أذكر أن الرئيس الأسبق جعفر نميري كان قد أصدر قرارا بمنع الدعارة في السودان خاصة في أحياء معروفة في أم درمان مثل " حي الشهداء " والخرطوم " العمارات " وشخصيات قوادين يحظون بالشهرة مثل حامد العربي وإبراهيم روثمان ، ومدن سودانية أخرى . قرار جعفر نميري لم يكن وفق دراسة تراعي أوضاع بائعات الهوى مثل ما فعل الرئيس السابق لكوبا فيدل كاسترو ، لذا ظلت قضية بائعات الهوى و" اللواط " في السودان قائمة حتى اليوم ، بل أضيفت إليها قضايا أخرى في غاية الأهمية ، وأظن أن القضية تستحق الإهتمام ولا ينبغي أن تمنعنا السياسة عن التطرق لها وأن ندفن رؤوسنا في الرمال كما تفعل النعامة ،وعن قضايا إجتماعية كثيرة ، خاصة ونحن نعرف اليوم - على الأقل في أوروبا وأمريكا -أنه أصبح بالإمكان أن يتزوج رجل من رجل أو إمرأة من أخرى " ضحكت حتى وقعت من الكرسي عندما قال لي أحدهم أن التورة المهدية في السودان قامت بسبب زواج رجل من رجل ولا أدري صحة قوله " . في مصر وكثير من البلدان العربية والأجنبية تمارس الدعارة و" اللواط " على نطاق واسع ، والمشكلة أنها تجد تشجيعا من بعض ممن يمارسونها مع بائعات الهوى و" اللوطيين " وغالبا ما يكون في شكل سري . تختلف القوانين الخاصة بممارسة الدعارة بين دولة أوروبية وأخرى، ففي حين سنّت ألمانيا قوانين تنظم العمل في قطاع الجنس والبغاء وسمحت بفتح بيوت الدعارة، تجرم السويد العمل في هذا المجال في كندا التي جئتها مؤخرا أخذني صديق ذات يوم إلى نادي للتعري فشاهدت بأم عيني بيع الهوى بطريقة علنية ومقننة ، وتلك كانت المرة الأولى والأخيرة . في كندا التي جئتها مؤخرا أخذني صديق ذات يوم إلى نادي للتعري فشاهدت بأم عيني بيع الهوى بطريقة علنية ومقننة ، وتلك كانت المرة الأولى والأخيرة . ورغم القرار الصادر عن المحكمة الكندية العليا بالإجماع، والذي أبطل مجموعة من مواد القانون الجنائي الكندي التي تؤطر ممارسة مهنة الدعارة بما قد يغير من مهنة ممارسة الدعارة التي تعتبر مشروعة في البلاد والصحف الكندية مليئة بإعلانات بائعات الهوى وأرقام هواتفهن ، إلا أن القضية برمتها مأساوية، وقنبلة موقوتة لمئات آلاف النساء الضعيفات والشباب الذين يتم استغلالهم. وهذا ما يقوله صناع الأفلام الوثائقية مثل فيلم "خداع"، الذي افتتح الأسبوع الماضي في مدينة نيويورك، لقد قرأت الكثير مما يقوله الإخصائيون الإخصائيون ورجال الدين ورجال الشرطة وغيرهم ، واستمعت لآراء أصدقاء وقوادين وفتيات وفتيان في عالم مهنة الجنس. قرأت مقالة لجاين ويلس مساعدة المخرج لفيلم " خداع " الذي ركز على الولاياتالمتحدة خصوصاً، تقول فيه أن بيع الجنس تجاريا لجسم شخص ما لا يتيح له الحصول على فرصة أفضل في الحياة، ولا يقدم المساواة بين الجنسين. وفي غالبية الحالات، فإنه يعتبر شكلا من أشكال العبودية الحديثة. أما الأساطير التي يستخدمها دعاة الدعارة فهي تتكرر حول العالم. ورغم أن بيع الجنس يعتبر قانونيا في كندا، إلا أن القرار أنهى الحظر المفروض في بيوت الدعارة، والمرتبط بالعيش من خلال العمل في الدعارة، والتواصل علنا حول الدعارة. وبينما يحمي القانون الحقوق الدستورية لفئة معينة من العاملين في مهنة بيع الهوى، ولكنه يفعل ذلك على حساب مجموعة أخرى وهم الأشخاص الذين تضرروا من صناعة الجنس. وتستند الجهود الرامية إلى تقنين الدعارة على افتراض أن الدعارة تعتبر جريمة بلا ضحايا، وهو رأي يستخدم بشكل فعال من قبل اللوبي المؤيد لتشريعها. وهذا ببساطة ليس صحيحا، إذ بالنسبة إلى غالبية العاملين في تجارة الجنس، فإن صناعة الجنس هي سلسلة متصلة من الضرر الذي يتغذى على نقاط الضعف وينبذ الضحايا المتأذين. وفي الولاياتالمتحدة يقدر مكتب التحقيقات الاتحادي أن 85 في المائة من العاملين في تجارة الجنس يتعرضون للاحتيال والإكراه على الجنس. وليس هناك دليل قاطع على أن تشريع الدعارة ينهي استغلال العاملات في تجارة الجنس، وذلك وفقا لعدة أفراد في ااشرطة، إذ أن غالبية الفتيات يعانين من وجود القوادين في بيوت الدعارة القانونية في ولاية نيفادا الأمريكية. وقد يؤدي تشريع الدعارة إلى خفض مستوى العنف داخل جدران بيوت الدعارة، ولكن، لا يمكن السيطرة على العنف خارج هذه الجدران. أما الأسطورة التي يستخدمها أنصار التشريع في كثير من الأحيان، فتتمثل بالإستفادة من الرعاية الصحية، ولكن تبين الإحصاءات الأخيرة في ألمانيا، حيث الدعارة قانونية، أن أقل من عشر من واحد في المائة من العاملين في مجال الجنس يستخدمون نظام التأمين الصحي. وقد يؤدي تشريع الدعارة إلى خفض مستوى العنف داخل جدران بيوت الدعارة، ولكن، لا يمكن السيطرة على العنف خارج هذه الجدران. أما الأسطورة التي يستخدمها أنصار التشريع في كثير من الأحيان، فتتمثل بالإستفادة من الرعاية الصحية، ولكن تبين الإحصاءات الأخيرة في ألمانيا، حيث الدعارة قانونية، أن أقل من عشر من واحد في المائة من العاملين في مجال الجنس يستخدمون نظام التأمين الصحي. ويوجد هيمنة قوية لثقافة القوادة في صناعة الجنس، حيث يأخذ غالبيتهم مائة في المائة من من الأموال التي تجنيها العاملات في مجال الجنس. وبالنسبة إليهم، يوجد هناك حافز مالي قوي لمواصلة العمل كالمعتاد. فهل يغير التشريع من هذه الحقيقة أو يساعد بالقضاء على القوادين؟ وتواجه العاملات في مجال الجنس التجاري العنف، سواء في بيوت الدعارة أو في "المنزل" الدراسات، فإن العمل في البغاء هو أكثر عنفاً بنسبة 51 مرة من العمل في المهنة الثانية الأكثر عنفا للمرأة، أي في النوادي الليلية لتقديم المشروبات الكحولية. وقال العاملون بالدعارة انهم قد تعرضوا للضرب وحوادث الطعن والاغتصاب. أما ما هو أسوأ من الاعتداء الجسدي، فيتمثل بالصدمة، إذ بعد سنوات، يصاب الأشخاص باضطراب ما بعد الصدمة، وأمراض الحوض المزمنة، وتداعيات عمليات الإجهاض القسري، والاكتئاب، والإدمان على المخدرات، وتشويه الذات والخجل. نحن بحاجة إلى نهج شامل لمقاربة مهنة بيع الهوى التي تنحصر في الأخصائيين الاجتماعيين ورجال الدين ، والأشخاص المنفذين للقانون وأرباب العمل والسياسيين " لاحظوا معي مثلا ظاهرة إستشراء إغتصاب الأطفال أو النساء في السجون في السودان " . أما الخطوة الأولى، فتتمثل بالإقرار بالضرر الذي يحدث بشكل طبيعي في مهنة الدعارة، فيما تنطوي الخطوة الثانية على ضرورة إنشاء نظم الدعم لمساعدة ضحايا الصدمات للتغلب على صدماتهم، والتوقف عن صناعة ضحايا جدد في المستقبل من خلال مكافحة نقاط الضعف في شبابنا. وتعتبر الدعارة هي أسرع صناعة إجرامية نموا في العالم، ولكن تشريعها وتجريمها ليس هو الحل. ويتجاهل القرار الكندي أهم جزء من معضلة صناعة الجنس، أي الضحايا. ويجب ألا تسيطر حقوق نسبة صغيرة من العاملين في مجال الجنس طواعية على حياة وأجسام وأرواح الأشخاص الذين يجبرون على العمل في الدعارة، بمثابة عبودية للجنس وحده.