سارعت كلٌّ من وزارة العدل وجهاز الأمن والمخابرات الوطنيّ إلى إنفاذ توجيهات الأخ الرئيس عمر البشير، التي أصدرها أمام الملتقى التّشاوري مع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية، حكومةً ومعارضةً، والذي عُقد حول مائدةٍ مستديرةٍ يوم الأحد الماضي، وذلك من خلال إعلانهما عن الوفاء بموجهات قرارات الأخ الرئيس عمر البشير، المتعلقة بتهيئة المناخ الملائم للحوار الوطني، بتوسيع مواعين الحريات، بدءاً بالسماح لكلِّ الأحزاب والقوى السياسية، بممارسة أوجه نشاطها السياسي داخل دُورها وخارجها، دون تقييدٍ أو تعطيلٍ، مع إتاحة حرية التعبير والصحافة للجميع، لتكون ممارسةً سياسيةً فاعلةً، تمهد السبيل إلى حوارٍ وطنيٍّ حقيقيٍّ، ذي فعالية ونتائج مُرجاة. وتأتي هذه الموجهات في إطارِ شعارٍ أطلقه الأخ الرئيس عمر البشير من أجلِ تفعيل دعوته في الوثبة الكبرى يوم الاثنين 27 يناير 2014 إلى الأحزاب والقوى السياسية كافة، للمشاركةِ في الحوار الوطني، وأردفها بالجلسة الطارئة لمجلس الوزراء يوم الأحد 23 مارس 2014، والتي أسميها بالوثبة التنفيذية، ثم كانت الوثبة الأخيرة، وهي أقرب إلى فقه المعتزلة في ما يُعرف ب"المنزلة بين المنزلتين"، فهي للمقاربة وليس للمقارنة، يمكن أن أُطلق عليها ب"الوثبة بين الوثبتين"، بُغيةَ مُخرجات ومآلات تُعالج الوضع السياسي الرّاهن المأزوم، وكان الشّعار الرئاسي لهذه الوثبة، يدعو إلى "تعالوا نبني على النجاحات". وفي رأيي الخاص، أن التوفيق حالف كلاً من وزارة العدل وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، بمسارعتهما إلى إنفاذ توجيهات الأخ الرئيس عمر البشير، المتعلقة بالحريات وإطلاق سراح الموقوفين لأسباب سياسية، تنتفي عنهم تُهم الحق العام والخاص. وجميلٌ أن يُعلن جهاز الأمن والمخابرات الوطني في تصريحات صحافية أول من أمس (الثلاثاء)، عن إطلاق سراح كل الموقوفين بطرفه، الذين لم تثبت في حقهم تهمٌ جنائية ترتبط بالحق العام أو الخاص، إنفاذاً عاجلاً لتوجيهات الرئيس عمر البشير. وأحسبُ أيضاً أنّ تأكيد الأخ مدير إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات الوطني لوكالة السودان للأنباء (سونا)، من أن الموقوفين السياسيين قد أُخلي سبيلُهم، وتم إطلاق سراحهم، تأكيداً لمسارعتهم إلى الإنفاذ الفوري للتوجيهات الرئاسية، تهيئةً للمناخ المنشود للحوار الوطني. ولم يكتفِ مدير إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات الوطني بهذه البُشريات، بل زاد عليها، مؤكداً أنّ الجهاز اتّخذ التدابير كافة لإنفاذ موجهات الأخ الرئيس البشير، تعزيزاً وتهيئةً لمناخٍ ملائمٍ لتفعيل الحوارِ الوطنيّ، بتوفير قدرٍ معلومٍ من الحريات لإذكاء مداولاته، في غير وجلٍ أو رهبةٍ من غياهب التّحذيرات والخطوط الحمراء المُفتعلة، لتحقيق توافقٍ وطنيٍّ حول الأجندات الوطنية، ومن ثمَّ إحداث إجماعٍ وطنيٍّ لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أجواءٍ من الحرية والشُّورى والدّيمقراطية، من أجل مصلحة البلاد والعباد. وأكبرُ الظنِّ عندي، أنّ الجهاز أُضطر اضطراراً إلى نفي ما نُشر من أخبار حول مصادرته لعدد صحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني أول من أمس (الثلاثاء)؛ لأنه لم يكن يهتم بنفي مثل هذه الإدعاءات التي تتطاير بها الأسافير في سابق الأزمان والأوان، ولكنه هذه المرة، لجأ إلى النفي الصريح، خشية أن يكون مثل هذا الإدعاء المُختلق، سبباً في التشكيك حول مدى جديته في إنفاذ توجيهات الأخ الرئيس البشير، لا سيما وأن البعض أبدى تخوفه، وأظهر هواجسه، من أن العقلية الأمنية ستغلب العقلية السياسية، مما دفعه إلى استغراب ذلكم الإدعاء المختلق في ثنايا تلكم المعلومة العارية من الصّحة، لأنّ مثل هذه الأخبار غير الدّقيقة، إن لم يتصدى لها، تفضي إلى التشكيك في صدقية الرئيس قبل مصداقية الجهاز. أخلصُ إلى أنّ الوسائط الصّحافية والإعلامية، عليها واجبٌ وطنيٌّ، والتزام مهني، في التبشير بالبُشريات المأمولة من الحوار الوطني في معالجة الوضع السّياسي الراهن المأزوم، وذلك من خلال دعم وتهيئة مناخٍ ملائمٍ، فيه قدرٌ كبيرٌ من الحريات، في سبيل إنجاح الحوار الوطني، وصولاً إلى غاياته ومُبتغاه. ولا يتأتَّى ذلك إلا بتقديم المعلومات الصحيحة، في إطارٍ من المهنية الراقية، والمصداقية العالية، لخلق رأيٍّ عامٍ مؤيدٍ ومساندٍ للحوار الوطنيّ، ومن ثم مُبشرٍ بمخرجاته ومآلاته نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل، الذي بات مطلباً يصبو إليه جميع السودانيين زُمراً وفُرادى، لتحقيق السلام الدائم، وإرساء الاستقرار المستدام، واستنهاض الهمم لتنمية ونهضة السودان وازدهاره. ولنستذكر في هذا الصّدد، قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". وقول الشّاعر العربي زهير بن أبي سُلمى: فَلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُمْ لِيَخْفَى وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ لِيَوْمِ الحِسَابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ ////////