وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام السوداني والاستثمار في مقترح معهد السلام الأمريكي .. بقلم: التجاني الحاج عبدالرحمن
نشر في سودانيل يوم 09 - 02 - 2014


تحليل في خيارات المبادرة والمستقبل
[email protected]
8 فبراير 2014
قدم معهد السلام USIP التابع لوزارة الخارجية الأمركية إلى الحكومة السودانية والقوى المعارضة مقترح : "الطريق إلى الحوار الوطني في السودان والصادر بتارخ 13 أغسطس 2013 والذي حمل توقيع السيدين برينستون ل. ليمان، جون تيمن (المقترح نشر بموقع سودانايل نقلاً عن صحيفة حريات الإلكترونية). ولسنا هنا بصدد تتبع الدور الذي ظلت تتطلع به الخارجية الأمريكية ومعهد السلام في الشأن السوداني، فذلك أمر منوط بدراسات أوسع من هذا المقال. ومع ذلك، نجد أن إستعراض المقترح بغرض تحليل الخيارات المستقبلية التي حملتها ورقة السيدين ليمان وتيمن أمر ضروري، خاصة في مواجهة التطورات الأخيرة في السودان، والتي بدأت مع التغييرات التي طرأت على أركان النظام وخطاب الرئيس البشير وما أعقبهما من حراك سياسي أخذ شكل تحالفات جديدة قديمة بدأت تبرز على السطح. وبداية؛ هذا المقترح ليس بالأمر الجديد على الساحة السودانية كما يعتقد البعض!!، إذ أنه إستند بصورة تكاد أن تكون شبه كاملة على التحليل والتوصيات التي وردت في تقرير مركز الأزمات الدولية ICG ببروكسل والصادر في 29 نوفمبر 2012.
قبلاً يجدر الإعتراف بأن موجز مقترح ليمان/تيمن جاء متماسكاً ومباشراً وعميقاً في التحليل، النتائج والتوصيات، وهي نقطة محورية أعطت للورقة الإهتمام الذي لاقته من الوسط السياسي في السودان وخارجه، لكن وبالرغم من ذلك يمكننا القول أن كل ذلك تجاوزه الواقع السياسي الراهن في السودان بحيث وضع المقترح من الناحية الموضوعية في نقطة تقع خلف الواقع السياسي في السودان وتطوراته، ولهذه المقولة مظاهرها وسماتها التي سنتعرض لها بالتحليل بغرض الإثبات، وسنبدأ مشوارنا بقراءة ومقارنة نص المقترح مع الواقع السياسي حتى يمكننا أن نسند مقولتنا. تحدد المقترح في محاور يمكن تلخيصها في التالي:
1. محور الحوار الوطني والإصلاح: "يحتاج السودان بصورة ملحة للشروع في إجراء حوار وطني، وعملية إصلاح يديرها الشعب السوداني بنفسه ويدعمها المجتمع الدولي". (مقترح ليمان).
2. شمولية الحوار: " ينبغي أن تكون العملية واسعة لأقصى حد، وأن تشمل عناصر النظام الحالي، والإسلاميين، وجماعات المعارضة المسلحة وغير المسلحة".(نفسه).
3. أدوات التنفيذ والشركاء: " يلعب فريق التنفيذ رفيع المستوى التابع للاتحاد الإفريقي، دورًا مهما للغاية للترويج لهذه العملية وتوجيهها". (نفسه).
النقاط أو المحاور الثلاثة أعلاه؛ تتضمنت جوهر المقترح (=الحوار والإصلاح) + أداة شرطيته وإلزاميته (= ضرورة شمولية الحوار) + آليات التنفيذ (=فريق الإتحاد الإفريقي). هذه المحاور ومن حيث المعقولية السياسية تبدو إلى حد كبير متماسكة، ومع ذلك فالمقاربة مع الواقع السياسي المتحول قد تجعل من هذا المقترح في حوجة لإعادة التفكير فيه بصورة مغايرة وتطويره، بناءاً على التطورات الراهنة. لذلك سنركز تحليلنا على جوهر المقترح المتمثل في إمكانية الإصلاح وهل يمكن تحقيق شمول لكل المعنين بالأزمة السودانية.
إبتدر المقترح عملية التأسيس عبر مقدمته ذاكراً:
" بعد عامين من فقدان السودان لربع عدد سكانه ومساحته، يظل البلد في أزمة كبيرة. ولم يسفر انفصال جنوب السودان عام 2011 عن تسوية النزاعات طويلة الأمد في السودان. فمنذ ذلك الوقت، يواجه نظام الرئيس عمر البشير تمردًا مسلحا يتزايد قوة، وانقسامات داخلية، ومحاولات للانقلاب عليه من قِبَل عناصر من الجيش. ولقد حان الوقت لأن يشرع السودان في حوار داخلي حقيقي، وعملية إصلاحية تؤدي إلى حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، وديمقراطية وقادرة على السعي نحو عملية مصالحة مجدية بين السودانيين. ولكن يبقى البدء في هذه العملية صعبًا كما كان دائما. هناك توافق دولي متزايد على أن الجهود الفردية والمجزأة، المبذولة لتسوية النزاعات الداخلية بين الأطراف المختلفة في السودان – من الحرب الدائرة في دارفور، والتي نشبت منذ أكثر من عقد، إلى العنف المتجدد في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق – قد فشلت. وبدلا من ذلك، يتزايد الإدراك، على الأقل عند خصوم النظام وبعض الأطراف في المجتمع الدولي، بالحاجة إلى نهج أكثر شمولية للنزاعات الداخلية في السودان، للتعاطي مع أمهات قضايا الحوكمة، وإدارة التنوع والمصالحة. وبينما تُجرى مناقشات مستمرة وحادة في مختلف أروقة نظام البشير حول الحاجة إلى التغيير، لم تتوسع تلك المناقشات لتشمل أحزاب المعارضة أو الجماعات المسلحة التي تحارب النظام. وعلاوة على ذلك، لا يستسيغ الرئيس البشير ونظامه أية عملية قد تنتهي باختفائهم من المشهد، لا سيما بوجود اتهامات المحكمة الجنائية الدولية للبشير وبعض كبار مساعديه، الذين يواجهون محاكمات محتملة في لاهاي إذا غادروا مناصبهم. فاقتناع النظام بالمشاركة في حوارٍ هادف وعملية إصلاحية، بينما تجري معالجة هموم الحفاظ على النفس، يبقى معضلة محورية لم تتم تسويتها". (المقترح).
تؤسس هذه المقدمة إلى ضرورة "الحوار والمصالحة والإصلاح" من خلال البناء على حقيقة الصراع المتعدد الإتجاهات والمستويات في السودان، والذي يجب أن يفضي إلى "حكومة قومية شاملة". مع الوضع في الإعتبار أن الجهود التي تبذل في هذا الصدد يجب أن تُراعي "شمولية الأزمة السودانية التي أرهقتها الحلول المجزاء في الماضي". أقر هذا التحليل أن النظام يسعى للتغيير لكن معضلة "محكمة الجنايات الدولية ستظل في حوجة لتسوية".
إذن نحن هنا أمام ثلاثة اركان رئيسية للورقة في حوجة لتفكيك وإعادة نظر، وهي: "الحوار، المصالحة والإصلاح". المفردات الثلاثة وعند تحليلها في سياق المقترح، فإنها تحيلنا في جانبها العملي مباشرة إلى بنود المشاركة في السلطة، معالجة القضايا الإجتماعية (عبر المصالحة)، والإصلاح، والذي في الغالب المعني به الإصلاح الإقتصادي أو الهيكلي للدولة. قد لا نختلف مع السيدين ليمان وتيمن حول مبدأي الحوار والمصالحة بإعتبارهما من أدوات التغيير السياسي/الإجتماعي، لكننا نختلف معه أيُّما إختلاف حول "الإصلاح"، كمبدأ ووسيلة!!. ومن دون الخوض في تفسيرات نظرية، نجد أن الواقع السوداني في كل مستوياته (السياسية، الإجتماعية والإقتصادية) ومن الناحية العملية قد أصبح بعيداً إلى الوراء من حاجز الإصلاح، لا وبل أصبح في موقع لا ينفع معه غير الهدم والبدء من جديد، فالإصلاح يعني إعادة تأهيل وترميم ما أصابه التلف والمبني على قاعدة صلبة متواجدة أصلاً ومتفق عليها قبلياً. وبنظرة سريعة للمعطيات السياسية والإجتماعية والإقتصادية في السودان نجد أنه يصعب وصف الأحوال الراهنة بأنها قابلة للترميم. إن جرد حساب مبسط للواقع الذي يُراهن السيد ليمان والخارجية الأمريكية على أصلاحه يثبت أن ذلك أمراً غير ممكن. فعلى المستوى الإجتماعي أو العلاقات الإجتماعية فقد وصلت إلى الدرجة التي حملت جنوب السودان للرحيل، تفتت النسيج الإجتماعي في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بحيث أصبح من العسير إن لم يكن مستحيلاً أن يتم رتقه مجدداً بعد المجازر التي إرتكبها النظام ضد المواطنين في هذه المناطق، والذين أصبحوا الآن قاب قوسين أو أدني من اللحاق بجنوب السودان. على المستوى الإقتصادي أدت سياسات التمكين التي طبقها النظام وطوال الفترة الماضية إلى التدمير الكلي للبنية الإقتصادية المادية للدولة السودانية وعلاقاتها، والأسواء من ذلك أن المتحكمون الوحيدون في هذا الواقع المزري في هم أهل السلطة بجميع طوائفهم، مهما تفرقت بهم السبل. إذن نحن أمام دولة متشظية إجتماعياً، ومدمرة إقتصادياً لدرجة هي ما دون الإفلاس، ومتباعدة سياسياً على صعيد المواقف لحد إختيارات الإنفصال، والذين تسببوا في ذلك ممسكون بمفاتيح اللعبة كلها في أيديهم، إذاً؛ كيف يتم ترقيع وإصلاح واقع بهذه الحقائق المرة؟؟ إن أي مقترحات للحوار والمصالحة في هذا الصدد تقفز من فوق مبدأ إعادة هيكلة الدولة؛ وبمفهوم هدم الماضي وبناء مستقبل جديد، لن تنتج إستقرار لا في الحاضر ولا المستقبل، إذا نظرنا بأمانة شديدة للواقع الماثل أمامنا، بل ستعيد إنتاج الأزمة من جديد. والسودان اليوم كالمريض بسرطان في مراحله المتأخرة، لا يجدي معه العلاج الكيميائي أو المسكنات لأنها حتماً ستقتله في مرحلة ما، بل الأنجع هو الجراحة، نعم ستكون مؤلمة لكنها تفتح أبواب الأمل من جديد أمام الأجيال القادمة.
لقد كان بالإمكان عمل شيئاً ما في الماضي القريب، وربما كان يمكن أن يكون مقترح ليمان مجدياً لو أنه قُدم في الفترة التي سبقت إتفاقية السلام الشامل الموقع عليها في 2005، وتحديداً خلال بين 1997 و2005 إبان فترة التجمع الوطني الديمقراطي لأن درجة الإنهيار والتمزق لم تكن بهذه الدرجة من السوء. نقول ذلك لأن نفس مراكز صنع القرار كمركز الأزمات الدولية ICG ومعهد السلام الأمريكي، وبناءاً على المعطيات المتوافرة، كان بإمكانهم تقديم نفس المقترح في ذلك التوقيت!!، لكن الشاهد أن موقفهم حينذاك ولأسباب يصعب تفسيرها في سياق فلسفة المصالح الأمريكية الحيوية أو غيرها كان مغايراً إبان تلك الفترة، إذ إنبني تركيزهم حينها على أفضلية التوصل لإتفاق بين المؤتمر الوطني الحاكم (كممثل للشمال) والحركة الشعبية (كممثل للجنوب) بديلاً للحوار والمصالحة الشاملة كما هي مقدمة في تصور ليمان الحالي. وقد كان في تقدير تلك المراكز حينها، أن مسار الاتفاق بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والتي وردت في كثير من التقارير التي كتبها مركز الأزمات الدولية لهو المدخل السليم والمنطقي لتحقيق تسوية وإستقرار في السودان، سواء أن بقي كدولة موحدة أو دولتين، وقد إرتكز هذا الفهم وفي ذلك التوقيت، على نظرية "نظامين في دولة واحدة" Two systems in one country التي طُبقت في حالة الصين وهونج كونج. وقد صِيع هذا المقترح/النظرية للحالة السودانية بواسطة مثقفين أمريكيين وسودانيين ذوو صلة وثيقة بمعهد السلام الأمريكي في فبراير 2002.
عموماً؛ النتيجة الواقعية الماثلة أمامنا اليوم، هي أن تلك النظرية لم تنجح في تحقيق غاياتها كما تصورها كاتبوها لأسباب متشابكة، إذا إنشطر السودان إلى بلدين متناطحين فيما بينهما، ويعاني كل بلد من صراعاته الداخلية التي تخصه، ومازال السودان ماضياً في طريق المزيد من الإنشطارات، وهي أكثر وضوحاً في حالة السودان الشمالي، وقد لا يسلم منها السودان الجنوبي في المستقبل أيضاً. لقد كان من الأجدى في ذلك التوقيت أن يُقدم مقترح السيد ليمان الذي قُدم اليوم، وربما كان أكثر جدوى وقابلية للتحقق. فدعونا نتخيل، أو نحاول تصور النتائج المحتملة لهذه الفرضية (تخيل أن مقترح ليمان قد تم تقديمه قبل هذا التوقيت)، عندها سنجد أن تصور أو تحليل مركز الأزمات الدولية في الماضي، أو السيد ليمان في الحاضر ومعهم السودانيون اليوم، على الأقل لما كانوا في حوجة لإجراء مقايضة مهينة مع البشير أو غيره على السلطة، ولما كنا نحن السودانيين في حوجة لمواجهة أوضاع سياسية وإجتماعية وإقتصادية وصلت نقطة اللاعودة في طريق الإنهيار وعدم القدرة على الإصلاح. لقد وصل الواقع الإجتماعي والإقتصادي في السودان إلى نقطة تصعِّب كثيراً من مهام وواجبات أي تسوية سياسية قادمة، لأن القادمون الجدد إلى كراسي السلطة في الخرطوم، وهم المنوط بهم عملية الإصلاح هذه، سوف لن يجدوا سلطة ليمارسوها أو موارد ليقتسموها أو حتى علاقات إجتماعية ليبنوا عليها، إذ سيكون عليهم مواجهة إشكاليات وقضايا لا قبل لهم بها، ولا موارد. بجملة واحدة "لقد إتسع الفتق على الراتق". وقد صدق الزعيم الراحل د. جون قرنق عندما كتب في أخريات أيامه وهو يستن قلمه للتوقيع على إتفاقية السلام الشامل عندما وصف الحال بقوله: "إن الجبهة الإسلامية لا يمكن إصلاحها بل يجب إزالتها" The NIF cannot be reformed, it should be removed. ، وقرائن الأحوال تقول أن هذه المقولة مازالت ذات جدوى.
ومع ذلك؛ وإذا تمسكنا بأهداب الأمل والتفاؤل، هل يمكن أن تتكون حكومة قومية إنتقالية قادرة على النجاح في إدارة هذه الفترة الإنتقالية والخروج بالسودان من نفق أزماته كما توقعت بذلك ورقة مركز الأزمات الدولية في ختام تحليلها وتوصياتها؟ الإجاية من شقين؛ الأولى بنعم، والثانية بلا!! نعم لأنه ومن الناحية العملية بالإمكان تكوين حكومة قومية لفترة إنتقالية، وذلك لأسباب كثيرة أهمها:
أولاً: أن تاريخ عمليات التغيير (الإنتفاضات) في السودان غني بالتجارب في هذ الصدد، أي أن هنالك تراث مترسخ يمكن الرجوع إليه بصرف النظر عن إخفاقاته.
ثانياً: إن تركيبة النظام الحالية أو ما تبقى من حزبها الحاكم (المؤتمر الوطني) قد أصبحت زاهدة في ممارسة السلطة، لا تقرباً إلى الله زلفى، وإنما لأن أزمات البلاد قد إستفلحت لدرجة كبيرة، فلم تعد هناك أموال يقتسمونها بينهم بعد توقف تدفق البترول بإنفصال الجنوب وفقدان الأمل في عودته مجدداً بالحرب الأهلية التي إندلعت مؤخراً، مما يعني أن إدارة الدولة أصبحت عبئاً كارثياً عليهم أكثر من كونها إمتيازاً. بالإضافة إلى الضغوط الكبيرة التي يمارسها المجتمع الدولي عليه بأساليب عديدة لوقف الحرب.
أما أن تكون هذه الحكومة الإنتقالية ناجحة فهذا أمر فيه نظر (كما يقال)، وهذه قضية تناولناها بتفصيل في مقالات سابقة. ومع أن تقرير مركز الأزمات الدولية ISG المشار إليه، دعم وشجع في خاتمته التي خلص إليها: على أن الحكومة الإنتقالية والواردة بشكل مقتضب في مقترح ليمان تمثل المخرج للأزمة، غير أنه وفي ذات الوقت، أشار إلى الكثير من المحاذير أمام فرص نجاحها، وكأنما كان يخشى شيئاً مجهولاً، حيث يقول التقرير:
" ولإنهاء عقد من النزاع، وما يبلغ قدره المليار دولار من مساعدات إنسانية من المانحين، يتعين على السودان إصلاح نظام حكمه هذا ممكن فقط عن طريق إصلاح [مُتحكم] فيه وذلك أن أي إنقلاب أو حملة عسكرية للإطاحة بالنظام ستكون محفوفة بالمخاطر وتنذر بمزيد من العنف والتفكك. سيكون الإتيان بعملية إنتقالية [مُتحكم] فيها ممكناً حالياً فقط من خلال تبادل البشير ومخربي حزب المؤتمر الوطني المحتملين؛ ذلك أنهم إذا ما خلصوا إلى أن الوضع الراهن لهو تهديداً من الأزمات السابقة التي أفلحوا في تخطيها سابقاً بفضل سياسة "فرق تسد"، وتالياً يتطلب نهجاً أكثر جذرية، فأنهم يحتاجون لحوافز من المجتمع الدولي كيما يسيروا في هذا الإتجاه البناء الشروع في التفاوض وإبتدار خارطة طريق من أجل إصلاحات رئيسية في السودان، ولضمان إستمرارية هذه العملية بمجرد إنطلاقها، ينبغي ربط الحوافز بعناية بإستحقاقات متفق عليها وهكذا يمكن للسودان الإفلات من مصيدة النزاع المزمن والبؤس الإنساني". (تقرير مركز الأزمات الدولية، ISG، 29 نوفمبر 2012). [التشديد من عند الكاتب].
الخوف من المجهول الذي أشرنا إليه يبدو واضحاً من السياق والمفردات ولايحتاج منا لتفسير، وتعبر عنه بوضوح شديد كلمة [مُتحكم] بإعتبارها مفردة مفتاحية لكل المقترح، والتي تعكس قدراً لا يستهان به من الخوف وإنعدام الثقة، سواءاً في العملية برمتها أو من يقومون بها، وتحوي وبنفس القدر، درجة لا يمكن تجاهلها من الغموض، من حيث صعوبة تفسيرها في سياق المقترح. فما المعني ب (مُتحكم فيها)؟ ومن هم الذين سيتولون زمام التحكم هذا؟ عموماً هذه جزئية نتركها لحينها، ودعونا نمضي في مسار التحليل الرئيسي.
إن الحكومة الإنتقالية المرتقبة عوامل فشلها بادية للعيان وتتحدث عن نفسها أكثر من نجاحها، فبالإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً عن فرضية أن أي حكومة إنتقالية مقبلة ستجد نفسها تمسك بتلابيب كارثة مجسمة في السودان ممثلة في خريطة علاقات سياسية معقدة وشائكة، واقع وبنية إقتصادية ليست مزرية فحسب، وإنما محطمة بالكامل، وعلاقات/نسيج إجتماعي تمزق أيما تمزق، فمن أين لها أن تنجح؟؟. ضف إلى كل ذلك أن النظام أو الحزب الحاكم حتى وهو يهم بمغادرة سفينته المشرفة على الغرق، ما زال مصراً على ممارسة ألاعيبه والتعلق "بأحابيل" المؤامرات الخبيثة حتى يضمن لنفسه ولكادره إما مغادرة آمنة أو يُغرق الآخرين معه. ولا أظن أن المرء يحتاج لكثير عناء ليفهم أن مشهد خطاب الرئيس في سياقه العام (سواء في الترتيبات التي سبقتها أو التالية له) كلها براهين تثبت نظرية الخروج الآمن، والتي وفي تقديرنا أصابت مقترح السيد ليمان في الصميم في موضوعيته، ولست أعلم أن كان يدرك ذلك أم لا؟!!. فالواضح أن ليمان كان يقصد شيئاً، بينما البشير وصحبه كانوا يفعلون شيئاً آخر!!. ولكي نفهم ذلك يجب أن لا نستدعي هذه الجزئية من مقترح ليمان الأخير، بل من تفسيراتها الموازية في التحليل الذي أوردته ورقة مركز الأزمات الدولية ICG.
إن ما قصده كل من ليمان وتيمن كان شديد الوضوح، وهو ضرورة مشاركة الجميع، بينما ما فعله البشير هو أنه حصر هذه المشاركة في القوى ذات الخلفية الإسلامية العربية تحديداً (لمزيد من التفصيل: راجع مقال سابق للكاتب بعنوان: قراءة في خطاب البشير). إذ أن كل الذين حضروا خطابه والذي كان بمثابة التدشين لهذه المرحلة هم من الحركة الإسلامية بكل أجنحتها، زائداً حزبي الأمة والإتحادي الديمقراطي، بينما غابت أو غُيبت عنها القوى العلمانية أو قوى اليسار ومنظمات المجتمع المدني. ما نريد قوله؛ أن ليمان ومن معه أرادوا مشاركة الجميع (حكومة، جبهة ثورية، أحزاب، منظمات مجتمع مدني)، بينما البشير قبل المقترح وذهب وفصَّله على مقاس جماعته فقط!!. أي أن ليمان أعطاها للبشير "جلابية" تسع الجميع، فأخذها الأخير وضيقها حتى صارت "عراقي" على مقاس أهل الإسلام السياسي وحلفاؤوهم. إذن المطلوب إثباته "لماذا فعل البشير ذلك"؟؟، أو فلنقل لماذا فعل ما تبقى من المؤتمر الوطني ذلك؟؟ واضح أن الأسباب لا تخفى على كل ذو بصيرة، والتي من أهمها أن البشير وعلى المدى القصير يحاول أن يحقق ضمانات مضاعفة على خروجه الآمن من السلطة، زيادة على الضمانات التي أخذها من الوعود الدولية والتي قد تكون عرضة للكثير من المراجعات، أو غير مأمونة العواقب بالمرة. وبالتالي مضى في إتجاه الأتيان بمن سيضيفون على هذه الضمانات الكثير من الموثوقية لخروجه، بحكم المصالح التاريخية التي تربطهم. وليس بالمستغرب الوصول لإستنتاج أن الأصلح لهذه المهمة هم حزبي الأمة والإتحادي الديمقراطي وطوائف الحركة الإسلامية. على المدى الإستراتيجي الطويل، يريد البشير يرد الجميل للتيارات الإسلاموعروبية بأن يمكّنهم من السلطة خلال فترة الإنتقال، حتى يكون في حوزتهم مصباح علاء الدين السحري للفوز في الإنتخابات التي تلي هذه الفترة. ولن يستعجب أو يتفاجأ المرء كثيراً إذا أصر السيد الصادق المهدي في أي مفاوضات على فترة إنتقالية قصيرة لا تتجاوز العام أو العامين!!!.
هذه العملية فسَّرها تقرير مجموعة الأزمات بكثير من التفصيل والواقعية إذ يقول التقرير:
" يشكل الرئيس البشير عائقاً رئيسياً أمام حل الأزمة، وبالتأكيد ليس العائق الوحيد لأنه لا يستطيع التنحي أو التنازل عن سلطاته بأكثر مما ينبغي خشية جزئية أن ينتهي إلى لاهاي (..) لذا ينبغي أن تكون الإستراتيجية هي تشجيعه على الرحيل بسلام، وكيما تجد هذه الإستراتيجية حظاً في النجاح يتعين على البشير أن يخلص إلى أن التهديدات التي يواجهها وحزبه تتطلب نوعاً مختلفاً من الحل، لأنها حقاً أكثر جسامة من تلك التي أفلحوا في التغلب عليها سابقاً، وهذا أمر يمكن أن يفعله البشير (..) ونظرا لموقعه المركزي في هذا المأزق ينبغي أن تعرض على الرئيس حوافز كيما يحقق هذه المعاهدة، بما فيها تقاعد مأمون في البلاد أو اللجوء إلى دولة صديقة في مقابل تكوين حكومة إنتقالية شاملة (لا يهمن عليها حزب المؤتمر الوطني ولكن تشمله)، وإذا تسير البلاد على طريق إنتقالية مستدامة ينبغي للبشير التقاعد نهائياً سواء في السودان أو اللجوء إلى بلد ثالث حينها فقط قد يطلب مجلس الأمن الدولي من المحكمة الجنائية تأجيل التحقيق أو الإتهام بقضيته طبقاً للمادة 16 من نظام روما" (التقرير).
إذاً لقد باتت الرواية الآن واضحة المعالم والمتمثلة في موقف المجتمع الدولي، والذي إنتقد تصوره السابق في حل الأزمة السودانية، منتقلاً إلى تصور جديد مبني على شمولية الأزمة وضرورة شمولية الحل بدلاً من الموقف السابق والذي نتج عنه إنقسام السودان، وما صحب ذلك من ترتيبات تجري الآن على قدم وساق. في مقابل موقف النظام والذي لا تهمه التسوية إلا بالقدر الذي تحقق له خروج آمن و"غز" عوده في المرحلة الإنتقالية لمزيد من الضمانات. وبالتالي من الواضح أن هذين موقفين غير متسقين على صعيد الأهداف النهائية المراد تحقيقها من عملية الحوار والمصالحة والإصلاح. فقد نال النظام حصة أكثر مما ينبغي له أن ينال، إذ ضمن سلامة أركانه من الملاحقة على جرائمهم، لا وبل إن الأدهي والأمر حصل على تذكرة جلوسه في الفترة الإنتقالية، مما يتيح له التلاعب والمفاوضة في الأهداف المفترض إنجازها خلال فترة الإنتقال، والتي لخصها تقرير مركز الأزمات في قيام مؤتمر دستوري للنظر في: (1) هوية السودان (الإعتراف بأن السودان بلد متنوع) (2) طبيعة الدستور إسلامي في مقابل علماني أو قائم على المواطنة، (3) الفدرالية والترتيبات الضرورية لتقاسم السلطة (4) تقاسم الثروات والتنمية المتوازنة (5) العدالة الإنتقالية والحقيقة والمصالحة. (راجع التقرير).
لذلك نحن الآن في مواجهة الأوضاع التالية:
1. مجمتع دولي حزم أمره على معالجة أزمة السودان من خلال تسوية سماها "الطريق إلى الحوار الوطني في السودان". وصفها بأنها مُتحكم فيها، إشترط فيها الشمول في الحل والمشاركة.
2. نظام إستثمر في هذه المبادرة (في الحاضر والمستقبل) من خلال حصوله على ضمان خروج آمن له والهروب من كارثة الوطن المنهار على رأسه، ومشاركته في حكومة المستقبل. ذلك بأن عمل وعلى أرض الواقع على لملمة أطرافه بطريقة ذكية فأخرج سياسيه وأبقى على عسكرييه في السلطة لمواجهة محاكمات إن حدثت شبيهة بتلك التي جرت عقب سقوط النميري 1986 لكل من عمر محمد الطيب والفاتح عروة. وبدأ في تكوين شبكة تحالفاته التي سيشارك بها في الفترة الإنتقالية والنظام الديمقراطي الذي سيلي هذه الفترة. وبالتالي فإنه بذلك سيكون قد خرج من الفترة الماضية بكل تاريخها الأسود كيوم ولدته أمه.
3. قوى تغيير متباعدة الصفوف ولم تفطن لما يجري على الساحة بعد، بل مازالت تراهن على "قوى إجماع وطني" هي عملياً غير موجودة، أو بالأصح ذهب جزء كبير منها سراً أو علانية للركوب في قارب الحكومة الذي تم صنعه عقب خطاب البشير مباشرة.
4. قوى شبابية مقصية من هذه التطورات، وهي نفسها غير متماسكة وغير قادرة على جدولة مصالحها المشتركة.
5. قوى مجتمع مدني تسيطر عليها وتديرها إما أحزاب سياسية بعينها أو رموز تحوم الكثير من الأقاويل حول شفافيتها.
لذلك، فخلاصة القول في هذا الموضوع هي التالي: أن التسوية قادمة لا محالة، والواقع يقول أن قوى الإسلام السياسي متماسكة بينما قوى التغيير مفككة. وهذا نتيجته المنطقية هو أن يكون لقوى الإسلام السياسي التأثير الأقوي في صياغة المرحلة الإنتقالية والبت في القضايا التي من المفترض حسمها والمشار إليها عاليه. وهذا حتماً لن ينتج عنه إستقرار. إن التوصيات التي نرى أنها ضرورية لمعالجة هذه المعضلة هي:
1. ضرورة أن تسعى قوى التغيير في داخل السودان (القوى العلمانية زائداً تيارات الشباب) لتوحيد صفوفها، وفي ذات الوقت أن ترى المبادرة والداعمين لها أهمية ذلك من الناحية الإستراتيجية والتي ستحقق أهداف السلام والحل الشامل للأزمة السودانية. أن تنسق هذه القوى جهودها السياسية مع الجبهة الثورية حتى يكون بمقدروها أن تشارك بفعالية خلال فترة الإنتقال وتعزيز قدراتها لمواجهة متطلبات الفترة الديمقراطية.
2. أن تستثمر قوى التغيير في قضية (شمولية المشاركة في حل قضايا السودان) والواردة في مقترح ليمان لضمان إسهامها بأي صورة من الصور أي مفاوضات قادمة ذلك حتى تترك الملعب أمام قوى الإسلام السياسي وحدهم.
نختتم مقالتنا هذه بمقولة وردت في نفس تقرير مركز الأزمات منسوبة ياسر سعيد عرمان : ".. بالنظر إلى تجربة الإنتفاضات الشعبية والنضالات المسلحة السابقة، لن يتحقق التغيير الجوهري في السودان إلا عندما يتم إصلاح الخرطوم، فسياسات الخرطوم هي التي أقصت وهمشت أغلب الشعب السوداني، والخرطوم هي التي شنت حرباً على جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان ودارفور، ولا يمكن تحقيق حل دائم مالم يتغيير المركز.. وكيما تتم معالجة التنوع التاريخي والمعاصر يحتاج السودان إلى إدارة إجتماعية وسياسية وإقتصادية وثقافية جديدة بمنية على المواطنة والديمقرراطية ولاهدالة الإجتماعية وفصل الدين عن الدولة". (ياسر سعيد عرمان الأمين العام للحركة الشعبية _ شمال وأمين الشئون الخارجية للجبهة الثورية السودانية "مسألة الشمال وطريق المستقبل من أجل التغيير"، مركز كارتر لسياسة حقوق الإنسان، هارفرد كنيدي 20 __ 21 أبريل 2012).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.