القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال الرزيقات، وأطفال المعاليا والزغاوة والداجو وأطفال الشاديين– الأمل الوحيد. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 31 - 08 - 2014

الشكر العظيم للأستاذ بلة البكري على مقاله القوي في سودانايل 30 أغسطس 2014. "عن الصراعات القبلية: الأرض حاكورة الدولة!". أنبه من لم يقرأ أن يهتم بهذا المقال.
أفسر الفكرة الأساسية في مقال الأستاذ بلة البكري بأن الأرض التي يدعي الرزيقات إنها ملك لهم فيجوز لهم طرد "الآخر" منها، بل هي حاكورة الدولة الحديثة التي يمكن لها أن تنزعها منهم وأن تعوِّض المالكين، الرزيقات، لنقل. وعلى القارئ أن يرجع إلى أصل المقال.
تكمن قوة المقال في تلك فكرته التثقيفية البسيطة. الفكرة التي تدحض الأساس القيمي للحاكورةفي الدولة الحديثة،وتقدم بديلا لها، هو أن الأرض ملكية الدولة. وسأتجاوز مؤقتا عن طبيعة الدولة في الوقت الراهن تسيطر عليها عصابات من السرَقة. لأنه يجوز التعاون مع العصابات، لأجل أطفال الرزيقات، ولأجل الأطفال الآخرين من المجموعات العرقية المتساكنة معهم في حدود "الحاكورة".
أريد أن أنظر من خلال عدسة الأطفال في مشكلة قبيلة الرزيقات وعلاقاتها المتوترة مع جميع القبائل جيرانها (المسيرية، والداجو والفور والبرقو، والدينكا، إلخ) ومع أغلب تلك المتساكنة بكثافة معها (كالمعاليا والزغاوة). ودون أن أخوض في تفاصيل النزاعات، وليست الرزيقات على خطأ دائما، أريد أن أتقدم بمقترح لتطوير فكرة الأستاذ بلة البكري. من منطلق، الأطفال، أقل من 18 سنة.
(2)
أرى أن يتم تطوير فكرة الأستاذ بلة البكري. لأجل الأطفال، تحديدا. على النحو الذي أقترِحُه.
ولا أستخدم الأطفال لاستدرار العطف أو الشفقة أو الرحمة. بل لسبب قانوني له أساس في القانون الدولي المعتمد في السودان الطرف المصادق على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل. ولا ألتفت لتشويه نظام الإنقاذ لنصوص هذه الاتفاقية وتدابيرها في ذلك مسخ قانون الطفل لسنة 2010.
فاتفاقية الطفل الدولية تُلزم الحكومة السودانية باحترام الحقوق جميعها، وبحمايتها من الأطراف التي قد تنتهكها، وتلزمها بتنفيذ مستلزمات الحقوق على أرض الواقع. أركز في هذاالمقال على "حق التعليم"، مقرونا بحقوق الصحة والحق في النماء، وكلها تستتبع الحقوق الأخرى في الحماية والمشاركة. انظر أصل الاتفاقية وتجاهل المسخ في قانون الطفل.
(3)
أركز على الأطفال، أقل من 18 سنة.
لأنه لا أمل قريب يرجى في شباب الرزيقات. كثير منهم أعضاء في الميليشيات المسلحة، أو هم معها مؤيدون لها مستحوذون بالقبيلية.تغيرت أدمغتهم المجرَّحة تغلغلت في العصبونات عقيدة العنف تستثير الرغبة في إهراق مزيد الدم. موضوعهم مختلف، والعلاج مختلف.
ولا أمل في المثقف الرزيقي الأخرس،الصامت عن محنة الأطفال. جميع الأطفال. من جميع الأعراق في "دار الرزيقات"، لنقل، تحت مغبة الإلغاء اللاحق كما يقول الفيلسوف الألماني هايديقر، ألمانيا قريبة بالنسب وبالمناصرة مع دارفور. لأني أرى "دار الرزيقات" المُتصَوَّرة عند المعتقِدين في وجودها خرافة من خرافات النزاع الدائر.
فالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المصادق عليها تلزم السودان بحماية جميع الأطفال في حدود الجمهورية، جميعهم، بمن فيهم الأطفال الأجانب (الإثيوبيين والإرتريين والنيجيريين والشاديين وغيرهم). فما بالك بحماية أطفال المعاليا في مدينة الضعين؟ حمايتهم من الطرد من بيوتهم التي ولدوا فيها في مدينة الضعين. لا لسبب غير أن قيادات الرزيقات، تحديدا أسرة مادبو الحاكمة، تُرَكِّب في مخيلتها أطفال المعاليا، كما تُرَكب أطفال الزغاوة، وجميع أطفال الغير، على أنهم "غير". في انتهاك صريح لمبدأ عدم التمييز ضد الأطفال.
بالإضافة إلى أن الاتفاقية الدولية المصادق عليها تقول إن كل ما تنفذه الحكومة، وكل جهة ذات مسؤولية، من تدابير إدارية وقرارات وأفعال، في كافة المجالات، ينبغي أن يكون مشدودا إلى المصلحة الفضلى للأطفال. مبدأ ثابت في الشريعة أيضا، وفي كل وجدان سليم.
(4)
فالتطوير الذي أقترحه لفكرة الأستاذ بلة البكري منطلقه الأطفال، وهو ثلاثي المحاور:
أولا، أن يتم نزع الأراضي المتنازع عليها من مالكيها الرزيقات، لتكون حاكورة الدولة (كما يرى بلة البكري)؛
ثانيا، أن يتم تعويض الرزيقات بصورة مجزية وكريمة. وفق المحددات التالية:
(أ) أن يكون التعويض في شكل خدمات أساسية في التعليم والصحة والمياه،لا في شكل مبالغ مالية سيكون مآلها معروف.ولا تقصر الخدمات على الرزيقات. بل هي للرزيقات ولكل المجموعات العرقية المتساكنة في "دار الرزيقات" وما بعدها في المناطق المتداخلة معها.
(ب) أن يكون التعويض الخدماتي بقيمة تضاهي قيمة الأرض المنزوعة المنقولة إلى ملكية الدولة.
(ج) أن تكون التعويضات الخدماتية إضافية على الخدمات الأساسية التي تتلقاها المنطقة أصلا من الحكومة.
ثالثا، أن يتم تخصيص كل العائد من البترول والذهب في المنطقة لصالح المنطقة، لا تأخذ الحكومة أو بقية مناطق السودان منه شيئا (مما سيرفضه السرَقة في نظام الإنقاذ، لكن رفضهم لا يعتد به لا قيمة له).على الأقل على مدى العشرين عاما الأولى، لتحقيق النهضة الاقتصادية المتمحورة حول الأطفال. وكما تردد اليونيسف، المتحدث الدولي الرسمي بدون منازع باسم الأطفال، تبدأ مكافحة الفقر بمكافحة فقر الأطفال.
(5)
ويمكن تطوير الفكرة في ورقة عمل لتشكل أساسا لبروتوكول مفصليتم تقديمه لجميع أفراد "القبائل" المتساكنة في المنطقة المسماة خطأ "دار الرزيقات"، ولقياداتها الراهنة، وللميليشيات، وللحركات المسلحة، وللحكومة البئيسة.بئيسة، لأنا ندرك أن عصاباتها لن تقبل ما فيه الخير لأهل السودان. لكن يجب التعاون معها حتى بهذا الفهم، أيضا بسبب الأطفال.
قولة اليونيسف المشهورة إنه لأجل الأطفال نتعاون مع الجينوسيدير، أي، نتعاون حتى مع أولئك منفذي الإبادة العرقية في رواندا وغيرها. ويمكن التمديد لنقول إنا سنتعاون مع الأشبه المحلي، هم الجنجويد.
أيضا لأجل الأطفال، فعلتها الأمم المتحدة مع موسى هلال المطلوب للعدالة الجنائية الدولية. حين اتفقت معه بشأن تسريح الأطفال المجندين. سلامات وأحضان وضحكات ودعاية له في الأنترنيت وفي التقارير الدولية.
وفعلتها الأمم المتحدة مجددا معه حين كانت حاضرة تستمتع بالطرب وبالصخب في حفل زفاف ابنته، موسى هلال ذاته. فلأجل الأطفال، نغني ونرقص مع الجينوسيدير والجنجويد. "والفي القلْب [يبقى] في القلْب"، من حِكَم الجنوبيين النازحين الذين كانت حكومة الإنقاذ الغبية تقدم لهم الهدايا وتنقلهم بالبصات للمظاهرات ليهتفوا "خاين خاين جون قرنق!". قال لي أحدهم إنهم يستلمون الهدايا في الجيب أولا ثم يهتفون خاين خاين جون قرنق. لكن "الفي القلب في القلب"، جون قرنق دائما.
(6)
هذا الاقتراح الثلاثي القائم على الفكرة المبدعة من الأستاذ بلة البكري،والتي أطورهابإدراجها تحت المصلحة الفضلى للأطفال، تضع الجميع أمام محك الاختيار. قبولها كلها أو رفضها كلها، في سياق. وأرى أن يتم تقديمها على نحو انقطاعي. بمحاورها الثلاثة المتكاملة: (1) نزع الأرض المتنازع عليها؛(2)التعويض الكافي والكريم في شكل خدمات في الصحة والتعليم والمياه، لا في غيرها؛ و(3) تخصيص كامل عائد موارد البترول والذهب للمنطقة، بمجموعاتها المتساكنة جميعها من رزيقات ومعاليا وغيرهم، بمن فيهم المجموعات الشادية.
(7)
إن هذه الفكرة تأتي في مصلحة فقراء الرزيقات، وهم الأغلبية الساحقة في المنطقة. وفي مصلحة أطفالهم. بالدرجة الأولى.
لكنها فكرة لن تجد القبول من الأسرة الحاكمة المِكَنكِشة في السلطة منذ القرن التاسع عشر. أسرة مادبو.
هم أيضا، لا قيمة لرفضهم. يكون التعاون معهم ، كما التعامل مع الإنقاذ والجنجويدوالجينوسيدير.من منطلق الهم بالأطفال، جميع الأطفال، بمن فيهم أطفال المعاليا والشاديين.
يكفيهم في أسرة مادبو ما تحصلوا عليه من فوائد لتعليم أولادهم أرقى تعليم. وتكفيهم الأرصدة المالية والعقارية التي تحصلوا عليها بالتسهيل في سياق رئاستهم للمجموعة القبيلية المسماة "الرزيقات".
ذاتها المجموعة التي جندوا عددا مقدرا من شبابها الفقراء في ميليشيات ترتكب فظائع.تعتدي على الآخر،تقتله، وتدمر قراه، وتشرد نساءه وأطفاله وشيوخه، وهي تذبح الطبيب في المستشفى، وتطرد سكان المدينة الحديثة من بيوتهم ومن المدينة.
ولا ننس الألف وخمسمائة قتيلا ويزيد من الدينكا المدنيين حرقوهم وقتلوهم في يوم واحد في مذبحة الضعين 28 مارس 1987. ولا ننس جلب الميليشيات بقوة السلاح آلاف نساء الدينكا وأطفالهم كرقيق لاستغلالهم في الرعي والزراعة والخدمة المنزلية ولتقديم الخدمات الجنسية. ولا ننس نهب أبقار الدينكا وجميع ممتلكاتهم. مما عبر لي عنه أبلغ تعبير محرر الرقيق مانجوك جيينق مانجوك:
وأهلنا دا الرزيقاتلمنقامشهرإثنين 1986جابشيلسكر.بشيللباسبتاعنسوان. جبونةكلقبتاعوكويسشنوبتاعوكويس. مرتبةزيداكلوبشيلو.أنابراعيفيعيوني. أنامابكدببقولليهوسمعفيأداني. الشالاأنابراعي.بشيللحديجمسيةبتاعي. شالوأيحاجةفيبلدناهناكماخلوه. شالوابتاعالمويةالبشرببيدا. كلوهمشالوه. حمرمابشيلحاجةزيدا.
كله أعلاهوقع تحت قيادة أسرة مادبو ل "قبيلة" الرزيقات.
وكله جرى وبعضه يظل يجري تحت سمع وبصر مثقفيالرزيقات القبيليين. ألسنتهم الحداد مقطوعة وأقلامهم الفصيحة ملجمة. حين يتعلق الأمر بهذا المسكوت عنه. المذبحة والرق.
ومنبين هؤلاء المثقفين من وجد طريقه إلى المدرسة أصلا بسبب أن والده ركب جوادا وحمل الجيم أو الكلاج في معية أعضاء الميليشيا في غزوة لجلب الأطفال والنساء الدينكا رقيقا. ليرعوا الأغنام والأبقار بدلا عنه هو مثقف اليوم في طفولته في الثمانينات والتسعينات. وليزرعوا بدلا عنه ليتابع دراسته اليومية. وليغسلوا أوساخه وملابسه. ولتطحن النساء المسترقات زوجات الرجال الدينكا الذرة في المرحاكة لتغذيته، المثقف.
جميع هذه الواقع ثابتة في الأوراق في محاضر بلاغات مركز شرطة الضعين خلال الفترة 1986-2000 وما بعدها. وثابتة في أوراق القاضي ود المبارك في محكمة الضعين. وفي أوراق علي الرضي وحماد بشارة من المحكمة الشعبية. وثابتةفي أوراق سيواك، صِنعة الإنقاذ ترى وقائع الرق وتدعي بالمغالطة وبالمكر أنه اختطاف متبادل. وثابتة بالتفصيل الممل في أوراق لجنة أبناء سلاطين الدينكا برئاسة جيمس أقوير. وفي تقارير رئيس القضاء الحالي في جنوب السودان شان مدوت، كتبها حين كان منتدبا من القضائية السودانية للعمل مع منظمة اليونيسيف. كنت رئيسا للبرنامج في اليونيسف فذهبت إلى أبيل ألير ليرشح جنوبيا يعمل معي في البرنامج، فرشح شان مدوت وفرغته القضائية. وكله ثابت أيضا في الذاكرة الجمعية المحلية للمواطنينعلى اختلاف أعراقهم في ما يسمى "دار الرزيقات".
وكذا يمكن لهؤلاء المثقفين من الرزيقات عبور الحدود الدولية ذات القدود إلى ما وراء سفاهة. ليلتقوا في مريال باي وأشورو وقوق مشار وغيرها من القرى بالنساء اللاتي كن مسترقات لأعضاء الميليشيات الرزيقية.
غرضي هو استفزاز فكر مثقفي الرزيقات. بمن فيهم من يحمل اسم مادبو. أفهم ورطتهم الثقافية. وأتعاطف معهم. لكن عليهم التزاملا فكاك لهم منه.أن يمسكوا بناصية هذا الأمر، بالأمانة العلمية وبالشجاعة الأخلاقية. عندئذ، سيجدون أنفسهم يُخضِعون للانتقاد وللتشريح بدون تخدير ما يسمى بقبيلة الرزيقات، وما يسمى بالفرسان،وما يسمى دار الرزيقات.وفي ذلك خلاصهم من عدم الرغبة في التفكير. التفكير الانتقادي كالمقدمة الضرورية لاندراجهم مع الآخر في التغيير.خاصة في هذا المنعطف الجديد بعد انفصال الجنوب، وبعد ردع ميليشيات القبيلة ببندقية أكبر. ومنعها من الاعتداء مجددا لنهب أبقار الدينكا أو لاسترقاق النساء والأطفال.
(6)
سترفض أسرة مادبو الحاكمة فكرة نزع الأرض وتنقيلها إلى ملكية الدولة. وكذا سترفض، بالدرجة الأولى، تقديم الخدمات الأساس في التعليم الذي سيضع جميع أطفال الرزيقات وجميع أطفال كل القبائل الأخرى فيما يسمى ب "دار الرزيقات" في المدرسة. لأن تعليم جميع أطفال الرزيقات، وجميع أطفال المجموعات الأخرى في المنطقة، سيعني مباشرة بداية النهاية لحكم أسرة مادبو التي ورَّثت السودان رق القرن التاسع عشر، وعادت في نهايات القرن العشرين تورِّثه الرق مجددا. بقيادة "الفرسان"، قادة الميليشيات.
(7)
هذا البرنامج لوضع جميع الأطفال في سن الدراسة في المدرسة، وأقصد جميعهم، يمكن إنجازه خلال عامين. وهو برنامج قابل للتنفيذ، بنجاح.وبمقدور منظمة اليونيسف أن تقدم الدعم الفني الضروري لوزارة التربية والتعليم المحلية، بعد إعادة تثقيف موظفيها، لتنفيذ هكذا برنامج. خلال عامين.
وفي تعليم أطفال الرزيقات في معية أطفال الزغاوة والبيجو والمعاليا والبرقد والهوسا والجوامعة، والتشاديين، وجميعهم يعيشون حاليا في "دار الرزيقات"، مفتاح لنشأة العقلانية والفكر الديمقراطي في المنطقة. بديلا للتجهيل الذي فرضته أسرة مادبو والعمد والأسر المستفيدة من "القبلية" على السواد الأعظم من فقراء الرزيقات، هم الأغلبية.
(8)
إن فكرة نزع الأرض لتكون حاكورة الدولة فكرة مستنيرة. وخطيرة. على النظام القبيلي القديم. وهو نظام ينتج خطاب "القبيلة" ويعتاش به. لأن هذا الخطاب يمَكِّن النظام القبيلي من تمرير خدعة "الحاكورة". ومن ثم أرى، أيضا لأسباب سياسية واضحة وموضوعية، أن نقاوم خطاب"القبيلة" وممارساتها. وأن نرفضاللغة التي تصف دورات العنف الإجرامي المنظم الدائرة بأنها من نوع "الصراع القبلي"، حبي، أفريقي، عربي، مراشقاتي، بتاع مؤتمرات قبلية،وكلامات قبلية.
يريدون التسلل بالخطاب القبيلي الزائف لتثبيت مقولة "الحاكورة". فما دامت هنالك "قبيلة"، عندهم، فهنالك حاكورة.
والذي أقوله، إنه لا توجد "قبيلة".وإن "القبيلة" في هذا السياق المحدد كيان يتم اختراعه وتركيبه وتخليقه وتعبئتهلتكريس الترتيبات القائمة لمصلحة أسرة مادبو، وأسر القيادات المحلية المستفيدة، ولمصلحة الأسرة الحاكمة في حزب الأمة، ولمصلحة عصابات حكومة الإنقاذ في حروبها في دارفور.
فلننس سخف "القبيلة". ولنَنظر في مظان للحل خارج الأطر التي تُنَظِّر للقبيلة المُختلَقة، بما فيها ذلك إطار د. عبد الله علي إبراهيم بتخريماته المتذاكية لسد القدود في فكرته المِهبِّبة عن خصوصية الريف، في مقاله الممتاز اللازمة قراءته (الرزيقات والمعاليا: أخرج الريف أثقاله). أقول له، حين يكون هنالك أطفال، لا يوجد ريف، ولا توجد قبيلة، ولا حاكورة.
(9)
وحين يكون جميع أطفال الرزيقات في المدرسة، في معية أطفال الآخرين، وحين تكون هنالك خدمات الصحة الأساسية، والماء، لن يخدم أي شاب من خريجي المدرسة الثانوية في ميليشيات الرزيقات. ليست هذه أوهام ولا أحلام. استحقاقات.
سنرى هؤلاء الشباب من الأصول الرزيقية ومن المجموعات الأخرى يتحدون الترتيبات المرتكزة على فلسلفة "القبيلة"والمغذاة بخطاب القبيلية.
وسنراهم يرفضون خرافة "الفرسان".
فتنتهي "قبيلة الرزيقات" كالكيان المختلق. بجسدها الميليشياتي المحارِب. ويبور نوعخطابها العنصري في الفيس بوك وفي صفحات الأنترنيت المتناثرة.
وستختفي عن الأنظار تلك خريطتها الجغرافية المفارقة للوقائع، بالمغالطة. لأنها تصور ما تسميه دار الرزيقات مساحة خالصة ومخلَّصة من جميع مكوناتها العرقيةغير الرزيقية، من الزغاوة، والمعاليا، والبرتي، والبرقد، والدينكا (بمن فيهم النساء المسترقات).
وسيأتي جيل مختلف من بنات الرزيقات وأولاد الرزيقات، في معية بنات وأولاد المجموعات الأخرى.
جيل يعيش في سلام فيما كان يسمى يوما بقوة السلاح وبالعصي وبالسيوف "دار الرزيقات".
بنات وأولاد يعرفون أنهم من أصول مُدَّعاة في رزيقات وزغاوة ومعاليا وبرتي وبرقو وداجو وبيجو. بعض منهم من أصول الرق.وآخرون لا يعرفون غير أنهم سودانيون. قد تكون في ذاكرة بعضهم بقايا من دَخَل الرزيقات وثقافتها "المختوفة" بالهجنة.
لكن التجربة الحياتية المعاشة يوميا ومستقبليا، في تلك خلطة البنات والأولاد، بتعقيداتها، ستكون تجربة بألوان حديقة. ألوان التعددية الجديدة ذات السحنات الساحرة بتمايزها. التعددية ذات الهويات المتغيرة كيفما يقتضي حال الشباب. في حركتهم بالثقة وبالتفتح في مساحات متداخلة ومتطابقة.مساحات تمتد من أبو مطارق عاصمة الرق في الماضي إلى آخن في ألمانيا. آخن التي كانت في العام 1987 خرجت في مظاهرة صغيرة من عشرة أشخاص تندد بالرق في دار رزيقات أمام الزائر وزير المالية في حزب الأمة، د. بشير عمر.
هذه هي رؤية الحل. يكون تحققها بإلغاء نظام ملكية القبيلة للحاكورة وتنقيلها للدولة، مع التعويض الكريم الكافي، وبتخصيص موارد الذهب والبترول في المنطقة لأهل المنطقة. وكله في سياق فهم انتقادي للقبيلة وقياداتها،يحلل خطابها ويكشف خدعتها بلغة القبيلة وتحالفاتها مع سلالة الإنقاذ ومع الميليشيات لغرض الاستحواذ الانفرادي بتلك موارد الذهب والبترول.
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.