كانت "وول ستريت"، حتى وقت قريب، تتجاهل أي تقليص جديد لمناقشة مسألة الحد من الديون، واثقة بأن واشنطن سوف ترفع حد الديون في الوقت المحدد. ويصر العديد من السياسيين الجمهوريين، على أن اقتصاد البلاد يمكن أن يتخطى مرحلة العجز عن السداد. وأخيراً، بدا أن معظم أعضاء مجلس النواب المحافظين يرحبون بهذا العجز، ورفضوا دعم خطة لرفع حد الدين، وفرض تخفيضات إنفاق مفرطة وقاسية، طرحها رئيس مجلس النواب جون بوينر. ينبغي أن تكون تكلفة هذا العجز واضحة للجميع الآن. فقد انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنحو مئتي نقطة يوم الأربعاء الماضي، و يواصل انخفاضه ب421 نقطة منذ أسبوع. ومع إصدار وكالات تصنيف السندات تحذيراتها، بدأ المستثمرون المطالبة بمعدلات أعلى على أذونات الخزانة الأميركية المستحقة في أغسطس الحالي. وارتفعت تكلفة التأمين على الائتمان، والتي تستخدم من قبل المستثمرين للحماية ضد العجز عن السداد، ومن قبل المضاربين للمراهنة على احتمالية التخلف عن السداد. ومع تحذير بوينر لأعضاء مجلس النواب "بتوحيد جهودهم"، للحيلولة دون تردي الأمور من سيئ إلى أسوأ، فقد بدأ بعض الأعضاء المتشددين تحويل أصواتهم، حيث زادت الفرص بأن يتم تمرير خطته عبر مجلس النواب. وليس من الواضح ما إذا كان ذلك يجعل واشنطن أقرب إلى إبرام اتفاق محتمل. الأمر الذي سوف يبث الطمأنينة، هو تحميل مسؤولية إنهاء حالة التوتر المنعكسة على تقلبات السوق. حتى إذا تم تجنب العجز عن السداد، فإن حالة الجمود الطويلة جعلت الولاياتالمتحدة أكثر عرضة لفقدان تصنيفها الائتماني من المستوى الأول. وبالنسبة لخبراء التقييم الائتماني، فإن المسألة تنطوي على مخاطر سياسية، مثل خطر حدوث اختلال سياسي يفضي إلى فوضى مالية مستمرة. المخاطر عالية، بشكل خاص في حال التوصل إلى أي اتفاق لرفع سقف الديون حتى مطلع العام المقبل، حسبما دعا إليه رئيس مجلس النواب في خطته. وتنطوي الانعكاسات المحتملة لمسألة تخفيض التقييم، على حدوث عجز أكبر، في الوقت الذي تزيد معدلات الفائدة المرتفعة من تكاليف الاقتراض بالنسبة للحكومة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين. وبدلاً من أن يتم استخدام المال للإنفاق أو الاستثمار، فإنه يستخدم لسداد الديون، ما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد بشكل أكبر، وزيادة معدل البطالة. سوف يتفاقم تأثير الانكماش، بسبب ارتفاع تكاليف الفائدة بمستويات يمكن أن تصل إلى المرحلة نفسها عندما تتراجع مدفوعات التحفيز، حيث تنتهي استحقاقات البطالة الفيدرالية وخفض ضريبة الرواتب للموظفين مع نهاية العام الجاري. وخفض الإنفاق العميق الذي قد يصاحب التوصل إلى اتفاق، من شأنه تعميق المحنة. ويمكن أيضا أن تتأثر أسواق المال بخفض التقييم الائتماني، جزئياً بسبب أن تراجع التصنيف الائتماني للبلاد قد يؤدي إلى زيادة الدفعات على رهانات المشتقات، التي لن يكون بمقدور الأطراف المقابلة الوفاء بها. وأخيراً، فإن تخفيض التقييم سوف يشكّل ضربة لمصداقية الولاياتالمتحدة وهيبتها، ويعجل من تردي الأوضاع بعد الأزمة المالية العالمية التي سببتها. وكما كتب مراسل لصحيفة "داي فيلت" الألمانية منذ بضعة أيام: "يمكن أن تؤدي الأزمة الأميركية في القرن الحادي والعشرين، إلى سقوط القوة التي هيمنت في القرن العشرين". ربما يكون ذلك تطرفاً في الرأي، لكن لا يمكن لأحد تجاهله. فالأسواق وبقية دول العالم قلقون إزاء ذلك، ولا لوم عليهم في ذلك.. ولا لوم علينا جميعاً. المصدر: البيان 3/8/2011