فالسودان كعادته يحتفل كل عام فى هذا الموعد بالاستقلال الذى تجقق عام 56 وفى ذكراه ال59 فلماذا لا نخرج به من الاحتفال التقليدى الذى يقوم على الخطب الرنانة من الذين درجوا على تشييع جنازته بالبرامج الثقافية الفنية والرياضية وان يكون الاحتفاء به نقد لذاتنا بكل امانة وموضوعية وتجرد لنقف على محصلة السودان منا كاجيال متعاقبة فى ستين عاما حتى يستلهم ابناؤنا وبناتنا العظة والعبرة ليحققوا مافشلت فيه كل اجيالنا السابقة والواقع يقول ان اغلبية شعبنا ينعي الوطن فى صمت وينصب عليه صيوانات العزاء حتى اصبجت نهايته اليوم مع تعدد ضحاياه هذا الجيل من الشباب فى كل شبر من ارضه او ما تبقى منها وتلك التى فى طريقها لتمضى هذا الجيل الضائع بكل ما تحمل الكلمة والذى يسمع كلمة (الاستقلال) الا انها لاتعنى له شيئا وللامانة والتاريخ اقول بكل شفافية ان كل الاجيال التى تعاقبت على السودان تشارك فى تحمل المسئولية وان كان التاريخ يؤكد انه ما مضى جيل او حكم الا وجاء بعده من هو اسوا منه خاصة على مستوى الحكم الوطنى كاننا بلد يسير فى الاتجاه المعاكس للحضارة والعلم ومن هذا المنطلق اتوقف مع مراحل الحكم الوطنى الفاشل مرحلة-1- مناضلون شرفاء الا انهم ولقلة خبرتهم حققوا الاستقلال بالصدفة هو جيل رجال عظماء زاهدون سخروا ذواتهم لهموم الوطن وبادروا بعقد مؤتمر الخريجين الذى نبعت فكرته من ارض الجزيرة وعاصمتها مدنى باقتراح من السيد احمد خير المحامى فشهد العاصمة انعقاد هذا المؤتمر الا ان مجصلته ان تسلم مصير السودان حزبان زرعوا فى الحركة الوطنيىة اخطر افاتها حتى اليوم حيث نشأ حزب الامة ملك خاص لاسرة المهدى ولايزال تحت قبضة الاسرة بالارث والحزب الوطنى الاتحادى ونشا مزيجا وخلطة غير مبررة من زعماء سياسيين لعبوا الدور الاول والاهم فى الخركة الوطنية الا انهم نشاوا فى شراكة مع طائفة الختمية التى تتوارثها اسرة السيد على الميرغنى مما اجهض ودمر مستقبله حتى اليوم ولم يقف امر هذه القوى عند تسليم السودان لاسرتين تعلو مصالجها الخاصة على الوطن وانما الاخطر من ذلك ان كتلة منها وهى كتلة جزب الامة تجالفت مع الانجليز الذين قضوا على جكم المهدى مؤسس الطائفة ومع ذلك سلم الحزب امره لحليفه داعيا لاستقلاله شكلا فى منظومة الكمنولث وتنصيب زعيمه ملكا على السودان تحت التاج البريطانى بالرغم من كل محاولاتهم انكار هذا الواقع اما غريمهم الحزب الوطنى الاتحادى فلقد نشأ تاريخيا فى جضن الطرف الثانى من الاستعمار الثنائى دولة مصر فنشا داعية للوحدة مع مصر تحت تاج ملوك الفراعنة لهذا فان الاستقلال بمعنى تحرير الوطن لم يكن ابدا فى رؤية الحزبين لهذا لم يكن لاى منهما رؤية وبرامج لسودان مستقل او ادراك لاهمية بناء وحدته اولا وقبل كل شئ حيث انه كان عبارة عن مجموعة دويلات متفرقة ذات طبيعة عنصرية وعرقية مختلفة ودينية كما هو حال الجنوب و الحزب الوطنى الاتحادى الذى حقق الاغلبية البرلمانية كان برنامجه الوحدة مع مصرفى انحياز للعنصر العربى والاسلامى اذن وبدون مكابرة فان استقلال السودان جاءت به الصدفة كمخرج وسط للنزاع بين طرفى الاستعمار فكان من الطبيعى الا تكون لاى منها رؤية تحدد كيف يعيدوا صياغة الوطن الذى ورثوه مستقلا وهو ممذق يقتقد مقومات الوحدة التى تحقق التعايش بين ابنائه من مختلف مناطقه الذين تفرق بينهم العنصرية والقبلية بل والدينىة فى الجنوب وغيره فكانت فترة الحكم الوطنى فى مرحلته الاولى مجرد تغيير مواقع وجلوس وطنيين من هوية واحدة عربية اسلامية على كراسى الحكام الانجليز بما عرف بالسودنة فكان من الطبيعى ان يفشل الحكم فى وضع حجر الاساس لوطن اولويته الوجدة وهى القضية التى ظلت تتصاعد حتى اليوم وادت لتمذقه بانفصال الجنوب الذى عرف طريق التمرد تحت ظل الحكم الديمقراطى الذى لم يحترم الفوارق العنصرية والدينية والعرقية كما انه لم يلتزم حتى بالاتفاقات التى ابرمها مع الجنوب بالرغم من ان طموحات الجنوب وقتها لم تتعدى المطالبة بالحكم الفدرالى مما صبغ فترة الحكم الاول بالهيمنة العربية والاسلامية الامر الذى فجر المشكلات فى شرقه وغربه وليس الجنوب وحده هكذا كان استقلال الصدفة خطوة مهدت لتمذيقه من جانب اخر فالحزبين قدما اسواء نموذج لمستقبل الديمقراطية فى السودان حيث ان حزب الامة الذى خسر الاغلبية فى صندوق الانتخابات سخر العمل المسلح لفرض مصالحه وبرنامجه بحوادث اول مارس الشهيرة وتهديده لغريمه اذا لم يتراجع عن الوحدة مع مصر وبهذا قدم العنف نموذجا للممارسة السياسية وهو ما طال السودان حتى اليوم اما الحزب الوطنى الاتحادى فلقد قدم هو الاخرنموذجا لوأد الديمقراطية لانه لم يلتزم ببرنامجه السياسى الذى جقق له الاغلبية والتى تفرض عليه الا يتراجع عنه الا اذا اعاد الانتخابات ترسيخا لقيم الديمقراطية واكتفى بالتظاهر باستفتاء منكرا حق الاغلبية ليبرر تراجعه عن برنامجه الانتخابى وهو مسلك يتعارض ومبادئ الديمقراطية فحزب العمال فى انجلترا لما فشل فى التاميم حل البرلمان وعاد للناخبين التزاما بقيم الديمقراطية \ وبهذا وأد الحزبان الديمقراطية و لايزالا حتى اليوم حيث لم يشهد التاريخ اى ديمقراطية و هذاهو واقع المرحلة التى وضعت الاساس لغياب المؤسسات الحزبية الديمقراطية بسبب الطائفية او احزاب عقائدية ترفض نظريااتها الديمقراطية يسارية شيوعية و اسلامية الامر الذى حول كل مراحل الحكم الوطنى لصراعات من اجل السلطة حتى بالاساليب غير المشروعة ديمقراطيا محطة -2 واد الديمقراطية باستيلاء العسكر على السلطة بقرار من رئيس الحكومة الديمقراطية كما هو حال شرفاء المرحلة الاولى من الزعماء السياسيين من قادة الحكم الوطنى والذين غادرواالسلطة ولم يخلف اى منهم قصرا او مصنعا اوبرجا وعمارة هكذا كان القادة العسكريين الذين اجهضوا الديمقراطية والبرلمان المنتخب فى نوفمبر 58 بامر من رئيس حكومة حزب الامة الجنرال عبالله بك خليل رئيس الحكومة الاتلافية مع حزب الشعب حزب الختمية عندما انشقت الطائفة من الحزب الوطنى الاتحادى ليشهد السودان تحالف الاخوة الاعداء من الطائفتين حتى ان السيد محمد احمد مججوب صرح عند مطالعته بيان السيدين بتاييد الانقلاب وقال ان هذه نهاية الديمقراطية الا ان تحالف حزب الامة مع الانجليز من جهة وتحالف حزب الختمية مع مصر فلقد تفجر الصراع بين الاخوة الاعداءعندما اصر جزب الامة على قبول المعونة الامريكية المشروطة والتى رفضها شريكه الموالى لمصر مبدأ كما ان حزب الامة الشريك الاكبر فى الحكومة صعد خلافه مع مصر حول قضية حلايب واوشك ان يقودها لحرب وهو ما رفضه شريكه الموالى لمصر فكان ذلك نهاية التحالف بين اكبر خصمين طائفيين مما اجبر رئيس الحكومة عبدالله بك خليل فى ان يسلم الحكم للقائد العام للجيش السودانى الجنرال عبود و ليكتب نهاية اول حكم ديمقراطى زائف اسما وليبدا اول سطر فى دخول العسكر فى صراع السلطة ولكن ضمن منظومة الاحزاب وسقط حكم العسكر عندما انتفض الشعب فى ثورة اكتوبر 64 و كانت الستة سنوات من حكم الجرنالات فترة نزاع لم ينقطع طوال فترة الحكم الذى لم يعنى بهم الوطن وهو فى صراع دائم على السلطة حيث لم تخلوا معتقلاته من قادة الحكم الوطنى الذين حققوا استقلال الصدفة كما كان نفيهم فى ناقشوط ولعل اسوا ما لحق بالسودان فى فترة عسكر نوفمبر اصرار الحكم العسكرى على قهر الجنوب بالقوة والتصقية الجسدية مما عمق من الفوارق العنضرية ليس فى الجنوب وحده وعمق من بذور الفتنة والفرقة فى بلد فشل حكامه الوطنيين ان يرسخوا فيه قيم الوحدة القائمة على التعايش بين العنصريات والاديان والعرقيات والى المرحلة الثالثة غدا [email protected]