شعب السودان .. شعب عملاق حظى بالكثير من الأحترام بين شعوب العالم وعرف على مر الأزمنه بالطهر والأمانة والعفاف والطيبه وصفاء القلب وعرف بالكرم والتسامح الدينى، مثلما عرف بنزعته (الصوفيه) مسلمين كانوا أم غير مسلمين، متدينيين أم علمانيين، والغلو والتطرف الدينى بين ابنائه نادر واستثناء ووافد ودخيل. والصوفى الحقيقى يرفض العنف وتأباه نفسه، ويرفض الجهاد الزائف وسفك الدماء مستهديا بقول الرسول الكريم :- (عدنا من الجهاد الأصغر للجهاد الأكبر). والجهاد الأكبر، يعنى مراقبة ألأنسان لنفسه ومحاسبتها والتغليظ عليها وعدم الأنشغال بالأخر أو الأهتمام بأموره الخاصه ونواقصه. (فالبيت له رب يحميه ، اما انا فلى أبلى). والصوفى الحقيقى يدرك جيدا بالا فاعل لكبير الأشياء ولصغيرها غير الله .. ولا شئ فى الوجود غيره. لذلك تجده دائما لينا سمحا هاشا باشا لطيفا رقيقا. والصوفى المؤيد للأنظمه المتطرفة عليه مراجعة موقفه، فثقافة التطرف وافده على السودان، وأدبيات الأسلام السياسى الذى تنتهجه الأنقاذ و(فقه الضرورة) لا علاقة له بالمنهج الصوفى من قريب أو بعيد. وشعب السودان لا يرفض ان يقوده (حاكم متدين)، لكنه بكامله ضد (الدوله الدينيه) التى لا يؤيدها غير منتفع متجذره فى دواخله نزعة اضطهاد الآخرين واستحقارهم وسلبهم حقوقهم الأجتماعيه والسياسيه وفرض وصايته عليهم وكأنهم قصر. والفرق كبير بين الحاكم المتدين .. وبين (الدوله الدينيه). ولذلك شعب السودان لا يرفض حاكما متدينا ايا كان دينه اذا كان التدين يعنى التحلى بمكارم الأخلاق والطهارة ونظافة اليد والحلم والكرم والعدل. أما الدوله الدينيه فلها ايدولوجيتها وفلسفتها. ومن أجل بقاء تلك الدوله وأستمراريتها يتخلى كثير من الحكام عن القيم والأخلاقيات ويبتعدون عن الدين، ولولا ذلك لما شهد السودان بيوت الأشباح سيئة السمعه فى اوج ايام الدوله الدينيه، ولولا ذلك لما شهد السودان كشوفات الصالح العام التى شردت الكثيرين وجوعت الكثيرين وأفسدت الكثيرين وكانت السبب فى خراب بيوت عديده. شعب السودان شعب عزيز صاحب نفس ابية لا يستحق القهر والأضطهاد والأذلال، ينأى بنفسه عن الصغائر ويتجنبها، وفى ذات الوقت شعب (راسه ناشفه) لا يقبل أن يجبر على ترك تلك الصغائر عن طريق العنف والقوة والجلد والتشهير. لم يدخل الأسلام فى السودان بالقوة كما حدث فى كثير من بقاع العالم حتى يفرض على الناس بالقوة، وانما دخله عن طريق المتصوفه وعن طريق الكلمه والنغمه وعن طريق اخلاقياتهم وآدابهم التى التقت مع اخلاق وقيم اهل السودان منذ قديم الزمان. الملك بعانخى .. الذى حكم السودان ومصر قبل الميلاد عرف بأنه ما كان يهين خصومه ولا يذلهم ولا يحتقرهم، اليست هذه اخلاق الصوفيه؟ شعب السودان يطمح فى نظام مدنى ديمقراطى لا يستغل فيه الدين لأغراض السياسه، وتحترم فيه الأديان جميعها لكنها لا تستخدم لتمرير القرارات الديكتاتوريه. شعب السودان يطمح فى نظام لا يشتري صوته مستغلا ظروفه المعيشيه الصعبه، بل نظام يقنعه بمبادئه وبقيمه ويحارب الفساد والمفسدين والطفيليين والأحتكاريين والأنتهازيين. وافضل وسيلة يحكم بها السودان الوطن (القاره) هو النظام الفدرالى الذى يتمسك اهله بالوحده مع التعدد، وتتشكل فيه حكومه مركزيه يقودها رئيس جمهوريه منتخب انتخابا حرا ديمقراطيا نزيها من اى جهة كانت، مع الأحتفاظ للجنوب بنائب أول للرئيس فى حالة عدم وصول رئيس جمهوريه من اقليمهم العزيز، وكذلك نائب للرئيس من دارفور. وان تؤسس عدد من الأقاليم يتفق على عددها اهل السودان جميعا وكل اقليم من حقه ان يؤسس عدد من الولايات، وأن يختار اهل الأقليم حكامهم وولاتهم من أهل الأقليم دون وصايه من المركز، وأن يختاروا التشريعات التى تناسب ثقافة أقليمهم، ومن لا تعجبه تلك التشريعات ان يتجه لأقليم آخر يناسبه. وان تكون العاصمه (قوميه) بحق ومفتوحه لجميع أهل السودان ، يحكمها قانون واحد ولا سياده فيها لدين على باقى الأديان أو ثقافة على باقى الثقافات. شعارها (الدين لله والوطن للجميع) وشعارها (لكم دينكم ولى دين). شعب السودان يطمح فى دستور يوحد ولا يفرق يتشدد مع الأقصائين ومع كل من يدعو للتمزق والتشرزم بترويجه لأفكار تحمل فى دواخلها التفرقة العنصريه أو التفرقة الدينيه. شعب السودان يطمح فى العدل والمساواة وأحترام حقوق الأنسان، فهل هذا كثير على شعب عملاق ؟؟ تاج السر حسين – منبر الوحده والسلام بالقاهره.