بسم الله الرحمن الرحيم انتفض الشعب السوداني بكل مكوناته ضد نظام مايو الشمولي وانتصر في السادس من ابريل 1985 كما فعل من قبل في الحادي والعشرين من اكتوبر 1964 وانتصر في الثلاثين من اكتوبر 1964، واستطاع الشعب بارادته وتصميمه اقتلاع الانظمه الشموليه العسكريه المستبده. ولكن تلك الثورات لم تكمل مشوارها في تجذير وتأسيس النهج الديمقراطي السليم ولم تقض علي اثار الانظمة الشموليه او تقتلع الفكر الشمولي الاقصائي في الكيانات السياسيه، فتغير المظهر دون الجوهر واختفي اللباس العسكري لتحل محله الجلابيه المدنيه دون تبديل او تطوير في الاداء. لقد جثم نظام الانقاذ ما يقرب من ربع قرن من الزمان علي صدر الوطن وقسمه ومزق وحدته وقضي علي النسيج الاجتماعي والبنيان الاخلاقي واثار حروباً في كل اقليم وطفق قتلاً وتقتيلاً في حرب ضروس ضد شعبه ونهب المال وافسد الذمم واشاع الفوضي والفساد واصبح المواطن لاجئاً في وطنه غريباً طريداً مشرداً في كل بقاع الدنيا يُعاني شظف العيش وانعدام الأمن والأمان، فكممت الافواه وصُودرت وحُظرت وسائل التعبير الحر، وتجاوز النظام قوانينه التي اصدرها، فقتل المواطنين في الشوارع والجامعات دون محاسبه او تحقيق، وكثر المرتزقه والمنافقون، واصبح السودان الكبير العريض تابعاً ذليلاً لاخرين متسولاً في كل الموائد، وقيادته مطارده دولياً ملفوظة محجوبة في اللقاءات تتوجس الترحال وتحسب كل صيحة هي العدو. لقد ثار شعبنا في اكتوبر 1964 لاسباب دون ذلك واطاح بحكم عبود العسكري وثار في ابريل 1985 ضد النظام المايوي العسكري دون ان يصل حالنا الي ما ال اليه الان. فثارت شعوب من حولنا علي انظمة للحكم لم تبلغ ما بلغناه من سوء وانحطاط. ان شعبنا ليس اقل شجاعة من الاخرين، وشبابنا ليس اقل قدرة او شجاعة او وطنية من ابائهم الذين ثاروا في اكتوبر 1964 وفي ابريل 1985. ولكنا ندرك ان ثمة اسباباً ادت الي تقاعس واتكال اهمها ان الصفوف لم تكن متمايزه في الماضي، فلم يكن الساسه في عداء مع الشارع بل كانوا جزءاً منه وان لم يكونوا مبتدرين او مبادرين. وكانت الجماهير تجد غطاءً وتاييداً منهم حتي وان كان لفظياً. اما الان فقد تمايزت الصفوف واصبحت الكثير من قياداتنا تنحاز لاهوائها ومصالحها واعلنت عجزها عن الالتحام بالجماهير وتباري بعضهم في ارضاء السلطان، ولم يكن اولئك متخاذلين فحسب بل كانوا في بعض الاحيان مخذلين فنشأت فجوة بينهم وقواعدهم الحره المناضله التي كانت ولا زالت وستظل جزءاً اصيلاً من الثورة السودانيه. ولقد كانت تلك القواعد في انتظار قياداتها علها تثوب الي رشدها. ولكن الان حصحص الحق فتمايزت الصفوف بين النظام والمهرولين اليه من جهه وبين الشعب السوداني الذي يريد اسقاط النظام وعدم التحاور معه من جهه اخري، لان التحاور معه يجعله جزءاً من الحل بينما هو المشكله، ويعني انه باق في السلطه مع اخرين وهو ممسك بمفاصلها وانه تبعاً لذلك محصن من الحساب والعقاب عن كل جرائمه السياسيه والاقتصاديه والوطنيه والاخلاقيه وانه سيستمر في منازله الاخرين وقادر علي هزيمتهم بالمال والسلاح والوجود والخبرة والفساد. يا جماهير شعبنا ان الجبهه الوطنيه العريضه تسعي لقيام نظام ديمقراطي رشيد يقوم علي انقاض الانقاذ وتدعو الي دولة مدنيه ديمقراطيه تعدديه فيدراليه تقوم فيها كل الحقوق والواجبات علي اساس المواطنه وحدها دون اعتبار للعرق او الدين او الثقافه او الجنس وتُحرم وتُجرم استغلال الدين او العرق في السياسه، كما تقدم الجبهه الوطنيه العريضه رؤي مفصله عن اعاده هيكله الدوله بالتوزيع العادل والمتساوي للسلطه بين الاقاليم وتوزيع الثروة عدلاً وفق برنامج الجبهه المطروح والمتداول. وتسعي الي محاسبه ومحاكمه الفساد السياسي والاقتصادي والاعلامي وفق مشروع قانون قامت باعداده وطرحته للحوار. وتسعي الي اعاده بناء الاحزاب السياسيه لتكون مؤسسات ديمقراطيه لا توارث فيها يتم تداول القياده فيها لدورتين لا تتجاوز الدوره اربع سنوات. وتسعي الي بناء قضاء مهني مستقل وقوات نظاميه مهنيه جامعه ممثله للامه. كما تسعي لرفع الغبن والظلم الذي حاق بكل فرد او كيان او اقليم. وكل هذا لا يتحقق الا بازالة هذا النظام. لقد ان لشبابنا وشعبنا ان يتوحد علي أساس اسقاط النظام وعدم التحاور معه واقامة البديل الذي يقوم ويُؤسس علي انقاض النظام واعوانه ومن شاركه او يشاركه أو يهرول اليه. ولتكن ذكري ابريل انطلاقه جاده لانجاز هذه المهمه الوطنيه التاريخيه، فما عاد شعبنا يتحمل مزيداً من الصبر ولا يقبل مزيداً من الاذي. علي محمود حسنين رئيس الجبهه الوطنيه العريضه 6 ابريل 2014