رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    حصار ومعارك وتوقف المساعدات.. ولاية الجزيرة تواجه كارثة إنسانية في السودان    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    هل انتهت المسألة الشرقية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تعادل الزيتونة والنصر بود الكبير    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    محمد وداعة يكتب:    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغامرات الاستخبارات السودانية فى الصومال ومحاولة تفجير الباخرة فاينا
نشر في سودان موشن يوم 09 - 06 - 2013

لماذا سعت الاستخبا*رات السودانية لتفجير الباخرة فاينا؟
كيف تسربت المعلومات حول تفاصيل العملية الفاشلة؟
من هم ضباط الاستخبارات السودانية الذين نفذوا العملية؟
من هو حلقة الوصل بين ضباط الاستخبارات والقراصنة الصومال؟
اين وكيف تم الاتصال بالوسيط الصومالى للتفاوض مع القراصنة الصومال؟
ما هو دور سفارة السودان فى احدي الدول الأوربية فى تنسيق عملية التفجير؟
كم دفعت الحكومة السودانية لتفجير الباخرة؟
كيف وأين تم تسليم المبلغ للعميل الصومالى؟
كيف تم تسريب جزء من شحنة الأسلحة بتخطيط بين السفارة الإثيوبية فى نايروبى وهرقيسا؟
لماذا تسربت أخبار هذه العملية فى بعض الدوائر الصومالية المحلية؟
ماهى الفدية المالية التى دفعتها حكومة جنوب السودان للقراصنة؟؟
وكيف وعن طريق من تم تسليم هذه الفدية المالية؟
كيف كانت أوضاع الصومال عند تنفيذ العملية؟
هى قصة اغرب من قصص الخيال يرويها احد العارفين والملمين بما يدور فى الصومال ومن أهل الصومال
يرويها وهو يضحك بين الفينة والاخري لغباء المخابرات السودانية ومقدرة القراصنة الصوماليين فى ابتزازهم للحصول على آلاف الدولارات السائبة . اعرف الرجل معرفة جيدة منذ عام 2005 فهو يدير مكتبا تجاريا فى هريقسا (او حرقيسا فى رواية أخري ) وقد ساعدنى كثيرا خلال زياراتى للصومال من فيزا وحجز تذاكر وسكن وترحيل. والرجل ملم ومهتم جدا بقضايا السودان وقد خالط السودانيين خلال دراسته وعمله فى العديد من الدول العربية. هذا التقرير يحاول دارسة وتحليل القضايا الصومالية وتداخلها مع الأزمة السودانية. سوف أحاول من خلاله إلقاء الضوء على الأموال التى انفقتها الحركة الشعبية والحكومة السودانية لتمويل الحرب فى السودان، ولإلقاء الضوء على الدور الإقليمي على الصراع فى السودان. من خلاله سوف أحاول الإجابة على الأسئلة أعلاها وأسئلة أخري حول الدمار والتفتيت التى تعرض ويتعرض لها السودان تحت حكم الانقاذ والحركة الشعبية شريك الانقاذ فى الحكم
قبل ان نبداء فى الإجابة على الأسئلة اعلاه دعونا ننظر للأوضاع فى الصومال لتقديم صورة كاملة لخلفية هذه العملية
المشهد الأول
هريقسا قبلة المخابرات والاستخبارات
هريقسا ، عاصمة ارض الصومال، مدينة صغيرة تقع فى بيئة جافة رغم وقوعها فى وادي منخفض تحيط به التلال من كل جانب. وكانت قد تعرضت لقصف صومالى مركز خلال حكومة سياد بري دمر جميع مساكن المدينة وأرغم أهلها على الفرار الى إثيوبيا والتى تبعد حوالى ساعتين بالسيارة فى طريق ترابى يقطع العديد من الخيران الموسمية. وكانت طائرات سياد بري تنطلق من مطار هريقسا والذي يقع على هضبة مرتفعة تطل على المدينة لتلقى القنابل على رؤوس قبائل الاسحاق والتى تقودها حركة صومالى لاند الوطنية. بعد حرب مريرة نجحة الحركة فى المساهمة فى إنهاء حكم سياد بري وإعلان قيام دولة ارض الصومال فى مايو من عام 1991 وأصبحت هريقسا عاصمة للبلاد. فى حين تواصلت الحروب فى بقية أجزاء الصومال فى بلاد بنط والصومال الجنوبي كانت هريقسا وبربرا وبرعو من المدن الآمنة نسبيا مقارنة بالمدن الأخري . ولقد تابعت طيلة السنوات الماضية التطور الإيجابي فى الاستقرار الامنى فى هذا الجزء من الصومال. اذكر ان حركة الأجانب من امثالى كانت مقيدة ومحدودة بزمن وحراسة عسكرية إلزامية حفاظا على سمعة ارض الصومال كواحدة من الوسائل لانتزاع اعتراف من المجتمع الدولى بأرض الصومال كدولة مستقلة. لذلك أصبحت هريقسا مدينة مهمة بعد نايروبى لمتابعة الشأن الصومالى بكل أبعاده السياسية والعسكرية والأمنية والتجارية والدولية والإقليمية
الزائر لهرقيسا لن يمر دون ان يقع بصره على النصب التذكاري الذي يقع فى وسط المدينة لمجسم حقيقى لطائرة عسكرية تم إسقاطها إبان الحرب من طراز ميج 27. ولن يغيب عنه النهضة المعمارية التى تشهدها المدينة والتى تمولها أموال الصوماليين بالشتات فى الخليج وأمريكا وأوروبا . ولتمويل هذه النهضة المعمارية والحركة التجارية انشاء الصوماليون مؤسسات مالية خاصة بهم بعد انهيار النظام المصرفى الصومالى خلال فترة الحرب. ولا تستغربوا من إطلاق اسم "الحوالة" على هذه المؤسسات المالية فهى تعنى الحوالة التى كانت موجودة فى السودان خلال العهد الذهبي للبريد السودانى. واحدة من انجح هذه المؤسسات المالية الصومالية شركة تسمى "دهب شيل " مقرها فى بريطانيا ولها مكاتب فى دبى وفى هريقسا . وللشركة ايضا تواجد فى مدن عديدة فى السودان ومكتب رئسي فى السوق العربى وآخر فى جوبا . تقوم هذه الحوالات بتحويل الأموال بسرعة وكفاءة عالية مما جعلها هدفا لوكالة المخابرات الأمريكية فى حربها ضد ما يسمى بالرهاب. وكان على راس هذه الحوالات شركة تسمى البركات والتى وضعت فى القائمة المحظورة ضمن خمسة شركات صومالية اتهمت بتمويل العمليات والنشاطات الإرهابية . لم يشمل الحظر دهب شيل والتى صارت مؤسسة مهمة لتوصيل الدولار ليد المواطن الصومالى حتى اصبح الدولار وكأنه العملة الوطنية للبلد. فخلال زياراتى المتكررة لأرض الصومال لم أبدل للعملة المحلية الا مرتين. المرة الأولى حين صدم احد السائقين نعجة فى الطريق بالخطأ وحكم عليه بدفع غرامة قدرها ثمانين دولارا من قبل شيوخ الحلة . لم يكن معى سوى أوراق مالية من فئة المائة دولار فدفعنا مائة دولار وبدلا من ان يدفعوا لنا الباقى عشرين دولارا دفعوا لنا ما يعادلها بالعملة المحلية عبارة عن نص جوال من العملة الورقية المحلية . اما المرة الثانية فهو التحويل المفروض من الحكومة الصومالية وقدره خمسون دولارا فى مطار هريقسا بالسعر الرسمى لتمويل خزينة الدولة الفقيرة. المفارقة ان معظم العملة الصعبة التى يجمعها الصوماليون فى دول الشتات ويرسلونها الى أهلهم فى الصومال تستقر فى جيوب تجار القات فى اثيوبيا وكينيا. فقد زاد استهلاك القات بصورة كبيرة فى جميع أنحاء الصومال بسبب الحرب والفقر وارتفاع نسبة العطالة. وتجارة القات ماهى الا تجارة مخدرات منظمة تتم تحت سمع وبصر السلطات أيا كان نوعها فى الصومال او كينيا او اثيوبيا . وهى تمثل مصدر دخل مهم للحكومة الصومالية عن طريق الضرائب المباشرة على القات من تجار الجملة حتى تجار القطاعي . وقد وجد النساء مصدر دخل مهم من خلال بيع القات فى صناديق خضراء مكتوب عليها رقم يشير للتصريح من السلطات المحلية . والقات هو آفة الشعب الصومالى. زاد من انتشارها الحرب وانهيار المؤسسات الحكومية و تدهور الخدمات الأساسية فى مجال الصحة والتعليم
كأية مدينة أخري فى شرق أفريقا توجد فى هريقسا مناطق يقصدها الأجانب والسواح والخبراء من خارج البلاد. واحدة من هذه الأماكن يشبه احد الفنادق فى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان،، فالفندق عبارة عن نقطة اجتماع لعملاء الموساد، ام اي فايف والسي اي إيه وغيرهم من عملاء المخابرات فى العالم. مدينة هريقسا مدينة صغيرة لا يتعدي حجمها محلية امبدة فى امدرمان. وتخلو من أماكن الترفيه والمنتزهات والمقاهي والمسارح ودور السينما. يوجد بها فندقان هما قبلة الترفيه لسكان المدينة من الأثرياء والساسة والوزراء وموظفو المنظمات الدولية. الفندق الأول هو فندق امبسادور ويقع على بعد خطوات من مخرج مطار حرقيسا اما الفندق الثانى فهو فندق مانسور او (منصور) ويقع فى الجزء الشمالى الغربى من المدينة بعيدا عن المطار. ليس هناك فندق اخر فى المدينة تتوافر فيه مواصفات السلامة التى تجذب الأجانب غير هذان الفندقان. هنا يلتقى عملاء المخابرات من دول العالم وفى واحد من هذين الفندقين تمت الصفقة الفاشلة بين ضباط الاستخبارات السودانية ووسيط القراصنة الصوماليين فى محاولة لتفجير شحنة الباخرة فاينا
:
صورة حديثة للفندق الذي استخدمه ضباط المخابرات السودانية لمساومة القراصنة من خلال الوسيط الصومالى
المشهد الثانى
القراصنة الصوماليين ،، دفاعا عن الساحل ام مهنة مربحة؟
ترتبط القرصنة البحرية بالتاريخ القديم كظاهرة سادت وبادت الا ان ظهورها فى بدايات القرن الواحد وعشرين اثار العديد من علامات التعجب والاستغراب. ما زاد من حدة الدهشة هى ظهورها من جديد فى واحد من اهم المعابر المائية التجارية قبالة الساحل الصومالى فى المحيط الهندي وبحر العرب عند مدخل باب المندب . لقد شكلت القرصنة . الصومالية تهديدا مباشرا للتجارة الدولية ساهم فى زيادة الأسعار وتكاليف النقل وإجراءات السلامة والتأمين. داخليا شكلت القرصنة الصومالية ثقافة جديدة فى مفهوم العديد من سكان السواحل الصومالية . فهى ينظر لها بانهاعملا "رجولى" بطولى ووطنى دفاعا عن المياه الصومالية ضد قوارب الصيد الضخمة التى وجدت فى سواحل الصومال صيدا سمكياً رخيصا بسبب غياب سلطة الدولة على حدودها ومياهها الإقليمية . اخرون ينظرون لها بانها قوة عسكرية غير نظامية لحماية سواحل الصومال من السفن التى استباحتها كسلة مهملات لتفريغ حمولتها من النفايات الكيميائية والنووية دون رقابة او دفع سعر فى المقابل . الغالبية العظمى من الصوماليين الذين التقيتهم دافعوا عن القرصنة الصومالية كوسيلة مشروعة للدفاع عن سواحل الصومال بعد تفشي الأمراض الغير مستوطنة على سكان السواحل مثل السرطان وأمراض جلدية غريبة يعتقد ان لها علاقة بالتلوث البيئ بسبب دفن النفايات فى الساحل الهامل. والى ازدياد حدة الفقر وسط المجتمعات التى تعتمد على صيد السمك بسبب أساليب الصيد غير المشروع الذي تمارسه دول كبري
فى الساحل الصومالى ضايقت الصياد الصومالى فى عيشته
ولكن الشاهد ان القراصنة الصوماليون سرعان ما اكتشفوا ان عملية القرصنة هى أقصر طريق للثروة وعمل بطولى مربح. فازدادت عملية القرصنة والسطو على كل البواخر التى تقع فى طريق القراصنة قبالة الساحل الصومالى. وتدفقت الدولارات من أموال الفدية على قري الصيد الفقيرة فى بلاد بنط. وظهرت بوادر الثراء على القراصنة وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع . ففى عام 2009 وصل عدد البواخر المختطفة قبالة الساحل الصومالى الى ثلاثمائة باخرة اضطرت لدفع فدية مالية تتراوح بين المليون الى ثلاثة ملايين دولار للباخرة الواحدة. لقد ادخل القراصنة الصومال الرعب فى تجارة الملاحة البحرية حتى صارت هذه البقعة البحرية أخطر من مثلث برمودا. وتحاشت البواخر الإبحار قرب الساحل الصومالى خوفا من الوقوع فى يد القراصنة ولكن لاحقتهم قوارب القراصنة الى حدود موريشيوس ومدغشقر وسواحل سلطنة عمان
ومع نمو نشاط القراصنة والبواخر المختطفة ظهرت الحوجة لشبكة اتصالات لإدارة المساومة مع مالكى الباخرة المختطفة حول مقدار الفدية وكيفية التسليم. ومن غير الصوماليين بالشتات والذين تربطهم صلة رحم أسرية وقبلية للعب هذا الدور بحكم اجادتهم للغة الانجليزية وسهولة قنوات الاتصال مع مالكى الباخرة بالخارج. وبل وسهولة تحويل الأموال المستلمة واستثمارها فى الخارج. واحد من أبطال هذه القصة ودورهم فى لعب دور الوسيط بين المخابرات السودانية والقراصنة الصوماليين يقيم بمدينة الضباب، ناتى له لاحقا والدور الذي لعبه فى محاولة التفجير
تسليم الفدية المالية يتوسط فيه الصوماليون بالشتات ويتم فى نيروبى، جيبوتي ، أديس أبابا او هريقسا ويتم ترحيل الأموال فى طائرات صغيرة خاصة تهبط فى مدارج ترابية فى المدن الصومالية الصغيرة مثل بايدوا، جالكايو وبوساسو. وقد تخصصت شركات يديرها عملاء ومرتزقة فى توصيل هذه الأموال تحت غطاء شركات أمنية تتخذ من نايروبى مقرا لها. ولعنا نذكر الطائرة التى تم حجزها فى مطار مقديشو وهى محملة بملايين الدولارات عبارة عن فدية فى طريقها لمجموعة من القراصنة. هناك اتهامات تشير لتعاون بعض السياسيين فى الصومال فى التوسط بين القراصنة وأصحاب البواخر للوصول الى تسوية مالية تفرج عن الباخرة وشحنتها وطاقمها. وهو اتهام لاتجافيه الحقيقة كثيرا نسبة لأوضاع الصومال وضعف الأجهزة الأمنية والقانونية فيه. وهو أقصر الطرق للتفاوض مع القراصنة من خلال شكل السلطة الموجودة فى المنطقة وعلاقتها القبلية والأسرية مع القراصنة . اما اموال القرصنة فقد تم استثمار جزء كبير منها فى نايروبى ، ليس فى تمويل نشاطات اقتصادية فى ضاحية ايستلى، بل فى شراء مباني فى وسط سوق نايروبى. فى عام 2011 تم شراء أكثر من خمسة وعشرين مبنى فى وسط سوق نايروبى بواسطة تجار صوماليون وأموال صومالية مما دعى الحكومة لإصدار قرار بوقف بيع مبانى لوقف الهجمة الصومالية على ملكية سوق نايروبى
هاجم القراصنة اية باخرة تقع فى طريقهم
استولوا على ناقلات نفط عربية وأجنبية
استولوا على مراكب صيد عربية وأجنبية
حجزوا أفراد على متن قوارب ويخوت خاصة
احتجزوا بواخر تحمل مواد ومعونات إنسانية للجوعي فى الصومال
احتجزوا بواخر تحمل بضائع مختلفة
ولكن ما وقع فى يد القراصنة فى 25 سبتمبر من عام 2008 كان شيئا مختلفة
كانت آلة عسكرية متكاملة
لقد وقعت الباخرة فاينا بكل ما حملت وأصبحت رهينة فى يد القراصنة الصومال
المشهد الثالث
شحنة الباخرة والنزاع حول الملكية او التفجير
عندما وقعت فاينا فى اسر القراصنة كان اول سؤال تبادر للزهن ماذا كان فى جوف الباخرة من بضاعة ؟ ماهى وجهتها ومن يملك هذه البضاعة؟ دعونا نحاول الإجابة على السؤال الأول
تقول التقارير ان شحنة الباخرة كانت هى الشحنة الثالثة والأخيرة من جملة مائة دبابة وأسلحة خفيفة. عندما تم استولى القراصنة على الباخرة كانت تحمل 33 دبابة روسية الصنع وأسلحة خفيفة مضادة للدبابات وصواريخ تطلق من راجمات الصواريخ. تصرف القراصنة فى محتوى الشحنة حسب ما تحمله زوارقهم لبيعه فى سوق السلاح فى الصومال ونهبوا العديد من أجزاء الدبابات مثل أجهزة الاتصالات وباعوها عن طريق سماسرة السلاح كما سوف نوضح لاحقا. انكر طاقم الباخرة معرفتهم بمحتوي الشحنة . مع سقوط الباخرة تم الكشف عن أكبر عملية تهريب للأسلحة فى منطقة القرن الافريقى الا ان العملاء والدول المعنية بالشحنة وجدوا نفسهم فى موقف حرج. الشاهد يقول ان كينيا والاستخبارات العسكرية الكينية كان واحدا من اهم العملاء والوسطاء لتوصيل الشحنة لوجهتها النهائية . وقد تم استقبال الشحنة الأولى والشحنة الثانية فى مخازن تابعة للجيش الكينى. لذلك كانت كينيا اول من دافع عن ملكية الشحنة بصفتها طفل الغرب المدلل فى الغرب وبصفتها العميل والوسيط لجنوب السودان. أصرت كينيا على ملكيتها للشحنة وسجنت احد الوسطاء الذي اعلن من اول وهلة ان الشحنة تملكها الحركة الشعبية لتحرير السودان. أتى الخبر اليقين حول ملكية الشحنة من الأوراق والوثائق التى وجدها القراصنة فى حوزة كابتن الباخرة.تقول الوثائق ان جوبا كانت المحطة الاخيرة للدبابات وبقية الأسلحة والذخائر. ما تقوله المصادر فى الصومال ان أصحاب الشحنة الحقيقيين هم احدي الحركات الدارفورية. ولكن لم اجد من يؤكد هذه الحقيقة والادعاء سوي ان هناك قادة من هذه الحركات قد أجروا العديد من الاتصالات ببعض الدوائر الصومالية للتدخل فى الإفراج عن الباخرة مقابل فدية مالية. وقد تم ذكر بعض الأسماء من قادة الحركات الرافورية
عندما سمعت حكومة السودان بتدخل شريكها فى الحكم ، الحركة الشعبية ، فى موضوع ملكية الأسلحة حاولت الحصول على معلومات إضافية عن هذا الموضوع. احدي الطرق التى سلكتها الاستخبارات السودانية هى تقصى الحقائق من مافيا السلاح الروسية فى اكرانيا عن طريق رجال أعمال سودانيين لهم تعامل سابق مع المافيا الروسية فى مجال السلاح. ماطلعت به الحكومة السودانية من معلومات مؤكدة هى ان الشحنة تخص الحركة الشعبية لتحرير السودان. عندها صدرت أوامر بإرسال ثلاث من ضباط الأمن والاستخبارات العسكرية الى ارض الصومال بالتنسيق مع السفارة السودانية فى لندن فى مهمة سرية هدفها تفجير الباخرة فاينا بكامل شحنتها
المشهد الرابع
التفاوض مع القراصنة
بطريقة ما نجحت السفارة السودانية فى لندن بتجنيد مواطن بريطاني من أصول صومالية ليكون حلقة الوصل بين القراصنة والمخابرات الصومالية. تكفلت المخابرات السودانية بدفع تذاكر سفر له للحضور الى هريقسا لإقناع القراصنة بتفجير الباخرة مقابل مبلغ تسعة ملايين دولار. كان يمكن ان اكتب الاسم الكامل لهذا العميل ومواصفاته بالكامل والتى لن تغفلها العين من الوهلة الأولى ، واحتفظ له بصورة حديثة جدا. لكن لأسباب كثيرة احتفظ بهذه المعلومة للرجوع لها فى المستقبل لإضافة معلومات جديدة حول هذه العملية الفاشلة. لكنى استطيع ان أقول ان الرجل عمل وزيرا فى حكومة سياد بري فى فترة من الفترات. تقول المصادر ان حضور الوسيط والمفاوض الصومالى، لا أريد تسميته بالعميل، لأرض الصومال كانت مفاجئة لأهله وعشيرته بعد فراق وهجرة دامت عشرات السنيين. كان يحاول عدم مقابلتهم فى بداية الأمر وأوضح لهم انا أتى لأرض الصومال بطلب من رئيس دولة ارض الصومال السابق طاهر ريالى للتفاكر حول مشاركته فى طاقم الحكومة.
تقول المصادر ان ثلاث من ضباط المخابرات السودانية وصلوا مطار حرقيسا من رحلة أقلعت من مطار جيبوتي بجوازات دبلوماسية. آثار دخولهم بجوازات دبلوماسية العديد من الشبهات فتم وضعهم تحت مراقبة مخابرات دولة ارض الصومال والمخابرات الإثيوبية . معروفا ان ليست هناك اسرار فى المجتمع الصومالى. وهو مجتمع شفهى يعتمد على نقل الرسالة بواسطة الكلام وليس الكتابة . فغالبية الشعب الصومالى شعب تسود فيه الأمية بنسبة عالية. لذلك فهم يستخدمون التليفونات بكفاءة عالية للنقل الرسائل وحتى إرسال الأموال يتم عن طريق الموبايل . وكما أسلفنا سابقا ان هريقسا مدينة صغيرة من الصعوبة الاختباء فيها. من واقع هذه الثقافة، ثقافة نقل المعلومة فى المجتمع الصومالى، فانا لاحتاج للإعلان لذيارتى عند وصولى الصومال. فلا تمضى سويعات وإلا تبداء المكالمات الهاتفية تنهال على جهاز الموبايل. حتى ان بعض المكالمات تأتى مباشرة لتلفون الغرفة فى الفندق الذي أقيم فيه
اتخذ الضباط الثلاثة فندق المنصور مقرا لهم وكانوا تحت المراقبة والرقابة من اليوم الأول . احد الذين تابعوا حركة هؤلاء الضباط وصفها بالقليلة والحريصة جدا. فهم لم يتركوا الفندق الا فى مرات تعد على أصابع اليد ولاماكن عامة. تجنبوا الحديث والاختلاط مع اي شخص اخر سوي الوسيط الصومالى. حتى ان اللقاء مع هذا الوسيط كان يتم بالغمز واللمز فى غرف الفندق وليس فى بهو الفندق. المعلومات التى تسربت من لقاء الوسيط مع الضباط تسربت من أهل وعشيرية الوسيط فقد تم الاستعانة بهم للتحاور مع القراصنة
تقول المصادر انه تم الاتفاق على ان يقوم الوسيط بإقناع القراصنة بتفجير الباخرة مقابل تسعة مليون دولار. طالب الوسيط بمبلغ مئاتى الف دولار تم تسليمها له كعربون اول للسفر ومقابلة القراصنة. تكاليف الوسيط الصومالى لتفجير الباخرة الصومالية المتفق عليها كانت مليون ومائتين الف دولار امريكى
غادر الضباط الثلاثة بنفس الطريقة التى أتوا بها بعد ان تحققوا من سفر الوسيط إلى "لاس قريى" مكان الباخرة . المختطفة. لم تكن مهمة إقناع القراصنة بالمهمة السهلة. فهم ينحدرون من قبيلة اشتهرت الدهاء والمكر والمراوغة انها قبيلة الورسينقلى. ولكنها معروفة ايضا وسط الصوماليين بانهم يفضلون العمل فى التجارة وفى الثراء وان الكثيرين منهم متعلمون ومثقفون. نجح الوسيط الصومالى فى مقابلة القراصنة وقدم لهم "طلب او رجاء" حكومة السودان بتفجير الباخرة فاينا بما حملت من أسلحة مقابل تسعة مليون دولارا تدفع نقدا. وافق القراصنة على الطلب فهدفهم هو الحصول على المال ولكن كانت هناك مشكلة وهى ان الوسيط لم يكن يحمل معه سوي بضعة الآف من الدولارات والقراصنة عايزين دفع كاش وفى الحال لكى يتخارجوا من هذه العملية وهذه الورطة. وجد القراصنة فرصة بالضغط على أصحاب الشحنة ، حكومة جنوب السودان، باستخدام العرض المجزي من حكومة السودان وهددوا بتفجير الباخرة إذا لم يتم دفع المبلغ الذى يريدونه وكان تهديدا حقيقا تناولته وكالات الأخبار العالمية ان القراصنة هددوا بتفجير الباخرة. كانت هناك أزمة ثقة بين الضباط الثلاثة، الوسيط والقراصنة. رجع الوسيط الى هريقسا لمقابلة الضباط الثلاثة للمرة الثانية للتشاور حول الخطوة التانية فى عملية تفجير الباخرة فاينا. تخوف الضباط من تسليم تسعة ملايين دولار دون وجود ضمانات بتفجير الباخرة ورفض القراصنة التفجير دون الحصول على المبلغ كاملاً. طلب الوسيط المزيد من الوقت للتأثير على القراصنة عن طريق ضمانات تقدم لهم من أقاربهم وبدأت مهمة جديدة للتعرف على اقرب الأهالي للقراصنة. كلفة هذه العملية كانت 100 الف دولار أخري دفعها الضباط كاش وغادروا الى جيبوتي عن طريق مطار هرقيسا. سافر الوسيط مرة أخري الى بلاد بنط الى لاس قريى ومعه رهط من أقارب القراصنة المقربين لكى يقنعوهم بمصداقية وتعهد حكومة السودان بدفع مبلغ تسعة مليون دولار بعد تفجير الباخرة وتدمير شحنتها العسكرية. بالطبع رفض القراصنة طلب هؤلاء الاجاويد لأنهم لم يأتوا بما طلبوه وهو التسعة ملايين دولار. وصل الضباط الثلاثة للمرة الثالثة الى هرقيسا لمعرفة ماتم فى الموضوع ولكنهم فى هذه المرة لم يتمكنوا من الالتقاء بالوسيط الصومالى، فقد اختفى تماماً ولم ياتى لمقابلتهم طيلة تواجدهم فى هرقيسا. . انتظروه أسبوعا ولكنه لم ياتى فاضطروا لمغادرة هرقيسا
لقد فشلت العملية
وفشلت المهمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.