[email protected] كانت شركة باتا – وهي لغير الحاضرين أيام مجدها،شركة وطنية متخصصة في صناعة الأحذية ذات البساطة والجودة والمتانة – تتميز بتحديد أسعارها بصورة تخاطب الوجدان قبل الجيب. فمثلاً تحدد سعر الحذاء بتسعة وتسعين قرشا بدلاً من واحد جنيه لكي يكون لهذا القرش الناقص سحره في جذب المشتري. لكن على أيامنا هذه صار التسعير لكثير من السلع عشوائياًوضارباً في سقف التسابق للغنى، بل انه يعتمد على ذاكرة البائع الذي مهما أوتي من صفاء ذهني لا يمكن أن يكون ملماً بأسعار جميع السلع المعروضة بالدقة المفترضة. لذلك كثيراً ما ينطق بسعر أعلى تفادياً للخسارة أو تعمداً للكسب السريع. وفي كثير من الحالات يتم جبر الكسور لصالح البائع فتجد ذات السلعة الاستهلاكية تزيد بضعة جنيهات في مكان مامقارنة بآخر يجاوره خاصة تلك الأماكن التي لا تحرص على وضع ملصقات توضيحية للأسعار رغم أن عدم كتابة الأسعار يعتبر مخالفة صريحة. ومع ذلك ربما يكون الخطأ في التسعير المعتمد على الذاكرة وارداًومقدوراً على إصلاحه، غير ان تسعيراً يتم إدخاله في أجهزة الحاسوب ويكون بفارق كبير، لا يمكن قبوله. قبل أيام تسوقت من متجر شهير من تلك التي يحلو لأصحابها تسميتها بأسماء وافدة أو بلغة الفرنجة مثل(سوبر ماركت كذا)،وهو حقيقة لا يبخل على المشتري إذا طلبتزويده بفاتورة تفصيلية تطبع تلقائياً ولكننيأرى أن البعض لا يحرصون على المطالبة بها.ففي ذلك اليوم ومن باب العلم بالشيء تسلمت تلك الفاتورة وقمت بعد مغادرتي وتفريع مشترياتي من عبواتها بمراجعة السعر الموضح أمام كل صنف فهالني أن وجدت سعر كيلوجرام لبن البودرة- الذي درجت على شرائه من أماكن مختلفة بمبلغ سبعين جنيها–قد بيع لي بمبلغ تسعين جنيها فتملكني غيظ شديد جعلني أطوف أماكن أخرى،إذ لا يعقل أن يكون الفارق بهذا الكم الهائل، لأجد سعره سبعين جنيهاً. فما كان مني إلا أن قمت بشرائه وقفلت راجعاًإلى السوبر ماركت الأول حاملاً فاتورة الشراء الصادرة منه،فقام المحاسب بمراجعة سعر اللبنعلى الحاسوب ليجد أنه تسعين جنيهاً مثلما كان مطبوعاً على الفاتورة. عندها قلت للمحاسب أن الشخص الذي أدخل بيانات أسعاركم ربما كان مخطئاً لأنني من مكان قريب اشتريته بسبعين جنيهاً، فأحالني للمدير الذي راجع السعر على جهازه فوجده خمسة وثمانين جنيهاً. هنا ازدادت حيرتي ولم أفهم لماذا يحدث هذا التضارب المعلوماتيفي مكان واحد الشيء الذي جعلني ارتاب حول صحة الكثير مما ورد بالفاتورة لكنني اكتفيت بإعادة لبن البودرة واستعدت القيمة. كم شخصاً يا ترى فات عليهمذلك التسعير الخاطئ دون اكتشافه وهل تم إصلاحه بعد تلك الواقعة أم لا؟ هذا ما لم أتحقق منه في مرة ثانية لمقاطعتي ذلك المكان. دعونا نترك هذا جانباً،فهل لاحظ أحدكمأن بعض الشركات تنتج عبوات من لبن البودرةبوزن 900 جرام مكتوبة بخط صغير لا يكتشفه إلا من يدقق في قراءة التفاصيل في حين يظن الغالبية أن وزنهاكيلو لأنها تباع على هذا الأساس؟ وهنا أتساءل عن الحكمة في عدم اكمال العبوة لتكون كيلوجراماً. هل من الصعب على المصنعين ومن قام بالتعبئة تجهيز أكياساًتستوعب زنة الكيلوجرام أمأنه تعتيم متعمد؟ أقول هذا لأن كثيراً من أصحاب المتاجر يصرون على ان زنة العبوة كيلوجرامما لم تجادلهم وتشير لهم إلى المعلومة المؤكدة كتابياً فيتعجبون قائلين بأنهم جلبوها وظلوا يعرضونها للبيع على أساس أنها كيلوجرام. وهنا أيضاً يبرز تساؤل عن مصدر الغموض،فهل هي جهات التصنيع والتعبئة أم جهات البيع. ولأننا لا نهتم كثيراً بتاريخ انتهاء الصلاحية غالباً ما نجد سلعة معينة منتهية الصلاحية أو على وشك الانتهاء مدسوسة وسط مثيلاتها ذوات الصلاحية السارية لمدد أطول، فهل مثل هذا العرض صادر عن قصد أم سوء نية؟آمل أن تضعجمعية حماية المستهلك هذه الملاحظات ضمن أجندتها وتبعثبمن يتحقق عبر زيارات عشوائية لأماكن مختلفة. ///////