أكد الدكتور حيدر إبراهيم، مدير مركز الدراسات السودانية، أن الاحتجاجات الشعبية بالسودان سوف تؤدى إلى عدد من السيناريوهات ، أهمها تفكك الدولة علي المدى المتوسط تحت وطأة الصراعات الداخلية، مما يؤدى إلى حدوث موجات انفصالية متلاحقة، مشيرا إلى إمكانية حدوث تحالفات بين أجنحة داخل النظام وقوى المعارضة التقليدية مع استبعاد التحالف مع القوي الشبابية التي تعتبر وقود الحركة الاحتجاجية، مما ينتج عنه نظاما قديما بوجوه جديدة. جاء ذلك فى الندوة التى عقدها مساء أمس الأربعاء، المركز الاقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة حول "السيناريوهات المحتملة لمسار الاحتجاجات الشعبية في السودان". وأوضح حيدر إبراهيم، أن الحالة السودانية تمثل تجسيداً للصيغة "السيئة" لواقع الدولة والمجتمع وطبيعة العلاقة الحاكمة فيما بينها، مما يمثل انعكاساً لسياسات الحكم العسكري الإسلامي القائمة علي تفكيك بنية الدولة وتسييس الانقسامات الطائفية والقبلية داخل المجتمع ونسج تحالفات(هيمنة) داخل الحزب الحاكم والمؤسسة العسكرية والحركة الإسلامية بما يرسخ سياسة التمكين وليس الشراكة مع قوي المجتمع. وقال الخبير السودانى أن هناك عدة نماذج لمستقبل التغيير السياسي في السودان أولها النموذج الجنوب الأفريقي الذي طرحته بعض القوي المعارضة غير أنه يتعذر تطبيقه لاعتبارات خاصة باختلاف السياقات والقوي الفاعلة سواء في الحكم أو المعارضة. والمسار الثانى، بحسب قوله، يتمثل في النموذج اليمني بحيث يتم تصعيد أحد رموز الصف الثاني من القيادات في الحزب الحاكم أو الحركة الإسلامية ،لافتا الى صعوبة هذا الطرح لعدم وجود قوة إقليمية داعمة لحدوثه. أما المسار الثالث فيتمثل في السيناريو الباكستاني الخاص بالتحالف بين بعض أفراد المؤسسة العسكرية مع أجنحة متحالفة معها داخل الحركة الإسلامية علي نحو ما طبقه نظام جعفر النميري، لكنه يواجه ايضا صعوبات في التطبيق لفشله المسبق وافتقاد المؤسسة العسكرية للتماسك. من جانبه، قال محمد عز العرب الباحث بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية- والذى أدار النقاش: إن الموجة الاحتجاجية الثورية الراهنة فى السودان هى الأكثر احتداماً وكثافة بسبب قوة الدفع الشبابي من جهة وتصدع أركان التحالف الحاكم من جهة أخري، إذ لم يعد النموذج الأمنى مجدياً في التعامل مع مثل هذه الاحتجاجات بما يجعل مسار التغيير الجذري مطروحاً في الأفق القريب. وتابع مشيرًا إلى أن الضعف القائم بين القوي السياسية وافتقاد المعارضة للتنظيم قد يطيل عمر النظام لفترة زمنية لكنه لن يساعد على بقائه فى السلطة لفترة دائمة.