كل ما هناك ان رفقاء الأمس اللذان افترقا –بدون أسباب موضوعية –أبان مؤتمر حسكنيته فبراير 2005،عادت ظروف صعبة لتجبرها علي العودة .ومن المعروف ان (العودة الاضطرارية )غالبا ما تكون عودة بلا رؤى ثاقبة بلا إستراتيجية جيدة مدروسة هي فقط لأغراض (إنقاذ ما يمكن إنقاذه ).في هذا السياق يمكننا قراءة (العودة غير الطوعية المفاجئة )لميناوي وعبد الواحد .يقول بعض المراقبين ان عودة المتمردين تمت علي أيدي أجنبية واستخدمت فيها ضغوط .بعض أخر يقول ان عبد الواحد وميناوي وبعد كل هذه السنوات الست وجدا نفسيهما في مفترق طريق خطير .ميناوي فقد وضعه السياسي الذي حصل عليه بموجب اتفاقية ابوجا 2006واسرف الشاب قليل الخبرة في معاداة شركائه في الحزب الوطني ولم يستطع اللعب في الملعب السياسي الذي دخله في الخرطوم سواء لسؤ ظنه او لافتقاره للمهارة ومن ثم صار بلا حليف ولا سند إقليمي او دولي والأسوأ من كل ذلك ان المنطقة تشهد متغيرات متلاحقة لدرجة ان جنوب السودان نفسه وقبل إعلان ميلاد الدولة الوليدة فيه رسميا مهدد بحرب أهلية يقودها متمردين من الجيش الشعبي ولدرجة ان كمبالا هي الأخرى مهددة بأمر مماثل عقب تنامي حالات السخط السياسي بعد فوز الرئيس موسفيني بفترة رئاسة جديدة يبدوا ان أطرافا سياسية عديدة هناك ليست راضية عنها –ميناوي ليس له ملجأ حصين في الأنحاء المجاورة يطمئن إليه ولا يملك الحد القليل من القوة الذي يجعله يتخذ له (منطقة محررة )داخل إقليم دارفور فهذا بالنسبة له يعني الفناء والانتحار .عبد الواحد ليس ببعيد عن واقع ميناوي فقد تآكلت قواته في أنحاء جبل مرة بشمال دارفور لدرجة بعيدة وفي الوقت نفسه لم تعد فرنسا خيارة الأمن بعد ما ظهرت له مشكلة هجرية حادة تتعلق بالإقامة ،كما ان إسرائيل (ليست مأمونة الجانب ) علي أية حال لأنها قد تضحي به في أول منعطف تجد فيه مصالحها .وهكذا فان كل منها يبحث عن مٌسلي او سلوان ينسيه ما هو فيه لان الأمر اذا نظرنا إليه واقعيا فان فرضية إحياء حركتها السابقة بذات قوتها السابقة قبل ابوجا فرضية مستحيلة فالأمر يحتاج الي رجال ومال وأسلحة وهذه أصبحت مشكلة معقدة لعدم وجود (الطريق الآمن )لا نسيابها وكلنا يذكر كيف تم ضبط أموال محولة من إسرائيل لحركة عبد الواحد عن طريق احدي الصرافات في ام درمان قبل أيام ،كما ان الحركة الشعبية في الجنوب لن تستطيع تمويلها ولن تمنحها سلاحا ولن تغامر باستجلاب شيء يخصمها عن طريقها فهي تواجه تمردا خطيرا تخشي من ان يعاملها الشمال بالمثل .ان التحالف بهذه المثابة هو مجرد (إعلان سياسي )الهدف منه إخافة الحكومة السودانية إعلاميا ولكنه علي الأرض يفتقر الي العناصر المهمة الكفيلة يجعله مؤثرا ولذا يمكننا القول ان الأمر في مجملة ليس فيه جديد .هو أمر قديم تجري محاولة لإحيائه دون جدوى !