أكملت ولاية كسلا، ولبست حاضرتُها حُلةً زاهيةً، وزخارف بهية، وهي تستقبل فعاليات احتفالات يوم الشّهيد الثاني والعشرين، تذكراً واعتباراً، في حضرة الأخ الرئيس عمر البشير يوم غدٍ (الأربعاء). وحرصت ولاية كسلا وواليها الأخ الصديق محمد يوسف آدم، على ألا تقتصر هذه الاحتفالات على مهرجان يمضي الناسُ بعد خواتيم فعالياته إلى حال سبيلهم، ولكن أرادت هذه الولاية الفتية، أن يكون للتذكر أبعاداً جديدةً، وللاعتبار إضافةً عميقةً، وذلك من خلال تشريف الأخ الرئيس عمر البشير لافتتاح مشروعات تمكث بين أسر الشُّهداء، كما يمكثُ العمل النافع بين الناس. وأحسبُ أن من أهمّ هذه المشروعات المتوقع افتتاحها غداً (الأربعاء)، تمليك أسر الشّهداء وحدات سكنية ووسائل إنتاج، فضلاً على مشروعات التمويل الأصغر عبر مختلف البنوك لأسر الشهداء، ورعاية أبنائهم وبناتهم في مجالات التّعليم بتوفير الزّي المدرسي، والصحة بتوفير المستشفيات والمراكز الصحية، علاوةً إلى العمل على تطوير الخدمات الصحية والطبية، وتوفيرها في الأطراف والقُرى والنُّجوع، إلى جانب مشروعات التدريب النسوي لإدارة مشروعات زيادة الدّخل والأسر المنتجة، والتّركيز على برامج التّدريب المهني لشباب أُسر الشهداء. وقد أوضح الأخ محمد أحمد ماجد، مدير عام منظمة الشهيد في تصريحات صحافية، أنّه سيتم تدشين مشروعات ضخمة خلال فعاليات احتفالات كسلا بعُرس الشّهيد، حيثُ تصل الكلفة المالية لهذه المشروعات 11 مليون جنيه، أيّ 11 مليار جنيه ب(القديم)، مشيراً إلى أنّ هنالك 20 ألف مشروع لصالح أُسر الشهداء في جميع أنحاء ولايات السودان، بحيثُ يتم تنفيذها بنسة 100%، منها إقامة 800 منزلٍ في ولايات البحر الأحمر، وسنار وجنوب دارفور، التي ستشهد احتفالات اليوم القومي للشّهيد في نوفمبر المقبل. وأكّد لي الأخ الصّديق عبد الله دِرف، وزير الصحة في ولاية كسلا، ورئيس اللجنة الإعلامية لاحتفالات عُرس الشّهيد بكسلا، عندما زارني في مكتبي صباح أمس (الاثنين)، أنّ هنالك العديد من المشروعات التي سيتم افتتاحها غداً (الأربعاء)، التي تم تشييدها برعاية من الأخ محمد يوسف آدم، والي ولاية كسلا وحكومة الولاية، ومنظمة الشهيد لصالح أسر الشهداء، وتشمل العديد من المنازل التي شُيدت بالمواد الثابتة، بالإضافة إلى المشروعات التنموية لأبناء وبنات الشّهداء، مؤكداً أن الأخ الرئيس سيُخاطب الأمة السودانية، عبر جماهير ولاية كسلا، في لقاءٍ جماهيريّ، هو الأول منذ الخطاب الرئاسي (الوثبة) يوم الاثنين 27 يناير 2014، والذي وجّه في ثناياه دعوةً صريحةً لكافة الأحزاب والقوى السياسية، حكومةً ومعارضةً، إلى الحوار الوطني. أحسبُ أنّه من الضّروري أنّ نبسط القولَ عن منظمةِ الشهيد التي تأسست في مطلع التّسعينات من القرن الماضي، وهي هيئةٌ شعبيةٌ طوعيةٌ ذات شخصية اعتبارية، مقرها الرئيسي في ولاية الخرطوم، ولكنّها أنشأت فروعاً في الولايات المختلفة. ومن أهداف هذه المنظمة الإسهام الفاعل في أداء الواجب المفروض على الموطنين كافة، تجاه المجاهدين الذين يبذلون أنفسهم في سبيل الوطن والدين، وفاءً وتقديراً لعطائهم الثر، وجهادهم العظيم، وذلك من خلال تبني أُسر هؤلاء الشهداء، ورعايتهم وإعانتهم على الاستقرار، وضمان الحياة الكريمة لهم عبر الدعم المالي نقداً وعيناً، والمساعدة في تنفيذ المشروعات الإنتاجية والإسكانية، والإشراف الصّحي والاجتماعي والتّعليمي. أخلصُ إلى أنّ ولاية كسلا حُظيت باستضافة عُرس الشّهيد مرتين، لذلك تحرصُ جنة الإشراق، أيّما حرص على أن يخرج هذا اليوم في ثوبٍ قشيبٍ، وينزل برداً وسلاماً على أُسر الشّهداء، من خلال التأكيد على القيم الدّينية والإنسانية في الوفاء لهؤلاء الشّهداء الأبرار، عبر رعاية بنيهم والعناية بأسرهم، مع العلم أنّهم موعودون من قبل الله تعالى بأن يؤتهم أجراً عظيماً، تصديقاً لقول الله تعالى: "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ". وينبغي أن لا ننسى أو نتناسى عظمة الغزو والجهاد في سبيل الله، إذ كان من أماني رسولنا صلى الله عليه وسلم، تأكيداً لقوله عليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات، في ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي، قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ". وأسر الشهداء في هذا اليوم الذي يُحتفى فيه بالشّهيد لا ينبغي أن يجزعوا عند تذكر شهدائهم، بل عليهم الصّبر والاصطبار، وتذكر وعد الله لشهدائهم بالأجر العظيم، وعليهم – أيضاً- أن يُرددوا قول الشاعر عمر بن خليفة النامي: أماه لا تجزعي فالحافظ الله إنا سلكنا طريقاً قد خبرناه في موكب من دعاة الحق نتبعهم على طريق الهدى إنا وجدناه على حفا فيه يا أماه مرقدنا ومن جماجمنا ترسو زواياه ومن دماء الشهيد الحر يسفحها على ضفا فيه نسقي ما غرسناه وفي رأيي الخاص، أنّ يوم الشهيد هو من الأيام الخالدات لكثيرٍ من أسر الشُّهداء، فلذلك يمثل لهم هذا الاحتفال بُعداً جديداً، على الرُّغم مما فيه من ألم التذكر، وعذابات الاصطبار، إلا أنّهم مبشرون بيقين مصير شهدائهم. ولنستذكر في هذا الخصوص، قول الله تعالى: " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ". وقول الصّحابي الجليل، أبي محمد عبد الله بن رواحة بن ثعلب الأنصاري الخزرجي: أَقسَمتُ يا نَفسُ لَتَنزِلِنَّه طائِعَةً أَو لا لَتُكرَهِنَّه إِن أَجلَبَ الناسُ وَشَدّوا الرَنَّة ما لي أَراكِ تَكرَهينَ الجَنَّة