تعقيب على طرح د. غازي صلاح الدين العتباني– سودا نايل 26/7/ 2013 نداء الاصلاح – الأسس والمبادئ إسماعيل عبدالحميد شمس الدين لقد لامس الدكتور غازي كبد الحقيقة ، بأن السودان قد كسب تحدي وجوده كدولة قائمة بإعلان الاستقلال ، ولكنه خسر تحدي استقراره السياسي ، واقعدته الخطوب عن القيام بواجبات النهوض والتنمية بل أنه ليكاد في هذه اللحظة التاريخية يعود كره أخرى ليواجه تحدي وجوده – الذي يفترض أنه قد تجاوزه.,, وفي بحثه المعق عن الإصلاح يعود الدكتور إلى عوامل الضعف التي صاحبت الفترة الماضية منذ الاستقلال وعلل ذلك بعوامل عدة منها فقدان هيبة الدولة وضعف البنية الاقتصادية واضطراب السياسات مما أدى لانتشار الفقر والصرعات المسلحة والصراعات القبلية والطائفية والتدخلات الخارجية ،، ولكن معذرة أيها الطبيب المعالج لقضايا البشر الصحية والمعاشية ، فإن التحول من خلال النقد الذاتي مطلوب ولكن من يضع البديل لا بد أن يغوص في ايجابيات وسلبيات هذه السنوات وكلمة حق تُقال أن الغالبية يرون أن دعوتكم الاصلاحية تنصب أساساً في شخصكم الكريم على الرغم من تلبية الكثيرين لها وخاصةً الشباب، فمن عرفوك خلال السنوات الماضية يلاحظون بالعين المجردة مدي التحول الذي طرأ عليكم فكرياً وسياسياً وسلوكياً بعد أن اتضحت لكم عوامل التفرد ورفض الآخر والتعصب إلى حد ابعاد وانكار وجود الآخرين ، وهي نقطة تحول تُحمد عليها Transformation بل أصبحت اليوم ذا صيت في مجال إصلاح نظام الانقاذ وحتى لا تكون مبادرات الاصلاح شعارات رنانة تتناقلها وسائل الاعلام وتتناثر عبر الرياح وخوفاً أن تصبح كهشيم تذروه الرياح لذا لابد من الغوص في كافة العوامل التي أوصلت السودان إلى ما هو عليه الآن ودعنا نطرح بعض النقاط التي تجعلنا على يقينبمواطن ضعفنا التي نستنبط منها عوامل قوتنا والاستفادة من الفرص ومواجهة التحديات ومخاطبة أنفسنا بكل صدق وشفافية عبر النقاط التالية:- 1. أن الحركة الوطنية السودانية ليست وليدة الانقاذ بل هي نتاج لمراحل امتدت قبل الاستقلال عام 1956 وعلى شبابنا أن يعرف تاريخه النضالي لأنه الزاد في رؤيته للمستقبل ، فبعد الثورة المهدية وثورة اللواء الأبيض كان موعد الشعب السوداني مع نفحات نضالية من المنظمات الفئوية وعلى رأسها العمال بميلاد النقابات وقيام هيئة شؤون العمال في السكة حديد عطبرة عام1944 بينما كان ميلاد النقابات في دول المستعمرات البريطانية عام 1948 ومصر والهند كمثال ، ليس هذا فحسب فقد كان التنظيم الأم الذي قاد لاستقلال السودان عام 1938 بقيادة مؤتمر الخريجين العام يرافقه قادة الحركات الاستقلالية وكان ميلاد الاحزاب الوطنية التي نسيميها اليوم بالتقليدية وعلى رأسها الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي وحزب الأمة وغيرها من الأحزاب التي اتصفت باليسار وعلى الرغم من أن معظم هذه الاحزاب كانت ترتمي تحت القيادة الطائفية إلا أن قادة الطائفية أنفسهم كانوا في قمة الوطنية بجانب ممارستها للديمقراطية داخل هذه الأحزاب وهو مشوار ومسار نضالي طويل هو صاحب الريادة في أن يكسب السودان تحدي وجوده كدولة. ورحم الله هؤلاء القادة وأحسن مثواهم. 2. تلاحقت في الفترة من بعد الاستقلال بسنتين 1958 الانقلابات العسكرية المتلاحقة 1969 ثم 1989 وهناك حقيقة دامغة فلو أن السودان كان قد تُرك في مساره الديمقراطي في غياب الانقلابات لأعطى النموذج الأمثل للحكم الديمقراطي والدليل على ذلك بقاء التنظيمات الشعبية ممثلة في هذه الأحزاب بعد سنوات وعقود من حكم العسكر وحتى تنظيماتها الفئوية وكأنها في استمرارية. 3. لقد استطاعت الحركة الوطنية عبر تاريخها الطويل توحيد الشعب السوداني على كلمة سواء فلم نسمع عن الخلافات القبلية والطائفية بصورتها الراهنة إلا بعد قيام الانقاذ بل تم تقسيم المجتمع بأكمله باسم الدين الحنيف (وما معانا ضدنا.) 4. أعجبتنا عبارتكم (إن المسؤولية الأخلاقية توجب النقد والمراجعة دون خوف أو مواربة) على أساس أنه الضمانة للإصلاح السياسي والفكري والحقيقي ، وكنا نأمل أن تسترسل في سلبيات الفترة التي صاحبت عمر الانقاذ والتي كان من أهمها محاربة المعارضين بالقوة المفرطة بدءاً من بيوت الأشباح ومروراً بحملات الاعتقال والتشريد وتصفية أرتال من الموظفين من المدنيين والعسكرين بدعوى الولاء قبل الكفاءة وكانت حصيلتها الانهيار الكامل للأجهزة المختلفة ، لذا فالأمر يتطلب الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنه . 5. إشارتكم بأن المبادرة التي يطرحها هذا النداء منبتة عن أصل ولا هي لحظة مفردة بقدر ما هي امتداد لدعوات سبقت وحوارات نقدية عميقة لتجربة الانقاذ ، وهل فات عليكم أن تجربة الانقاذ كانت وما زالت تمثل فصيلاً واحداً متفرداً للحركة الاسلامية السودانية مع تناوب قيادتها بالمؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني ولا يزال هذا الفصيل يعمد على إقصاء الآخر وإن شخصية يا دكتور في وضعكم النافذ من هذا النظام بالإضافة لما اكتسبته من شعبية وسط شباب الانقاذ وآخرين وثقلاً اقليمياً كان من المتوقع أن يكون ندائكم وانفتاحكم على المجتمع كله حتى لا تكون رهين المحبسين اشعبي والوطني وكما ذكرت فالسودان ذاخر بأبنائه وابداعاتهم في كافة المجالات.. 6. أما فيما يتعلق بالتدخل الخارجي والمؤامرات الخارجية فتوافقكم فيما ذهبتم إليه ولكن من الذي فح النافذة لهذا التدخل بل فتح الأبواب على مصراعيها لهذه التدخلات ؟ وفي رأينا أن الدبلوماسية السودانية التي وُلدت وترعرعت قوية بعد الاستقلال كانت على مقدرة تامة لإحكام كافة المنافذ للتدخلات الأجنبية مستنيرة بالسياسة العامة للدولة وكانت مثار إعجاب العالم بأسره بهؤلاء الكوكبة من الرعيل الأول من الدبلوماسيين السودانيين وقد كان وزراء الخارجية أنداك من الرموز الوطنية والاقليمية بل الدولية ورحم الله مبارك زروق ومحمد أحمد محجوب لذا فإن النقد من المفترض أن يشمل إخفاقات الدبلوماسية في فترات لاحقة التي ولدت عداءات مع دول الجوار ومعظم دول العالم.. 7. إن المشروع الاصلاحي أو الحراك الاصلاحي كما ذكرتم ليس بدءاً جديداً بالكلية وانما يستند إلى للتجربة السودانية لدستوري 1998 و2005 وهي دساتير من صنع الانقاذ وكما ذكرت أضر بها سوء التطبيق وكان لا بد أن تكون الممارسة بهذه الصورة طالما تم مصادرة حرية الفكر والصحافة وتم تقييد حرية القضاء والأجهزة العدلية ، وقد كنا ننتظر أيها الطبيب أن تكون حركتم الاصلاحية شاملة إذا كُتب لها النجاح واستطاعت اجتساس عوامل الفرقة بين الصقور والحمائم على الأقل داخل بوتقة الانقاذ ناهيك عن المجتمع بأسره ومع ثقتنا في شخصيتكم بحمل لواء الريادة الاصلاحية فهل اجتمع حولكم خبراء من الاقتصاديين والقانونيين والسياسيين لوضع الرؤية العملية والعلمية لمستقبل السودان ، أم هي شعارات تنتظر التحريق والمزايدة . 8. لقد وضعتم مرجعيا تكم الاصلاحية وفق مبادئ متعددة بدءاً بالإنسان وجميل تصوركم للوضع الذي طرحتموه عن أهمية كرامة الانسان ووضعه في المكانة الأولى ، ولكن أليس من العدل تقييم السوداني للحالة التي وصل إليها من بداية الانقاذ وحتى اليوم؟ ثم وضع الحلول العملية لانتشاله من مستنقع الفقر والتشريد والضياع ، فالشعارات لن تغني أو تغطي متطلباته ما لم تكون الأطروحات واحد + واحد يساوي أثنين ،، حلول واضحة وامكانية قبولها وطرحكم للوطن مثالي ولكن أما آن الأوان بالاعتراف بالأخطاء التي أدت لفصل الجنوب وتفاقم مشكلة أهل دارفور حفظة القرآن الكريم من خلال الاتفاقات الثنائية وطرح قضايا الوطن على الجميع. أما عن الاطروحات الأخرى من التنوع الثقافي والهوية والوطنية والسلام والتوافق الوطني والتنمية والتحديث فتظل شعارات ما لم تقدموا تصوراتكم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحلول عملية تتضمن على الأقل الحد الأني من متطلبات الشعب السوداني ، مع وضع الصورة التي عليها الشعب السوداني الآن فهناك تيار يريد الاصلاح وآخر يريد انهاء النظام بأكمله ومنهم من اختار السلاح والاحتراب ومنهم من يأمل بالانتفاضة الشعبية ومنهم من يستنطق القول بالقرطاس والقلم ومنهم الصامتون الذين لا حول لهم ولا قوة. أستاذنا الفاضل وليبارك الله خطواتكم التي أساسها النية الصادقة والمهم ضمان تحقيق الأهداف والصراع المحموم داخل حولية الانقاذ أما عن شعبنا فهو صابر وما توفيقة إلا بالله . Ismail Shams Aldeen [[email protected]]