط البوليس ، وتولى هذه المهمة نيابة عنه ضابط مصلحة السجون السابق صلاح دسوقى الذى كان مقربا من عبد الناصر فى ذلك الوقت ، وعينه أركان حرب الوزارة ، وأعطاه صلاحيات الوزير لكى لا يترك زكريا محيى الدين ينفرد بها .
والمعروف أن صلاح دسوقى ظل تابعا لعبد الناصر 15 سنة أصبح خلالها محافظا للقاهرة ثم سفيرا حتى تخلص منه فترك مصر ورفض العودة إليها .
نتابع ما جاء فى مذكرات اللواء نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية للعظة والعبرة فهل من معتبر :
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة أعضاء مجلس قيادة الثورة
بعد تقديم وافر الإحترام يحزننى أن أعلن لأسباب لا يمكننى أن أذكرها الآن أننى لا يمكننى أن أتحمل من الآن مسؤوليتى فى الحكم بالصورة المناسبة التى ترتضيها المصالح القومية ولذلك فإنى أطلب قبول إستقالتى من المهام التى أشغلها وإنى إذ أشكركم على تعاونكم معى أسأل الله القدير أن يوفقنا إلى خدمة بلدنا بروح التعاون والأخوة .
بهذه العبارات المختصرة ، والحاسمة قدمت إستقالتى فى22يناير 1954م لكن قبل كتابة هذه الإستقالة جلست أستعرض كل ما حدث لنا فى خلال الفترة من قيام الثورة إلى الآن السلبيات ، والإيجابيات ما كسبناه وما خسرناه وما كسبته البلد وما خسرته ولم أستطع أن أحدد بدقة نتيجة كشف الحساب فقد طردنا الملك لكن جئنا بالضباط إلى الحكم حققنا العدالة الإجتماعية لكن ظهرت المحسوبية واصلنا مشوار النضال لتحرير مصر لكن قضينا على الديمقراطية كنت مخلصا ، ولكن كان زملائى يدفعون كل شئ نحو الإستجابة لشهواتهم الخاصة ، والعامة ، ونحو الديكتاتورية العسكرية أيضا كنت أول رئيس لمصر لكنى رفضت أن أوصم بأكثر مما وقع ، وإنتهيت إلى الإستقالة .
وقبل كتابة هذه الإستقالة واجهت أعضاء المجلس بمنتهى الصراحة ، والشجاعة واجهتهم بالأموال العامة التى سحبوها بلا مبرر ، وبعثروها بلا حساب وطلبوا المزيد منها .
وواجهتهم بإستقلالهم لنفوذهم ، وواجهتهم بكل فضائحم ، وعيوبهم .. حتى أن جمال سالم سألنى :
لماذا أنت غاضب علينا لهذا الحد ؟
فقلت له : سأذكر لك أنت ، وأسرتك واقعة واحدة تجعلنى غاضبا واقعة شقيقك الذى طبع إسمه على بطاقة ، وكتب تحتها { شقيق جمال سالم وصلاح سالم} ليسهل بها أموره ، ويكسب من ورائها الكثير .وسألنى آخر : هل هذا فقط ما يغضبك ؟ فقلت له :
إذا كان هذا لا يكفى فأنا غاضب من الأموال السرية التى تنفقونها على أغراضكم الشخصية ، وأنا غاضب
على دولة المخابرات التى تكونونها الآن بإشراف بعض ضباط المخابرات المركزية ، وبعض الضباط الألمان الذين كانوا فى الجستابو النازى .
وبعد أن كتبت الإستقالة شعرت بالراحة والهدوء .
وعدت لبيتى لأنام مستريح الخاطر ، والضمير .
فهذه الإستقالة ستكون نهاية خلافاتى الجذرية مع الرتب الصغيرة من زملائى ضباط القيادة . فقد كنت مقتنعا بأن أى جهاز حكم سواء كان حربيا أم كان مدنيا لابد ، وأن يعتمد على علاقات ، وإختصاصات ، ومهام واضحة ومحددة على كافة مستويات القيادة ، وكنت مقتنعا أن عبد الناصر ورفاقه لا يريدون ذلك ، وكانوا فى إسلوبهم فى الحكم كمن يخلط الزيت بالماء .
إذا كان للقيادة الجماعية بعض المميزات فإن عيوبها أكثر ، وأخطر هذه العيوب أن يظهر شخص مثل جمال عبد الناصر ينجح فى تحريك المجموعة من تحت المنضدة لتصوت حسب أهدافه ، وأغراضه كما حدث ونتج عن ذلك أيضا تعدد السلطات وتضاربها ، وعدم التنسيق فيما بينها ففى ذلك الوقت كما قلت كانت مصر تحكم بواسطة ثلاث قوى أو ثلاث جماعات وزارة رسمية مجلس قيادة الثورة والمؤتمر المشترك ، والمكون من الوزارة ، والمجلس ، وكانت كل جماعة تتصور أن لها الحق فى إتخاذ القرار قبل غيرها .
وكرئيس للجمهورية ، وكرئيس للوزراء وكزعيم للثورة { كما كان منصوص عليه فى الدستور المؤقت} كان من المفروض أن أقود كل هذه المؤسسات .
نواصل المقتطفات :
وفى أثناء غيابى زاد الموقف سوء فى مصر
فقد قام جمال عبد الناصر بإعتقال 118 أخرين منهم
عبد القادر عودة ، وأحمد حسين بتهمة إستغلال الخلاف بينى وبينه فى إشعال فتيل الثورة المضادة ثم قام بإعتقالات جديدة لعدد آخر من الأخوان والإشتراكيين ، والوفديين ، والشيوعيين .
وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين فورا أو أن تحقق معهم النيابة ، وتحدد مواقفهم ، ورغم أننى أحسست فى تلك اللحظة أن كل شئ إنتهى بينى ، وبين عبد الناصر ، ورفاقه فى مجلس الثورة إلا أننى وجدتها فرصة لعودة الحياة الديمقراطية والتخلص من الحكم الديكتاتورى أردت أن أطرق الحديد ، وهو ساخن وعلى ذلك بدأت على الفور مشاوراتى مع المجلس للتعجيل بعودة الحياة البرلمانية وإلتقيت بعبد الناصر فى بيت على ماهر بحضور السنهورى سألتهم :
من أين نبدأ الخطوة الأولى ؟
قال عبدالناصر : أقترح عودة دستور 1923م !
وكان إقتراحا مريبا فرفضت الموافقة عليه .
وقال السنهورى : إن لجنة الدستور على وشك الإنتهاء من عملها ومن الممكن تغير مواعيد الإجراءات حتى نسارع بإجراء الإنتخابات الخاصة بالجمعية التأسيسية كما أن هذه الجمعية يمكن أن تباشر سلطات البرلمان حتى يجتمع .
وإتفقنا على ذلك .
وإلتقينا بعد ذلك فى بيتى وفى بيت جمال عبد الناصر وشارك فى هذه الإجتماعات المكثفة عبد الحكيم عامر وصلاح سالم وفى منزل عبد الناصر جرى إجتماع موسع لمجلس قيادة الثورة فى منتصف ليلة 5 مارس إتخذت فيه القرارات التأريخية الخاصة بعقد جمعية تأسيسة منتخبة بطريق الإقتراع العام المباشر على أن تجتمع خلال شهر يوليو 1954م ، ويكون لها مهمتان بارزتان :
1- مناقشة مشروع الدستور وإقراره.
2- القيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذى يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقا لأحكام الدستور الذى ستقرره الجمعية التأسيسية .
وحتى تتم الإنتخابات فى جو من الحرية تقرر إلغاء الأحكام العرفية قبل إجراء الإنتخابات بشهر كما تقرر إلغاء الرقابة على الصحف والنشر إبتداء من 6مارس 1954م ، وأن يستمر مجلس قيادة الثورة فى ممارسة سلطات السيادة لحين إجتماع الهيئة النيابية الجديدة .
أحسست أننا نمشى فعلا فى الطريق الصحيح للديمقراطية . إنتهى الإستشهاد بالمقتطفات من مذكرة اللواء أركان ح محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية .
وندعم ذلك بشهادة تأريخية مهمة جدا للغاية لأنها صادرة من رجل دولة ديمقراطى وشاعر وأديب ومهندس وقاضى ألا وهو الأستاذ المحامى محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان الأسبق والصديق الشخصى لجمال عبد الناصر .
كتب محمدأحمد محجوب يقول : فى مذكراته فى صفحة 70 من كتابه الديمقراطية فى الميزان كتب يقول : وفى ليلة 22-23 تموز بدأت الثورة ، وفى الساعة الساعة السابعة صباحا أعلن أنور السادات من راديو القاهرة نجاح الإنقلاب إن مراحل تطور الثورة المصرية مهمة جدا ترك إسقاط الملكية المصريين يتساءلون : إلى أين ستقود البلد مؤامرة تموز ؟ إلى الديكتاتورية العسكرية ؟ أم إلى الجمهورية ؟
أم إلى الحكم الشخصى ؟ لكنهم لم يجدوا جوابا قاطعا كل ما عرفوه أن الضباط الأحرار عملوا مستقلين من دون أى دعم سياسى وأن أهدافهم كانت خلقية ووطنية غير مرتبطة بأى أيدلوجية معينة أما كيف كانوا يعتزمون إستعمال السلطة السياسية التى حصلوا عليها حديثا فلم يكن معروفا أبقى ناصر نفسه متواريا قلما تكلم فى أى إجتماع حضره غير أعضاء المجلس الثورى ، ولم يظهر إلا فى ما بعد أنه كان القائد ، والعقل المدبر للإستراتيجية بينما لم يكن محمد نجيب الطيب القلب سوى واجهة .
أعلن اللواء نجيب رئيسا للجمهورية ورئيسا للوزارة يوم مولد الجمهورية المصرية رسميا فى18 حزيران يونيو 1953م ، ويبدو أنه أبى أن يشك فى أنه مجرد رئيس صورى لذلك كان لامفر من نشوء الإحتكاك بينه وبين ناصر الذى كان فى ذلك الوقت نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية .
إشتد الإحتكاك بينهما حين إتخذ ناصر قرارات مهمة دون إستشارة نجيب مثلا طرد البكباشى أحمد شوقى من الجيش ، وهوصديق حميم لنجيب لأنه إنتقد مجلس الثورة ، وفرض الحظر على الأخوان المسلمين فى شباط
{فبراير} 1954م بعد تظاهرة قاموا بها من دون إن يستشير اللواء نجيب أيضا ، وفى 25 شباط قدم نجيب إستقالته فقبلها مجلس الوزراء وأصبح اللواء بالفعل سجينا فى بيته فى ضواحى القاهرة بيد أن ناصر واجه معارضة واسعة فى حركته ضد نجيب وإنتقادا داخل جماعة الضباط الأحرار نفسها وخرجت القاهرة إلى الشوارع فأعيد نجيب على أساس أن يرجع للشعب حرياته الضائعة .
وهكذا أيها الفريق أول عبد الفتاح السيسى نخلص من كل هذه المقدمة المطولة نريدك أن تكون إبنا للشعب كاللواء محمد نجيب الذى جاهد من أجل عودة الديمقراطية والحرية والحياة الحزبية والدستورية ولا نريدك أن تكون جمالا عبد الناصر آخر ديكتاتورا مستبدا بالسلطة يجب أن تعود الديمقراطية ويعود الجيش لثكناته العسكرية رافضا الديكتاتورية العسكرية وداعيا إلى الجمهورية الرئيس مرسى أخطأ وأعترف بخطئه لهذا تدخلتم أنتم لحماية الحرية فليس من المعقول أن تبدأوا بالمساس بها إعلاميا أو سياسيا وإلا وقعتم فى نفس أخطاء الأخوان ونحن مهما إختلفنا مع الأخوان وإنتقدناهم لديكتاتوريتهم وعنجهيتهم وإستكبارهم نرفض أن تقعوا فى نفس الأخطاء التى وقعوا فيها مهما كان خلافنا معم إلا أننا فى ذات الوقت نطالب بالحرية لنا ولسوانا ونرفض ديكتاتورية الجيش أو إستبداده لابد من عودة الديمقراطية وإلا تكون الثورة الشعبية التى ثارت من أجل الكرامة الإنسانية ولقمة العيش الشريفة وأنبوبة الغاز والبنزين والحقوق الوطنية والممارسة الديمقراطية السليمة والقويمة إستبدلت فرعونا برفعون آخر لهذا نناشدكم بالإسراع فى إعلان إنتخابات رئاسية مبكرة وإنتخابات برلمانية عاجلة ولجنة دستورية تبت فى صياغة الدستور دون عزل لأحد أو إستثناءا لأحد كما وعدت وصدق حر وعد .
بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى
عثمان الطاهر المجمر طه / لندن
osman osman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.