(دخل القش وما قال كش)، اللغز الشعبي المتداول يشبه (حال) العام الهجرى 1436 ، الذي اطل علينا ونحن في غفلة شديدة، وتشكو المناسبة من الاهمال والهجر، فما بالك اذا اطل علينا العام الميلادي الجديد 2015 هل سيدخل علينا ونحن في غفلة (من غير كش) ام سيجد الناس قد استعدوا لوداع العام الماضي واستقبال العام الجديد باقامة الحفلات والاحتفالات والمسيرات والإغاني والأناشيد وطرب العالم كله و (اضطربت) اركانه وهاجت وماجت فرحا ومرحا. فقبل ان يكون رأس سنة هجرية فهو ذكرى عطرة لحدث كبير غير مجرى التاريخ وأسس لمرحلة هامة هي تأسيس الدولة الاسلامية في المدينةالمنورة، ودروس وعبر خلفتها احداث تلك الهجرة التي اعقبت هجرة المسلمين الأولى الى الحبشة. لم تكن الهجرة هروبا كما زعم المرجفون بل كانت خطة مدروسة لمتابعة مشوار الايمان والدعوة والتوكل على الله من منطلق القوة ومنطلق التحدي، فقد تجلت في الهجرة بعض القيم التي كان يدعو لها ذلك الدين الوليد الذي كان لم يقو بعد عوده، وشكيمته ، فكانت الهجرة. وهي فلسفة يهتدي ويقتدي بها كل من يتعرض لمثل تلك الظروف التي تعرض لها رسولنا الكريم وأصحابه واتباعه، الذين ارتضوا الاسلام دينا ومنهجا ومحمدا رسولا وهاديا ومبشرا ونذيرا، لما وجدوا في ما جاء به من نصرة للحق ونصيرا للضعفاء. كان الاسلام وقتها وليدا في المهد ضعيفا لايقوى على مقارعة ومبارزة قوى الشر والبغي والعدوان، التي تضررت من الدين الجديد الذي اتى به محمد وقد تجمعت وتكاتفت يجمعها هدف واحد هو محاربة والوقوف امام انتشار تقدم دين محمد الذي انضم الى صفوفه نفر غير قليل من بني جلدتهم وأهلهم وذويهم الذين (سحرهم) ذلك الساحر، كما كانوا يعتقدون باطلا، وخافوا على مراكزهم وعلى دين آبائهم. وفي سبيل حماية اتباعه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين كافة بالهجرة الى المدينة حتى يكونوا في مأمن من أذى الكفار والمعاملة غير الكريمة وألوان وضروب العذاب الذي تعرض له كثير ممن أشهر اسلامه من المسلمين المستضعفين الأوائل، فكانت المدينةالمنورة هي الملاذ الآمن الذي احتضن تلك الموجات الكبيرة من المهاجرين، وهكذا تتابعت الهجرات الفردية والجماعية الى حيث امرهم رسول الله. وكانت هجرته صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق تتويجا لجهوده الكبيرة التي هدفت الى حماية ارواح وممتلكات المهاجرين الذين ضحوا بالنفس والنفيس في سبيل اعلاء كلمة التوحيد ورفع راية الدين الوليد. ورحبت المدينة بهجرة المصطفى واستقبلته فاتحة ذراعيها بكل ود وترحاب، وتجلت في الهجرة قيم كبيرة وعظيمة تقاوتت في درجات الإيثار، وصلت قمتها ان تنازل بعض من سادة الأنصار عن زواجتهم وأموالهم وممتلكاتهم لاخوانهم المهاجرين الذين كانت نفوسهم كبيرة ومقاصدهم نبيلة، بدورهم هجروا المال والممتلكات في سبيل نصرة دينهم ومبادئهم. ويتوجب علينا ان نعي درس الهجرة ونستفيد مما روي لنا من قصص تعكس صورا زاهية للتضحيات من جانب الأنصار والمهاجرين، ونستلهم منها ما يعيننا على تسهيل امور حياتنا في حاضر أيامها ومستقبلها وهجر كل ما ينغص حياتنا من مشاكل وصعوبات،وكل عام وانتم بخير، وأمة الاسلام تنعم بالخير واليمن والسعادة والأمن والاستقرار.