saad osman [[email protected]] السؤال الكبير الذي يدور في أذهان الناس هو ماذا بعد مؤتمر جوبا، هل سوف يتمخض الجبل فيلد فارا أم بقرة حلوب. الجميع ينتظر أن تكون توصيات المؤتمر قابلة للتنفيذ و لا تعبر فقط عن أماني و أحلام رؤساء الأحزاب السياسية في واقع أفضل. لابد لهذه التوصيات من ايجاد وسائل حقيقية، في الواقع السوداني الحالي بكل تشرذمه و تهالكه، من الاحتكاك بأحلام الجماهير و إشراكهم في قضايا التحول الديمقراطي .الكل يتمني لهذه التوصيات إن تكون عملية في المقام الأول، و تعمل علي إشراك كل القوي الفاعلة في المجتمع السوداني من أجل تنفيذ بنودها الهادفة الي تقويم الحالة السودانية الي مزيد من الاندماج في تفاصيل الكفاح اليومي من أجل وطن ديمقراطي يشرفنا جميعا. علي انه يبقي مربط الفرس هنا هو النضال المدني اليومي من أجل تنفيذ استراتجيات التحول الديمقراطي و من ثم تطبيق الإصلاح. متمثلا هذا النضال في النضال القانوني من اجل تغيير القوانين المقيدة للحريات، المسيرات السلمية من اجل تثبيت حق كل الأحزاب الديمقراطية في القامة الندوات دون الحاجة الي اذن مسبق من الجهات الأمنية، التوعية الانتخابية التي تتم من بيت الي بيت في المجتمع السوداني، كشف و فضح ممارسات المؤتمر الوطني في السنين السابقة و تمليك المعلومات للجماهير.و من جهة أخري تفعيل ديمقراطية الأحزاب بداخلها و مناقشة الاختلافات بين أعضائها و ايجاد التوافق و الانسجام التام. يجب أن تظهر الأحزاب للناس في هذه المرحلة و هي في الشارع العام، فقلد غابوا طويلا، حتي كاد الناس أن ينسوهم، تكافح و تناهض كل القوانين التي تعرقل التحول الديمقراطي، و ايجاد خطط و وسائل حقيقية يكون في أحشائها قوة العزيمة و الإصرار علي الوقوف سدا منيعا ضد القوانين و اللوائح و الممارسات التي تحد من التوعية الديمقراطية و مناهضة كل ما يعترض سبيل التحول الديمقراطي من مؤامرات و دسائس المؤتمر الوطني التي تخطط علي القضاء علي إستراتجية التحول الديمقراطي، و تزوير إرادة الشعب. كل المشاريع التي قدمت و التي تهدف الي الإصلاح بتفاصيلها الكثيرة، هي مهمة فقط في حال سبقتها استراتيجيات معينة. الإستراتيجية الاولي هي كيفية تمهيد مناخ ملائم لكل القوي السياسية الديمقراطية بالسودان لكي تطرح برامجها الانتخابية، و ينبثق منها تحويل الواقع السوداني الحالي، المملئ الآن بمتاريس المؤتمر الوطني، الي واقع يمكن من خلاله تنفيذ هذه الإستراتيجية. إما الإستراتيجية الاخري فهي كيفية مراقبة الانتخابات و توزيع الأدوار بين القوي السياسية من اجل إحكام الشفافية و النزاهة في العملية برمتها. إذا لم تفعّل الأحزاب الديمقراطية هذه الاستراتيجيات في الفترة الحرجة القادمة، مدتها حوالي ثمانية شهور،علي أساس أن الانتخابات مقررا لها أن تجري في ابريل 2009، فان كل المشاريع و الرؤي الإصلاحية التي قدمت في مؤتمر جوبا سوف تذهب أدراج الرياح. و يبقي مؤتمر جوبا نوعا من أدب إلقاء الخطب السياسية و ممارسة الإنشاء في وصف و تحليل كارثية الوضع الحالي.