المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزاد علني في الخرطوم .. بقلم/ أمين محمَد إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 13 - 08 - 2016


لحم الفقراء يباع
لحية "...." تفتتح السوق).
الشاعر/ مظفَر النواب.
في مؤلَف للكاتب المصري الراحل محمود السعدني ( قرأته قبل سنين عددا، فأعذروني إن تسرَب أو وقع عنوانه من ثقب في ذاكرتي) تناول فيه بالرصد سيرة التطرٌف و الإرهاب الدينيين في مصر، عبر تاريخها الممتد. و افتتح الكاتب (الساخر) كتابه بواقعة ذكر أنَ أحداثها وقعت في مرحلة من مراحل تاريخ الخلافة الموصوفة بالإسلامية. و خلاصتها أن والياً مغضوباً عليه من الخليفة، كان قد تلقى، أمرأ عاجلاً منه بأن يعدُ جيشاً، ويتحرك به فوراً لغزو بلدٍ ما (ربما كانت أرض الكنانة نفسها).
تنفيذ ما أمر به الخليفة واليه، كان يتطلب رجالاً ومالاً كثيراً، يعلم الآمر، قبل غيره، خلو يد المأمور من كليهما. فإذا كان المطلوب هو تنفيذ الأمر، بالاعتماد على الموارد الذاتية، و دون دعم من الخليفة، فهذا ما لا قِبَلَ للوالي المستهدف به. فكًر الوالي الشقي طويلاً، فهداه تفكيره إلي مغامرة مجنونة، ولكنه لم ير لها بديلاً للخروج من مأزقه. فعمد إلي تكوين الجيش الذي أمر به الخليفة، من نزلاء سجن ولايته وهم بضع مئات من عتاة القتلة ومحترفي سفك دماء الأبرياء و أخطر اللصوص والنصابين وشذَاذ الآفاق ومرتكبي كل الموبقات. أقدم الوالي على مغامرته، بتوقَع أن تنتهي به إلي احتمالين، لا ثالث لهما، أبعدهما أن ينتصر جيشه، فيكون قد تفادى شر الخليفة ونيته المُبيَتة للفتك به، وأقربهما و أرجحهما هو أن يخسر جيشه فيكون قد خلص أهل الولاية من شرور المجرمين والقتلة واللصوص، لعل ذلك يشفع له في الدنيا أو في الآخرة يوم الحساب. و لكن عندما التقى الجيشان (الغازي والمدافع عن البلد)، حدث ما لم يكُ بالحسبان أبدا، ًوأخذ الوالي نفسه بالمفاجأة، و هو أن انتصر الجيش الغازي، الذي أعده وجهَزه الوالي، ففتح البلد وبسط سيطرته عليه، فأصبح جنده من عتاة القتلة واللصوص وشذاذ الآفاق، و ياللمفارقة، هم سادته وحكامه.
مفاد مقولة، أنً التاريخ لا يعيد نفسه، هو أنه، لا يتكرر بنفس أجزائه، كصورة طبق الأصل لسيرورته، وبذات تفاصيل أحداثه. و لكن ذلك، لا ينفي حقيقة أن التاريخ، قد يعيد نفسه، بشكل مغاير لسناريو أحداثه. وفي هذه الحالة تكون اعادته، في شكل ملهاة أو مأساة أشد وقعاً و أفدح تأثيراً و أوخم عاقبةً، كعاقبة بلادنا التي تثبت أن مفارقة عتاة المجرمين واللصوص، الذي فتحوا بلداً منكوباً، فأصبحوا سادته وحكامه ليست هي الوحيدة في سناريوهات تاريخ حكامنا.
دعونا نستعير لسان، شاعرنا الثوري الفخم، مظفَر النواب لنردد معه المقتطف أعلاه من مطلع قصيدته، أو قل مرافعته الدفاعية عن الثوريين ضحايا مجزرة تل الزعتر، و نستأذنه، أن يسمح لنا فقط باستبدال تل الزعتر بالخرطوم. فقبل أسابيع نشرت صحف الخرطوم نبأ إلغاء عقد مع مستثمر سعودي كان قد احتفى بتوقيعه معه رئيس دولة المؤتمر الوطني احتفاءاً نشرته الصحف والفضائيات و عرضت فيه صورة المستثمر المذكور وإلي جانبه رئيس دولة (جهاز) الوطني، وهما يفتتحان المشروع الاستثماري الضخم على حد وصف لصوص النظام أو نظام اللصوص و (تابعه) إعلامه المأجور.
و يفهم مما ذكرته وسائط إعلام النظام أنَ إلتزام المستثمر، بموجب عقده مع المتعاقدين معه هو بناء أبراج و بنايات و فنادق و أسواق ضخمة بجزيرة على البحر الأحمر لأغراض السياحة، وأنَ رأس مال المشروع الاستثماري مبلغ مقدَر، بأربعين مليار (ريال على الأرجح) أو يزيد قليلاً.
و ذكرت صحف الخرطوم، أنَ سبب إلغاء عقد، ما يسميه إعلام نظام الغفلة، الحاكم في السودان، بالمشروع الاستثماري الضخم، هو عدم وفاء المستثمر الأجنبي ببعض أو كل الشروط المنصوص عليها في عقده، و هي شروط محجوبة وغير معلن عنها لصاحب الحق في محل العقد (أرض بلده ومقدراتها)، أي شعب السودان (الغريب في وطنه وعنه، غربةً لم ير مثلها حتي حينما حكمه الأتراك (1821 - 1885م)، أو الحكم الإنجليزي المصري (1899 - 1956م).
وبالأمس الموافق 23/7/2016م نشرت إحدى الصحف اليومية الصادرة في الخرطوم، ما كشفت عنه احدي الصحف اليومية السعودية من شروط عقد بين شركة أو شركات استثمار (خليجية)، من جهة، و سماسرة النظام باسم السودان، من جهة أخرى. وكشفت الصحيفة السعودية، أن عقد الاستثمار المبرم مع الشركة أو الشركات الخليجية، ينص على منح المستثمرين، أرض زراعية بشرق السودان، مساحتها مليون فدان، تروى بمياه سد ستيت على نهر عطبرة، وأن مدة العقد (99) تسعاً وتسعين عاماً، وأن الأرض ستستثمر في إنتاج وتصنيع الأعلاف. وينص العقد على أن نصيب المستثمر الأجنبي، في عائد مشروع الاستثمار المذكور يساوي (85%) (خمسة وثمانين في المائة)، مقابل (15%) (خمسة عشرة في المائة) للسودان. و لا يقيَد العقد حق المستثمر في تصدير حصته بالكامل.
و قبل ذلك، كان على كرتي، تاجر الاسمنت ومواد البناء، و كبير الدبابين و قائد أسبق منسقية الدفاع الشعبي، الذي قفز به - وبالزانة- رئيس دولة (جهاز) ما يعرف بالمؤتمر الوطني، من مغالق سوق السجانة، إلي كراسي وزير دولة، ثم وزير خارجية، قد صرَح في حديث له على اليوتيوب مبثوث ومتداول في الشبكة المعلوماتية الدولية فقال ما معناه: حقيقة بيننا وبين مصر علاقات التاريخ والجغرافيا والإخاء والفوائد المشتركة. نحن دائما نصر على إخواننا المصريين أن ينظروا إلي الخارطة السكانية. المثال الذي أضربه دائما و سمعته أيضا من الرئيس البشير، هو أن هنالك حوالي ألف كيلومتر من الخرطوم إلي حلفا يعيش فيه أقلَ من مليون ونصف، وهناك ألف كيلومتر من أسوان إلي الأسكندرية يسكنه تسعون مليون. فقلنا أن هذا لا يعقل. لماذا لا يستفيد إخواننا المصريون من هذه المساحات الواسعة في الإستثمار و طلب العيش مع إخوانهم السودانيين وفتح أبواب الرزق المختلفة. تاريخياً هذا لم يكن متاحاً، الآن بعد الثورة فتحنا أبواب جديدة للحوار واتفقنا على فتح المعابر والطرق شرق وغرب النيل و طريق ساحلي. وهذا يفتح أبواباً للعمل الاقتصادي المشترك. الآن طن المواد الغذائية التي تحتاج إليها مصر كاللحوم مثالا يكلف ترحيله من الخرطوم إلي القاهرة جواً ألف و مئتين دولار أي أكثر من سعره ولكن بعد فتح الطرق البرية فلن يكلف أكثر من مئتين دولار.
إذن فحديثنا عن سماسرة ولصوص الطفيلية الاسلاموية وتحذيرنا من لؤم نواياهم وخبث طواياهم، وتنبيهنا لما يحيكونه - تحت شعارات التنمية الاقتصادية وتطوير الموارد - من مؤامرات و مخططات وصفقات، يبيعون بموجبها أراضي السودان، بعقود سرية، لاعلاقة لها بالتنمية، بل تخدم مصالحهم (حصراً)، لم يكن رجما بالغيب، بل كان استشرافاً لنتائج معطيات كشفت عنها وتفضحها باستمرار، تطورات الفرز الاجتماعي الحاد، بين نادي الحكام (ممثلي الطفيلية الاسلاموية الرأسمالية)، من جهة، وشعب السودان بكل مكوناته المختلفة من جهة أخرى. وهي معطيات تكشف دون أدنى مواربة أو إخفاء، نوايا و أطماع ونهم، نادي الحكام، المتمثلة في السعى لتحقيق المزيد من مراكمة ثروات و مقدرات البلاد في أيدي قادته ومنسوبيه، بالمزيد من مركزة السلطة وأدوات القمع و الاكراه والإخضاع والقسريين، لاعمال كل أشكال عنف جهاز الدولة والتشريعات، ضد من يعارضه أو يقف ضد سياساته من جموع الشعب.
فبالاعتماد الكامل على قمع الشعب ونفي إرادته بعنف جهاز الدولة وتشريعاته يتمادى نادي الحكام في الدعوة لبناء السدود و غمر الأراضي في الشمالية والنيل والشرق وغيرها تحت مياهها، بذريعة حاجة البلاد إلي انتاج و تنمية الطاقة كضرورة للتنمية الاقتصادية، وهي دعوة حق أريد بها باطل. فالحديث الكاذب عن التنمية في المستقبل يجب أن تسبقه إجابة على سؤال عن نصيب شعبنا في قسمة موارد البلاد وخيراتها المادية المتاحة حالياً. ونأخذ كنموذجين ظاهرين: (أ) استئثار الطغمة الحاكمة بموارد البلاد المختلفة التي ظلت ملكاً مشاعا لكل السودانيين حتى الثلاثين من يونيو 1989م المشئوم و (ب) و استئثارها بعائدات البترول (منذ بدء تصديره مروراً بانفصال الجنوب، وحتي يومنا هذا). و من حقنا أن نسألهم أين بياناتها و أرقامها في الميزانية العامة؟ وفيما استخدمت؟، وماذا أفادت المواطن العادي دافع الضرائب؟ وهل غيًرت مستوى معيشته إلي الأفضل؟؟. هذه الأسئلة ومعها استفهامات أخرى لا حصر لها، ظلَت تطرح دون إجابة، ليس لأن المسئولين عنها لا يعرفون لها إجابة بل لأنهم لا يعترفون ابتداءً بحق السائل في السؤال نفسه دع عنك حقه في الحصول على الإجابة. ويذكر الناس بالطبع ما تناقلته وسائط الإعلام المحلية والدولية بعد محاصصة الاسلامويين وقادة الحركة الشعبية (الأصل)، السلطة والوظائف وفق صفقة نيفاشا (للإحتراب و التشظي الشامل) عن الصراع الشرس الذي دار بينهما حول الأرقام الحقيقة لحسابات عائدات تصدير البترول.
والشيء بالشيء يذكر، نورد ما تناقله سمار العاصمة الخرطوم (المدينة التي لا تعرف الأسرار) يوماً، عن معارض قرر طوى صفحة معارضته لنظام الاسلامويين ليشاركه إحدى صفقاته في محاصصة السلطة التي يمارسها مع معارضيه كضرب من ضروب (إيلافهم). فعينه النظام في منصب مساعد الرئيس. وهو منصب، مع غيره من مناصب استحدثها (جهاز) المؤتمر الوطني ل (رادفته)، لا يضمن لشاغليه شيئاً سوى تمتعهم بمخصصاتهم مع بقائهم (بلا أية وظيفة أو مهام لها علاقة بالمشاركة الفعلية في الحكم و اتخاذ القرارات المصيرية). و بعد فترة وجيزة ضاق (مساعد الرئيس) ذرعاً بتهميش أهل الشوكة منصبه و إخفائهم عنه موارد البترول وقتها وعدم اظهارها في بنود وارد الميزانية العامة. فطالبهم مغاضباً أن يكشفوا له أين تذهب موارد عوائد البترول. فرد عليه أحدهم بأنهم يشترون بها أمثاله.
بسبب فرض برنامج الطفيلية الإسلامية السياسي والاقتصادي، لما يقارب ثلاث عقود، أمست البلاد على حافة الانهيار الشامل، فتعطلت مشاريعها الأساسية (الجزيرة، السكة حديد والنقل النهري، سودانير سودانلاين صناعة النسيج والجلود و الزيوت إلخ) و انخفضت قيمة عملتها الوطنية، إلي أدنى حد، وتصاعدت فيه أسعر الضرورية إلي أقصى حد، وتردت فيه الخدمات الضرورية، فتحول اقتصادها إلي نموذج لاقتصاد الدولة الريعية، التي تتصدر قائمة مواردها الرسوم و عوائد الجمارك والضرائب المباشرة وغير المباشرة، و الأتاوات مختلفة الأشكال والأسماء التي تنتزع قسراً من أفواه الغالبية (الجوعى) من سكانه - بأساليب لا تقل عنفاً و و حشيةً و فظاظةً، عن أساليب باشبزق التركية السابقة . وترتب على كل ذلك أن تحولت حياة الغالبية العظمى من الشعب إلي جحيم (حقيقي لا مجازي) لا يطاق. وفي ظل مثل هذه الظروف، وتحت سيادة اقتصاد شريحة اجتماعية كالطفيلية، كاذب و محتال أيضاً من يحدثك عن التنمية، دون أن يراجع ويعيد النظر في مجمل السياسات المالية والادارية والتشريعية (الخادمة لمصالح سماسرة ونصابي الطفيلية الرأسمالية الاسلاموية)، التي أدت إلي انهيار كل مقومات أشكال النشاط الاقتصادي المنتج من زراعة وصناعة وخلافه، لا لشيء سوى تغليب مصالح الحكام و فرض سيادة النشاط الطفيلي (من مضاربة في المال و العملة و الأراضي والسمسرة والوساطة لرأس المال الأجنبي والوكالة عنه مقابل العمولات) ... إلخ الأنشطة التي تصب عوائدها و أرباحها في جيوب حكام ينطبق عليه بالحرف قول الشاعر صلاح أحمد إبراهيم:
صحة بدنه من مرض الأهالي وجوعها
جلابيته من كفن الشهيد مقطوعة.
ففي دولة نظام التمييز الأيديولوجي الديني، القائمة على احتكار السلطة والادارة والمال والموارد لقادتها السياسيين والتنفيذيين والموالين لهم، مع جحد مشاركة الآخرين لهم في أي حق فيما احتكروه و استأثروا به، لا يعدو الحديث عن التنمية الاقتصادية، كونه ضرب من ضروب استغفال الناس والاستهانة بعقولهم . و لذا فعندما يتحدث قادة دولة رئيس المؤتمر الوطني وإعلامه مدفوع الأجر عن الاستثمار للتنمية فإن كل من يسمعهم يعرف أنهم يتحدثون عن (تنمية شيء) آخر، لا علاقة له مطلقاً بتنمية موارد بلادنا اقتصاديا و اجتماعياً بما يحد من معاناة شعبها من الفقر والجوع والمسغبة، عداك أن يحقق له الرخاء الوفرة.
معلوم أنه لا غني لاقتصاد أية دولة، في عالم اليوم، بما في ذلك الدول الغنية، عن دعوة وجذب استثمار الأجنبي. و لا شك أنَ اقتصاد بلادنا (الغنية بمعايير الموارد الفقيرة بغيرها) في أمس الحاجة لتطويره وتنميته باستثمار رأس المال الأجنبي. ولكن بشرطين لن يتحققا و الطفيلية الاسلاموية حاكمة، أولهما هو ضمان أولوية، توظيف موارد البلاد في التنمية الحقيقية، لا تنمية أجهزة القمع الحارسة للحكام وثرواتهم المتنامية، وثانيهما هو ضمان توظيف استثمار رأس المال الأجنبي بموجب سياسات وتشريعات ضابطة تحددها و ترسمها احتياجات البلاد الحقيقية و أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها وفقاً لمتطلبات و ضروريات حياة شعبها.
فهل من ضروريات أولويات شعب السودان بناء القصور والأبراج والملاهي والأسوق، بمليارت الريالات أم هي من أولويات (تنمية كروش وعمولات وثروات) سماسرة ولصوص شريحة الطفيلية الآسلاموية؟؟؟
و هل اقتطاع مليون فدان من أرض السودان، و منحها لمستثمر (وطني) دع عنك (الأجنبي) لاستثمارها لمدة قرن كامل إلا عام واحد بشرط قسمة عائد هذا الاستثمار بموجب القسمة الضيزى، المشار إليها آنفاً، تحقق تنمية الاقتصاد القومي، أم خرابه و سرقته و نهبه بواسطة المتعاقدين؟ وهل توزيع عائد الاستثمار بنسب (85%) للمستثمر و (15%) لشعب السودان ولمدة (99) عاماً قسمة مجزية للشعب وعادلة بأي معيار أخذتها؟ وهل إنتاج علف الحيوانات (للخليج) بدلاً من إنتاج القوت الضروري لإنسان (السودان) من أولويات شعبه أم من أولويات (تنمية كروش وعمولات وثروات) سماسرة ولصوص شريحة الطفيلية الاسلاموية؟؟؟
و بحسب المصدر، فإنَ الصحيفة السعودية، هي التي تولت، مهمة كشف شروط التعاقد، وذلك بنشر تلك الشروط، التي أخفاها النظام عن صاحب الحق وهو الشعب، وضرب طوقٍ محكمٍ من السرية عليها. و لذلك فإننا نتوجَه بهذه الاستفهامات لتجار الدين بالجملة والقطاعي، وهي و ما الحكم الشرعي للتعاقد من خلف ظهر صاحب الحق الشعب؟؟، وما السند الشرعي لعدم نشر و إعلان شروط عقد المليون فدان؟؟، و ما سبب ومبرر سكوت الإعلام عنها؟؟. و لا نقصد به الاعلام المأجور، الذي وصفه رئيس دولة الاسلامويين ب (الصحفيين حقِننا). عوَدنا الاسلامويون على الاحتفاء بما لا يستحق احتفالاً، و على الاحتشاد قادةً و قاعدة، تحت عدسات التصوير الإعلامي، وهو يهللون ويكبرون مع رفع الأيدي، للاحتفاء بأتفه الأشياء، كافتتاح مرفق خدمي صغير، أو تدشين جدول أو مضرب ري مشروع زراعي متواضع جداً. وهم في كل ذلك يكلفون الخزينة أضعاف أضعاف تكلفة ما يحتفون به. ولا ننسى تدافعهم بقضهم وقضيضهم، للرقص المبتذل السمج تحت رزيم الطبل و أنغام الزمر، في مناسبات أقل شأنا من النجاح في جذب رأسمال أجنبي للاستثمار. فما سر تكتمهم على بنود وشروط عقود بيعهم لملايين الأفدنة من أرض السودان للأجانب إذا كانوا صادقين حقاً دعاوي تنمية الاقتصاد القومي وجذب المستثمرين الأجانب ليساهموا فيها. وفي تقديرنا أنهم لو كانوا صادقين حقاً، لإي أن ما يفعلونه هو لخير الوطن ومصلحة شعبه، لما أخفوا عنه وهو (صاحب الحق)، شروط تعاقدهم مع المستثمرين الأجانب.
و نخلص إلي أنَ مجرَد إخفاء شروط التعاقد فعل يتحدث عن نفسه، و يظلل بدخان كثيف من الشكوك، حقيقة نواياهم و طواياهم و مقاصدهم، بما يسمونه جذب رأس المال الأجنبي للتنمية الاقتصادية. وإذا (انطخينا في نوافيخنا كما يقول المصريون) و ألغينا عقولنا و افترضنا جدلاً حسن نية عاقدي مثل هذه الصفقات و تجاوزنا عن كل احتمالات الفساد الشامل الظاهر الذي يمكن أن تنطوي عليها ، فإن تبديد الحكام الاسلامويين لثرواتنا و مواردنا الشحيحة بهذه الكيفية سفه يستوجب مطالبتنا القضاء بالحجر عليهم شرعياً ؟؟. و في هذه الحالة (فالحلال بيِن والحرام بيِن) ولا حاجة لنا للأخذ بفتوى علماء السلطان ( حقِنه و المأجورين أيضاً).
(ماذا يطبخ تجار الشام
على نارِ جهنم
إنَ النارَ ستأكل كفي موقدها).
مُظفَر النواب.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.