خارطة طريق إماراتية شاملة لإنهاء أزمة «الفاشر» شمال دارفور    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اثر د. عبد الله الطيب المجذوب على الحياة الأدبية .. بقلم: د.احمد عكاشة احمد فضل الله
نشر في سودانيل يوم 19 - 10 - 2013

اثر د. عبد الله الطيب المجذوب (1921_2004) على الحياة الادبية في سودان النصف الثاني من القرن العشرين
د.احمد عكاشة احمد فضل الله
باحث في الثقافة السودانية _لاهاي
تتعدد معارف ومقدرات ومساهمات الاديب والعالم الراحل د. عبد الله الطيب المجذوب وبالتالي لا يمكن لمحاضرة مفردة ان تخوض في تفاصيل حياته اوان تحيط بكامل ابعادهاواثارها. وعوضا عن ذلك سوف نشير على نحو وجيز لبعض معارفه ومقدراته واسهاماته الاكاديمية والبحثية.
ونركز على مجالات اثر فيها العالم السوداني الراحل على نحو بالغ وتشمل هذه /
_ مال اللغة العربية نتيجة جهوده التعليمية (التعليم الابتدائي واعداد المعلمين) وجهوده الاكاديمية في البحث والنقد والتعليم الجامعي
_ اثره على النقد الادبي في السودان قبل وبعد استقلاله.
_ اسهامه في نشر المعرفة الادبية (المرشد الى شعر العرب).
وتشكل هذه المسائل الرئيسية التي سوف نتناولها بالبحث ونحاول استخلاص بعض القناعات بشانها على نحو يفي باغراض البحث في مشكلات الشعر السوداني خلال ما يزيد عن نصف قرن على وجود السودان المستقل .
وقبل المضي قدما في تناول الموضوعات لابد من الاشارة في البدء الى حقائق هامة ورئيسية فيما يتعلق بعلم وجهد الراحل الكريم.
_ كان د. عبد الله الطيب المجذوب على قدرات اكاديمية وبحثية عالية في مجالات عديدة منها علوم اللغة العربية والعلوم الانسانية والدين ومنها ما يلي :
_ تفسير القران الكريم وتدريس السيرة النبوية الشريفة
_ الشعر العراسلامي في عهوده السابقة او اللاحقة لظهور الاسلام
_ اللغويات العربية الحديثة
_ النقد الادبي ابان عهود الحكم الاسلامي(من القرن السابع الى القرن الحادي عشر الميلاديين)
_ الادب العربي المعاصر(منذ نهايات القرن التاسع عشر الى بدايات القرن الحادي والعشرين ) والنقد الادبي بشانه
_ اداب الغرب الصناعي(وعلى وجه الخصوص الاداب الانجليزية) واتجاهات النقد الادبي المعاصر.
هذه اجمالا بعض المعارف التي برع في تناولها بحثا وتناولها كمؤلف او محاضر او اعلامي (دروس في تفسير القران الكريم في حلقات اذاعية 1958_1969) وكما تعددت معارفه فقد عرف الرجل معلما على كافة مستويات التعليم القومي وعمل كاكاديمي محاضرا جامعيا وباحثا والى جانب ابحاثه كانت هناك مقالات ادبية ومسرحيات ودواوين شعر ومحاضرات عامة عم نفعها مختلف قطاعات السودان وعمت شهرته سائر انحاء البلاد ونسب الراحل لكل ثقافة سودانية ولكل ثقافة اخرى يتفاوت انتماؤها للثقافة العربية او الدولية.
_ لقد اقتسم د.عبد الله الطيب المجدوب مع ادباء سودانيين ونذكر منهم _ لا بهدف نفي جهود غيرهم.
جمال محمد احمد 1917_1986 (التعليم والكتابة والديبلوماسية والوزارة) . د. احمد الطيب احمد عبد السلام (1918_1962) شاعر واستاذ اللغة الانجليزية والترجمة والنحو والمسرح . لقد ارتبطت بهؤلاء الادباء والعلماء مالات بالغة الاهمية انتمت اليها مجالات حيوية مثل الثقافة والعلم والفكر في السودان المستقل.
_ ارسوا اسس الثقافة والتعليم والفكر الذين لهم طابع مدني.
_ دعموا دور اللغة العربية (على ضوء هيمنة الانجليزية –لغة المستعمر) وجعلوها على نحو تدريجي لغة المناهج الدراسية في المراحل الباكرة .وتوسيع اسهامها في مجالات البحث والتدريس الجامعي (دون تعريف لا يهدف الى عزل الثقافة والفكر والتعليم من التطور الانساني 1).
واذا ما اريد التطرق الى شواهد على جهودهم يمكن ان تشير الى ان د.عبد الله الطيب المجذوب الف مرشد التلميذ وحرر جمال محمد احمد مجلة الصبيان وعمل ثلاثتهم الى جانب عبد الرحيم الامين استاذ النقد العربي الحديث والذي يقل ذكره على عظمة جهده الاكاديمي وعلو قدر شاعريته ) وعملوا كذلك على وضع المناهج الدراسية واسهموا في تدريب المعلمين واشتغلوا بالادب والفكر على نحو يخدم تقدم الفكر والثقافة ونيل المعارف الحديثة.
اللغة العربية ودورها في الحياة السودانية
ما من شك في ان الفضل الاكبر يعود ل د. عبد الله الطيب المجذوب الذي كان له الادراك الواسع بحقائق الوضع اللغوي والثقافي في سودان القرن العشرين.
_ كان لعبد الله الطيب المجذوب الادراك الواسع بحقيقة ان العربية هي اللغة التي تحدث بها اهل السودان ابان القرون السابقة والمتعددة ولاتزال تلك اللغة تلعب دورها الهام في تكوين وتطوير الثقافة السودانية.
_ كذلك كان على وعي تام بحقيقة ان اللغة العربية وكل ما تاتي به من خطاب وادب ومسرح واناشيد واحاجي واغنيات وكل ما هو ثقافي هي جزء من هوية اغلب سكان السودان (كما عرف ابان نيل الحكم الذاتي وقت عقد اتفاقية القاهرة فبراير 1952).
_ راى المجذوب انه هناك ضرورة للاهتمام بالتراث الادبي وضرورة البحث فيه ووجوب اعطاء الاولوية للادب العرا الاسلامي التاريخي لفهم وتبصر واقع الحياة الادبية المعاصرة وتناول مشكلات مستقبل النثر والشعر المعاصرين .
لقد احب المجذوب اللغة العربية وادابها وبحث في مختلف اقرعها وشق طريقه لنيل اعلى الدرجات العلمية في هذا المجال – درجة الدكتوراه و تضاعفت الى جانب المعرفة العلمية الفائقة ممارساته الادبية – نظم الشعر والاجزال فيه وكتابة الرواية والدراما المسرحية والمعالجات النقدية ودراسة الشعر التاريخي منه والمعاصر
_ لم تكن جهود الارتقاء بدور اللغة العربية في المجالات التربوية والادبية لم تكن هذه الجهود يسيرة على الاطلاق اذ كانت الهيمنة البريطانية التي حبذت اللغة الانجليزية وكانت تردد النخبة السودانية ازاء قدرة اللغة العربية على الايفاء باغراض التعليم والبحث العلمي الحديثة. فابان الاربعينيات من القرن الماضي وجد اساتذة اجلاء مثل احمد الطيب احمد عبد السلام – عبد الرحيم الامين الى جانب المجذوب في ساحة معارك لتحويل لغة الضاد لاداة للتعليم والبحث.
وتدل تجربة استخدام اللغة العربية في التعليم على ان هذا الامر يحتوي على مشكلات اوسع .
_ فيما يتعلق بالمراحل الباكرة من التعليم في السودان امكن استخدام اللغة العربية واعتمدت على الدعم الذي وفره استخدامها في الاداب السودانيه من ادب وشعر وفن وكذلك دعمها ارتباط السودانيين بالاداب العربية.
_ من يعد استخدام اللغة في المراحل المتقدمة من التعليم السوداني اذا اضحت على نحو متدرج احدى لغات التعليم الثانوي وما فوق الثانوي وتوجد عوامل عديدة ترتبط بالتجربة الاستعمارية التاريخية. في حالة السودان الذي كان تحت الحكم الثنائي ما يلي
_ مشاركة التراث العرااسلامي الثقافة الاستعمارية في التاثير على التعليم والثقافة في السودان. ففي البداية قلت درجة المشاركة وكبرت نتيجة لجهود تربوية واكاديمية للمجذوب وصحبة (احمد الطيب احمد عبد السلام. عبد الرحيم الامين. جمال محمد احمد..الخ)
_ سهل ميل البريطانيين لتشجيع اللغات المحلية ففي حالة شمال السودان كانت اللغة هي العربية في المناطق المقفولة شجعت اللهجات
ادى بروز الوطنية السودانية والتطور السياسي العاقب للاستقلال الى تقليل درجة سطو لغة المستعمر وتسارعت خطوات استعمال اللغة العربية في العملية التعليمية واذا ما اريد الوقوف على طبيعة التحولات اللغوية في التعليم السوداني فان هناك ما يلي
_ ابان عهد هيمنة الاستعمار كانت اللغة الانجليزية هي التي تمثل a reference point اي ان المفاهيم اللغوية اللتي طبقت على اللغة العربية وكذلك على اللهجات السودانية – هي قواعد اعلاء لغة المستعمر الرئيسي .
_ لقد استخدمت اللغة الانجليزية ك meta language الى الحد اللذي جعل تدوين اللغة العربية هو امتداد لعلم اللغة الانجليزية .
_ وبعد الاستقلال اتضحت الانجليزية a second language ( لغة ثانية او لغة مرادفة )
_ ادت جهود د. عبد الله الطيب المجذوب وصحبه خاصة جهودهم في تطوير سبل التعليم و المقررات والمناهج التربوية الى تسارع واتساع اسهام اللغة العربية بحيث امكن لها ان تصبح اداة للتعليم والبحث والثقافة. فاصبحت national meta language اللغة الوطنية السائدة.
اغلب الظن ان هؤلاع العلماء والادباء السودانيين هدفوا الى توفير ظروف تمكن اللغة العربية من المشاركة الواسعة في الحياة السودانية اي ان تكون اكثر من لغة تخاطب او لغة الادب القومي اي ان تكون لغة للتعليم والبحث في ظروف الهيمنة على مصائر البلاد .
وكما تدل الوقائع الخاصة بحياة كل واحد من هؤلاء المفكرين السودانيين تدل على ابتعادهم عن مجالات اعداد المناهج واعداد المعلمين الا المجذوب الذي واصل جهده استاذا جامعيا واضحى جمال محمد احمد ديبلوماسيا وكاتبا وطوى الموت صفحة د. احمد الطيب احمد عبد السلام (1962) واضحى عبد الرحيم الامين سياسيا وكانوا قد ابدوا حرصا على التوازن والتعقل فيما يتعلق بتقوية دور اللغة العربية في التعليم والبحث الاكاديمي .
ومن اهم ما انجز المجذوب بعدهم مواصلة الاهتمام بمهام التعليم ووضع المناهج وصياغة سياساته واغراضه.
_ لم يعطوا هؤلاء المفكرين اهتماما لحقيقة ان السودان يضم ثقافات ولغات متعددة قبلية غير عربية .
_ لم يدركوا بوعي تام انه الى جانب التباين اللغوي يوجد التباين الاكثر اهمية من المعتقدات .
_ اهتموا بالاندماج العضوي ( التوحيد القومي عوضا عن السعي الى تمازج يقوم على مقاومة التمييز (العرقي والديني وعلى اساس النوع... الخ ) والتخلص من الاراء المسبقة والحساسيات .
وحينما جرى الدفع باللغة العربية الى الصدارة عقب نيل الاستقلال والحقب التي تلت لم يجر البحث عما اذا كان للهجات السودانية امكانية الايفاء بالاغراض التربوية .
وكان لهذا القصور اثاره على الحاضر السوداني وتعاظمت هذه الاثار حينما غلبت التقويية الدينية والاصولية الفكرية وحينما استولت على مقاليد الامور في البلاد ( 1989-) احتدت الاختلافات الدينية واللغوية وعظم التناحر السياسي و القمع الحربي وازداد التمييز على الاسس العرقية والثقافية والدينية بل اضيف اليها ال sexism و classism فانفرط عقد البلاد بلا نهائية .
الجزء الثاني /
3 – د. عبد الله الطيب المجذوب والعلم الاسلامي
بناء على الانحدار من اسر او وجهات دينية في سودان القرن 16 (مثال ود عبد الصادق او حمد النحلان ام المجاذيب ) ويضاف الى هذا تعليم غربي (كيمرتش اوكسفورد او السوربون ) نشات زعامات تقويية دينية (الزعم بمعرفة الخالق عز وجل وادراك الدين الحق والمقدرة على هداية وقيادة المسلمين ). الا ان د. عبد الله الطيب المجذوب على الرغم من تمتعه بذات المزايا الى جانب كونه من اعلم اهل السودان بمعاني القران وسيرة النبي الكريم لم يخضع مقدراته للتقويية الدينية .
عدى د. عبد الله الطيب المجذوب المعرفة بكتاب الله والسيرة النبوية الشريفة هامة اذا ما نظر اليها من منطلقات محددة .
1 عدها ضرورية لانها تساعد في ادراك الاهمية الفائقة للدين الاسلامي ومقاصده
2 ان هذه المعرفة تساعد في الوقوف على اسباب ومحتوى التعاليم الدينية عوضا عن النهوض بها بدون ادراك ووعي تامين
3 ان دراسة القران والسيرة النبوية تغرس الايمان في العقول والقلوب وتعمقه وبالتالي تعين المسلمين السودانيين على التعاضد فيما بينهم الى جانب دعمها للوشائخ والصلاة فيمل بين المسلمين على مستوى العالم
4 عدى د.عبد الله الطيب المجذوب ان للمعرفة الدينية اسهامها الكبير في توفير معرفة متوازنة في مختلف مستويات الثقافة والتعليم . وكذلك اعتقد بان المعرفة من معاني ايات القران الكريم والحديث والسنة تساعد في دعم تطور السودانيين الثقافي والخلقي والاجتماعي والروحي .وكان المجذوب مدركا لامكانية العلوم الاسلامية في دعم القيم الاخلاقية للافراد في كافة الامور المتعلقة بالحياة والعيش وتحقيق الاهداف الانسانية الفردية.
واخيرا كان عبد الله الطيب على ادراك واسع باهمية الدين الاسلامي لفهم المشكلات المعقدة التي تعمر بها كافة اوجه الحياة في السودان السياسة والعوق والثقافة والاقتصاديات والسياسات التعليمية والثقافية والحياة الاسرية .لقد هدف المجذوب عبر تفسير ايات القران الكريم وتناول السيرة النبوية الى مساعدة السودانيين على اكتساب معرفة اعمق بالدين وغرس ما يعرف بالقيم الاخلاقية الجمعوية بهدف زيادة التضامن بين السودانيين الذين عصفت بهم اسباب الفرقة من اختلاف في المسائل الدينية وتشاحن سياسي واحتراب داخلي الى جانب العلوم الدينية كانت هنالك المعرفة العلمية والثقافية الدهرية للمجذوب وشملت هذه
_ الشعر العرااسلامي واللغويات العربية
_ الادب العربي المعاصر
_ الادب الانجليزي والنقد المعاصر
_ العلم التربوي وسبل البحث الاكاديمي
وقد وظفت هذه المعارف لاغراض ترقية الادب العربي في السودان المعاصر
4_ المجذوب والمعرفة الشعرية في السودان
يجري الحديث بصورة رئيسية عن المعرفة فيما يتعلق بالشعر عامة والشعر العربي التاريخي منه وذاك المعاصر ومما يدخل ضمن المعرفة بالشعر التي تضمنها المرشد الى شعر العرب ومن بينها ما يلي :
_ تعريف الشعر
_ انواع الشعر
_ الاشكال الشعرية
_ عناصر الشعر
وعبر تناول هذه القضايا تمكن المجذوب من القيام بمسح للتاريخ الادبي للشعر العربي وغطى ذلك التاريخ فترة تمتد من ما قبل القرن السادس الى القرن العشرين بعد الميلاد والى جانب المسح التاريخي كانت هناك اغراض اخرى لتاليف المرشد وشملت
_ هدف تحريك الفكر (شحذ اذهان العرب )
_ فحص دور الشعر في الثقافة العربية .
_ ايضاح التفاعل فيما بين الشعراء العرب الاوائل والمعاصرين وعلاقتهم بمحبي الشعر.
وخلص المجذوب الى قناعات هامة بشان دور الشعر والشعراء عبر العصور . اذ لم يكن اغلبهم مفكرا مجردا اوحالما بل كانوا على قدر كبير من الموهبة .
امتزجت في المرشد الى شعر العرب المعرفة بالشعر العربي القديم والمعاصر منه وفيه اهتم المجذوب بالمشكلات النقدية السابقة والمعاصرة .
وفيما يتعلق بالشعر العرااسلامي التاريخي عنى المجذوب بالمسائل التالية :
_ اولوية النص
_ النقل الشفاهي
_ اللغة والمصادر والنحل
_ تحليل النص الشعري وتعريف خصائصه وملامحه
_ النحويات والعروضيات
وقد انتهج د.عبد الله الطيب المجذوب نهج السلف الذين استخدموا التقفية والعروضيات وقواعد النطق الازمة لفهم ايقاعات ذلك الشعر العربي التاريخي . وفيما يتعلق بالشعر العربي المعاصر عمد المجذوب لتقييمه ادبيا وشرح معانيه الى جانب تحبيذه لبعض الاشعار .
وقد استخدم المجذوب سبل النقد الحديث ليبين القيم الجمالية المميزة للشعر في القرن العشرين.
وباصدار المرشد الى شعر العرب كان للمجذوب اهدافه فيما يتعلق بالشعر السوداني المعاصر وتطوره
امل المجذوب ان يسفر المرشد عن تحسين التعابير الشعرية .
_ تحسين نوعية الشعر السوداني المعاصر .
_ اثراء المعرفة بالشعر وبكل شان يتعلق به .
_ امل ان تؤدى الاشعار المختارة الى التطور القصوى في سودان القرن العشرين .
ودلت النماذج من الشعر العرااسلامي التاريخي التي اوردها المجذوب / دلت على ما يلي :
ابدى ذلك الشعر درجة عالية من الجودة والمقدرة على البقاء لمدة طويلة .
_ وتمكن ذلك الشعر من التغلب على احلك الظروف واخطر التحديات التي انتجها الزمان او التطورات الثقافية .
وكما يتضح عبر تصفح المرشد الى شعر العرب فان للشعر العربي التاريخي . مختلف خطط التقفية والتراكيب اللغوية .
وفيما يتعلق بالشعر العربي المعاصر فقد اوضحت النماذج التي اوردها المجذوب خصائصه التالية
_ التزامه بشكلانيات الشعر العربي .
_ الدقة اللغوية .
_ وتميز اساليبه وبيانه وغنائيته بالسهولة واليسر وعذب الحديث والتالق والطنة والرنة .
لعل مما دفع لاصدار المرشد الى شعر العرب هو شعور المجذوب بانه على الرغم تحبيذ كافة العرب والسودانيين للشعر العرااسلامي التاريخي فان اغلب ذلك الشعر ومن نظموه مجهولين لدى الكثيرين في السودان وكذلك في البلدان العربية الاخرى . ولهذا بدل جهده المقدر هذا تسهيلا للمعرفة بذاك الشعر وسلك المجذوب في تاليف ذاك المرشد
_ سبيل التقبل للشعر العربي الكلاسيكي .
_ اتباع نهج ضم الشعراء قديمهم ومحدثهم ( اذا ما حسن نظمهم ) في قوائم مقرة وموقره .
_ الاستعانة بالانطولجيات القديمة المتواجدة .
_حرص على تنويع الشعر والشعراء .
وعلى الرغم من اجواء التبسيط والتلقائية التي اتبعت في اختيار النماذج الشعرية ودرجات الشعراء فان المرشد كان على قدر كبير من النضوج والعمق فيما يتعلق باللغة والدقة والصحة الاملائية والأشكال الشعرية وتنظيم المعلومات حول الشعر والشعراء .
مكن المرشد الى شعر العرب السودانيين من الوقوف على اهمية الشعر العربي الكلاسيكي والمحدث فيما يتعلق بالثقافة السودانية المعاصرة وكذلك ادركوا ان الشعر هو تقليد عربي ضارب في القدم القدم وانه يشكل تراثا قويا من الثراء الواسع بمكان كبير.
5_ المجذوب والنقد الادبي في السودان المعاصر
تعرف د. عبد الله الطيب المجذوب ( الى جانب احمد الطيب احمد عبد السلام وعبد الرحيم الامين وجمال محمد احمد ... الخ ) بصورة مباشرة بالأدب الانجليزي والنقد الادبي الحديث . وقد اكتسبوا هذه المعرفة بالابتعات والدراسة الاكاديمية ببريطانيا .
وعلى عهود تواجدهم كان هنالك ما عرف في الاداب الغربية ل new criticism وهو الحركة النقدية التي بدأت في اواخر العشرينيات من القرن الماضي . وقد ظهرت كرد فعل على النقد الادبي التقليدي وقد عده النقاد المحدثون انه معنى من الدرجة الاولى بمشكلات ادخال زيادات على النص الادبي مثال السيرة الذاتية للمؤلف وسيكولوجية المؤلف والعلاقة بين العمل الادبي والتاريخ الادبي . اما النقد الجديد new criticism فانه يقترح انه يجب المثابر العمل الادبي مستقلا ( اي قائم بذاته ) ويجب ألا يحكم عليه اللجوء لاعتبارات تقع خارجية .
شارك المجذوب في معرفة سبل النقد الجديد رواد النقد الادبي في السودان امثال د. سعد الدين اسماعيل فوزي ( الذي بجانب كونه عالم اقتصاديات كان شاعرا وناقدا ادبيا ) و د. صلاح الدين المليك ( استاذ جامعي للآداب وشاعر وناقد ادبي ) ومحمد محمد علي (مربي وشاعر وناقد ادبي ) وقد اهتموا جميعا بجودة الشعر والمقدرات على النظم وقدرته على تحريك العواطف الجمالية _ الولع بالشعر .
ويبقى التطور اللاحق للنقد الادبي في السودان شاملا لما يلي
_ توسع النقاد التاليون في استخدام التحليل النفسي لفيرويد psychoanalysis وكانت هنالك السهولة في استخدامه اذ يركز على البحث عن الحوادث السيكولوجية الصدمات او الجراح عند تحليل الشعر .
_ انتهج نقاد اخرون سبل التحليل الماركسي لفحص الاحداث في العمل الشعري ايمليها الصراع الطبقي ام لا وهدف ذلك النقد الى تحديد عما اذا كانت الاشعار تقدمية ام رجعية وبهذا تسهل المهمة النقدية .
_ النقد من منطلق النسوية وهو نوع من النقد الادبي يماثل ذلك الماركسي الا انه يركز على الصراع الاجتماعي ( الصراع بين الجنسين ) و اعتبار ان محرك قيمة الافكار الرئيسية للعمل الادبي وبحث هؤلاء النقاد عن عوامل هامة مثل مشكلات الجندر .
لم يكن المجذوب ناقدا ادبيا في الدرجة الاولى بل كان عالما بالشعر وباحثا في مشكلاته وهذا ما شكل الاطار الذي افصح فيه عن قناعات اكاديمية بشان الشعر السوداني المعاصر . ومن اهم ما ميز احكامه الادبية ما يلي :
_ اعتبار واقعية النظم وجوده الوصف مقاييس لجودة الشعر .
_ الاهتمام بتوفر ( او عدم توفر ) المقدرة على نظم الشعر
_ مقدرة الاشعار على ( او فشلها في ) تحريك العواطف الجمالية لمتلقي الشعر .
ويعود سبب اهتمام المجذوب بجودة النظم ورقى الجماليات الى ادراكه لحقيقة ان لمحبي الشعر السوداني المعاصر لحساسية ازاء امرين هما / العواطف المصاحبة لتقديم الشعر والعاطفة الجمالية التي يحركها الشعر الجيد والقيم . وقد اقترض وجودهما مهارات عالية لدى الكثير ممن عرف من شعراء السودان المحدثين وشملت تلك المهارات مراعات العروضيات والإيقاع وغنائية الشعر ويتعدى المجذوب تلك المهارات لمطالبة الشعر بان يكون نابعا من العقل مثلما هو نابع من العاطفة والخبرة اذ امل المجذوب ان يكون الشعر السوداني متأملا على نحو اكبر .
ويصحب الفصل بين المسائل المتعلقة بالشعر التي استحوذت على الاهتمامات الاكاديمية للمجذوب فهو قد اهتم في ان متلازم بالجماليات والشعرية وكما دلت ابحاثه فان اهتماماته غطت المجالات الاتية :
_ نظم الشعر
_ الصور الشعرية والبلاغية
_ المجازيات
_ الموضوعات
_ الرمزية
وشكلت هذه عناصر التحليل الادبي الخاص به ( تحليل عن بعد تقييم ) لمختلف الاعمال الادبية والشعرية .
وتبعا لتقاليد النقد المعاصر ( نقد النصف الاول من القرن العشرين ) كان المجذوب يمعن النظر في الاعمال الادبية نثرا ام شعرا بعين ناقدة ويصدر احكاما نقدية مستخدما الافتراضات النقدية لمختلف مدارس النقد الجديد .
وقد مارس المجذوب ما عرف بنقد المؤلفين ( صب الاهتمام نقديا بذات المبدع الادبي فكثيرا ما اهتم المجذوب وخلفية وسيرة الادباء والشعراء هذا الى جانب تحليل العمل الادبي ذاته . ولم يميل المجذوب الى الاستعانة بالمنطلقات النقدية الخاصة ب psychoanalysis . marxism . feminism في تحليل الاعمال الادبية والى جانب كونه ناقدا كان المجذوب محبا للأدب وعالما بارزا في مجال الادب واللغة والتاريخ الادبي العرااسلامي . وهي المقدرات التي تجلت في تأليف المرشد الى شعر العرب .
6_ الارشاد الى شعر العرب : العلم والتذوق :
عند تأليف المرشد انطلق المجذوب مما يعرف ب prespective of collection اي رؤية الاشعار وفقا لعلاقاتها الصحيحة وأهميتها الشعبية فيما يتعلق بتطور الشعر العربي . وصحب الاختيار والتضمين استحساه للادبيات المختارة وقد ضمت اجزاء المرشد كمية هائلة من الاشعار وكان الهدف هو الجمع الايحاطي وهو توفير اكبر قدر من البيانات حول الشعر العرااسلامي القديم او المعاصر. كذلك عمل المجذوب على حل مشكلات التي تعلقت بالاشعار التي تم اختيارها :
_ كانت اغلب الاشعار المختارة لا تحمل عنوانا فمنحها المجذوب عناوين توضح نوعها وموضوعها الشعري وبين بنحو عابر جمالياتها .
_ لما كانت الاشعار قليلة الابيات وكذلك كانت موجزة وفيها الكثير من الغموض فصل المجذوب الحقائق المتعلقة بنظمها وعرف بشاعرها وشرح مفرداتها ووضح اغراضها وكذلك تناول عروضياتها ولغوياتها وجمالياتها.
_ حملت الاشعار اثار الترخيم والحذف وبعض منها لم يتمكن من ابراز مجاز او استعارة او موضوع سردي رئيسي عمد المجذوب الى اكمالها بعد التحقيق.
_ كانت بعض الاشعار عصية على الفهم وصعب تبيان مغزاها قام المجذوب بتوضيحها .
وهكذا قبل الشروع في معالجتها نقديا كان على المجذوب ان يتغلب على كل نقيصة او صعوبة فيها . وقد تطلب الامر اصدار اجزاء عديدة من هذا المرشد مما تطلب تركيزا عظيما وخيالا هائلا وجلد على تحمل الغموض والإبهام .
وكانت اختيارات المجذوب لأجود وأعذب ما نظم عبر القرون كانت اختيارات اصلية وقد قام بترتيب وعنونة كل شعر وقع عليه اختياره وعكس اختيار وترتيب هذه الاشعار قدرا هائلا من الحلق وللإبداع على نحو يفي بأغراض اصلية مؤلفاته هذه ) . وكذلك يوجد نوعان من التجديد المثمر الاكتشاف والتوقف على القرائن وسياقة النظم وبيئة (محيط ) الاشعار . لقد اعاد المجذوب فحص كل ابيات ضمنت في اجزاء المرشد ووقف على تطور الشعر وعلى لغويات الشعروغنائياته ولعل اقيم ثمرة لجهد المجذوب تتمثل في تسهيل المعلومات المتعلقة بالشعر العربي عبر العصور من قبل السودانيين وسائر المهتمين اقليميا وعالميا بشان ذلك الشعر .
لقد اعتنى المرشد الى شعر العرب بأشعار طال عليها الابد وغشاها النسيان ولهذا هدف لتحقيق امرين اولهما العلاقة الوثيقة بين الشعر العرااسلامي التاريخي وشعر العرب في عهوده الجديدة وهي علاقة اشار اليها الكثير من الباحثين غير انها لم تكن محل البحث الجاد والتدقيق . وجاء المرشد ليلي هذه الحاجة . ثانيا لقد ادى الاهتمام بالاشعار القديمة دورا مفيدا للغاية لناظمي ومحبي الشعر المعاصرين .
وبالفعل لقد قدم المرشد للقارئ والدراسي مجموعة ضخمة من الاشعار المؤثرة وكانت جميعها نصوصا تعين على فهم طبيعة وقضايا الشعر العربي . وقد زاد المرشد فهم الموضوعات الشعرية الرئيسية واهتمامات الشعراء... وكذلك باعد المرشد في توفير التقدير لإبداع كل شاعر عربي اورد شعره واتضحت من جراء ذلك دوافع الشعراء عبر توفير اشكال شعرية وأنواع شعرية متعددة .
mahmoud yassir [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.