في أمسية يوم الجمعة الماضي 11/12/2009م وعقب أدء صلاة الجمعة بمسجد الشهيد بالمقرن حزم نقيب الصحافيين السودانيين وعميد كلية الدعوة والاعلام بجامعة القرآن الكريم الاسبق د/ محي الدين تيتاوي حقيبة سفره وامتطي سيارته الآكسنت موديل 2007 متوجها لمنطقته ومسقط رأسه بالولاية الشمالية دون أن يخبر أسرته الصغيرة بضاحية أركويت بغرض الزيارة والتي علموا فيما بعد انها أخطر جولة لرب الاسرة حيث ارتفع حاجب الدهشة لدي أقاربه ومعارفه وأصدقائه حينما عرفوا ان الرجل طرح نفسه وقدم أسمه مرشحا لمنصب والي الشمالية خلال معركة حامية الوطيس جرت أثناء انعقاد جلسات اجتماع الكلية الانتخابية - هيئة الشوري - في نهار يوم السبت الماضي بدنقلا ضمن (5) مرشحين يعتمدهم المؤتمر العام للمؤتمر الوطني بالولاية – وطغي علي اللقاء طابع القبلية بين ممثلي الشايقية والبديرية والحلفاويين والدناقلة ونافس تيتاوي مستشار رئيس الجمهورية لشئون التأصيل البروفيسر أحمد علي الامام ووالي جنوب دارفور السابق المهندس الحاج عطا المنان صاحب شركات شريان الشمال ورئيس الهيئة القومية للإتصالات ووالي الشمالية الحالي عادل عوض ونقيب المحامين فتحي خليل ... فالرجل الذي درس بكلية الآداب (قسم الوثائق والمكتبات بجامعة أم درمان الاسلامية ) في نهاية عقد الستينات من القرن الماضي رغم انتمائه لحركة الاخوان المسلمين إلا أنه لم يعرف له نشاط سياسي وحزبي مثل قادة الحركة الاسلامية الآخرين الذين احترفوا العمل العام وبرعوا في خوض غماره ومعتركه لدرجة التخصص بينما اختار تيتاوي مسارا آخرا يتناسب مع مزاجه العام وهو الاتجاه للإنغماس في مهنة النكد والمتاعب كاتبا وصحفيا ترقي في دهاليز وبلاط صاحبة الجلالة حتي وصل لموقع رئيس التحرير لصحيفة الاسبوع ثم انتهي به المطاف ككاتب مشارك في جريدة (آخر لحظة ) ... وقريب من ذلك حينما أعلن الاكاديمي والدبلوماسي والكاتب الصحفي الدكتور عبدالرحيم عمر محي الدين ترشيح نفسه واليا لأم الولايات ( الخرطوم ) فالرجل الحائز علي درجة الدكتوراة في العلوم والحضارة الاسلامية وانخرط في السلك الدبلوماسي ثم الاتجاه نحو قاعات الدراسة محاضرا لطلاب الجامعات واستقر به الحال كاتبا مشاركا أيضا بجريدة (آخر لحظة) بعد ان مارس مهنة التأليف حينا قصيرا من الدهرعبر كتاب دخل به دائرة الاضواء لعالم الصحافة (الترابي والانقاذ ... صراع الهوي والهوية)... وقال عبدالرحيم عمر محي الدين ان برنامجه الانتخابي يركز بشكل أساسي علي الحد من ظاهرة الفقر ومافحة الامراض والعطالة والبطالة وترشيد الصرف وتقليل الانفاق الحكومي وإيقاف الصرف البذخي في المسيرات والمظاهرات والمؤتمرات والعمل علي طرح مشروع اجتماعي للأسرة بجانب السكن في المنزل الشخصي الخاص لا البيت الحكومي ورشح عبدالرحيم عمر محي الدين نفسه واليا مستقلا جنبا الي جنب مع مرشحي المؤتمر الوطني (عبدالرحمن الخضر- غلام الدين عثمان - الحاج عطا المنان - عبدالحليم اسماعيل المتعافي - محمد الشيخ مدني - مجذوب يوسف بابكر- عبدالقادر محمد زين - محمد مندور المهدي والمحامي محمد الحسن الامين ).... ومن الاعلاميين المواظبين علي التعاطي المباشر مع العمل الصحفي الدكتور عبدالله علي ابراهيم مرشح رئاسة الجمهورية منافسا لمرشح المؤتمر الوطني الرئيس عمر البشير وإن كان الدكتور عبدالله علي ابراهيم محسوبا علي تيار المثقفين أكثر من الكتاب الصحفيين ... وقديما تحول العديد من العاملين في الحقل الصحفي الي احتراف السياسة مثل رئيس تحرير الثورة محمد الخليفة طه الريفي الذي ترشح في عهد الديمقراطية الثانية بإحدي دوائر القضارف واكتسح الإنتخابات وتقدم كعضو في البرلمان ومثله كذلك (الاتحادي) محمد عبدالجواد الذي كان يعمل صحفيا بصوت السودان وتم تعيينه وزيرا للمواصلات في الحكومة التي أعقبت ثورة أكتوبر... ومن جيل الصحفيين الاوائل العم يوسف الشنبلي الامين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين ورئيس تحرير صحيفة الخبر ومدير مكتب صحيفة البيان الاماراتية بالخرطوم الذي فاجأني بترشيح نفسه أيضا واليا لمنصب والي الخرطوم في دورته القادمة بينما هناك شباب تشربوا وتشبعوا بالعمل في مهنة الصحافة ولكن جرفتهم السياسة وهجروا عالم (الجرائد) وانتقلوا الي (لعب البوليتيكا) في العهد القريب أمثال الزميل عبدالقوي حامد الذي اشتغل محررا صحفيا ب(أخبار اليوم) ثم مديرا لتحرير صحيفة الدستور والذي شغل منصب وزير الصحة بالنيل الابيض فنائبا لرئيس المجلس التشريعي للولاية عن حزب الامة - جناح الزهاوي ابراهيم مالك - وصديقه الجميل الفاضل وعمل أيضا ب(أخبار اليوم) وأصبح مستشارا لوالي النيل الابيض ممثلا لحزب الامة الفيدرالي - جناح أحمد بابكر نهار- وتحول الدكتور فضل الله أحمد عبدالله مديرا للمسرح القومي لامدرمان ثم معتمدا لمحلية الجنينة بينما اتجه بعض الصحفيين لاحتراف التمثيل والانتاج الدرامي مثل خليفة حسن بله وهناك الكثيرون الذين زاوجوا بين العمل الصحفي والسياسي ونجحوا في الجمع بين الاختيين ولعل منطقهم هو ان الصحافة تمثل الوجه الآخر للسياسة إن لم يكمل أحدهما الآخر أمثال الدكتور الباقر أحمد عبدالله ناشر ومالك صحيفة الخرطوم وعضو مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية ويشغل في ذات الوقت عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي وكذلك الحاج وراق فقد كان مديرا عاما لصحيفة الحرية وكاتبا بجريدة الصحافة في عهد الشراكة الذكية وزعيما لحركة القوي الحديثة (حق) .. ولكن السؤال هل ينجح الصحفي في إختبار ومعمل السياسة ويحقق تطلعات جماهيره عبر المطبخ السياسي ام يلاحقه الفشل لانه كتب عليه ان يكون صحفيا منحازا لمهنته لا غير؟ يروي ان محجوب عروة رئيس تحرير السوداني حينما نزل مرشحا مستقلا في إحدي دوائر الخرطوم بحري نصحه صاحب جريدة الوفاق محمد طه محمد أحمد بسحب ترشيحه لان الصحفي يجب أن يكون صحفيا وفيا للمهنة ويمكن من خلالها خدمة المجتمع بأكثر مما يخدمه السياسي وأردف محمد طه قوله لعروة: لو نزلت(حا تسقط )..وبالفعل صدقت نبوءة محمد طه وسقط محجوب عروة ولم يوفق عروة في الفوز بالدائرة الانتخابية!! بينما لا تزال ذاكرة الشعب السوداني تحتفظ بالتدافع والمواجهة العنيفة في دائرة(الصحافة – جبرة) في انتخابات الجمعية التأسيسية 1986م حينما قام صحفي هو مؤسس جريدة الوطن سيد أحمد خليفة بمنازلة سياسيا عنيدا ومتمرسا هو الامين العام للجبهة الاسلامية القومية الدكتور حسن الترابي في أقوي معركة سياسية شهدتها الساحة وقتها ولكن آثر سيد أحمد خليفة الانسحاب لصالح مرشح التجمع الوطني الديمقراطي ففاز المحامي حسن شبو بالدائرة فكان موقف الصحفي السياسي سيد أحمد خليفة خصما علي وضعية الدكتور الترابي ... فهل يكرر اهل مهنة الصحافة التجارب القديمة أم يقدمون نموذجا جديدا في الساحة السياسية في المرحلة القادمة خاصة وان عدد الصحف أصبح يفوق عدد القوي السياسية في الصوت العالي والامكانيات والكوادر البشرية ؟ mahdi ali [[email protected]]