حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالفيديو.. ب"البنطلون" وبدون حجاب.. حسناء الإعلام السوداني ريان الظاهر تبهر المتابعين بإطلالة جديدة من داخل أستوديوهات العربية والجمهور: (جميلة وأنيقة بس رجعي الطرحة وغطي شعرك)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية الجغرافيا .. .. بقلم: الصادق عبدالله عبدالله
نشر في سودانيل يوم 02 - 09 - 2015

تلك هي قصة اخرى كما يقول الطيب صالح رحمه الله.. في أول حصة للجغرافيا وفي الصف الثاني ، في مدرسة دريبو الصغرى، دخل إلينا استاذ مصطفى يوسف يوماً، وفي يده جردل .. ويضعه على المنضدة التي أمامه.. ليكتب .. الحصة جغرافية .. ثمّ يسأل ما هذا؟.. لتجيء الإجابة بالاجماع (جردل).. ثم يسأل التلاميذ واحداً واحد.. كانت الإجابة جردل.. قام برسم الجردل على السبورة .. سائلاً ما هذا : كانت الإجابة جردل.. رد: هذه صورة الجردل.. ثم رسم دائرتين متمركزتين (دائرة داخل أخرى).. ثم سأل.. تلفت الجميع ولم تكن هناك إجابة .. ليجيب بنفسه: هذه خريطة الجردل.. مضيفاً إذا نظرنا إلى الجردل من أعلى سنرى دائرة قعر الجردل صغيرة.. ثم دائرة فم الجردل أكبر .. هذه هي إذن خريطة الجردل. الاستاذ المؤسس للتعليم في السودان عبدالرحمن علي طه(1901-1969 أول وزير للتعليم في السودان)، في كتاب مرشد التعليم الاولي (بخت الرضا 1951) يقول: تهدف دروس الجغرافيا في المدرسة الأولية لتحقيق غرضين : الغرض الأول هو توجيه الطفل لفهم لغة الجغرافيا.... الخريطة .. مقياس الرسم .. الاتجاهات الجغرافية .. والمصطلحات الأخرى الشائعة فيها.. والمطلوب قبل حفظ التعريفات أن يدرك التلاميذ المفاهيم ووجهات النظر الجغرافية، المطبقة على المكان الذي يعيش فيه التلميذ ثم يتسع الإدراك ليصل إلى أماكن بعيدة يتصورها التلميذ. والغرض الثاني هو تشجيع التلاميذ ليتكون عندهم حب استطلاع لمعرفة أحوال الناس في قطرهم وغيره من الأقطار. ولينمو لديهم الشعور بتقدير الواجبات في المجتمع.. وعلى المدرس أن يقدم مادة يستلهم فيها الشعور والحماس والاقتناع بما يدرس. ويشير الاستاذ عبدالرحمن أن دروس الجغرافيا تبدأ باسلوب عملي إلى حد بعيد بدءاً من المشاركة في صناعة الخرائط ثم متابعة الطرق التي يسلكونها في الزيارات التي يقومون فيها بزيارة أفراد من المجتمع الذي يعيشون فيه ويجربون بعض الأدوات والمعدات التي يستعملها أصحاب الحرف المقصودين بالزيارة.. أما الجزء الآخر فهو استخدام الرحلات الخيالية والصور لمعرفة أحوال الناس. فالأستاذ يستخدم كتب الجغرافيا المحلية في تدريس تلاميذ الفصل الثاني وجزء من السنة الثالثة .. ثم كتاب سبل كسب العيش في السودان مع الصور والخرائط. ثم سبل كسب العيش في العالم وصور من الخارج. وقد تم تطبيق ذلك المنهج التلاميذ في السودان (ومن بينهم هذا التلميذا الذي يكتب هذه الحكاية)، تماماً كما خططه السيد عبدالرحمن علي طه وزملاؤه في بخت الرضا. فعندما انتقلنا من السنة الأولى إلى السنة الثانية في مدرسة دريبو الصغرى، ارتفعت حصصنا من ثلاثة حصص (حساب، عربي، دين).. لتدخل حصص التاريخ والجغرافيا والأعمال ضمن المنظومة الجديدة.. هناك حصتين في جدول الاسبوع اسمهما جغرافيا.. وحصة للتاريخ وأخرى للأعمال ، ويزداد عدد حصص العربي قليلا .. ويصبح عدد الحصص خمس حصص يومياً، بدلاً من الثلاثة في السنة الاولى. وفي حصة الجغرافيا وفي الدرس الخاص بخريطة الجردل .. بعد أن تأكد لأستاذ مصطفى أن الفهم العام لمصطلح خريطة قد وصل للافهام الصغيرة .. قام بإفراد ورقة من الورق المقوى متدلية من مسمار في أعلى السبورة ، عليها رسم آخر .. عبارة عن مستطيل كبير داخله مستطيلات أخرى .. قائلاً وهذه هي خريطة الفصل.. وهذه المستطيلات هي الكنبات التي تجلسون عليها.. وأنه في الخرطة يمكن تحديد موقع كل واحد في الفصل. ثم كانت بقية الحصة والحصة التي تلتها دراسة تطبيقية على خريطة الفصل، حيث يقوم كل تلميذ ليحدد موقعه في خريطة الفصل.. ثم يحدد موقع الاستاذ، وموقع الألفة وآخرين من زملائه.. بعد درس الجردل والفصل قام الاستاذ بتدريس الاتجاهات.. (شرق .. غرب.. شمال .. جنوب..) ليقوم التلاميذ واحدا واحد للتمرين على تحديد الاتجاهات .. في كل مرة اتجاه منفرد .. أو اتجاهين متعارضين (شمال جنوب) (شرق غرب).. كل تلميذ يتجه بوجهه شرقاَ ويمد يديه ليشير بيده اليسرى إلى الشمال.. وبيده اليمنى إلى الجنوب وبوجهه إلى الشرق.. حتى تأكد للاستاذ أنهم عرفوا ماذا تعني الاتجاهات . بعدها أشار إلى اسهم الاتجاهات على خريطة الفصل موضحاً أن الاتجاهات توضح على الخريطة هكذا.. مبيناً سهم الشمال إلى الأعلى.. توالت حصص الجغرافيا وتطبيقاتها للوصول إلى خريطة المدرسة، وما حولها من مزيرة، بيوت المعلمين، الطريق للبحر وشجرة الهجليج إلى الشرق من المدرسة .. وشجرة الطندب في الركن الجنوبي الغربي للمدرسة.. .. ثم رسم خريطة للمنطقة .. فيها مساكن القرية والنهر والترعة والقنطرة والمشروع الزراعي والغابة والمقابر .. ووضع للخريطة مقياس رسم .. وظهرت كل المذكورات برموزها .. فالنهر له رمز.. وكذلك الترعة والقنطرة وطريق العربات وطريق الدواب .. والمساكن والمسجد والشجرة والغابة .. وقد كان مفتاح الرسم في أحد أركان الخريطة. وكتابة مقياس الرسم عليها، واحد سم يساوي كيلوتر مثلاً.. وسهم الشمال في أعلى شمال الخريطة. ولما انتقلنا إلى السنة الثالثة بدأت في حصة الجغرافيا قصص الرحلات .. رحلات خيالية لزيارة أصدقاء خياليين.. إلى القولد في المديرية الشمالية، إلى ريرة في البطانة، إلى سليمان محمد عثمان في الجفيل بشرق كردفان ، إلى محمد الفضل في بابنوسة بغرب كردفان .. إلى منقو زمبيري في يامبيو في المديرية الاستوائية.. حاج طاهر في محمد قول بالبحر الاحمر.. ثم أحمد محمد صالح بودسلفاب في وسط الجزيرة، ادريس ابراهيم في أمدرمان(الموردة) وعبدالحميد يوسف في عطبرة (السكة الحديد). كان الاستاذ يصف الرحلة بالدواب والعربات والقطار وبالبواخر ، حسب ما تقتضيه الرحلة.. ثم يصف ويشرح ويمثل حياة هؤلاء الأصدقاء وبيوتهم وحيواناتهم وزراعتهم.. وطريقة حياتهم .. ويصطحب في كل رحلة بعض الصور التي توضح بعض أبعاد الحياة (لعمري لقد كانت وما زالت صورة خير من الف كلمة).. يقول استاذ عبدالرحمن علي طه ( ستة زيارات تمثل الحياة التقليدية في السودان، وثلاثة تمثل أنماط حديثة من الحياة (أحمد، إدريس، عبدالحميد). ولمّا انتقلنا إلى السنة الرابعة بمدرسة كركوج الأولية ذات الرأسين.. كانت دروس الجغرافيا في الفترة الأولى قد ركزت على قراءة الخريطة .. والتطبيق العملي عليها.. فقد كانت الخريطة هي خريطة بلدة كركوج بسوقها ومدارسها والميادين وشوارعها ومساجدها، ونقطة البولس ومسجد الشريف محمد الامين وترعة وكبرى مشروع ابوعشة الزراعي.. (هل تحتفظ الآن المدارس بخرط للقرى والأحياء؟) بل هل نعرف قراءة الخرط؟. بعد أن شرح الاستاذ الخريطة موضحاً كل معالم البلدة .. قام بتقسيم التلاميذ إلى خمس مجموعات.. وحدد لكل مجموعة رئيس مجموعة. وأعطى مجموعة خريطة مثبتة على لوحة من الورق المقوى .. كان التطبيق العملي هو التحرك عبر خط سير مرسوم على الخريطة لتسير المجموعة مستخدمة خط السير للوصول إلى نقطة ما (محددة في الخريطة) وهذه النقطة حيث يخبأ الكنز ، وغالباً ما يكون علبة حلوى .. وفيسبيل الفوز تتسابق كل مجموعة للوصول للمكان عبر خط السير .. للحصول على الكنز.. ليصيح التلاميذ .. وجدنا الكنز.. وجدنا الكنز.. ولم ندر نحن أن قد وجدنا كنوزاً من المعارف .. على يد اولئك المعلمين الأجلاء.. بعد تطبيق درس خريطة البلدة استخدمت ذات الخرائط للوصول إلى أماكن داخل البلدة .. فقد كانت زيارتنا للتاجر.. زيارتن للطحّان (الطاحونة)، زيارتنا للشفخانة (المركز الصحي).. زيارتنا للنجار.. زيارتنا للمحكمة (العمدة). وفي كل زيارة تسلك كل مجموعة طريقاً مختلفاً مستخدمة خريطتها الخاصة.. حيث تتجمع المجموعات في موقع الزيارة بعد استخدام الخريطة.. ويبدأ الاستاذ بتقديم الطلبة.. ويتم الترحيب.. ويشرح الشخص المستقبل الزيارة مهمته .. ماذا يفعل.. وما الفائدة من فعله.. ماذا يفعل هو مثلاً في الطاحونة.. ولماذا يجلب الناس غلالهم للطاحونة (مثلاً) يفتح باب الاسئلة للتلاميذ الصغار أن يستفسروا من الأدوات ومن المعدات.. ثم ينصرفون... يكتب الاستاذ زيارتنا إلى الطحان . فيكتبون. أما الفترة الثانية في السنة الرابعة الاولية .. فقد اشتملت على زيارات خارجية .. خارج السودان .. بدءا من أحمد في مصر، عرفة في بلاد العرب (السعودية)،.. إلى الولايات المتحدة (هنري) والهند (رشك) والصين (آفو) واستراليا (وليام) وسويسرا (قرينتش) والارجنين (سانشو) . وفي كل رحلة يتم التعرف على الحياة والمسكن والنشاط الاقتصادي وطبيعة البيئة من برد او حر او أمطار.. عندما انتقلنا إلى المرحلة الوسطى سارت في البدء الجفرافيا بطريقة مماثلة ومختلفة قليلاً، حيث كانت بعض الدراسة لأنشطة بشرية في اقاليم مناخية مختلفة .. كان الكتاب اسمه صور من افريقيا وحوض البحر التوسط .. فيه درس عن قرية بسكرة في الجزائر، دراسة قبيلة الماساي وزيارة تومبي (من الماساي في كينيا) وزيارة قرية آمور في جنوب نيجريا حيث الاقليم الاستوائي .. وكذلك دراسة مناجم الذهب في مدينة جوهانسبيرج بجنوب افريقيا.. ثم بعدها دخل الأطلس كأحد أهم الكتب المصاحبة للتلميذ يصرف له سنوياً .. وقدبدأت حصص الجغرافية بالتعريف بالأطلس .. أطلس السودان.. ودراسة الخرائط عبر الاطلس .. وفيه الخارطة الكنتورية الشهيرة التي تقابل خريطة في الاطلس وتشرح رموزها.. وتبيان ألوان الارتفاع والانخفاض عن سطح البحر.. ماذا يعني اللون الازرق.. ثم الاصفر.. ثم البني الفاتح ثم الداكن.. ثم الاسود.. وفيه تحديد خطوط الطول وخطوط العرض، وتحديد الفصول المختلفة الصيف والشتاء والربيع والخريف .. ومحور الأرض المائل عن الشمس.. وتعامد الشمس على خط الاستواء وعلى مدار الجدي ومدارالسرطان.. وتحديد خطوط الزمن وخطوط الكنتور ، وبالبطع كان ذاك أطلس السودان، فيه خريطة السودان الطبيعية بحدودها السياسية (وبصحاريها ووديانا ونخيلا.. يلا نعمل للوطن.. يلا ما نضيع زمن) .. الأقاليم المناخية.. خطوط المطر المتساوي .. وأشهرها خط المطر اربعمائة ملم الذي يفصل الاقليم الصحراوي عن السافنا الفقيرة.. وظهرت القارات والمحيطات والتيارات البحرية .. ووضحت لنا بلدان اصدقائنا الذين زرناهم من قبل.. ودخلت الكرة الارضية كأحد المعينات في دروس الجغرافيا وهي أهم ما يميز تربيزة استاذ الجغرافيا.. كانت من مذاكرتنا الجماعية في داخلية مدرسة سنجة أن يأتي كل طالب بأطلسه .. ثم يحدد أحد موقعاً محدداً (مدينة كانت أو جبل أو نهر) ليترك للآخرين مهمة البحث .. كأن يحتار مثلاً: كييف .. أو نهر الدانوب.. أو جبال روكي .. أو أنتانانارييف.. ليبدأ البحث واعلان النتائج الواحد تلو الآحر.. وهناك قصص تصحب هذا البحث والنتائج السريعة والبطيئة في أحيان اخرى.. أذكر أن أحد الزملاء.. طلب منّا تحديد (انتانانا ريف).. و عادة ما يبدأ البحث بنهاية الأطلس حيث بيان الموقع بخطوط الطول والعرض.. لتظهر لنا إحداثيات هذا الاسم في شرق افريقيا لمدينة انتاناناريف .. ليصل أحد منّا قبل الآخرين.. ليصيح: أنتاناناريف .. يا أب شلاليف.. انتانانريف .. يا اب شلاليف.. وفي ذات سياق الجغرافيا جاءت دراسة الرياح المحلية والموسمية والرياح التجارية والأعاصير وظاهرة نسيم البر ونسيم البحر .. وظاهرة المد والجذر .. الرياح الرطبة والجافة، الباردة والحارة.. والممطرة .... وأنواع السحب الحاملة للأمطار .. المزن.. الركامي .. والسمحاق .. ثم المطر وظل المطر .. والجليد والثلوج.. ليصل الأمر لدراسة المجاري المائية النهرية والمحيطات والبحيرات الداخلية .. وأطول الأنهار .. وفي الثانوية العامة في المنهج الحديث ظهرت جغرافية الوطن العربي .. أما في الثانوية فقد وجدنا في حنتوب شعبة كاملة للجغرافيا.. ومعمل للجغرافيا.. وجمعية الجغرافيا إحدى أنشط الجمعيات.. وفي عهدنا زارت الجمعية مدينة جوبا.. والتلسكوب الفضائي المنصوب في باحة المدرسة .. وقصص والناظر محمد الامين كعورة، حيث يكون السماء هو موضوع الدراسة .. لم تكتف الجغرافيا بدراسة الارض وحدها ، لكن كانت بعض الدروس مخصصة للشمس والقمر والكواكب حولها.. حتى أورانوس وبلوتو.. وفي المجموعات النجمية كيف يكون الدب الاكبر ويكون الاكليل .. ويكون نجم الشعرى اليمانية. تواصلت دروس الجغرافيا على يد الدهاقنة.. الاساتذة الطيب على عبدالرحمن
، واحمد بابكر ومصطفى عمر .. لدراسة الخرائط الكنتورية، والجبال العالية مثل افرست وكلمنجاروا وجبال الاطلس والالب .. ودراسة الانشطة البشرية والمحاصيل النقدية في العالم .. وصوف الموهير .. والقطن ودودة الغز والحرير.. ودراسة الجيولوجيا، علم طبقات الارض .. وقد حملت منلوجات حنتوب الحلمنتيشية الشهيرة أجد الابيات يقول : جيلوجيا ينعل ابوكي .. ما قالو لي شطبوكي.. وقد شطبت بالفعل .. ليتلقاها هذا الكاتب لاحقاً في كورس تمهيدي لمادة علوم التربة في كلية الزراعة.. وقد أداها البروفسور التاج فضل الله بكفاءة واستاذية عالية.. وفي الثانوية درسنا جغرافية السودان وحوض النيل... درسنا الانظمة الزراعية والرعوية وطرق المواصلات والمشروعات التنموية ، صناعة تعليب الفواكه ، الالبان، الغزل والنسيج.. وتعديناها إلى مشروعات التنمية الريفية.. جريح السرحة، ساق النعام... طوكر والقاش.. كما شملت الجغرافية في المرحلة الثانوية دراسة مجموعات بشرية من الاسكيمو في المنطقة القطبية والبشمن في صحراء كلهاري والاقزام في غابات الكنغو.. والمجموعات البشرية في جنوب افريقيا، البانتو والزولو.. ثم دراسة افريقيا ومواردها الطبيعية .. ودراسة المحاصيل الزراعية الغذائية القمح والذرة الشامية والمحاصيل الأخرى الفول السوداني والكاكاو واللحوم والألبان.. والمتعدين المعادن وطرق المواصلات من كلاب الاسكيمو وقوافل الجمال والخيول إلى قاطرة جورج استيفنسون.. ثم الخطوط الحديدة والبحرية وحفر قناة السويس.. نعم كانت كذلك الجغرافيا التي هي العلم الذي يدرس الارض والظواهر الطبيعية والجيولوجيا، وعلم الخرائط والظواهر الجوية والفلكية والأنشطة البشرية على سطح هذه الأرض . هكذا درسناها منذ حصة الجردل إلى الكرة الأرضية وما عليها.. والكواكب السيارة والشمس والقمر والنجوم.. وأنفقنا وقتاً في حساب فارق الزمن بين خط ثلاثين شرق وخط مية غرب.. وتغنينا في حصة الجغرافيا برحلاتنا : ولست أنسيبلدة امدرمان ومابها من كثرة السكان.. إذ مر بى ادريس فى المدينة و يالها منفرصة ثمينة.. شاهدت أكداساً من البضائع و زمراً من مشتر وبائع.. وآخرالرحلات كانت أتبرة حيث ركبت من هناك القاطرة.. سرت بها فى سفر سعيد وكانسائقى عبد الحميد.. هل يا ترى يتلقى الآن التلاميذ والطلاب معارف متسلسة ومترابطة ومتسعة ومتنوعة .. دوماً كما كان منهج الجغرافيا لدى عبدالرحمن علي طه وزملاؤه ؟.. التحية لمعلمي كلهم وأخص أخي وصديقي الاستاذ عبدالله الصادق .. المعلم سابقاً بمدرسة سنار الثانوية.. أظنه الآن بأم درمان.. وبالطبع لمعلمي الاستاذ الطيب علي عبدالرحمن بود مدني.. وقبلهما لاستاذي مصطفى يوسف بكركوج.. أول من جاء ورسم أول خريطة جغرافية في ذاكرتي .. خريطة الجردل.. وذاكرة زملائي الصغار حينها .. والرجال الآباء والاجداد الآن.. ... أرجو أن يصلهم هذا المقال.. مع عاطر التحايا والتقدير و المودة.. وأود بهذا أن أعمم اقترح وأعمم إقتراحي لفائدة كل الأجيال.. بأن يقام متحف للتعليم في كل عاصمة ولاية .. ولتكن المدن التي عرفت بمعاهد المعلمين أولى بذلك .. يجلب لكل متحف كل الكتب وكل الوسائل وكل كتب المناهج.. والمجلات وقصص الصبيان .. والمسرحيات وكتب تعليم الكبار (مفتاح المعرفة وطريق المعرفة وباب المعرفة) وكل سير المعلمين رجالاً ونساءاً وصورهم وما كتبوه وما كتب عنهم .. ليعيدوا لهذا الشعب ذاكرته .. حتى قوائم الطلبة المقبولين من أجيال مختلفة إن استطعنا.. وأرجو من أصدقاء الصفحة نشر هذا... فرب مبلغ أوعى من سامع. الصادق عبدالله عبدالله الثاني من سبتمبر 2015. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.