ظلت قضية الشأن الإنساني بجنوب كردفان إحدى القضايا ذات الاهتمام الكبير داخل وخارج السودان على خلفية التوترات الأمنية التي وقعت بالولاية في الفترات الأخيرة ، ونشطت عدة جهات في العمل من اجل تلافي الآثار الانسانية السالبة وتجنب خلق حالة نزوح ولجوء تثقل كاهل الدولة مستقبلا، وفي هذا الصعيد عقدت وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي ومفوضية العون الإنساني الاتحادية الاسبوع الماضي مؤتمراً صحفياً، عرضت من خلاله نتائج المسح السريع والمشترك للأوضاع الإنسانية بجنوب كردفان والذي استمر منذ 27 يناير إلى 10 فبراير الحالي ، وحضر المؤتمر الصحفي لفيف من ممثلي المنظمات الدولية ووكالات الأممالمتحدة والمنظمات السودانية والمهتمين بالعمل الإنساني وجمعٌ من الصحفيين. وسلط المسح الضوء على المعلومات الأساسية المتعلقة بالولاية والتي بدأت بمساحة جنوب كردفان البالغة حوالي (158.355) كيلو مترا ، فيما يبلغ عدد سكانها (2.508.268) تقريباً، وتقسم إدارياً إلى (19) محلية، وبدأت الولاية تتعافى من تأثر أطول حرب أهلية مرت بها بعد إتفاقية وقف إطلاق النار بجبال النوبة مؤخراً، ولكن ظهرت الأحداث مجدداً في يونيو 2011م، حيث أدت الأحداث الأخيرة إلى حراك مجموعات سكانية من مناطق التأثير، وتأثرت حوالي (15) محلية من محليات الولاية، واختار المسح (11) محلية منها كإطار للعينة وبقاعدة الثقل السكاني لكل قرية ، وتم تحديد (53) قرية عشوائياً بالمحليات المختارة لتكون عينة المسح للتمثيل، وبلغ عدد السكان المتأثرين منذ يونيو 2011م حوالي (146.360)، بينما العدد الكلي للسكان المتأثرين حوالي (53.220) نسمة. وخرجت نتائج المسح السريع المشترك والذي كان يعنى بالتركيز على المؤشرات العامة للقطاعات دون تعمق وتعطي مؤشرات على مدى إستقرار الأوضاع الإنسانية، واشترك في المسح الحكومة ممثلة في المفوضية والوزارات ذات الصلة والمنظمات الوطنية (الهلال الأحمر ومبادرون وجسمار وبانكير والساحل السودانية)، إضافةً إلى وكالات الأممالمتحدة التي ضمت (اليونيسيف والصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة) والمنظمات الدولية ممثلةً في منظمة (الهجرة الدولية)، ويعتبر هذا المسح الشامل أول مسح مشترك بالولاية خلال الخمس سنوات الماضية حيث تمت مسوحات قطاعية منفردة. والهدف الأساسي للمسح هو تقييم الأوضاع الإنسانية بالمناطق المتأثرة والتعرف على عدد ونوع ومدى فاعلية الخدمات الأساسية في المناطق التي يستفيد منها المتأثرون، إضافةً إلى التعرف على المؤشرات الصحية والتغذوية ومؤشرات الأمن الغذائي وتقدير الاحتياجات الأساسية للمتأثرين، وغطى المسح قطاعات الصحة والتغذية والأمن الغذائي والمياه وإصحاح البيئة والتعليم وذلك باستخدام نظام التقييم السريع التشاركي، واعتمد المسح على المعلومات الأولية والثانوية والملاحظات في تقييم الوضع باستخدام وتوزيع استمارات لجمع المعلومات الأولية وضمت نقاش المجموعات البؤرية واستمارات الملاحظات واستمارات حصر قياسات محيط منتصف الذراع للأطفال دون الخامسة، أما المعلومات الثانوية فتم جمعها مباشرةً من الوزارات المعنية والشركاء بالولاية. وتعتبر محلية تلودي ? حسب المسح- أكثر المحليات تأثيراً وتليها محليات هبيلا ثم لقاوة وأبو جبيهة ، أما أعداد المتأثرين مقارنة بالنوع فتعتبر نسبة الإناث أكثر المتأثرين وبلغت أعدادهن (14.888) متأثرة مقارنة بأعداد الرجال (7.860) وأقلهم الأطفال (7.47) طفلاً متأثراً. وأظهرت نتائج المسح في القطاع الصحي عدم ظهور أو تفشي لأي أمراض وبائية، ولا توجد أية وفيات غير طبيعية، بينما تعتبر الملاريا أكثر الأمراض شيوعاً، وتتوافر الخدمات الصحية في (59%) من القرى التي تم مسحها ويتوافر بها حوالي (31) مرفقا صحيا ، بينما تفتقر حوالي (22) قرية لأي مرفق صحي ويتلقون خدماتهم الطبية والصحية بالقرى المجاورة. أما قطاع التغذية فهنالك أطفال معرضون لحالات سوء التغذية تبلغ نسبتهم (13.1%) من الأطفال أقل من سن الخامسة ويحتاجون إلى تعزيز التدخلات التغذوية والصحية بمعدل بلغ حوالي (4.4%)، بينما المعدل الطبيعي لسوء التغذية يبلغ (15%). أما قطاع الأمن الغذائي فيعتبر جيداً وذلك بتدخل الحكومة والشركاء بتوفير الغذاء طيلة العام بصورة طبيعية في حوالي (40%) من القرى، بينما يتوافر في فترات زمنية تتراوح بين (2 - 6 ) أشهر في (56%) من القرى التي تم مسحها. أما قطاع المياه فتغطي الصهاريج والحفائر والمضخات المتوافرة حوالي (86%) من جملة سكان المحليات التي تم مسحها، وفي قطاع التعليم تتوافر المؤسسات التعليمية في (47) قرية وتوجد (6) قرى يتلقى تلاميذها تعليمهم بالقرى المجاورة، وفي بعض المناطق يتبع الطلاب نظام المناوبة وذلك للسماح للتلاميذ بمواصلة تعليمهم مع إنشاء فصول إضافية من المواد المحلية وفصول متحركة (خيام). وفي الختام، خرج المسح المشترك بخلاصة أكدت أن التدخلات التي قامت بها الحكومة وشركاؤها أسهمت في استقرار الأوضاع الإنسانية بالولاية وما زالت هنالك حاجة لتقديم المساعدات للسكان المتأثرين والمجتمعات المضيفة، كما أن الخدمات الأساسية متوافرة في عدة مواقع ولكن عملية إيصالها ونوعيتها تحتاج إلى تدخلات في قطاعي الصحة والتغذية، كما أن هنالك حاجة ماسة لتعزيز التنسيق بين ممثلي الشأن الإنساني لضمان وتأكيد إدارة فاعلة للموارد المحدودة ، بجانب ضمان تحول سلس إلى مرحلة الإنعاش. وأوصى المسح بزيادة وتمديد فترة تقديم الطعام لتفادي حدوث فجوة مع تعزيز برامج التغذية التكميلية والإضافية للأطفال ، بجانب توفير مخزون طوارئ دائم بالولاية للاستجابة العاجلة وتقديم دعم للمجتمعات المضيفة ، خاصة بمشاريع ذات عائد سريع تستهدف المزارعين والرعاة وصغار التجار وتوفير مدخلات زراعية واستكمال مشاريع تنقية مياه الحفائر وتشجيع اللجان المحلية للمياه واصحاح البيئة لصيانة المضخات اليدوية وتأمين قطع الغيار والتحسب لنقص المياه في فصل الصيف، بالاضافة لتعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية واستكمال الاحتياجات المدرسية وإعداد خطة عمل متكاملة للتدخلات المطلوبة وفقاً لنتائج المسح. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 26/2/2012م