:: هذا لم يحدث طوال أزمنة الإستعمار، وكذلك لم يحدث طوال سنوات أنظمة العهود الوطنية السابقة، ولكن زمان سياسة علي محمود وإخوانه دائماً حبلى بالمحن والغرائب، ولذلك ليس بمدهش مثل هذا ( الإعلان الحدث) .. إعلان تجاري بصحيفة التغيير، ويُعلن فيه أحدهم عن وجود خيارات متعددة وبأسعار محددة لبضاعته، ثم صور ملونة وأنيقة للبضاعة المعروضة ذات الأسعار ( 900/ 1000/ 1300 جنيه)، هكذا الإعلان التجاري لهذه البضاعة ذات الصور الفوتغرافية..عفواً، الإعلان التجاري لا يروج لبيع ثلاجات ولا مكيفات ولا تلفزيونات، بل يروج (خراف الأضاحي)..تلك هي البضاعة ، ( خراف)..للأسف، غير مبتسمة في صور هذا الإعلان، بل متجهمة لحد البكاء، و( عندها الحق)، إذ لم تدع سياسة علي محمود وإخوانه إبتسامة على الشفاه إلا صادرتها، وسواسية الناس و المواشي - عند تلك السياسة - في ( مصادرة البسمة)..!! :: المهم..مثل هذا الإعلان - الغريب - يعكس كساد سوق الأضاحي بعاصمة البلد، ويؤكد أن العرض لم يجد طلباً لحد الإعلان عنه (كمان بالصور)..وغير الإعلان، تلك الأسعار تكشف نسبة القادرين على توفير الأضاحي من ذوي الدخل المحدود و( المهدود أيضاً)..نعم، من المعجزات أن يوفر المعلم والموظف والعامل مليوناً ليضحي بها، و إن وفرها - بالمباصرة - حتماً سيقضي ما تبقى من الشهر حائراً و( مديوناً)..نسبة سكان ما تحت خط الفقر بالبلد - حسب إحدى إحصائيات وزارة الرعاية الإجتماعية - تتجاوز (45%)، وهؤلاء لا يستهدفهم ترويج هذا الإعلان ولو تم نشره على أبواب منازلهم، وبالتأكيد لن يتطلع طموح الفقراء إلى مستوى تلك الأسعار حتى ولو نقصت إلى ( الربع)، فالفقراء حرمتهم سياسة علي محمود وإخوانه حتى من قيمة ( كيلو عجالي)، ناهيك عن ( ثمن خروف)..أما سكان النسبة الأخرى لتلك النسبة، (55%)، فالسواد الأعظم منهم يبكون دماً ودموعاً منذ أسابيع لتوفير تلك الأسعار ولو بالإستدانة لكي لايحرموا أطفالهم من ( فرحة العيد).. وعيد هذا العام بالعاصمة، كما أعياد الأعوام السابقة بدارفور وأخواتها، بلا فرح ..أرواح الشهداء تبكي المآقي، و جراحات الجرحى لم تندمل، وأخيار شبابنا بالمعتقل، فبأي فؤاد يفرح شعبنا بالعيد ..؟؟ :: وعلماء السلطان كالعهد بهم دائماً في كل موسم (يشتتوا الكورة)..لا تخاطب خطبهم وفتاويهم (أصل الأزمة وجذروها)، بل تلجأ الى ما يظنونها حلولاً سهلة وتخاطب وتفتي للفقراء وذوي الدخل المحدود بعدم وجوب الأضحية عليهم في حال عجزهم عن شرائها..هكذا دائما ملاذهم الآمن لكي لايُغضبوا ( السلاطين) بالخطب والفتاوي التي تناقش وتفتي في ( أصل الأزمة وجذورها)..( لو ما قادر ما تضحي)، هكذا قال بعض شيوخ منابر الجمعة الفائتة، وهو قول صحيح ولا شك فيه، ولكن القول الأصح هو سؤال من شاكلة : ( ليه نص الشعب ما قادر يضحي؟)، أوبمثل هذا السؤال الصادم كان يجب أن تواجهوا السلاطين لتكتمل حقائق الأشياء في وجدان الناس أيها الشيوخ.. وليس في أمر شيوخ هذا الزمن البائس عجب، إذ لايزال فيهم من يفتي بحرمة الخروج على الحاكم، وكأن الذين خرجوا بدباباتهم قبل ربع قرن (طلعوا من دار الرياضة)، وليس على ( حاكم منتخب)..!! :: وعلى كل، هذا مؤشر أخر لبؤس الحال الإقتصادي للأسر السودانية، إذ يقول صديق حيدوب أمين عام إتحاد مصدري الماشية : ( كنت أبيع ما يزيد عن الخمسمائة رأس لبعض أهل العاصمة في كل موسم، ولم أبع في هذا الموسم غير ثلاثمائة رأس فقط لاغير)..هذا نموذج بائع لسان حاله يعكس تقزم القوى الشرائية في أوساط ذوي الدخل المحدود إلى ما يقارب ال (50%)، وبالتأكيد هناك ألف صديق وصديق حظائره مصابة بكساد هذا العام.. ولذلك، ليس بمدهش أن تصدر صحف الخرطوم بإعلانات تروج (البضاعة الكاسدة) . . ولك الله أيها الوطن الحبيب، ويا شعباً لم يكن يتوقع تاريخ كرمه وكرامته أن يصبح (شراء خروف) في زمان سياسة علي محمود وإخوانه (حدثاً مآساوياً)..!! الطاهر ساتي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.