الإعلان الذي تداولته مواقع ومنتديات "الشبكة العنكبوتية" الانترنت أمس السبت والذي أشار إلى توقيع ما تسمى بقوى تحالف الجبهة الثورية على ما أسمته ميثاق التغيير، والتي اتفقت فيه على اسقاط الحكومة بكافة الوسائل المتاحة وعلى رأسها العمل المسلح مع المزاوجة قوى الانتفاضة. هذا الإعلان يعيد من جديد ظاهرة التحالفات العسكرية الدارفورية المسلحة إلى دائرة الضوء بداية من جبهة الخلاص التي اعلن عنها في عام 2006م في تشاد وتكونت من حركة العدل والمساواة بالإضافة لحركة تحرير السودان جناح خميس أبكر بجانب حركة تحرير السودان جناح الوحدة ، مروراَ بالجبهة العريضة والتي أعلن تأسيسها في القاهرة في عام 2010 ببيان مشترك ممهور بتوقيع حركة العدل والمساواة بالإضافة لأربع من الحركات الأخرى المنضوية تحت مجموعة خارطة الطريق وهي حركة تحرير السودان جناح الوحدة وحركة تحرير السودان فصيل بابكر محمد عبد الله والقوى الثورية المتحدة بالإضافة لحركة تحرير السودان جناح خميس أبكر، أما التحالف الأخير -الجبهة الثورية- المعروف سياسيا بتحالف كاودا فقد وقع فيه عن الحركة الشعبية "شمال" ياسر عرمان, وعن حركة العدل والمساواة "خليل ابراهيم" احمد تقد لسان وعن حركة تحرير السودان "عبد الواحد" ابوالقاسم امام , وعن حركة تحرير السودان "مناوي" الدكتور الريح محمود ... بعد توقيع اتفاق سلام دارفور عام 2006م ترأس د. خليل إبراهيم جبهة الخلاص الوطني والتي حاولت من خلالها إسرائيل تجميع شتات المقاتلين الرافضين للاتفاق تحت مظلة عسكرية واحدة وبالفعل نجحت جبهة الخلاص الوطني في زعزعة الأمن على الحدود وتدفق السلاح من إسرائيل لجبهة الخلاص الوطني عبر وساطة دولة شرق أفريقية ولكن السودان، تشاد، أفريقيا الوسطى وليبيا بمعاونة فرنسية عام 2007م تمكنوا من تفكيك جبهة الخلاص حيث انعقدت قمة رباعية بين رؤساء هذه الدول الأربع في باريس على هامش مؤتمر الفرانكفونية في فبراير 2007م والذي تم فيه توديع جاك شيراك أعقبتها قمة أخرى بين الرئيس السوداني عمر البشير والتشادي إدريس ديبي استضافها العقيد القذافي بمقر حكمه في باب العزيزية بطرابلس وقد أسفرت القمتان عن تفكيك جبهة الخلاص الوطني تماماً ليتحول د. خليل وبما حصل عليه من تسليح جيد أثناء رئاسته لجبهة الخلاص للعمل كمرتزق للحكومة التشادية التي استفادت منه عند محاصرة المتمردين التشاديين للعاصمة انجمينا عام 2008م قبل أن يحاول إعادة علاقته مع إسرائيل بمحاولة غزو أم درمان عام 2008م وذلك في سبيل تقديم نفسه كقائد قوي وفاعل يمكنه تحقيق الأهداف الإسرائيلية التي فشل في تحقيقها أبان رئاسته لجبهة الخلاص وقد فجع الرأي العام وهو يشاهد رئيس العدل والمساواة عبر قناة الجزيرة وهو يقول: "نعم اشترينا السلاح من إسرائيل وليس هناك ما يحرم ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة لدى يهودي". أما الجبهة العريضة والتي عقدت مؤتمرها العام في نهايات شهر أكتوبر2010 بالعاصمة البريطانية لندن فقد أختارت علي محمود حسنين الكادر الاتحادي المعروف رئيساً لها حيث اندفع حسنين والذي تمرد على مولانا الميرغني قبل ان ينقسم الحزب ثم عاد وخالف الميرغني في كثير من مواقفه .وقد اطلق حسنين تصريحاته من مقر إقامته بمدينة كلورادو بالولاياتالمتحدةالأمريكية ومكان إقامته هذا يجعل المتابع يتساءل عن مدى تأثير الولاياتالمتحدة على تصريحات حسنين أو على تشكيل رؤيته للجبهة العريضة. فالدور الذي قام به حسنين وجد استحساناً من شخصيات نافذة في الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي بينما لم يجد أي رد فعل من حزب الأمة ولا من الحزب الاتحادي الذي خرج منه حسنين .ولكن يبدو انه وبعد مرور عام كامل على تأسيس هذه الجبهة لم تحقيق ما يشفع لها بالاستمرار فكان البحث عن البديل فجاء تحالف كاودا ثم توج بما يسمى بالجبهة الثورية. وفيما يتعلق بالاتفاق الأخير فإن بعض المراقبين مضوا إلى أن تحالف الحركة الشعبية مع حركات دارفور ما هو إلا محاولة من الحركة الشعبية الأم في استخدام هذه الحركات ك"كرت" ضغط للتأثير على المؤتمر الوطني في القضايا المتبقية ؛ وهو القول الذي ذهب إليه الناطق الرسمي باسم تحالف سلام دارفور محمد عبد الله ود أبوك المحامي في حديثه للرائد، الذي أكد أن الحركة الشعبية لديها قضايا عالقة تريد حسمها عبر الضغط، مردفا ان ذلك الاسلوب هو ذاته ما استخدمته الحركة الشعبية مع القوى السياسية الشمالية المعارضة عندما امتطتها وصولا لهدفها الذي سعت إليه؛ وهو فصل جنوب السودان. مضيفا ان الحركة الشعبية تتعامل مع الامور بذكاء حيث الآن لديها قضايا متبقية مع المؤتمر الوطني وتريد إضعافه بممارسة الضغط عليه؛ وهذا عبر ذلك التحالف الذي مضت إلى توقيعه مع بعض حركات دارفور المتمردة، مؤكدا أنها تسعى لخلق التوترات حتى يكون هنالك ضغط دولي وإقليمي على السودان حتى يتسني لها ان تخضعه لمطالبها في القضايا العالقة تحت تأثير الضغوطات الدولية والاقليمية، مردفا "الحركة الشعبية تريد ان تصطاد في المياه العكرة". وكان المؤتمر الوطني قد أكد على لسان نائب رئيسه دكتور نافع علي نافع إن تجمع كاودا الذي انطلق من ياي في جنوب السودان بدعاوي التهميش لا يستهدف الحكومة وإنما يستهدف أمة ومثلاً وقيماً وأخلاقاً وانحيازاً للعمالة والارتزاق، وعبر دكتور. نافع خلال مخاطبته المؤتمر التنشيطي للحزب بولاية الجزيرة الشهر المنصرم، عن ثقته في انهيار تحالف كاودا جراء الهزات العنيفة التي تعرض لها وعلى راسها نجاح اتفاقية سلام الدوحة والمتغيرات الاقليمية بجانب تحسن العلاقات مع دولة الجنوب بعد الزيارة الاخيرة للرئيس سلفاكير للخرطوم. بينما وصف الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني البروفيسور ابراهيم غندور في تصريحات صحافية سابقة اتفاق الحركات الدارفورية بالعمل على إسقاط النظام في الخرطوم بالتوجه الخطير. ولم يكن وصف غندور للاتفاق بالخطير هو ديدنه وحده، من جهته قلل الفريق محمد أحمد عرديب نائب رئيس حزب الحركة الشعبية بزعامة الفريق دانيال كودي من دعوة تحالف كاودا لإسقاط النظام واصفاً إياه بأنه مجرد هراء سياسي مؤكداً أنهم سيردون الصاع صاعين حال إبداء التحالف لأي تحركات معادية للنظام. وكشف عرديب في تصريح ل"الرائد" عن فشل عرمان في مقابلة رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير مبيناً أن حكومة الجنوب رفضت تقديم أي دعم لإعادة ترميم قطاع الشمال، ونوه إلى أن عرمان يسعى لتصفية حساباته الصفرية مع السودان عقب انسحاب بساط الفرص من تحت قدميه بعد محاولاته اليائسة لإسقاط النظام مؤكداً أنهم أصبحوا جزءاً أساسياً من المنظومة السياسية بالسودان للمساهمة في حلحلة قضايا البلاد بجانب استقرار وأمن السودان الذي أصبح خط أحمر لا يمكن تجاوزه. وتضمن اعلان التأسيسي للجبهة الثورية تكوين لجنة سياسية عليا للتصدي لمهام العمل اليومي واكمال برامج وهياكل تحالف الجبهة الثورية من ياسر عرمان ، د. الريح محمود ، و ابو القاسم امام ، واحمد تقد لسان .كما إشتمل الاعلان تكوين لجنة عسكرية عليا مشتركة منوط بها العمل العسكري والجماهيري.وأكد البيان ان قادة تحالف الجبهة الثورية سيجتمعون قريبا لإجازة هياكل وبرامج الجبهة السياسية والعسكرية وتسمية القيادات التي ستتولي قيادة العمل العسكري والسياسي .كما تم تكليف اللجنة السياسية العليا للاتصال بقوى التغيير التى تعمل لاسقاط النظام من قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني للاتفاق على منبر مشترك واجماع وطني لمقابلة مرحلة ما أسموها "ما بعد سقوط الانقاذ". عموما يأتي هذا التحالف الأخير بعد أن فشلت الحركة الشعبية قطاع الشمال في الالتفاف حول المؤتمر الوطني وذلك بعد الهزيمة السياسية والعسكرية لها في جنوب كردفان والنيل الازرق . ولم تجد الشعبية غير تحريك أذرعاً أخري عسي ولعلها تحقق بعض المكاسب ولن يؤثرهذا التحالف كثيراً علي الواقع – بحسب سابقيه من التحالفات التي قادتها العدل والمساواة - إذا أحسنت الحكومة استخدام آلياتها المختلفة وإحداث اختراق واضح في إطار علاقتها مع القوي السياسية ومزيد من توحيد الجبهة الداخلية . نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 13/11/2011م