الأحداث تجمع بين اغرب رجلين الأسبوع الماضي. محمد نور عبد الكريم .. احد قادة المعارضة التشادية الذي يصبح وزيراً لدفاع ديبي .. وسلفاكير.. وما يجمع بين الرجلين هو أن كلا منهما كان – في الأسبوع الماضي – يخسر معركة الاستخبارات الطويلة التي تعني بقاءه او فناءه.. ونهاية الأسبوع لما كانت أجهزة الأمن تقود محمد نور الى المطار كان سلفا يتلقي الضربة الأخيرة. الضربة التي تأتيه من يده هو. (2) وكل شيء – وكل أحد – في الأسبوعين الماضيين كان يعتقد أن المعركة تجري بين الحركة الشعبية والوطني .. بينما المعركة في حقيقة الأمر كانت تدور بين الحركة الشعبية .. والحركة الشعبية .. بين سلفا ومجموعته وباقان ومجموعته والجيش .. ومشار. ونحدث الأسبوع الماضي عن أبعاد مشار. وانهيار الخميس مشار يبعد .. من اللجنة القيادية ويبقي بها نيال وسلفا وباقان.. وباقان ينفي أمس إبعاد مشار.. والحقائق تنفي نفي باقان. والسيد علي عثمان وسوف يستقبل باقان بدلاً عن مشار في اللجنة المشتركة هذه. لكن سلفاكير يجرد حسابات الموسم العاصف ليجد أنه خسر كل شيء .. حين كسب كل شيء. والعيون تبصر أحسن حين تبتعد قليلا عن الحائط.. وسلفاكير يجد أن القيادة السياسية تفلت ألان من يده.. وأن باقان ونيال دينق وجيمس اوث .. القيادة التي تحكم قبضتها ألان كلهم من أبناء قرنق؟! وأبناء قرنق وحلفاءهم من ابيي هم أعداء الرجل. وسلفا يجد أنه يبعد مشار ويبعد اكول ويبعد ماتيب.. و.. و.. كلهم الآن يجلس على الشاطئ .. وسلفا يغرق. وسلفاكير – كما نحدث الأسبوع الماضي – يهرع في محاولة لشراء الجيش ليقوم بتعيين قادة الجيش ولاة لولايات الجنوب.. دون أن يسمع تصفيقاً. وسلفاكير الذي يخسر القطاع السياسي ويخسر القطاع العسكري يبقي له جهاز المخابرات. وسلفا الذي بدأ حياته جندي استخبارات صغير في الجيش السوداني ثم قائداً لمخابرات قرنق يعود الان الى موقعه المفضل. قيادة المخابرات. سلفا كير جندي الاستخبارات أيام النميري يرسله الجيش الى الجنوب وهناك يشرع في إقامة جهاز استخبارات يضم كاربينو / وآخرين من بينهم المجموعة العسكرية التي سقطت بها الطائرة العام الماضي/ والجهاز هذا يسجل نجاحاً لانه كان متوحشاً تماماً .. نجح في نثر القبور التي لا تنتهي. لتأتي (الجهة) التي تدير كل شيء .. والجهة هذه تنزع قيادة التمرد من النوير – لاقو – وتجعلها لقرنق وتنزع الجهاز ألاستخباري من كاربيو وتجعله لقرنق .. ومعه سلفا.. و. ثم يحدث ما هو معروف. ألان .. اللجنة الأمريكية المعروفة التي ترشح باقان قبل عامين لقيادة الحركة الشعبية (تنتف) ريش سلفا. وهي تتظاهر بأنها تنظف الحريرية السوداء. حتى قيام وفشل مظاهرات الاسبوع الماضي كان جزاءاً من هذا النتف. (3) والأسابيع الماضية كان سلفا – وباقتراح من باقان – يخسر مجلس التحرير (270) شخص. ثم يخسر لجنة الثمانية التي كانت هي المستشار الأعظم لسلفا. ويخسر المؤتمر الوطني. ثم يخسر الأحزاب .. والتجمع حين يوقع اتفاقاً مع الوطني. ثم يخسر الدعم الأمريكي حين يبدو وكأن كل شيء يفلت من يده. ويبقي أن سلفا – وعلى امتداد الشهور الماضية المزدحمة – هو الرجل الذي يقف مع كل شيء .. وضد كل شيء في نفس الوقت. فالسيد سلفا يقف في الكنيسة ليقول للمواطنين هناك أن الشمال يعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية .. ويدعو إلي عدم التسجيل. ثم يذهب ويسجل أسمه ويدعو للتسجيل. وسلفا هو الذي يقف بشدة مع دعوة أوكامبو ضد البشير .. ثم سلفا هو الذي يزجر مواطنين يهتفون ضد البشير في الشهر الماضي ويقول أن بقاء البشير يعني بقاء نيفاشا. وسلفا هو الذي يعد المواطنين للحرب .. ثم هو من يعلن أنه ضد كل حرب. وسلفا هو الذي يتوسط لحل مشكلة دارفور .. ثم هو من يستقبل كل قادة حركات دارفور في دعم كامل. ثم هو من يدعو بشدة للمظاهرات ضد الوطني الأسابيع الماضية .. ثم يقود محادثات كاملة مع الوطني ضد المظاهرات. ثم .. ثم .. ثم. سلفا وحده هو الذي يتخذ الموقف هذا؟! لا .. بل كل قادة الحركة الشعبية. والموقف هذا .. مجنون هو ؟ لا.. بل هو عمل دقيق مخطط. والعمل المخطط هذا ينظر الى عام 2010م الذي يحسم فيه (كل) شيء في السودان. والعام القادم يبدأ بمحادثات الدوحة في الرابع والعشرين من يناير. ثم الانتخابات .. ثم الاستفتاء .. ثم متعلقات نتائج كل هذا. المتعلقات التي لا تأتي إلى القصر الجمهوري الا بمن (يقود) الناس .. بالفعل. والوطني يتحول من النظر جنوباً إلى النظر .. غرباً.. ابتداءاً من الأسبوع .. الماضي!! وابتداءاً من إبعاد محمد نور عبد الكريم الذي زعم أنه جاء لزيارة والدته التي تنعم بالعيش في الخرطوم .. الخرطوم التي ينقلب عليها عبد الكريم ويدعو ديبي ضدها . ثم.. ثم نتلفت غرباً لنحكي!! نقلاً عن صحيفة الوفاق 20/12/2009م