كلمة حق في وجه الأخوان والتيارات الإسلامية بالسودان من أجمل الكلمات التي قرأتها ما ساقه المحامي والناشط القانوني المحترم (نبيل أديب) في معرض مقال عقب به على رئيسة تحرير (الميدان) مديحة عبد الله، والذي أوضح خلاله فلسفة تصديه للدفاع عن الفريق (صلاح قوش) المدير السابق لجهاز الأمن السودان، وذلك حينما إورد (نبيل) جزءاً من دفاع (آرتين نيمولر) أحد قادة المقاومة ضد النازيين، حين قال: (عندما ألقي النازيون القبض علي الشيوعيين بقيت صامتاً لأنني لم أكن شيوعياً وعندما إعتقلوا الكاثوليك لم أحتج لأنني لم أكن كاثوليكياً وعندما إعتقلوني لم يكن قد بقي أحد ليحتج). وعليه، سأقول وبهدوء بالغ _ بعيداً عن أجواء المماحكة والمحاكمات التي تدور هنا وهناك، وبالطبع لا أعفي نفسي منها بل أراني من الذين تولوا كبرها! _ في حيثيات ما يدور بالشارعين المصري والسوداني، من أنشطة للتيارات الإسلامية هناك وهناك ومسيرات و"هلمجرا"، إذ أنه لا يعقل أن يتقبل الفرد فينا موقفين مختلفين لجهة واحدة في حدثٍ واحد. وهو ما أعنيه وتوضحه أكثر الصور المرفقات، عندما يبطش النظام الحاكم في السودان بالمتظاهرين وفي قلب الخرطوم والولايات مظاهرات الشباب والطلاب والتي وصلت لسفك دماء زكية من طلاب شبابنا بجامعة الجزيرة ومن طلاب نيالا العشرات، دون أن نشير لشهداء السدود القسرية بالولاية الشمالية، وما بين ذلك من قتلى ك(عوضية عجبنا) أو قتلى حراسات الشرطة، وقد أفهم أن تتماطل الحكومة _ حتى الآن_ في نشر وقبلاً تكوين لجان تحقيق (فقط!) في هذه الفظائع، ناهيك عن (إقتصاص) أو (تحقيق عدل) كل ذلك ومنسوبي ما يعرف ب(أهل القبلة) أو (الحركة الإسلامية) بترابيها وعلي عثمانها وأنصار سنتها وسلفيتها المجاهدة، وغيرهم من فئات سمِّهم ماشئت! لم يفتح الله عليها _ جميعاً _ ببنت شفة، بياناً معلناً مقروءاً أو قولاً مجاهراً مسموعاً، إعلاءاً لكلمة الحق التي عنها سيسئلون؟ وظلت الكيانات المحسوبة على تيارات العلمانية واليسار والليبرالية والحركة الحقوقية السودانية _ كجهد مقل _ تنافح عن حقوق هؤلاء عملاً وطنياً مستحقاً، في ظل إستعداء التيارات الإسلامية لهذا الحراك، فتارة حرب نعوت إعلامية ب(الكفر) و(العلمنة) وتارة أخرى مدفعيات كاسحة من على منابر العبادة.. واليوم يجيئون.. يبكون!!؟ أين كنتم؟ وماذا قلتم عن الدم السوداني المسفوك، بدم بارد؟ ولتعلم جميع أطيافهم أن الذين يضعونهم في خانة (الكفر والإلحاد) و(خيانة الوطن) كانوا سباقين في التحذير من المنعطف الذي تمضي إليه مصر، وأدانوا وشجبوا في جميع المراحل الفظائع التي تمت إيان كان فاعلها وتحت أي مسمى كانت.. لكن أن يأتي (إسلاميو السودان) كبيرهم وصغيرهم للمزايدة على (قيم إنسانية) هم ليسوا مؤهلين للخوض فيها ولو بعد حين من (مراجعاتهم الفكرية) فهو الأمر المنكور والمخجل.. "شوية خجل لو سمحتم".. فأنتم آخر من يعلم السودانيين قيم التضامن الحر.. ومعاضدة الشعوب.. شعب قاتل جيشه (قواته) في كرن والعلمين وسيناء والمكسيك، وتضامن شعبه مع ثوار في كوريا والماماو وجنوب أفريقيا والجزائر والملايو؛ لهو شعب أكبر من أن تسعه آفاق جماعات لا ترى أوسع من أرنبه (مكتب الإرشاد الدولي).. وفقه (الولاء والبراء)!! إن مصر التي نعلم قادرة بشعبها، وبأبنائها وبناتها على تجاوز النفق الخطير والمهلك الذي أدخلها فيه عناد وتعنت (المعزول) ومن ورائه أربابه في ال(C.I.A) والإمبريالية العالمية.. إن شعباً ثار لمرتين لهو قادر على إجتياز الإمتحان.. فهل أنتم أهلٌ للتأسي.. وإدراك حقيقة أنك لن تستطيع إبتلاع بلاد بكامل أهلها.. لكلٍ حقه في الرأي وللآخر حقه في أن يكون مختلفاً وعلى الدولة، بكامل جهازها، إلتزام الحياد، فعلاً لا قولاً تجاه جميع الأطراف.. دون "تمكين" أو هيمنة، أو إقصاء.. وهل أنتم مؤهلون للمعرفة أيضاً.. دماء المصريين القتلى.. حمراء اللون ودماء أهل السودان، أيضاً حمراء اللون.. وختاماً ليس سوى مقولة (تيودور أدورنو): (ليست الحرية أن تختار بين الأسود والأبيض، بل أن تبتعد عن الاختيارات المحددة مسبقاً).. ذلك فصل الخطاب.. adil ibrahim [[email protected]]