كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلان الدوحة حول مقررات ورؤى المجتمع المدني الدارفوري ... ما له وما عليه .. بقلم: أبكر محمد أبوالبشر
نشر في سودانيل يوم 04 - 12 - 2009

في البدء لا بد أن نثمن عالياً مبدأ مثل هذه الاجتماعيات التشاورية الشاملة، لأن الحوار الجاد والخالص هو الطريق الصحيح للوصول إلى الأرضية المشتركة في المضي قدماً لحل المشكلة السودانية في دارفور.
نحن في حركة/جيش تحرير السودان لنا سبق الشرف في التشاور مع القواعد، فقد عقدت الحركة مئات الإجتماعات الجماهيرية على مستوى مناطق سيطرتها، وشاورت الناس في طرحها، وما كان التأييد الذي وجدته حينها إلا دليلاً على تكامل أهدافها مع طموحات المواطن. كما كان للحركة السبق في دعوة أهلنا من دارفور كخبراء في ملف تقاسم الثروة أثناء المفاوضات التي جرت في أبوجا في العام 2006م، إذ وجدناهم خير معين ومستشارين للهدف المنشود، فلهم منا من الشكر أجزله – لا نريد ذكر أسمائهم هنا لأنهم أرفع من التعرف في الإعلام – كما أننا استقبلنا أعداد كبيرة من أهلنا ممثلين لزعماء العشائر – سلاطين ونظار وشراتي وعمد – وتنظيمات نسوية في أكثر من مرة ومنظمات المجتمع المدني ممثلة في "منبر دارفور" إذ مكث ثلاثة من أعضائه معنا في مقر المفاوضات في الجولة الأخيرة لأكثر من شهرين متواصلين يسدوننا النصح الغالي في جماعات وأفراداً. لقد رأيت أسماء كثير من الأخوات وزعماء العشائر والخبراء وأعضاء منظمات المجتمع المدني الذين إلتقيناهم في المفاوضات مشاركين في الاجتماع التشاوري الذي عقد في الدوحة (قطر) في الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر الجاري، وأحسب أنهم عكسوا كثيراً مما كان يدور في أبوجا.
لكن في نهاية المطاف فشلت مفاوضات أبوجا في أن تحقق السلام العادل المستدام في دارفور، ويبدو أن جهدكم هذا موجه في اتجاه تصحيح المسار. من هذا المنطلق نرى أنه من الضرورة بمكان أن نوضح بشئ من الإيجاز بعض مسببات فشل مفاوضات السلام في أبوجا.
1- المواجهة العسكرية المباشرة ضد الحكومة المركزية التي انطلقت من بلدة "قولو" بجبل مرة في يوليو 2002م، قد قامت قبل استكمال الإعداد الكامل للثورة، أي أن الرؤية السياسية وما يؤسس عليها من برامج لم يكتمل إعداده آنذاك، لذا تم تسمية الحركة ب"حركة تحرير دارفور" ثم عدل لاحقاً إلى "حركة/جيش تحرير السودان". ونتيجة لتحقيق الإنتصارات العسكرية المتلاحقة ضد الحكومة، لم تجد الحركة المسلحة سبيل أمام ضغوط المجتمع الدولى سوى الإستجابة للجلوس للمفاوضات مبكراً قبل استكمال بناء الجسم السياسي المتكامل. هذه الأحداث المتسارعة فتحت الباب على مصراعيها فدخل عدد كبير من الإنتهازيين غير الوطنيين في الحركة المسلحة، والدليل على ذلك أن الحركات التي تأسست بعد إتفاقية أبوجا ثم وقّعت على ما تم تسميته إعلان الإلتزام (Declaration of Commitment) جميعهم انتهازيون عدا فصيلا مني أركو مناوي وأبوالقاسم إمام.
2- كان هم المجتمع الدولي حل الأزمة الإنسانية والأمنية لسببين رئيسين هما؛ (أ) الضغوط المتزايدة من المجتمعات الغربية لحكوماتها في الإسراع لحل المشكلة الإنسانية في دارفور (ب) في ظل إعتقادهم بفشل زعماء الحركات في أن يثبتوا للمجتمع الدولي في أن لهم رؤية سياسية واضحة وموحدة لحل القضية السودانية في دارفور.
3- زعماء الحركات المسلحة في دارفور كانوا شيعة متفرقة، كانوا يرون أن السلطة قد دنت وبدأ التنافس الغير شريف على منصب زعيم دارفور الجديد، ولم يراعوا علاج جذور الأزمة وأن حالتنا هذه هي حالة تأسيس الدولة السودانية التي لم تؤسس بعد.
4- بعض الوفود التي أتت من الداخل لدعم عملية السلام في أبوجا، كانت مهمتها تعميق الخلاف السياسي وسط أبناء دارفور. مثال ذلك أن بعض أعضاء الوفود كانوا يروجون ويصرون على إبقاء الوضع الحالي للولايات الثلاثة في دارفور ولن يقبلوا بالإقليم الواحد والذي بداخله عدد من الولايات بوهم أن ذلك سيرسّخ سيطرة بعض القبائل، بينما تناسوا أن دارفور كانت دولة عاش الجميع فيها على قدم التكافوء، بل حتى قبل تقسيمها إلى ولايات كانت دارفور إقليماً واحداً ومنسجماً. هذه الآراء المتطرفة عن اجماع أهل دارفور جعلت كثير من قيادات الحركات المسلحة أن تتوجس من السماع للوفود القادمة من دارفور بحجة أنها تحمل آراء المؤتمر الوطني حتى وإن كانت النصائح وطنية وخالصة لوجه الله تعالى.
هذا ما كان في أمر المفاوضات للتذكير وللتأكيد بأن أبناءكم في الحركات المسلحة لم ينفردوا باتخاذ قرار يخص أمر دارفور دون مشورة الأهل – لكن قد يختلف الناس في تفسير عملية أخذ الرأي - وهنا يجب أن نعترف نحن في الحركات المسلحة بأن الفئة الاجتماعية الوحيدة التي لم تتم استشارتها مباشرة، هي فئة النازحين المتواجدين في مناطق تسيطر عليها الحكومة تحت رقابة منظمات المجتمع المدني الدولية إذ كانت عملية التشاور تجري بصور فردية وبطرق مختلفة وذلك لظروف تلك المرحلة. وإذا كان ذلك هو ماضي مرحلة من مراحل الصراع الجاري في دارفور، لذا وجب تفادي سلبيات الماضي إذا أردنا مخلصين أن نصحح تلك السلبيات والتي نراها معضلات رئيسية أمام تحقيق السلام العادل المستدام في دارفور:
أولاَ: أول تصحيح لهذه السلبيات هو مشاركة كل فئات مجتمع دارفور وبنسب متساوية. لكن يبدو من قائمة الأسماء الموقعة على الإعلان أن فئة النازحين واللاجئين غائبة في هذا الاجتماع التشاوري كما أن نسبة أعضاء حزب المؤتمر الوطني تفوق نسب الفئات الأخرى، إذن هذا هو أول فخ وقع فيه الباحث الجديد عن الحل العادل لمشكلة دارفور.
ثانياً: أول فقرة في إعلان الدوحة تقول "أن النزاع في دارفور هو صراع سياسي تنموي واجتماعي". نعتقد أن هذا تشخيص غير موفق من المجتمين في اللقاء التشاوري الأول، إذ أن الحقيقة هي أن أصل المشكلة في دارفور هي سياسية وما عداها هي تبعات للخلل السياسي المتأصل في البلاد عامة، مثلاً (أ) في البدء عندما قامت حركة/جيش تحرير السودان في نهايات العام 2002م بمواجهة الحكومة المركزية مباشرة، ما كان ذلك ممكناً لو لا اكتشاف الحركة آنذاك لبرامج الحكومة المركزية الخاص بالتطهير العرقي لقبائل بعينها في ذاك الزمان، لكن لاحقاً وضح جلياً بأن برامج الحكومة المركزية ممرحل لتشمل كل قبائل دارفور، وما الصراعات المسلحة الحديثة بين القبائل العربية الدارفورية إلا دليل قاطع على ذلك. (ب) وفي موضع آخر نجد أن عدم التنمية في إقليم دارفور مرده في الأصل الخلل السياسي في المركز، وأقرب مثال لذلك موضوع طريق الإنقاذ الغربي. (ج) الأمثلة الحية كثيرة في الخلل السياسي المركزي، نورد منها ما تم الإتفاق عليه في أبوجا 5/7/2005م إذ تنص الفقرة 16 من إعلان المبادئ بأن كل ما يتم الإتفاق عليه من قبل الأطراف يجب أن تضمن في الدستور القومي وبما أن الإرادة السياسية الوطنية للنخب الحاكمة في المركز منذ الاستقلال؛ بل وقبلها بكثير، مفقودة تماماً لم يتم تضمين إتفاقية سلام دارفور الموقعة في أبوجا 5/5/2006م في الدستور القومي للبلاد. وبما أن هذه هي أمر الإتفاقيات بشهادة المجتمع الدولي ما بال طلبكم المتواضع الذي ينص في الفقرة 2.3.10 بأن تعتبر إتفاقية سلام دارفور المرتقبة جزءاَ لا يتجزأ من دستور جمهورية السودان. هنا نرى أنه لا توجد لديكم رؤية واضحة لتشخيص المشكلة الدارفورية لذا عليكم أن تتبنوا على أقل تقدير ما خلص عليها لجنة حكماء إفريقيا، إذ تنص إحدى فقرات تقريرهم الشامل في شهر أكتوبر المنصرم أن جذور المشكلة في دارفور سياسية محضة تتمثل في عدم التمثيل العادل للإقليم في الحياة السياسية في السودان The roots of the Darfur conflict lie at its unequal incorporation into Sudan وفي موقع آخر ذكر تقرير الحكماء، بأنه وفوق كل الإعتبارات يجب مواجهة مشاكل السودان الرئيسية إذا كان الهدف هو تحقيق سلام مستدام في دارفور. Above all that the fundamental problem of Sudan must be confronted if lasting peace for Darfur is to be realized. هكذا إعلن حكماء إفريقيا بشجاعة في وجه الحكومة وللعالم أجمع بأن المشكلة سياسية في عموم البلاد وما يجري في دارفور انعكاس لذلك، إذن من باب أولى أن نكون نحن أصحاب القضية أكثر وضوحاً في تعريفنا للمشكلة ولا نجاري الحكومة في وصفها للمشكلة بأنها قبلية تارةً وتنموية تارةً أخرى.
ثالثاً: واضح من الإعلان بأن الأهل الذين اجتمعوا في الدوحة قد تحولوا من فريق ضاغط قوي لطرفي النزاع المسلح في دارفور إلى فريق مفاوض وذلك بطرحهم لأجندة المفاوضات المفصلة في وسائل الإعلام العالمية دون وجود الطرف الثاني للتفاوض معهم للوصول إلى اتفاق مرضي. أما التفاصيل الكثيرة التي وردت في الإعلان نعتقد أنها خطأ تكتيكي وقع فيه الأهل في اجتماعهم هذا إذ الصحيح في حالات التفاوض أن تطرح التفاصيل عندما تجلس حول طاولة المفاوضات فقط. كما أننا نلاحظ بشيئ من الريبة أن الإهتمام بموضوعي الترتيبات الأمنية وتقاسم الثروة كان أكبر من الإهتمام بموضوع تقاسم السلطة، لأن السؤال الحقيقي في هذا الموضع هو كيف لكم أن تديروا الأمن في الإقليم وتوجهوا التنمية إن لم تكونوا ممسكين بزمام السلطة السياسية الفعلية في الإقليم؟ كما أنه إن لم يوجد لكم تمثيل حقيقي في رأس الدولة بسلطات فعلية من ضمنها حق النقض (الفيتو) فيما يخص أمر دارفور، كيف لكم أن تعيدوا دارفور إلى سيرتها الأولى كإقليم يسع الجميع؟ نقول أن إعلانكم في مجمله دون طموح مواطن دارفور، وفيكم العلماء الأكفاء وخبراء دوليين وسياسيين محنكين وقادة عسكريين يشار إليهم بالبنان وإداريين أكفاء ورجال إدارة أهلية تدرس نظام الإدارة الأهلية القائمين على أمرها في الجامعات الأمريكية والأروبية. هل النتيجة التي خرجتم بها هي نتاج لتأثير أعضاء المؤتمر الوطني في مداولات الاجتماعات؟ أم هي نتاج لتأثير الوسيط المشترك؟ لأن همه الأساسي هو الحصول على أي نوع من الاتفاق بغض النظر عن مضمونه، أم خرجتم بهذا الإعلان إرضاءً لدولة قطر؟ إذ أن المبادرة القطرية جاءت أصلاً لتعطيل أو تأجيل صدور أمر قبض عمر البشير من قبل محكمة الجنايات الدولية، لذا تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية لحل قضية السودان في دارفور وكذلك يفتقرها جبريل باسولي مفوض الوساطة المشتركة. وحتى لا تضيع جهود الأهل دون جني ثمار ناضجة، نرى أن يتحول هذا الجمع الكريم بعد إضافة فئة النازحين واللاجئين وبعد إعادة تشكيله ليكون بنسب متساوية إلى مجموعة ضاغطة وفاعلة، كلمتها تكون مسموعة لدى طرفي النزاع المسلح (الحركات المسلحة والحكومة) بل أيضاً لدى المجتمع الدولى. يكون الضغط على الحركات في إتجاه توحيد صفوفها حول رؤى حل المشكلة والتي تكمن في تأسيس الدولة السودانية برضاء جميع مواطنيها. عندما يتم ذلك لا يهم من يحكم البلاد طالما يحكمه بالطرق التي رسمها أهله برضائهم الحر. ويكون الضغط على الحكومة في إتجاه تنفيذ المعاهدات وأن تلغي القوانين المقيدة للحريات في عموم السودان – أنتم سودانيون فمن حقكم أن تتحدثوا بإسمه – كما يجب أن تضغطوا الحكومة بأن تقدم المسئولين عن الجرائم في دارفور للمحاكمات العادلة بما في ذلك المطلوبين لدي محمكة الجنايات الدولية.هذه المطالب أساسية قبل إجراء المفاوضات الحقيقية وإلا فإننا نحرث في البحر.
رابعاً: إعلان الدوحة يوضح بجلاء تام خطة المؤتمر الوطني بإخراج جبريل باسولي ودولة قطر. ونستدل بالآتي: (أ) استبعاد النازحين واللاجئين في هذا اللقاء التشاوري هي خطة حكومية مقصودة لأنها أيقنت أن هذه الفئة من مجتمع دارفور قد تفهمت قضيتها تماماً وأصبحت متمسكة بالحل العادل الجذري دون مساومة أياً كانت، خاصة إجلاء الأجانب من أرض دارفور وارجاعهم إلى أوطانهم الأصلية ومحاكمة مرتكبي الجرائم في دارفور بالأخص في لاهاي دون إجراء أي تفاوض حول هذين الموضوعين. (ب) كثير من التوصيات التي وردت في الإعلان هي لصالح المؤتمر الوطني؛ الفقرة 2.3.1 ضرورة إعتماد تدابير تضمن المشاركة العادلة لأبناء وبنات دارفور في السلطة على المستويات المحلية والولائية والقومية هذه توصية غير موفقة إطلاقاً لأنه يعني أن المجتمعين قد سلموا أمرهم للمؤتمر الوطني حتى أن السلطة المحلية والولائية يطلبونها من المركز، ماذا بقي لكم من السيادة على دارفور؟ الفقرة 2.3.6 ...وأن يكون التوافق الدارفوري هو الفيصل في تحديد النظام الأمثل للحكم في دارفور خلال الفترة الإنتقالية. في الأساس هذا هو مطلب الحكومة في أبوجا الذي رفضته الحركات. وسؤالنا لكم أين مطلب أهل دارفور الخاص بالإقليم الواحد؟ إنكم حتى لم تؤمّنوا على ما ورد في اتفاقية أبوجا بخصوصها، علماً بأن ما ورد في اتفاقية أبوجا ينص على إجراء استفتاء بشأن الإقليم بحد أقصى في يوليو من عام 2010. أما الفقرة 2.5.2 التي تقول الإبقاء على ملكية الأرض (الحواكير) وتحديد حدودها بواسطة الإدارة الأهلية. فهي أسوأ توصية وهي بمثابة مغالطة للتاريخ الموثّق والذي لا يحتاج إلا إلى التأكيد عليها إذ أن واحدة من إفرازات الحرب والتي تحتاج إلى معالحة هي مسألة الحواكير، فكيف تترك أمرها لإدارات جديدة مستوردة (الإمارات).
خامساً: ورد في الإعلان أن دارفور جزء من السودان الواحد الموحد وسيظل يعمل بكل مكوناته من أجل تحقيق السلام العادل والتنمية المستدامة في كل ربوع السودان. هذه أمنية جميلة ولا تملكون أية آلية نافذة لتحقيقها، وعندما اطلعنا على هذه الفقرة من إعلانكم وردت في ذهننا عدة أسئلة منها: ماذا لو انفصل الجنوب في العام 2011م المقبل؟ هل سيظل دارفور جزءاً من السودان عندما يصبح السودان نفسه غير موحد؟ ماذا عملتم ليظل السودان موحداً؟ وماذا أعددتم في أمر القبائل الدارفورية الرعوية خاصة من جنوب دارفور الذين يقضون معظم أيام السنة في جنوب السودان حين انفصاله؟ ماذا عن رحلة الخريف والصيف بين دارفور والجنوب؛ وهل ستكون إجراءات التأشيرات لدخول الدولة الجديدة لرحلة الصيف سهلة أم معقدة؟ وهل سترفض هذه التأشيرات السنوية من أساسها؟ سقنا هذه الأسئلة لأننا شعرنا أن موضوع انفصال الجنوب لم يناقش رغم أهميته القصوى من منظور التلاحم الاجتماعي المتبادل خاصة بين قبائل التماس والمصلحة الاقتصادية المشتركة بين الإقليمين (الرعي والبترول على الأقل في مربع C) ومن المنظور السياسي والسلمي أين سترسم الحدود بين الإقليمين؟ كما أن عدم الاستقرار في أيِ من الإقليمين سيؤثر سلباً في الآخر.
سادساً: أيضاً واضح من أن المبادرة لم تكن من إبتكار أهل دارفور وبالطريقة الحرة إذ أن طريقة إخراج الإعلان وما صاحبه من مقررات هو نتاج طبيعي لتخطيط جهة خارجية غير دارفورية وطنية وهذه مشكلة رئيسية لأننا سننفذ برامج العدو. أولاً ورد في الفقرة 2.6.5.ز يظل منبر الدوحة المنبر الوحيد للتفاوض .... هنا يجب أن نذكر الجميع أنه تم الاتفاق بين الوساطة المشتركة وكل فصائل حركة التحرير إضافة إلى التحالف الفدرالي في أغسطس العام 2007م في أروشا بتنزانيا حول المعايير التي يجب توفرها لإختيار مكان المفاوضات. وبالتالي نقول بوضوح تام أنه ليس من حق تجمع المجتمع المدني أن يثبت منبر الدوحة مكاناً للمفاوضات إذ أنه ليس مفاوضاً مباشراً وإنما طرفاً في التشاور. وبالتالي نرى أن منبر الدوحة سوف يزيد الأمور تعقيداً (أ) الطريقة التي يدير بها جبريل باسولي العملية السلمية في دارفور موجهة إلى إزدياد قوى المجموعات التي تنتهج أسلوب الدكتاتورية في العمل السياسي، وهذا شيئ حملنا السلاح من أجل محاربته (ب) أما توجه دولة قطر فقد إتضح أنه يقوّي التوجه الإسلامي والعروبي وهما أيضاً توجهان نرفضهما في أن يقحما في العمل السياسي (ج) وبما أنكم تدعون الحركات المسلحة بأن تتحلل من الارتباطات الخارجية ... الدعوة نفسها موجهة إليكم بأن تتحللوا من الارتباطات بالأحزاب المركزية خاصة حزب المؤتمر الوطني وإحترام رغبة أهل دارفور في ايجاد حل عادل ومستدام للمشكلة.
أبكر محمد أبوالبشر
ممثل حركة/جيش تحرير السودان لدي الإتحاد الإفريقي
مانشستر، المملكة المتحدة
‏الخميس‏، 03‏ ديسمبر/كانون الأول‏، 2009م.
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.