بات سيناريو تأجيل الانتخابات البرلمانية والتشريعية أبريل المقبل بالسودان واجراء الرئاسية متداولاً بشكل واسع، وبحسب مراقيبن فان هذا السيناريو يمثل مخرجاً للحكومة من التحديات العديدة التي تواجه العملية الانتخابية التي تأتي في ظل تغيرات سياسية واقتصادية كبيرة تشهدها البلاد، أهمها إستمرار الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق والتي دخلت عامها الرابع الى جانب الحرب في دارفور لاكثر من (12) عاما، اضافة الى الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد الذي أعقب انتخابات 2010 التي جرت في اجواء سياسية ضمن استحقاق اتفاقية السلام التي وقعت مع الحركة الشعبية لتحرير السودان كلاعب أساسي في الساحة السياسية قبل انفصال جنوب السودان، في وقت انطلقت حملة (نداء السودان) من القوى المعارضة لمقاطعة الانتخابات تحت شعار (ارحل)، وستدشن خطة عملها عبر ندوة في دار حزب الامة الاربعاء المقبل . تلك الاجواء في العام 2010 اتاحت للاحزاب السياسية المشاركة في العملية الانتخابية منذ بداية التسجيل وحتى عملية التصويت، وقد صاحبتها حملات انتخابية وانشطة سياسية واسعة دون مضايقات تذكر من قبل اجهزة النظام، على عكس الاجواء الراهنة التي تشهد اجراءات امنية وصفتها المعارضة بالمتشددة والمتعسفة وانها اعادت الى الاذهان السنوات الاولى بعد انقلاب 30 يونيو 1989، لا سيما التعديلات الدستورية التي ادخلت في قانون جهاز الامن والذي تحول الى قوة عسكرية موازية للجيش السوداني . المجتمع الدولي يمتنع عن تمويل الانتخابات المشكلة الأخرى التي تواجه الحكومة هي امتناع المجتمع الدولي تمويل الانتخابات، وبحسب المفوضية فان الانتخابات تكلف 800 مليون جنيه سوداني، وهو رقم كبير يرهق ميزانية الدولة، التي تعاني اصلا من ازمة إقتصادية، على عكس الانتخابات الماضية شاركت عدة دول اوربية في تمويل الانتخابات، تمويل العملية ضاعف من محنة الحكومة التي تلهب ظهرها المشاكل والاضطرابات وتطاردها حتى من بين اعضاء حزبها احجام المنظمات الدولية من تمويل الانتخابات ومراقبتها، وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد رد غاضباً في احدى مخاطباته بقوله ان بلاده في غنى عن التمويل الخارجي للعملية الانتخابية لانها قادرة على تمويلها ذاتياً . لكن محللاً سياسياً تحدث الى (عاين) فضل حجب اسمه يرى أن قضية الرقابة الدولية لن تمثل عقبة كبيرة وان الحكومة لديها القدرة في ان تجد دعماً من دول اخرى روسيا والصين وبعض الدول العربية والافريقية، بان تطلب منها ارسال مراقبين للمشاركة في الانتخابات، ويضيف (وقد التزم الاتحاد الافريقي بارسال هيئة لمراقبة الانتخابات برئاسة اولسنجو اوبسانجو رئيس نيجريا الاسبق الى جانب ان هناك منظمات محلية يمكنها المشاركة)، لكنه يقول (أكبر مخاوف الحزب الحاكم ان لا تجد العملية الانتخابية اقبالاً كبيراً من المواطنيين وقد شهدت عملية التسجيل في السجل الانتخابي عزوفاً غير مسبوق وعدم اشتراكهم اصلا في السجل الانتخابي). المعارضة تخطط لحملة واسعة للمقاطعة ودعت احزاب المعارضة عن حملة مليونية لمقاطعة الانتخابات ينتظر إنطلاقها الاربعاء القادم في دار حزب الامة القومي تحت شعار (ارحل) الى جانب مشاركة قطاع كبير من الحركات الشبابية يدعو ويحرض الناخبين بمقاطعة عملية الاقتراع، وستدخل هذه الخطوات حال تنفيذها مأزقاً حقيقياً وتحدي كبير لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، ويرى مراقبون ان ما يعزز تلك المخاوف والفرضية هو ماعبر عنه نائب رئيس الحزب ابراهيم غندور الذي توعد المعارضة بان تلك دعوات مقاطعة الانتخابات تمثل تحريضا يجرم من يقوم به، مشدداً على الحرص على سلامة الإجراءات لتحقيق أركان العملية الديمقراطية التي تحقق التداول السلمي للسلطة، وقد اكدت الشرطة على جاهزيتها في تأمين وحماية العملية الانتخابية . ويقول الناطق الرسمي بإسم تحالف قوى الاجماع الوطني، بكري يوسف ل(عاين) ان قوى المعارضة قررت بان تكون المقاطعة ايجابية، واوضح إن المعارضة قررت اطلاق حملة بمشاركة كل القوى التي وقعت على اتفاق "نداء السودان"، ولفت الي ان الحملة تشمل على لقاءات جماهيرية في الأسواق وأماكن التجمعات العامة لدعوة الجماهير لمقاطعة الانتخابات، ويشير الى ان قوى الاجماع بصدد تكوين رابطة في كل دائرة انتخابية لتحريض المواطنين لعدم الخروج من المنزل والتصويت، واضاف ان المعارضة ستدشن في الرابع من فبراير المقبل ومن داخل دار حزب الامة القومي حملة المقاطعة التي تشمل فتح 30 مركز انتخابي في دور الأحزاب حيث يصوت الجماهير على بطاقة مكتوب عليها (أنا مقاطع الانتخابات) لعدم نزاهتها ولاستمرار الحرب وحالة الطوارئ والاوضاع الاقتصادية والمعيشية الخانقة. ومن جانبه يقول انس احمد خريج جامعي في حديثه مع (عاين) انه لايشعر بان هناك انتخابات أصلاً، ويضيف (الحكومة في وادي والمواطن في وداي آخر تماماً) ويشير الى ان المواطن السوداني والشباب خاصة يعانون من البطالة وانتشار المحسوبية وان فرص العمل اصبحت (حكرا علي اولاد المصارين البيض) اما بقية الشباب فليس امامهم سوى البحث عن الهجرة للخارج عبر الصحراء والفيافي والوديان والجبال والبحار، واوضح ان هذه الانتخابات مضروبة ولن نكترث لها لكننا في ذات الوقت لن نقف مكتوفي الايدي ونقول انها مخجوجة ومزورة بل سنقاومها ونحرض الاخرين على عدم المشاركة فيها. لكن المعلم اسماعيل عمر يختلف في افادته عن محدثنا السابق ويقول اسماعيل في حديثه مع (عاين) ان الانتخابات هي استحقاق واجب قيامها حتي لايحدث فراغ دستوري يجعل الباب مفتوحا لتدخل الدول الاجنبية وتفادي مع حدث ببعض دول الجوار مثل اليمن وليبيا وسوريا، اما منذر ياسر صاحب محل اكسسورات بالخرطوم فيقول ل(عاين) ان مبلغ الانتخابات البالغ حوالي 800 مليون كان اولى به الصحة والتعليم والمشاريع الزراعية بدلا من مسرحية معروف نهايتها وابطالها. ومن جهته يقول احمد التاي صاحب عربة (كارو) لبيع مياه الشرب ل(عاين) انه لايعرف ان هناك انتخابات قادمة لانه يقضي كل يومه على عربة (الكارو) واشار الي انه يسمع في المنزل من زوجته او في المسجد الحديث عن الانتخابات، ويقول (هناك اشخاص من ذوي العمم الكبيرة اصبحوا يتوافدون على الحي وقد وعدوا ببناء شفخانة وتوصيل شارع الاسفلت الي منطقتهم واكمال بقية فصول المدرسة وتجديد بناء السور الخارجي الذي تعرض للانهيار في غالبية جوانبه. يقول المحلل السياسي البراق النذير ل (عاين) ان اعلان اجراء الانتخابات هي عباراة عن موقف تفاوضي بين الحزب الحاكم مع الاحزاب وكرت ضغط، يضيف ان الانتخابات استهلكت من الحكومة الكثير من الجهد والوقت والمال وذلك لتزكية استمرار وجودها في السلطة خصوصاً في مواجهة العالم الخارجي، ويشير الى ان المواطن السوداني يتجاهل هذه العملية برُمّتها أصبح هاجساً ماثلاً يهدد الزخم الذي يحاول الحزب الحاكم أن يخلقه، واوضح ان هذا الزخم لم يتوقف عند إعلان وتكوين مفوضية للانتخابات مختلف على نزاهتها برئاسة مختار الأصم، ولكنه تمثَّل أيضاً في الدعاية الكثيفة التي انتظمت الإعلام الرسمي والتصريحات حول عدد المسجلين للمشاركة فقد صرَّحت المفوضية عبر رئيسها أن التسجيل فاق 13 مليون، وهو رقم بخلاف أنه غير منطقي مقارنة بالتعداد السكاني عقب الانفصال . ومن جهته يقول القيادي في قوى الاجماع الوطني صديق يوسف ل(عاين) ان موقف قوى الاجماع واضح ومعلن وهو مقاطعة الانتخابات، ويؤكد على تدشين حملة للمقاطعة في الفترة المقبلة عبر سلسلة من الندوات والبوسترات في الشوارع تحث المواطنين علي مقاطعة الانتخابات، واوضح ان الاحزاب التي دخلت في الحوار مع الحكومة ايضاً اعلنت رفضها اجراء الانتخابات، ولفت الي ان اصرار المؤتمر الوطني علي قيام الانتخابات وتمسكه بها انهى العملية الحوارية، وقطع بعدم مشاركة القوى السياسية المعارضة في اي انتخابات اوالحوار دون وقف الحرب والغاء القوانين المقيدة للحريات وتفكيك النظام وتشكيل حكومة انتقالية . وفي دوائر المؤتمر الوطني أكد مصطفى عثمان إسماعيل جاهزية الحزب لخوض الانتخابات على كافة المستويات، وقال أن المقاطعين للعملية الانتخابية (قلة غير مؤثرة)، واضاف أن أجهزة ومؤسسات حزبه إطمأنت في آخر اجتماع لها على ترتيبات إنطلاق الحملة الانتخابية لمرشحي الحزب. ودعت احزاب المعارضة عن حملة مليونية لمقاطعة الانتخابات ينتظر إنطلاقها قريباً فضلا عن وجود قطاع كبير من الحركات الشبابية يدعو ويحرض الناخبين بمقاطعة عملية الاقتراع، وستدخل هذه الخطوات حال تنفيذها مأزقاً حقيقياً وتحدى كبير لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، ويرى مراقبون ان ما يعزز تلك المخاوف والفرضية هو ما عبر عنه نائب رئيس الحزب ابراهيم غندور الذي توعد المعارضة بان تلك الدعوات لمقاطعة الانتخابات تمثل تحريضا يجرم من يقوم به، مشدداً على الحرص على سلامة الإجراءات لتحقيق أركان العملية الديمقراطية التي تحقق التداول السلمي للسلطة، وقد اكدت الشرطة على جاهزيتها في تأمين وحماية العملية الانتخابية. سيناريو تأجيل الانتخابات البرلمانية مايؤكد صحة سيناريو تأجيل الانتخبات هو التسريب المتعمد للصحف من قبل جهات حكومية والشاهد هنا ما نشرته صحيفة (آخر لحظة) اليومية في الثالث والعشرين من يناير الماضي، عن الامين السياسي لحزب العدالة (الاصل) بشارة جمعة ارو قوله ان الاحزاب المحاورة اتفقت على ضرورة النظر في تأجيل الانتخابات البرلمانية. وقد ارسلت جهات حكومية اشارات لصحيفة (آخر لحظة) المقربة من الدوائر الحكومية عبر تسريبات تتحدث عن سيناريو تأجيل الانتخابات لجس النبض وتلمس ردود الفعل، وذات الاجهزة الحكومية دفعت بخطاب رئاسة الجمهورية بتأجيل الانتخابات الي صحيفة (الاهرام اليوم) بعد مرور خمسة أيام علي ذات الخبر في صحيفة (اخر لحظة) التي اكدت تسلم رئيس البرلمان الفاتح عز الدين قراراً رسمياً من وزير الدولة برئاسة الجمهورية صلاح ونسي محمد خير، نيابة عن رئيس الجمهورية، يفيد بتأجيل الانتخابات البرلمانية، على ان تجري انتخابات رئاسة الجمهورية فقط. وقالت الصحيفة ان رئيس البرلمان ترجأ النواب الموافقة على تمديد اجل البرلمان لاسبوع آخر، بعد ما سبق وان تم تمديد جلساته لاسبوع، بينما اقترح البرلماني عباس الخضر تمديد اجل البرلمان لاسبوعين لتفادي التعجل في اجازة القوانين، غير ان مفوضية الانتخابات اكدت ان الانتخابات في موعدها، ونفت تسلمها خطابا يفيد بتأجيل الانتخابات. 15 مرشحاً يخوضون الانتخابات الرئاسية وكانت مفوضية الانتخابات السودانية قد إعتمدت مؤخراً 15 مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية في مقدمتهم الرئيس عمر البشير، ويدخل ستة مرشحون ينتمون لأحزاب سياسية متوالية مع الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية، والآخرون مستقلون من جملة 18 مرشحاً قدموا أوراقهم للمفوضية وتم رفض 3 طلبات للترشح لمنصب رئيس الجمهورية، فيما قدم مرشحاً رئاسياً آخر طعناً دستورياً ضد ترشيح البشير باعتبار ان ترشحه يخالف الدستور، وذكر مختار الاصم رئيس المفوضية في مؤتمر صحفي بالخرطوم، ان المفوضية ستنظر في الطعون المقدمة، خلال الفترة بين الأول من فبراير وحتى ال14، نافياً تأجيل الانتخابات البرلمانية، وقال أن المفوضية هي الجهة الوحيدة التي تملك حق التأجيل، وأوضح ان هناك تسع دوائر لن تجرى فيها الانتخابات نسبة للأوضاع الأمنية فيها لكنه لم يحددها، مبيناً أنه تم اعتماد 8748 مرشحاً للبرلمان النيابي القومي والولائي. وينتظر ان تنطلق الحملة الانتخابية في الفترة من 24 فبراير الجاري إلى 10 أبريل القادم 2015م، يعقبها (صمت انتخابي) يومي 11 و 12 أبريل، لتبدأ عمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج على مستوى مراكز الاقتراع في 16 في ذات الشهر، ومن المقرر أن يتم نشر كشوفات المرشحين، بعد النظر على اعتراضات الذين لم تقبل المفوضية ترشيحاتهم، وتُقدم الطعون إلى المحاكم في قراراتها برفض الترشيحات، في الأول من فبراير المقبل وحتى السابع منه، على أن يتم الفصل في الطعون في الفترة من الأحد 8 فبراير إلى السبت 14 فبراير 2015م. وتقرر أن يتم نشر الكشف النهائي للمرشحين بعد قرارات المحاكم، في الفترة من الأحد الخامس عشر من فبراير الجاري إلى السادس عشر من الشهر نفسه، وأن آخر يوم لسحب الترشيحات 23 فبراير. البشير لدورة رئاسية ثالثة ورجح مراقبون في حديثهم مع (عاين) فوز الرئيس عمر البشير مرشح حزب المؤتمر الوطني الحاكم لدورة ثالثة قبل ذهاب الناخبين الى مراكز الاقتراع في مطلع ابريل، وتكاد المنافسة تكون معدومة تماما مع بقية المتنافسين الذين لا تساندهم أحزاب ذات شعبية كبيرة، الى جانب مقاطعة احزاب المعارضة الرئيسية للانتخابات، على خلاف انتخابات 2010 التي اجريت قبل انفصال الجنوب، والتي شهدت منافسة حامية بين البشير ومرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان والذي انسحب بقرار من الحركة الشعبية نفسها، وقد انسحب وقتها منافسون آخرون من السباق الانتخابي، ابرزهم الراحل محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي، حاتم السر مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي والصادق المهدي مرشح حزب الامة القومي. وتاتي انتخابات 2015 عقب تعديلات مهمة في الدستور الانتقالي لعام 2005وقانون الانتخابات، حيث اجاز البرلمان السوداني تعديلا بتعيين الولاة بدلا من انتخابهم مباشرة، وعد مراقبون هذه التعديلات مصادرة لحق المواطن في اختيار من يمثله، وكان الرئيس البشير قد برر هذا التعديل بسبب تفشي الجهوية والقبيلة داخل حزبه، ويعطى التعديل حق ترشيح ما بين ثلاثة الى خمسة مرشحين يختار من بينهم رئيس الجمهورية مرشحا على ان لايخرج من القائمة التي قدمت له، وبنظرة خاطفة علي المرشحين الذين ينافسون البشيرعلى منصب رئيس الجمهورية نجد شخصيات من الوزن الخفيف بل ان بعضهم غير معروف اصلا، وابرز المرشحين في انتخابات الرئاسة الى جانب عمر البشير هم : فاطمة عبد المحمود عن الاتحاد الاشتراكي، فضل شعيب رئيس الحقيقة الفيدرالي، وياسر يحيى صالح عبد القادر عن حزب العدالة، محمد الحسن حزب الاصلاح الوطني . وتشترط المفوضية للترشيح، لرئاسة الجمهورية دفع مبلغ (10) ملايين جنيه كأمنية، بالإضافة الى حصول المرشح على تزكية 15 ألف ناخب من 12 ولاية، على أن لا يقل عدد المؤيدين من كل ولاية عن 200 ناخب في قائمة معتمدة من اللجنة العليا بالولاية بختم وتوقيع رئيس اللجنة العليا المعنية، ولتحفيز احزاب (الزينة) كما يطلق عليها تنازل حزب المؤتمر الوطني عن 30% من الدوائر الجغرافية لحلفائه من الاحزاب التي تشاركه في الحكومة ابرزها حزب الاتحادي المسجل بقيادة جلال الدقير واحزاب الامة المتعددة والتي انشقت عن حزب الامة القومي بزعامة الصادق المهدي، مثل ماحدث في الانتخابات الماضية 2010، والتي انتهت بشراكة بين تلك الاحزاب والحزب الحاكم .