لقد مارست الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد السودان ومنذ ثمانينيات القرن الماضي كل الأساليب والفنون الديبلوماسية المباحة وغير المباحة ،وخاصة في عهد الرئيس كلنتون الذي أتي بما لم تستطيعه الأوائل في حق السودان ،وكانتهناك ولازالت أساليب التحكم في الأجندة المختلفة والخاصة بالسودان التي تتأرجح من موقف الي موقف أخر ،فهناك الحظر الاقتصادي ،والعزلة السياسية ،والتهديد بضربات جوية ،وحظر الطيران ،وتشجيع التمرد ،وتقديم الدعم للحركات المسلحة بالسودان ،وتشجيع حمل السلاح ،ولن ننسي الحرب البديلة التي نفذتها بعض دول الجوار نيابة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية مثل ليبيا عندما قامت بغارة جوية علي مبني الإذاعة والتلفزيون ،ثم إثيوبيا ،واريتريا ،وتشاد الذين ساعدوا علي تنامي انشقاق الكتلة السودانية وإيوائهم للمتمردين والخارجين عن الملة السودانية ،ونحمد الله سبحانه وتعالي بان الدبلوماسية السودانية المشهود لها بالكفاءة وحسن التدبير ،استطاعت ان تصمد مع تلك الدول المجاورة وتعيد العلاقات معها الي أحسن مما كان ،وان أردت فانظر الي علاقة السودان مع دولة تشاد حاليا وهي التي تبنت الهجوم السافر علي مدينة أم درمان . وتتواصل الضربات المتواصلة علي السودان ،وذلك عندما تم تدمير مصنع الشفاء بالخرطوم بحري تدميرا كاملا ،وقد قيل عنه بأنه مصنع لصنع غاز الأعصاب وتصديره الي دول الإرهاب ،وقد كنت حينها بدولة قطر ولم احضر تلك المأساة الأليمة والظلم الفادح الذي لا يمكن ان يحدث الا في العصور البربرية ،وقد تألمت كثيرا عندما كنت أشاهد القنوات العربي تتناقل هذا الحدث ،وتتناقش في كيف نفذت أمريكا تلك الضربة ،هل تمت بواسطة طائرات حربية او صواريخ كروز ؟ومن أين أتت هل من البحر الأحمر او من الخليج ؟وبالتالي نسوا او تناسوا الظلم والاضطهاد الذي حدث لدولة عربية مسلمة شقيقة دون ذنب جنته ،ودون قرار من مجلس الأمن او توصية من هيئة الأممالمتحدة ،ولم يهتموا في إثارة الرأي العربي او العالمي او حتى شعوبهم بالطريقة المطلوبة في مثل هذه الحوادث ،وبالتالي ...تم تقييد الضربة ضد مجهول .الا ان اكبر المواجع التي أصابت السودان هو ما فعلته الشقيقة مصر في احتلالها لمنطقة حلايب ووضع السودان في موقف محرج للغاية ،وهو اما مواجهة الجيش المصري او السكوت والتهدئة ،وقد اختارت الدبلوماسية السكوت والتهدئة والعمل علي إثارة الموضوع بالطريقة القانونية ،وذلك حفاظا علي العلاقات التاريخية والمصيرية التي تربطها مع الشعب المصري ،ثم يأتي بعد ذلك احتضان مصر للأحزاب المعارضة والحركات المسلحة بطريقة تخجل منها حتي إسرائيل ،ونسيت الشقيقة مصر او تناست بان السودان هو العمق الاستراتيجي لها ،إما أراضي حلفا التي أدخلت دون وجه حق مع الحدود المصرية ،فلن أتحدث عنها ،ولكنني أقول بان السد العالي يعتبر غاليا جدا عند السودانيين ،كما هو غال أيضا عند المصريين ،فقط أريد ان اذكر الأخوة المصريين الشرفاء بان السودان الغي بموجبه مدن وقري عديدة من الخريطة السودانية كانت تعيش في حياة هادئة وآمنة ،لا لشيء ،إلا ليؤمن لمصر الشقيقة بناء السد العالي الذي سيوفر لها المشرب والمأكل والمأمن ..وأقول (للنظام المصري السابق )بكل عفوية ..هل يعقل ان يعطيكم السودان حلفا لتأخذوا منه حلايب ؟ومن هنا يجب ان نحيي جميعا شباب وشابات مصر وأبناء وبنات مصر،ورجال ونساء مصر الذين وقفوا وقفة رجل واحد ضد الظلم والطغيان ،ودكوا حصون النظام الظالم لهم ،وللأمة العربية كلها ،وقاموا بثورة الخامس والعشرين من يناير 2011التي لا يمكن ان يجود التاريخ العربي بمثلها . ثم تتفنن الإدارة الأمريكية أيها الإخوة بالتلذذ في الضربات المتواصلة علي السودان ،وتطلب هذه المرة من المنظمات والهيئات العالمية المختلفة ،مثل المنظمات الطوعية ،ومنظمات حقوق الإنسان (واخص بذلك منظمة التضامن المسيحي العالمي )بتنفيذ حملات دعائية كبري ضد السودان ،متهمة اياه بدعم الإرهاب ،وتنفيذ حرب إبادة جماعية ضد قبائل دارفور ،وممارسة تجارة الرقيق وذلك بالهجوم علي معسكرات الأفارقة السود للحصول علي الرقيق ،ثم تنظيم حملات عالمية أخري ضد قواتنا المسلحة الباسلة ومعها بما يسمي قوات الجنجويد بممارسة عمليات النهب والقتل والاغتصاب –والعياذ بالله –ولكي تكتمل الربات المتواصلة قامت المنظمات الطوعية التي تعمل بدارفور بإرسال التقارير الكاذبة ،اتهمت فيها السودان بأنه يقوم بحرب إبادة جماعية ،ومن هنا وبكل سهولة جاء اتهام السيد الرئيس بواسطة المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها العام اوكامبو،ويجب العلم بان تهديد بعض المنظمات الدولية لآمن السودان لم يكن سببه التوجه الإسلامي لهذه الحكومة ،بل بدا منذ الاستقلال ،فقد قام رئيس مجلس قيادة الوزراء الفريق إبراهيم عبود رحمه الله بطرد العديد من المنظمات الطوعية العالمية عام 1960،وذلك لتوريطها في مساعدة المتمردين وتبنيها حملة إعلامية عالمية ضد السودان ،ومن تلك المنظمات منظمة ويرلد فيزون الأمريكية ،ومنظمة اكروس الاسترالية . لو تمعنت معي أخي الكريم ستجد بان كل الذي يجري ألان ،وسوف يجري غدا ،ما هو الا أجندة موضوعة مسبقا لتفتيت وتفكيك السودان ،مع ضمان الانفصال التام للجنوب ،ويجب ان لا ننسي ما قاله رئيس منظمة ان، بي ،ايه (نبا )في نيروبي بكينيا عام 1991م ،وذلك إثناء اجتماع المنظمات الطوعية لمساعدة السودان (لقد جئت الي كينيا لمساعدة الجيش الشعبي لتحرير السودان )وقد افلح بما وعد الان .منذ وصول الرئيس الأمريكي اوباما وإدارته الجديدة الي الحكم في مطلع 2009م لم تكن هناك سياسة واضحة تجاه السودان ،والسبب في ذلك لان أمريكا لا يحكمها الرئيس ،بل تحكمها أجندة وملفات ومصالح لا يمكن فهمها او تفهمها ،وأية دولة يرفع لها الكرت الأحمر ،فمن الصعوبة لرئيس او إدارة جديدة تغييره بين عشية وضحاها ،فإذا تذكرنا الرئيس بوش الابن وسياسته نحو السودان التي شهدت تحولات غير مسبوقة ،تمثلت في توقيع اتفاقية نيفاشا 9/يناير /2005م وأحدثت تحولات جذرية في مسار أقدم أزمة في أفريقيا ،بل أدت الي انفصال جنوب السودان عن شمال السودان ،والذي عملت له إدارة اوباما إلف حساب منذ اول يوم استلمت فيه مقاليد الحكم ،وتعهدت للسودان بكلما يسيل له اللعاب ،وقامت بتعيين الجنرال أسكوت جريشن مبعوثا رئاسيا خاصا للسودان ،الا ان حكومة السودان أوفت بما وعدت ،ولم تكترث الا بالعهد الذي يربطها بتلك الاتفاقية . نجد ان موقف الإدارة الأمريكية السابقة والحالية من السودان كما هو ،لماذا ؟لان هناك دائما نوعا من الارتباك في اتخاذ القرار المناسب ،ولان الرباعي الرهيب الذي يقود السفينة الأمريكية والمكون من البيت الأبيض ،والكونجرس ،ووزارة الخارجية ،وأجهزة الآمن القومي كل له حساباته وتوجهاته وسياساته التي أنها لصالح أمريكا ،لهذا يحدث ما يسمي بقوة الإقناع ،فكل طرف يحاول إقناع الطرف الآخر ،ثم هناك وسائل الإعلام المؤثرة ،ووسائل الضغط الأخرى ،وقد وردت بعض الإشارات في حملة اوباما الي تبني حظر جوي علي دارفور ،كما اقترحت سوزان رايس مندوبة الولايات المتحد في مجلس الآمن بتوسيع منطقة الحظر الجوي لتصل الي الخرطوم بهدف ضرب مطارات عسكرية محتملة .وللآسف الشديد فان الولاياتالمتحدةالأمريكية دائما ما تبني سياستها تجاه السودان علي تقارير مضللة تصل إليها من عدة عيون مندسة في شتي إنحاء العالم ،وتقوم بعد ذلك باستقلال تلك التقارير بما يسمي باللعبة السياسية القذرة ،التي عادة ما يتم طبخها ضد الدول المارقة التي لا حول لها ولاقوه ،حيث تستطيع أمريكا تمرير جميع الأجندة ضد تلك الدول بطريقة هادئة وسلسة ،وبواسطة لاعب آخر مهمته فقط تقديم الشكوى الملفقة لجهة الاختصاص التي لا تطالبه بأي دليل واضح او غير واضح ،وقد يكون هذا اللاعب المنفذ عبارة عن دولة أو مجموعة دول ،او منظمة عالمية أو مؤسسة إقليمية او شخص عادي يمتطي أية قناة من القنوات العديدة ليصب جام غضبه علي تلك الدولة دون دليل يذكر ..... نقلا عن صحيفة أخر لحظة بتاريخ :21/2/2011م