وكنا نقول ان الحركة الشعبية في شمال السودان لا تملك ولا تحمل بين طياتها عوامل الاستمرار بل ربما لا تملك مستقبلا عوامل البقاء والصمود حتى في الجنوب . وكنا نحارب الذين "ركبوا الموجة "وأعلنوا انضمامهم للحركة الشعبية قبل توقيع اتفاقية نيفاشا بقليل وبعدها ..ان هذا الحزب ربما يرتبط ارتباطا وثيقا بالجغرافية وبلا يمكن ان يستمر كحزب في الشمال اذا قررت نتيجة الاستفتاء القادم فصل الجنوب . والذين التحقوا بركب الحركة الشعبية في ذلك الزمان من أبناء الشمال ربما استهوتهم شخصية المناضل جون قرنق أو ربما انضموا الي صفوف الحركة الشعبية كراهية في المؤتمر الوطني وفات عليهم ان هذا الحزب –الحركة الشعبية لتحرير السودان –لا تستطيع الصمود والاستمرار في شمال السودان اذا ذهب الجنوب حال سبيله وكنا قبلها نتساءل ببراءة الأطفال عن مغزى انضمام منصور خالد وياسر سعيد الي هذه الحركة التي ترفع شعار تحرير السودان ولكن معظم رموزها لا يتمنون ولا يرغبون الا في قيام دولة الجنوب بعيدا عن الشمال . كنا نعرف قبل غيرنا ان النخب الجنوبية ظلت ومنذ زمن طويل لا تحلم بسودان جديد ولكنها تحلم بانفصال يبعدها عن الشمال الذي تري فيه مستعمرا جديدا وقديما . وبعض الذين أعلنوا انضمامهم للحركة الشعبية في الشمال ربما كانوا يحلمون بالمناصب والوظائف العديدة والمتعددة في الجهاز التنفيذي والأجهزة التشريعية وبقية المناصب الكثيرة في المفوضات بعيدا عن حرارة الانتماء الحقيقي الخالي من شوائب المصالح الضيقة والمكاسب الذاتية التي تسيل لها لعاب البعض الذي لم يكن يحلم ولا في ليلة القدر بوظيفة تسمح له بامتلاك عربة عادية ناهيك عن فارهات العربات . نعم نقول تعددت الأسباب في ذلك الوقت التي جعلت الكثيرين يهرولون نحو ركاب الحركة الشعبية والانضمام لها ولا يعود الأمر عندهم الا ان الحركة الشعبية قد أصبحت حزبا حاكما والذي فاته قطار الحزب الحاكم المؤتمر الوطني حاول اللحاق مسرعا بقطار الحركة الشعبية المتجهة بقوة نحو العديد من المناصب والمكاسب في سنوات الفترة الانتقالية وكان بعضهم يصرح بقوله دعونا نلتحق بالحركة الشعبية في سنوات الانتقال وبعدها "حلالها فوق ". ولا يعني هذا ان كل الذين التحقوا بالحركة الشعبية لا يعرفون ان نتائج الاستفتاء قد تكون لصالح الانفصال بل ان بعضهم كان يؤمن إيمانا صادقا بمنفستو الحركة الشعبية ويعتبره هو الطريق المؤدي الي "سودان جديد"يختلف في شكله وسحناته ومقوماته من السودان القديم التقليدي . نعم كان البعض من قادة الحركة الشعبية من العناصر الشمالية التي رافقت الراحل جون قرنق تحلم بسودان جديد موحد وفق خارطة الطريق التي رسمها ما نفستو الحركة الشعبية وبعض هذه القيادات التحقت بالحركة الشعبية حتى القيادات الأولي ربما في العام 1983م وظلت هذه القيادات تدافع عن وحدة السودان ترابا وشعبا ولكن رحيل زعيم الحركة جون قرنق في الأيام أو الأسابيع الأولي من الفترة الانتقالية قد جعل حلم هؤلاء القادة يتباعد ولكنهم ظلوا "يناضلون "بحثا عن وحدة جاذبة تضمن لهم علي اقل التقدير البقاء في الحركة الشعبية التي انتظمت وشملت عضويتها كل مناطق السودان الشمالي وأصبحت تتمدد علي طول البلاد وعرضها . نكتب ونقول ان الحركة الشعبية قد أصابها رحيل جون قرنق في بواكير الفترة الانتقالية في مقتل . ولكن يبدو ان الخارطة السياسية بعد انفصال الجنوب قد تغيرت كثيرا رغم وجود أعداد كبيرة من أعضاء الحركة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق . والحرب التي ظهرت في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق والاضطرابات الأمنية المختلفة في تلك المناطق قد ألقت بظلالها كثيرا علي الخارطة السياسية والحزبية في تلك المناطق ولا نريد ان نكتب عن الأوضاع السياسية والأمنية في تلك المناطق في تلك المناطق التي تصلها رسائل الإعلام يوميا ولكننا نقول ان قيادات الحركة الشعبية خاصة في تلك المناطق قد فقدت نفوذها الرسمي بعد تجريد تلك القيادات من مناصبها خاصة الحلو في جنوب كردفان ووالي ولاية النيل الأزرق السابق مالك عقار الذي تم تعيين والي جديد بدلا عنه بعد أحداث الدمازين الشهيرة . وجاء في الأنباء ان بعض رموز الحركة الشعبية يتحركون حركة ماكوكية في اتجاه تسجيل الحركة الشعبية من جديد لدي مسجل الأحزاب تحت مسمي الحركة الشعبية السودانية ولا ندري ما هي حظوظ هذه المحاولات من النجاح ولكننا نتمنى ان توفق تلك القيادات الشمالية في تسجيل هذا التنظيم الجديد الذي يحمل ملامح ان لم نقل كل مواصفات الحركة الشعبية في الماضي . ولكن تبقي الأسئلة التي تحتاج الي أجوبة هل المناخات هذه الأيام والأجواء السياسية في السودان تساعد في تمدد هذا التنظيم الجديد الذي يفتقر الي الدعم الخارجي الذي كانت تحظي به الحركة الشعبية لتحرير السودان في الماضي والقاضي والداني يعلم تعاطف المجتمع الأوربي والأمريكي وحتي الأفريقي مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في جلبابها القديم فهل يستمر الدعم والتعاطف مع الحزب الجديد تحت التأسيس؟ وكيف تكون علاقة التنظيم الجديد الذي تقوده رموز الحركة الشعبية الشمالية كيف تكون علاقته بالحركة الشعبية في جنوب السودان خاصة بعد حلحلة كل القضايا العالقة مثل المشورة الشعبية في تلك المناطق التي ترتبط باتفاقية نيفاشا الموقعة بين الحركة والحكومة . الأجواء السياسية في هذا البلد تميل نحو اللا عنف ويسود فيها جو التسامح والوئام وقد تعبت البلاد من الخلافات والاختلافات التي تقود الي الحرب ولا احد يعرف كيف يكون مصير تنظيم الحركة الشعبية في شمال السودان ولكننا نتطلع الي حسم كل الأمور عن طريق الحوار ولابد من جلوس كل الفرقاء في طاولة واحدة تحت سماء هذا الوطن بعيدا عن الوسطاء لمناقشة كل الأمور والقضايا العالقة في تسامح سوداني أصيل . نقلا عن صحيفة السوداني بتاريخ :25/10/2011