ثورتا الثلاثين من يونيو في مصر وفي السودان هما امتحان وبلاء كبيرين للمفكرين الصفوة في كلا البلدين ، ومخولة للعقول وتمحيص للمواقف ومقياس للوقوف مع الحق من عدمه ، عند آل علمان والأخوان هنا وهناك. وعلى الرغم من ظننا وعلى زمان طويل أن كثيرا من الثوابت شبه منزلة أو رسالية ، ترقى لمستوى التدين في جانب ،ومستوى النضال عند الجانب الآخر ، ومبنية بقواعد ثابتة لا تلين في أيدلوجية كل منهما ، والتي تُنبئ عنها بعض الشعارات مثل يسقط يسقط حكم العسكر اليسارية ، وهي لله هي لله الإخوانية إلا أن محك الثلاثين من يونيو خصوصا في مصر قد هز تلك الثوابت ، فتماسك منها النبيل الأصيل ، وأنحّت منها الواهن العليل . تخرج نتيجة امتحانات تحديد المواقف قبل النهائية ، من ثورتي مصر التوأمتان تاريخا ، والمختلفتان فكريا ، أخوان ، وعلمان ، أنه في كثير من الاحيان يثبت الله بالقول الثابت ، والحق المبين كثير من العلمانيين والذين كنا نظن أنهم لا يردون موردا للحق إن كان مصدره إخواني ، ولا ينبذون الباطل إن كان علماني ، وقد سكتت ورؤسها في الرمال أقلام الاخوان في السودان والتي كنا نظن أنها لا تخاف في الحق لومة لائم . وهذه المخولة والامتحان العاجل لم يمهل البعض لالباس الحق بالباطل والباطل بالحق ، حتى يكتمل التدليس ، ولم يمهل البعض لإمساك الحق أيضاً ، فانطلقت وبنفس العجالة بعض الأقلام هنا وهناك لتنضح بما في سريرتها حقاً أو باطلا . في مقال الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، كلنا إخوان مسلمون اليوم ومقال السيد مصطفى البطل ، ثورة مصر: حساب أم كوار ، بمنافحتهما عن الحق حتى وإن كان في صالح الاخوان ، ألداء الفكر هنا في السودان ، أثبتا أن الحق يتيم، ليس له فكر أو لون أو أيدولوجيا، وأن أمثال هؤلاء النبلاء من القوم يجب أن يتخذوا مثالا للحق وتجردا من الانا ، وحرية في الفكر وتأصيلا للنبل وأيم الله ، خلافا للسقوط المريع من أقلام كنا نظن أنها بجمالها وأقلها ورونقها وجهرها ، كقلم الاستاذ محمد لطيف ، في سقوطه الداوي في مقالاته ... (وإلى الاخوان في السودان قبل الغرق )، والتي توضح فيها أن الرجل قد جرد قلمه عن الحق وجرد تأريخه عن النضال وتنازل عن شعاراته ، أمثال يسقط ،يسقط حكم العسكر التي تمثل نضالا في حال يونيو السودان العسكرية ، وبردا وسلاما وحقا لثورة يونيو المصرية العسكرية أيضاً. ومثل سقوط أقلام محمد لطيف سقطت كل أقلام أخوان والمتأخونين في السودان والتي ما نجدها أو اسعفها شق كلمة من حق تتقي به هذا العار والذي سوف لن ينساه التاريخ ، أو ليرتقوا به شعار هي لله هي لله ، والله أكبر الله أكبر ، الذي تمزق كثيرا في السودان عند إنشقاقهم الكبير وفي كل المواقف التي تتطلب جهرا ونصحا ورجولة . الموقف من ثورة الاخوان وشرعيتهم في مصر سواء طبقوا حقاً على خلق الله أم أنهم فصلوا الدولة على مقاسهم ، يجب ان يكون واضحا ويجب الوقوف في صفهم والنصح لهم ولآخوتنا الاخرين في مصر إتباعا لعضم الحق . ما أقدرنا على التنازل عن الحق والتصنع بالباطل عند الغرض ، وما أزلّ أقدامنا عن الثوابت مدى ما أنزل الله علينا أبسط الامتحانات في السودان .