يريد نيكولا ساركوزي الذي وقف وحده أمام كاميرات العالم ليعلن العملية العسكرية في ليبيا التي جرت بإيحاء من فرنسا، استعادة صورته على الساحة الدولية قبل عام من انتخابات رئاسية لا يبدو وضعه مرتاحا فيها . ويعول الرئيس الفرنسي الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى المستويات في استطلاعات الرأي على العام الحالي، لترسيخ مكانته الدولية معتمداً على رئاسته لمجموعتي العشرين والثماني . ويلقى التحرك الدبلوماسي العسكري الذي يقوم به الرئيس توافقا لدى الطبقة السياسية الفرنسية التي انتقدت بشدة مطلع العام الهفوات السياسية التي ارتكبها باريس خلال ثورتي مصر وتونس . واضطرت المعارضة الاشتراكية التي انتقدت تردد ساركوزي وحتى دعمه للنظامين خلال الثورتين على زين العابدين بن علي وحسني مبارك، إلى الموافقة . وقال النائب الاشتراكي جاك لانغ إن “سرعة وتصميم الحكومة الفرنسية التي تساندها الأسرة الدولية تثير ارتياحي"، ولم يتردد في الإشادة بما وصفه بأنه “لحظة تاريخية" . وحدها زعيمة اليمين المتطرف مارتين لوبن لم توافق على العملية العسكرية الدولية . وقالت متسائلة “هل يرغب الفرنسيون في دخول جنودنا في حرب ضد ليبيا بينما نحن متورطون في أفغانستان؟" . وحاول ساركوزي أن يضع مبادراته في إطار الثورات العربية، وقال بعد قمة دولية حول ليبيا في باريس إن “شعوباً عربية اختارت التحرر من الخضوع الذي فرض عليها لفترة طويلة" . وأوضح أن “مستقبل هذه الشعوب العربية ملكها، وسط الصعوبات وكل أنواع المحن التي ستواجهها، إنها بحاجة إلى مساعدتنا ودعمنا" . وقالت الصحف الفرنسية والمراقبون إن ساركوزي يبحث عن الحراك الذي سمح له بالتقدم في النصف الثاني من عام 2008 عندما كان يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي . وكان حينذاك لعب دوراً مهماً في جهود تسوية الأزمة الروسية الجورجية ونجح مع رئيس الوزراء البريطاني حينذاك غوردون براون في وضع الحلول لتجنب إفلاس النظام المصرفي العالمي . على الساحة الداخلية، يبدو ساركوزي ضعيفاً جداً . فارتفاع البطالة والنتائج غير الأكيدة في مجال الأمن والمناقشات التي لا تنتهي بشأن الهجرة والإسلام جعلته الرئيس الذي بلغت شعبيته أدنى المستويات . وقبل نحو عام عن الانتخابات الرئاسية في 2012 تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم المرشحين الاشتراكيين ومدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان، على ساركوزي بفارق كبير . وأفادت استطلاعات أن مارين لوبن يمكن أن تتقدم عليه من الدورة الأولى . والأزمة الليبية والخيار العسكري الذي ينطوي على مجازفة تؤمن لساركوزي إمكانية تحسين وضعه . ولكي ينعش الدبلوماسية الفرنسية اضطر في فبراير/ شباط إلى اللجوء إلى آلان جوبيه، أقرب منافسيه المحتملين في اليمين، بدلاً من ميشال اليو ماري التي ارتكبت هفوات وأخطاء في التقدير . ويمكن أن يلجأ اليمين إلى جوبيه ورئيس الوزراء فرنسوا فيون إذا ضعف ساركوزي إلى درجة لا يمكن معها ترشيحه . (أ .ف .ب) المصدر: الخليج 21/3/2011