رفضت الجبهة الثورية – وهى الجسم المسلح الذى ضم عدداً من القوى السودانية وتكون قبل أشهر قبل مصرع خليل – إختيار شقيق خليل، جبريل إبراهيم زعيماً لحركة العدل والمساواة. عناصر الجبهة الثورية وعلى الرغم من حالة الضعف التى يعانون منها رأوا أن جبريل إبراهيم لا يملك المؤهلات القيادية الكافية لقيادة تحالف الجبهة فى المرحلة القادمة ويشيرون فى هذا الصدد الى أن خليل كان مقرراً أن يتزعم الجبهة لو كان قد قُدر له العبور الى دولة جنوب السودان. ويأتي تزعم خليل للجبهة – بحسب ما توفر من أنباء – للضرورات التى فرضتها تحركاته وإمتلاكه للقوة العسكرية والعتاد، خاصة فى أعقاب عودته من ليبيا مؤخراً محملاً بالسلاح والمال ولكن وبعد مصرع خليل فإن توفر الصفات التى كانت متوفرة فيه تبدو أمراً صعباً ولهذا كان من الطبيعي أن يجد اختيار شقيقه جبريل هذا الرفض. والواقع أن أزمة الجبهة الثورية تبدو فى حالة تفاقم متواصلة، بل إن سوء حظ هذه الجبهة يتنامي ويزداد فى كل يوم ليحيلها الى مجرد إسم إعلامي بأكثر مما هو فصيل عسكري قوي قادر على العمل فى الميدان السياسي والعسكري؛ فقبل مصرع خليل كان كلٌ من مالك عقار وعبد العزيز الحلو قد تلقوا ضربات وهزائم عسكرية لم تتح لهما حتى البقاء داخل محيط الميدان، فقد لجأ الاثنان – تحت ضغط الهزائم المريرة – الى دولة جنوب السودان دون أية آفاق للمستقبل ولا موجهات لعمل بديل. وكان أقصي ما راهنا عليه هو السير فى ركاب حركة خليل، وحتى فى هذا الصدد كانت إستراتيجية هذين القائدين هو التحالف (مرحلياً) مع حركة خليل لأغراض العمل الجبهوي المؤقت إذ لم يغب عنهما أن حركة خليل هى فى نهاية المطاف لها صلة (قوية جداً) بحزب المؤتمر الشعبي بزعامة د. الترابي، أحد أبرز خصوم عقار والحلو وإن لم يُظهرا هذه الخصومة علناً. من جانب ثانٍ، فإن مناوي هو الآخر مريض وموجود فى جوبا وهو أحد المتحالفين فى الجبهة الثورية تلاشت آماله – بغياب خليل – فى إمكانية تمكن خلفائه فى فعل شيء وذلك على الرغم من الخصومة المعروفة بين الاثنين منذ قام خليل بتوجيه ضربات موجعة لمناوي فى مهاجرية بجنوب دارفور قبل نحو عامين. من جانب ثالث، فإن دخول حركة التحرير و العدالة بزعامة د. التجاني السيسي وجزء كبير منها كان من عناصر حركة خليل فى الميدان السياسي لإقليم دارفور وتنامي حالة التأييد لهذه الحركة أثر سلباً على عناصر الجبهة الثورية وأدركوا أن دارفور فى طريقها لأن تصبح أكثر تماسكاً بحيث لا يكون فيها مجالاً لهم . وعلى ذلك فإن خيارات جبريل إبراهيم الذى يثور الجدل بشأن خلافته لخليل تتجه لتضيق تماماً بحيث لا يتبقي منها سوي الالتحاق بالدوحة، فالعمل المسلح فى ظل المعطيات الماثلة فى دارفور يبدو أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً، كما أن طول الجبهة واتساع رقعتها من تخوم النيل الازرق مروراً بجنوب كردفان وحتى دارفور يجعل من المهمة أكثر صعوبة. إن رفض جبريل إبراهيم من جانب تحالف الجبهة الثورية هو فى حقيقته رفض هؤلاء الحلفاء لعمل عسكري فاشل يزيد طين واقعهم بلّاً!