العلم اليوم يسيره علم (الجيوبولتكس) هذا العلم الذي إرتبط بالغزو الخارجي والهيمنة والسيطرة ولهذا فقد سمي بعلم الملوك والرؤساء، الموقع الجيوبولتيكي المتميز للسودان لم تستغله كل الحكومات الوطنية المتعاقبة لبناء دولة عصرية آمنة ومستقرة ولذا فقد إستغلت الأمر الصهيونية العالمية والولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية لضرب السودان وتحقيق مصالحها الإستراتيجية بالمنطقة بدون رؤية سياسية واضحة أو فكر إستراتيجي راجح جازفت حكومة الجنوب بوقف ضخ بترولها عبر الشمال بضغوط أمريكية وصهيونية لممارسة نوع من الضغوط الإقتصادية والسياسية علي حكومة الخرطوم لإجبارها علي تقديم المزيد من التنازلات في المفاوضات الجارية بأديس أبابا. القوي الخارجية التي تحرك حكومة الجنوب كانت تعتقد بأن هذا الإجراء سيقود الي إنهيار إقتصادي بشمال السودان يعجل بسقوط نظام الحكم القائم، تصريحات الخبراء الإقتصاديين خاصة أولئك الذين يديرون الأمور الإقتصادية في البلاد والذين وصفوا خروج عائدات بترول الجنوب بأنه يمثل كارثة للإقتصاد السوداني هذه التصريحات السلبية تناقلتها وسائل الإعلام المحلية بغباء ووسائل الإعلام العالمية (بخبث) شديد مما شجع القوي الخارجية علي شن حربها الإقتصادية علي السودان هذا المخطط الشيطاني لم يحقق هدفه المنشود نتيجة لصمود الخرطوم وإمتصاصها للصدمة الإقتصادية التي تتحسب لها جيداً خلال الفترة الإنتقالية. فشل سيناريو وقف تصدير بترول الجنوب عبر الشمال كانت نتائجه عكسية وسلبية علي جوبا حيث أن بترولها قد أصبح اليوم مرهوناً للقوي الخارجية التي تدعمها إقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، جوبا بعد فقدها لمصدر دخلها الوحيد أصبحت عاجزة عن أي مواجهة عسكرية مع الخرطوم وهذا يؤكد أن تصعيد عملياتها الحالية بجنوب كردفان يأتي في إطار الدور المرسوم للقيام به كل هذا يعتبر مؤشراً علي أن حكومة الجنوب قد أصبحت تقوم بحرب وكالة للقوي الأجنبية الداعمة لها التي تستغل جهل أهل الجنوب وتستخدمهم كآلية لتحقيق أجندتها الخاصة بالمنطقة. عمليات جنوب كردفان الأخيرة تكمن خطورتها في إستهدافها لمناطق بترول شمال السودان،القوات الغازية بجنوب كردفان أصبحت تشكل تهديداً مباشراً لمنطقة هجليج الهدف الذي تسعي له القوي الخارجية الداعمة لجوبا من وراء عدوانها الأخير علي منطقة جنوب كردفان هو تدمير منشات بترول الشمال لإحكام حلقات الحرب الإقتصادية علي الخرطوم وقف استخراج بترول الشمال ينبغي النظر إليه كامن قومي والشكوي التي تقدمت بها الخرطوم لمجلس الأمن الدولي ليست هي الرد المناسب علي هذا العدوان المدعوم خارجياً، خاصة إذا ما وضعنا في الإعتبار ان موقف مجلس الأمن الدولي من السودان وأضح ومعروف للجميع. رد الفعل السريع لهذا العدوان هي مواجهته بعدوان مماثل وهجوم مضاد عاجل وهذا ما يبدعونا له ديننا الحنيف (وإذا عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) هذا العدوان الغادر يتطلب قطع العلاقات الدبلوماسية وإعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفتح معسكرات التدريب وقفل الحدود مع دولة الجنوب استعدادا للقيام بالهجوم المضاد العاجل لتدمير القوات الغازية وحرمانها من الوصول لمناطق بترول الشمال، الآن تكشفت لنا تماماً النوايا الخبيثة لبروتكول المناطق الثلاث الذي كانت تسعي حكومة الجنوب والقوي الداعمة لها من وراء هذا البروتوكول الي إقامة منطقة عازلة وقاعدة عمليات متقدمة لها بجنوب كردفان وجنوب كردفان والنيل الأزرق ومنطقة أبيي وما يؤكد صحة ذلك وجود الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين للجيش الشعبي بهذه المناطق حتى اليوم كما يدعم ذلك أيضاً تصريحات قادة الجيش الشعبي التي أشاروا فيها الي أن الحرب القادمة بين الجنوب والشمال سيكون مسرحها شمال السودان وهذا ما يجري حالياً بالضبط مثل ما أقامت جوبا قاعدة عمليات متقدمة لها في أراضي تابعة لشمال السودان فإنه يجب علي الخرطوم أن تسعي هي الأخرى لإقامة قاعدة عمليات متقدمة لها بجنوب السودان في ولايات الوحدة وأعالي النيل وجونقلي وهذه المناطق يوجد بها بترول الجنوب وبمثل ما تسعي جوبا لتهديد مناطق بترول الشمال فانه يجب علي الخرطوم ان تسعي هي الأخرى لتهديد مناطق بترول الجنوب. المعاملة بالمثل تقرها الأعراف الدبلوماسية والمواثيق الدولية كل الحروب التي شهدها العالم كانت أسبابها الرئيسية تعود للصراع حول مصادر الطاقة في العالم فحرب الخليج الأولي كان السبب الرئيسي لها هو البترول وحرب الخليج الثانية كان السبب الرئيسي لها السيطرة علي مناطق البترول لقد صدق صدام حسين رحمه الله حين قال:" قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق" المطلوب الآن وقف مفاوضات أديس أبابا المزمع انعقادها في السادس من الشهر الجاري مع إنذار لجوبا بأن تهديد بترول الشمال يعني تدمير منشأت بترول الجنوب، الخرطوم سبق لها أن أوقفت مفاوضات السلام حتى يتم تحرير توريت فكيف يستقيم عقلاً أن تجلس اليوم للمفاوضات ومنشاتها البترولية تهددها قوات جوبا الغازية؟!! هذا هو الرد المناسب علي غطرسة وعنجهية جوبا خلاصة القول: الصهيونية العالمية والولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أن أوقفت تصدير بترول الجنوب تسعي الآن بقوة لإيقاف استخراج بترول الشمال ويؤكد ذلك التصريحات الأخيرة التي أدلي بها احد الخبراء الأمريكان والتي أشار فيها الي وجود استكشافات بترولية ضخمة في شمال السودان ولهذا فقد تم تحريض جوبا علي تهديد بترول الشمال حتى يصبح كل بترول السودان شماله وجنوبه احتياطيا استراتيجيا للولايات المتحدةالأمريكية حتى تأتي حكومة عملية لها بالخرطوم كحكومة جوبا العملية، كل هذا يحتم علينا تامين منطقة هجليج بعد أن تكشفت لنا النوايا الحقيقية لدعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لانفصال جنوب السودان حيث كانت تسعي من خلال ذلك التصعيد حربها الاقتصادية علي السودان التي بدأتها بحصاره اقتصاديا وسياسياً وحرمانه من حقوقه الاقتصادية من المؤسسات الدولية والإقليمية وحرمانه من رسوم عبور بترول الجنوب وأخيراً إستهدافها لبتروله في منطقة هجليج . ختاماً تبرز أهمية الكف عن الحديث في التعاون مع دولة الجنوب التي ينبغي التعامل معها كعدو إستراتيجي ينبغي حسمه قبل أن يقف علي رجليه،. تلك هي مفارقات اتفاقية نيفاشا (الكارثة) التي جعلت السودان دولة من دول المواجهة مع إسرائيل بعد أن أصبحت جوبا قاعدة عسكرية متقدمة لها لها بالقارة الإفريقية لإحكام سيطرتها علي منابع النيل ومنطقة البحيرات العظمي الغنية بثرواتها المتعددة هذه الاتفاقية المشؤومة ساعدت إسرائيل في تحقيق هدفها الإستراتيجي المتمثل في إنشاء دولتها الكبري من الفرات الي النيل في ظل غياب الفكر الإستراتيجي الموحد والأمن القومي العربي المشترك. أسأل الله أن تصحو الأمة العربية والإسلامية من بياتها الشتوي للحفاظ علي كيانها ومصالح شعوبها. فريق أول ركن- زمالة كلية الدفاع الوطني أكاديمية نميري العسكرية العليا نقلا عن صحيفة الأهرام 5/3/2012