أصدرت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان) تقريراً كشفت فيه أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الدول العربية شهدت تراجعاً ملحوظاً، بنسبة 9% من 53.5 مليار دولار عام 2012 إلى 48.5 مليار دولار عام 2013، لتمثل ما نسبته 3.3% من 10% من الإجمالي العالمي البالغ 45.1 ترليون دولار، و6.2% من إجمالي الدول النامية البالغ 778 مليار دولار. وتضمن تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات الإشارة إلى أن تركيز الاستثمارات الواردة إلى الدول العربية خلال عام 2013، في عدد محدود من الدول العربية، حيث استحوذت كل من الإمارات والسعودية للعام الثاني على التوالي على أكثر من 40% من إجمالي التدفقات الواردة للدول العربية. وتصدرت الإمارات مجموعة الدول العربية في هذا المجال بقيمة 10.5 مليار دولار وبحصة 12.6%، تلتها السعودية 9.3% من 10 مليارات دولار وبحصة 19.2%، كما جاءت مصر في المرتبة الثالثة بقيمة 5.6 مليار دولار وبنسبة 11.5% من الإجمالي العربي، ثم حلت المغرب رابعة 3.4 مليار دولار وبحصة 6.9%، ثم السودان في المركز الخامس بقيمة 3.1 مليار دولار وبنسبة 6.4%. وأحسبُ أن هذا التقرير يجيء في هذا الوقت، بمثابة عيار ثقيل لهذا المركز المتقدم الذي أورده التقرير بالنسبة إلى تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى السودان، بينما ما زلنا في الوسائط الصحافية السودانية في دائرة الجدل المحتدم في ما يتعلق بتصريحات الأخ الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار التي اعترف فيها صراحةً بأن السودان أصبح دولة غير جاذبة للاستثمار، وأن الاستثمار الوطني اتجه إلى دول إثيوبيا والإمارات، مما يعني أن هنالك فشلاً ذريعاً في توطين الاستثمارات الوطنية، ومن ثم العجز عن جذب الاستثمار الأجنبي إلى السودان، وربما يأتي هذا التقرير حاملاً في طياته بُشريات للاقتصاد السوداني بأنه رغم تراجع المستثمرين عنه، ما زال يتصدر قائمة الدول الجاذبة للاستثمار الأجنبي. وقد يُفهم هذا بالضرورة لأسباب من أهمها استتباب الأمن والاستقرار حتى وإن كان نسبياً، مقارنةً بدول عُرفت باستقطاب الاستثمارات الأجنبية مثل لبنان وسوريا والعراق والأردن وتونس، لأن هذه الدول تشهد اضطرابات سياسية وتوترات عسكرية، أثرت سلباً على موقعها في خارطة الاستثمار الأجنبي. أخلصُ إلى أن الاستثمار في السودان يواجه جُملة عوائق وعراقيل ينبغي أن تُدرس دراسة مستفيضة، ليستقر الاستثمار الوطني في بلاده، ومن ثم نشجع الاستثمار الأجنبي ليأتي إلى بلادنا بعد أن تتهيأ الفرص والمناخات المشجعة لقدوم رأس المال الأجنبي، واستيطان رأس المال الوطني. وفي رأيي الخاص، أن قضية الاستثمار من القضايا الاقتصادية المهمة التي عن طريقها يُمكن للحكومة أن تخفف كثيراً من المضاغطات الاقتصادية والمالية التي تواجه العباد والبلاد. وعلينا أن ننظر إلى تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان) بأنه من بُشريات عيد الفطر المبارك، ولتعمل الجهات المختصة على تهيئة مناخٍ استثماري، يُمكنها أن تنافس على صدارات قائمة الدول العربية الجاذبة للاستثمار الأجنبي. ولنستذكر في هذا الخصوص، قول الله تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ". وقول أمير الشعراء أحمد بك شوقي: بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وقومي وإن ضنوا عليّ كرام