الحركة في السودان أو ما اصبح يعرف بالمرور أصبح امرها عجيب غريب، كان في ما مضى عدد العربات (السيارات) او المركبات التي تستخدم الطريق محدودا الى درجة كبيرة، ولكنه اليوم اصبح خرافيا، مركبات وسيارات عديدة تجوب الشوارع، منها (اتوموبيل) كما كان يقال للسيارة من قبل، ومنها يجره (الحمير) بعد ان ارتفعت اسعار الخيل والحصين واعتقت من مهنة (الجر) والدفع، ومنها ذوات الدفع الثلاثي (الركشات) التي صار تعدادها اكثر من عدد الفنانين، الذين ضربوا الرقم القياسي في وقت من الأوقات، ومنها دفع رباعي وامامي وخلفى الى آخر انواع الدفع، الذي اوجد الدفع بالتقسيط والتمويل الشخصي الذي زاد الطين بله وهو سبب اكتظاظ الشوارع والطرق بتلك المركبات العديدة التي تجوب شوارع الخرطوم وتنفث السموم في سمائنا واجوائنا، هذا فضلا عن الشاحنات الثقيلة والمتوسطة والصغيرة والبصات والحافلات السفرية التي غصت بها الموانئ البرية ومواقف المواصلات الداخلية والبرية التي تسلك الطرق البرية القومية. كم هائل وجيش جرار من المركبات يحتاج بالطبع الى جيش جرار مثلة من جنود المرور المدربين الاكفاء (بسكون الكاف وفتح الفاء) الماهرين في تسيير وتنظيم حركة المرور لكي تنساب بسلاسة وعفوية ونظام ورفع درجة السلامة لا سيما في التقاطعات الهامة والحرجة التي تتكدس عندها تلك المركبات وبخاصة في ساعات الذروة التي اصبحت تغطي جل ساعات النهار والليل دون ان يكون لها حدود أو تتراجع قليلا. يبذل جنود المرور في ولاية الخرطوم جهودا جبارة مشهودة ظاهرة للعيان في شتى طرق وشوارع وتقاطعات واشارات المرور المنتشرة على نطاق كافة وانحاء ومحليات الولاية، وكمثال فقد لاحظت الوجود المكثف لهم في منطقة سكني على طول شارع الستين (بشير النفيدي)، الذي يعتبر من اطول شوارع الخرطوم واكثرها حركة وانشغالا وتعقيدا، ويتواصل وجودهم منذ الساعات الأولى للنهار الى الليل وآخره، بنفس الكثافة والمهارة والقدرة الفائقة والمهنية العالية. وتصعب مهمتهم طبعا في فصل الصيف أطول فصل في السودان،وبالطبع في الخريف عند هطول الامطار الغزيرة وحركة السيول والفيضانات التي تغمر الشوارع (غير المؤسسة تاسيسا هندسيا). ومما يزيد صعوبة وتعقيد مهمة رجال المرور جهل معظم قائدي المركبات باصول وقواعد المرور السارية والضوابط التي تحكم السير في مسارات الشوارع المختلفة والفوضى العارمة من المركبات الكبيرة وتلك الركشات التي انتشرت بشكل يشكل تهديدا كبيرا وخطيرا لحركة وانسياب المرور وسلامة الركاب والمركبات على حد سواء. في هذه السانحة دعوني أشد على ايدي جنود المرور في ولاية الخرطوم فردا فردا، وكذا على كل الجنود المجهولين الذين يسهرون الساعات الطوال وراء اجهزة المراقبة والكاميرات التي تراقب حركة المرور في كافة انحاء الولاية، والى كل افراد ادارة المرور، بكامل شعبها المختلفة، من قمة الهرم الاداري المكتبية الى قاعدته الميدانية المرئية في ارض الواقع والتي تشارك بفعالية في تسيير عجلة السير ويواصلون جهودهم وتواجدهم ومشاركتهم الفعالة والامينة الصادقة من اجل راحة وسلامة المواطنين وممتلكاتهم التي تقدر بالاف المليارات وهي تجوب الشوارع والطرقات. والى كافة اولئك الذين يعملون على فض المنازعات والاشكالات الناجمة عن المخالفات المرورية والذين يهرعون الى مسارح الاحداث لتسيير وفك الاختناقات الناجمة عن الحوادث المرورية، وانادي من هذا المنبر بتحفيزهم وتكريمهم بشكل دوري في احتفالات قومية واقترح ان يقام اسبوع تكريم لرجال المرور على غرار اسيوع المرور نحتفي فيه بتكريم اولئك الجنود المجهولين وتقديرهم بالشكل والصورة اللائقة بهم. تقام فيه الندوات التوعوية والارشادية المفتوحة يتحدث فيها المختصون بشئون السلامة المرورية وتخطيط الطرق وغيرها من مواضيع ذات الصلة بالعمل المروري، ويشهد فعاليات اخرى تتعلق بعمل شرطة المرور والدور الكبير الذي يضطلعون به وأعمالهم الكبيرة تجاه المجتمع.