تقول الطرفة إن أحد الصعايدة كان مشهور جداً بأنه منحوس و «شوم» و «كج» لدرجة كبيرة صار يتندر بها الآخرون... وتحكي الطرفة أن ذلك الصعيدي كان ذات يوم يحاول قطع شارع الأسفلت ليعبر إلى الطرف الآخر، بينما داهمته شاحنة ضخمة وهرسته تحت عجلاتها وحولته إلى عجينة من اللحم وتوفي إلى رحمة مولاه... وعندما صعدت روحه إلى السماء قابلتها سحابة ممطرة وضربتها فمات الرجل للمرة الثانية إلى رحمة مولاه «برضو»... واستمرت روح الرجل في الصعود فقابلتها طيارة وضربتها للمرة الثالثة ومات الرجل لرحمة مولاه، ثم واصلت روحه الصعود للأعالي حيث قابلها صاروخ وضرب الروح ضربة قوية ومات للمرة الرابعة خلال نص ساعة فقط، وصار هذا الرجل المنحوس مثالاً للنحس والشؤم... ولا أجد شخصاً أقرب في النحس والشؤم إلى أخينا الصعيدي المذكور من »أهلنا» في المعارضة وعلى رأسهم «عمنا» فاروق أبو عيسى طيب الله ثراه الذي خرج علينا بالبيان الخاص بتجمع الأحزاب الذي رفضت أن تقرأه على الملأ السيدة مريم الصادق تلك السودانية بنت البلد التي استحقت احترامنا وتقديرنا، واستحقت أن نصفق لها، وأن نؤيد مساعيها، وأن نشيد بحزب الأمة وزعيمه بعد أن أوضحوا موقفهم بدون أية »لولوة» أو »فرفرة أو »جرجرة»، وكانوا واضحين وصريحين مع أنفسهم ومع مؤيديهم، واصطفوا مع الشعب السوداني الذي سوف يظل يحترم لهم هذه الوقفة التي إن دلت إنما تدل على الأصالة والرجالة والوطنية. وعمنا »أبو عيسى» رحمه الله رحمة واسعة صار أشبه بذلك الصعيدي المنحوس الذي ظل يتلقى الضربة تلو الأخرى ويموت مرة ومرتين... فالرجل التزم النحس عندما انضم إلى تجمع الأحزاب الفاشل.. والرجل كان »أنحس» عندما نصبوه رئيساً لذلك الحلف المنحوس، والرجل لم يكن موفقاً عندما دعا إلى أن يجتمع أهل الأحزاب ليخرجوا على الناس بالبيان الذي رفضت بنت المهدي أن تقرأه، وقد فعلت خيراً حتى لا توسخ أيديها بإمساك البيان أو تلاوته... والرجل ركبه النحس المركب عندما طالب حكومة السودان بأن تنسحب وتخرج بجنودها من منطقة هجليج... وحتى يواري سوءته في البيان قال: »نطالب بالانسحاب الفوري من المنطقة وسحب جيوش الطرفين» والرجل يعلم أن جيش دولة الدينكا هو الذي يحتل هجليج... ولم يطالبه بالانسحاب... وطالب بيان »النحس» بإيقاف العدائيات، مع أن العدائيات شيء قام ويقوم به الجنوبيون. وصرح رئيس قوى الإجماع »المنحوسة» بأنهم سيكونون في حالة اجتماعات متواصلة »ما تعرفش ليه»، والنحس الذي أصاب المعارضة »الخاينة» التي لها حلف ملوث بالعمالة والاسترزاق مع الحركة الشعبية والحركات المسلحة، أسوأ من النحس الملازم لصديقنا الصعيدي الذي مات أربع مرات في نصف ساعة... وأبو عيسى مات يوم أن كان ضد شعبه على أيام النميري في أكثر الحكومات شمولية ودكتاتورية، ومات من النحس عندما كان نقيباً للمحامين العرب عاملاً ضد بلاده، وكان منحوساً عندما وضع يديه فوف يدي جون قرنق وبقية الدينكا من حكام الجنوب.. وكان منحوساً عندما رهن إرادة الحزب الشيوعي للحركة الشعبية، ثم كان أكثر نحساً يوم أمس عندما رفضت مريم الصادق أن تتلو له بيان المعارضة المنحوس. ونحكي عن ذلك السياسي المخضرم الذي سُئل ذات يوم وفي تجمع كبير، عن الموقف السليم الذي يمكن أن يقفه أي مواطن حر وصالح ويكون في مصلحة بلاده... فقال ذلك السياسي بالحرف الواحد: »ما عليك إلا أن ترى أين يقف فاروق أبو عيسى ثم تقف في الطرف المضاد»، وعند ذلك ستجد أنك مواطن صالح، وأنك شخص غير منحوس وغير خائن لوطنك. الانتباهة