الناظر الي مجريات الامور في عالمنا المعاصر يري وبوضح ان العالم يشهد ومنذ احداث سبتمبر 11 من العام 2001 ونتائجها مرورا بغزو واحتلال دولة العراق وماترتب علي ذلك وليس اخيرا احداث مايعرف بالربيع العربي نوعا من الحرب العالمية الغير معلنة من اختلالات استراتيجية مخيفة الي تدهور الاقتصاديات والحروب الاقليمية والطائفية من مركز الحدث في "عراق" مابعد الغزو والاحتلال والاقاليم والامصار المجاورة.. الخسائر المترتبة حتي اليوم ناهيك عن المتوقعة اذا استمر الحال علي ماهو عليه لاتقل كثيرا عن الخسائر المترتبة علي الحروب العالمية. ولاحديث بالطبع عن الفظائع والهلوكوست المعاصر وذبح وسلخ الناس احياء وقصة داعش التي نصبت نفسها مقاومة عراقية دون تفويض من اهل الحق والمعارضين لتلك الحرب الهمجية.. داعش تلك الكائنات التي لم يري الناس مثلها من قبل دموية وحيوانية وبشاعة وعدوان لم تسلم منه حتي الاحجار الشاهدة علي الحضارات وتاريخ الامم واجراس الكنائس وليس اخيرا القتل علي الهوية سنيا كنت او شيعيا مسيحيا او كرديا او من اتباع الطائفة اليزيدية. بروز هذه الجماعة المتهوسة بافعالها الدرامية الدموية ترتب عليه بصورة مباشرة توسيع دائرة التدخلات الاجنبية التي كانت متراجعة تدريجيا بعد خروج قوات الاحتلال والاعتراف الامريكي الغير معلن بخطأ الغزو واحتلال دولة العراق وبعد المحاولات العراقية الداخلية لايجاد معادلة تنهي الهمينة الايرانية الواضحة علي دولة العراق عن طريق الوكلاء العقائديين والايديولوجيين في الاحزاب الدينية وجماعات التشيع السياسي التي لاتمثل اغلبية الطائفة الشيعية مثلها مثل الاقليات الاخري في جماعات الاسلام السياسي وسط الاغلبية السنية في بقية العالم الاسلامي. العراق الراهن بسبب الاخطاء القديمة المتراكمة منذ الغزو المخالف للقوانين والاعراف الدولية وبسبب عدم الواقعية الامريكيةوالاممية في فهم وتحليل نتائج الغزو وكنتيجة مباشرة لبروز ماتعرف بمنظمة داعش تحول اليوم الي مسرح لحرب عالمية جزئية مدمرة تقضي في كل ساعة علي الناس والموارد وتعزز الكراهية الدينية التي يسدد ثمنها للاسف اغلبية الابرياء في الطوائف الدينية المتناحرة الذين اصبحوا بين مرمي نيران المليشيات والمنظمات الدينية الحزبية في العراق وسوريا. الي جانب ذلك فقد اسفر بروز منظمة داعش الغريبة الاطوار الي مسرح الاحداث في العراق وسوريا عن اصدار شهادة براءة للنظام العقائدي في ايران وبقية المنظمات الدينية العراقية التابعة له والتي اصبحت ومن مفارقات القدر تصف نصفها الاخر في جماعات الاسلام السياسي بالارهاب و تدعي لنفسها الانسانية والمدنية والتحضر والحرص علي الارواح والديمقراطية في ظل اتساع نطاق العنف الغير مسبوق في تاريخ العالم المعاصر والتمادي الايراني في الاطماع والتوسع في نشر الفتنة والحروب الطائفية. الخطأ الامريكي المزمن الذي يصل الي حد الفصام في فهم الامور وقضايا الامن والسلم الدوليين يتمثل في الاعتماد علي العضلات دون العقل والاعتمادعلي العراقيين من اتباع ايران الرسميين والحزبيين في مواجهة منظمة داعش واخماد فتنة العراق الدامية دون بقية العراقيين وهولاء لايقاتلون داعش تطوعا او من اجل السلم والديمقراطية وحقوق الانسان التي لايوجد لها اي اعتبار في قبلتهم الايديولوجية في طهران وانما يفعلون ذلك لان لديهم اجندات معلومة ومعروفة واطماع مستقبلية في الهيمنة. في ظل هذه التطورات المخيفة جاء في الاخبار ان السلطات العراقية قد قتلت نائب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عزة ابراهيم المتخفي منذ سنين طويلة في ظل نفي ضعيف من قبل حزب البعث بوجود القائد التاريخي علي قيد الحياة وهو امر استبعده الكثيرون. السلطات العراقية احتفت بالعملية واعتبرتها انتصارا تاريخيا وفتحا مبينا وعرضت مشاهد لجثة مفترضة للسيد الدوري مسجاة في انتظار الفحوصات الطبية ولم ينسوا ان يصحبوا الامر باناشيد المليشيات الدينية الطائفية التي تمجد انتصاراتهم علي نصفهم الاخر في منظمة داعش التي يختلفون عنها بصورة نسبية وفي الذكاء والقدرة علي اختراق الاحداث وتسويق انفسهم وافكارهم الخمينية علي حسب الظروف والمتغيرات السياسية. حزب البعث الذي كان يحكم بقايا حطام من اخر دولة عراقية قبل الغزو وانهيار الدولة نفسها علي مراحل ظهر في بدايات الاحتلال بخطاب معقول وتحليل رصين ودقيق للازمة وتوقعات حدثت لاحقا بادق التفاصيل في ظل استنكار ورفض دولي للغزو واحتلال العراق في معظم دول واقاليم العالم حتي امريكا نفسها التي كان لقواها الاجتماعية ونخبها الفكرية وبعض السياسية نصيبا معتبرا في معارضة الغزو والاحتلال والتخوف من النتائج المترتبة عليه ولكن الحزب اختفي تدريجيا مع خطابه السياسي من مسرح الاحداث مما اعطي الفرصة للبعض من خصومه الخمينيين باتهامه بالتعاون مع منظمات العنف المشبوهة . يعتبر طارق عزيز المسيحي الهوية و نائب صدام الاخر المعتقل في سجون الحكومة العراقية من الناجين نسبيا من الموت وحتي اشعار اخر في ظل مصير مجهول اما عزة ابراهيم يعتبر الزعيم العراقي الوحيد من مساعدي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي افلت من مشانق الاحتلال وحكومات رجال الدين الخمينية والذي قالت الحكومة العراقية الراهنة بقتله امس الاول. اصدر عزة الدوري في اخر ظهور اعلامي له بيانا رصينا ادان فيه منظمات العنف والتشدد الديني والعصابة المساماة بداعش واعلن ايضا عن دعمه للخطوات التي قام بها التحالف العربي والدولي لدعم الشرعية في اليمن في مشهد يذكر بالعراق القديم المتماسك عندما كان جزء لايتجزاء من معسكر الوسطية العربية قبل ان ينقلب علي ذات المبادئ التي عمل من اجلها يوم ان تورطت قيادته في حماقة غزو واحتلال دولة الكويت التي كانت بمثابة البيت الكبير لمعظم النخب الفكرية العربية والقوميين والاشتراكيين العرب بصفة خاصة. التاريخ لن يعيد نفسه بكل تأكيد فقد ذهب نظام صدام الي الابد ولن يعود والمتبقي منه يتمثل في نخب فكرية وسياسية من حزب البعث ويحتاجون الي بذل جهد كبير لاختراق الواقع المعاصر في منطقتهم وفي العالم واعادة تقييم تجربتهم في الحكم بكل هدوء وعقلانية وتقديم مقترحاتهم وتصوراتهم لحل مشكلات بلادهم والمقابر الجماعية المجاورة لهم ما استطاعوا الي ذلك سبيلا. عودة الي موضوع مقتل عزة الدوري سواء صح الخبر او لم يصح فهذا لن يغير مثقال ذرة في المشهد العدمي والعبثي الراهن والدمار الاقليمي المتصاعد الذي ينذر بحريق لايبقي ولايذر وسيبقي الحال علي ماهو عليه حتي توجد الارادة التي تفرض جلوس كل العراقيين باستثناء الاحزاب الدينية سنية او شيعية علي مائدة حوار واحدة والاتفاق علي بناء مؤسساتهم وجيشهم الوطني و دولتهم القومية وعلي الذين تسببوا في واقع العراق الراهن امتلاك الشجاعة وتصحيح الاخطاء وتحمل المسؤوليات الاخلاقية قبل القانونية والمساهمة في اعادة بناء دولة العراق القومية الاستراتيجية الهامة وتفكيك المليشيات الدينية والحزبية قبل ان يسفر الامر عن حروب شاملة تقضي علي منجزات الحضارة الانسانية التي اصبحت اليوم مهددة في الصميم . اطفاء الحريق الاقليمي المتصاعد يتطلب النظر الي ماهو ابعد من العراق وايجاد صيغ مماثلة لاعادة بناء الدولة الليبية والمتبقي من الدولة السورية دون هدمه لصالح المجهول ودعم وتعزيز العملية السياسية في مصر الشقيقة الدولة الوحيدة الناجية نسبيا من الفتنة التي كانت علي وشك الحدوث ومن خطر الدمار وانهيار الدولة بسبب قومية وحنكة واحترافية جيشها الوطني ووعي شعبها ونخبها الفكرية والسياسية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. /////////////