نتحدث كثيراً عن حكومة الانقاذ، فهل هذا يعني أنّنا ننسى المعارضة؟..كلا، لقد عاشت حكومة الاخوان لربع قرن، ب "رزق اليوم واليوم"، بينما المعارضة تنتظر مُعجِزة من جماهير، لا تستطيع تعبئتها والدفع بها فى طريق التغيير!..مُعارضتنا، تحتفي باخبار سقوط حزب النهضة الاخواني فى انتخابات تونس، وهي تعلم أن "التغنيش" لا يسقط بالأماني، و كلنا ينتظر بعضنا الآخر، للانتفاض و تغيير الوضع بين يومٍ وليلة!.. بهذه المناسبة أحكي لكم حكاية عطيّة ود ست البنات، الذي جاء الى الخرطوم، من أجل "الشُغُلْ"،، لكنّه، ما أن دخل بيت العزّابة ،الكائن بجوار سوق سعد قِشرة بالخرطوم بحري، حتى وجد أنّ رزقه يأتيه رغداً، دونَ عناء ، وهناك، قعد "القَعْدة اليّاها"، لا رجع البلد تاني، عشان يشوف عقابو، ولا مرق الشارع عشان يشتغل ويشيل حيلو!..و يمرُق كيفِنْ، إذا كان بيت العزّابة، بيتاً رطيب، وإيجارو قديم!؟..البيت فى موقع استراتيجي ، ويتشكّل من غرفتين، خمسة فى خمسة، بينهما برندة طويلة مفتوحة شمال/ جنوب، وبجانبها"التُّكُلْ" وأمامها فسحة،، والحوش مليان عناقريب وسراير، تقادم عليها العهد، فاصبحت مشاعاً لكل زائرٍ جديد!.. مافي زول جاء من الحِلّة، وإلا يغشى بيت العزّابة، و يقضي فيه أيّامو ويسافر.. كل من هاجر الى بلاد الغُربة البعيدة، يدخل بيت العزّابة ، و يخلي وراهو البطانية أو المِلاية،أو باقى الهدوم.. والجّايين من البلد، يدخلوا البيت بشوّالات التمُر، والقرقوش والآبري، وباقي الزُّوادة.. والخير باسط ، وسق الخدار على بُعد خطوات، وزولنا،ود سِت البنات، مِنْ صباحات الله، يقوم يكابس باقى حلّة الليل، وبعد ما يفِكّ الرّيق، يشوف خبر الكراتين فيها شنو!..ويأخد تكويعة ورا تكويعة ، و ينجبدْ تاني فى البرندة،أو يراقِب عمايل المتفرعنين من العزّابة، كاتماً للاسرار ومستفيداً منها!..دخل الى بيت العزّابة منذ زمان ليس بالقصير، فاصبح أحد ثوابته..عمل تشكيلته فى البرندة، ومن عصراً بدري، كان "يدُقّها كوتشينة" مع الجماعة ، حتى مجيئ الليل الذي ينقسم فيه العزّابة الى "كفّتين راجحتين"،إحداهما تخلُد الى النوم باكراً، بينما القسم الثاني، يتكامل على الأوضة الجُوّانية ، وأولئك هم "أهل التغريدة"!.. وأهل التغريدة،كما هو معروف، تستمر فعالياتهم حتى الهزيع.. وفى بعض الأحيان، يخلو البيت من الرّقابة، من كُبارات ناس الحِّلة، يتدفّق أهل التغريدة فى الفناء ، فى شكل قزقزة، وطمبرة ،وما إلى ذلك، مما كان فاكهةً فى الخرطوم بالليل!.. مرّت الشهور والسنوات، على ود ست البنات، وهو فى بيت العزّابة..انقلبت الحكومة، مرة ومرتين وتلاتة.. و سافر من بيت العزّابة من سافر، ورجع الى البلد من رجع، وعطيّة مكوِّع ، مرة على ذات اليمن ،ومرة على ذات الشمال، في بيت العزّابة، "حتى طال عليه الأمد"،، فلم يعُد قادراً على الوصول الى عتبة الباب!.. الباب مفتوح اصلاً ودون رِتاج، لكن طارقاً من ناس البلد، يبدو أنّه "جاء شايل تقيل"، وهو على علم بأن زائر البيت المُقيم، هو الأحق بتعتيل مواد التموين،فهي في غالبها ستكون من نصيبه، لذلك ثابر على الطرق بالحاح، حتى يخرج اليه، ود سِتْ البنات!.. طرق الباب مرة ومرة ومرتين، فلم يأتيه غير صوت من فناء البرندة :"الزّول منو"..؟ ولم يتوقف الطّارق، بل ظلّ يدُق ،ويدُق ، وهو يقول: يا زول أمرُقْ تعال:"أنا الشُّغُلْ"!.."أنا الشُّغُلْ"!.. "أنا الشُّغُلْ" هذه، تناسب حالنا!..فنحن نأمل في أن يأتينا "الشُّغُلْ" حيث نحن!.. نحن نحلم بالتغيير، وفى عودة أكتوبر الأخضر ،وعندما يمضي شهر أكتوبر، نعلِّق آمالنا على أبريل!.. .. وين "الشُّغُلْ"!؟