اعلنت السلطات الاسرائيلية عن مقتل رجل واصابة آخر برصاص حرس الحدود، بعد ان حاولا التسلل عبر الحدود من سيناء، وانهما لم يكونا مسلحين. السلطات الاسرائيلية حاولت اخفاء جريمتها هذه بعدم الكشف عن هوية الرجلين، والاعتراف بالتالي بانهما من الافارقة الذين يبحثون عن لجوء سياسي وانساني ولقمة عيش في بلد يعتقدون خطأ انه انساني وديمقراطي ويطبق القيم الغربية. صحيح ان منطقة سيناء كانت نقطة انطلاق بعض الجماعات الفدائية لتنفيذ عمليات في العمق الاسرائيلي، وكذلك اطلاق صواريخ لضرب ميناء ايلات، ولكن الصحيح ايضا انها وجهة مفضلة للعديد من المهاجرين الافارقة 'غير الشرعيين'. في الماضي، وبالتحديد اثناء حكم الرئيس حسني مبارك، الذي استمر لاكثر من ثلاثين عاما قبل ان تطيح به الثورة المصرية، كانت قوات حرس الحدود المصرية هي التي تقوم باطلاق النار على المهاجرين الافارقة بهدف القتل وذلك في اطار دورها غير الانساني في حماية الحدود الاسرائيلية، ولكن يبدو ان هذا الدور الذي لا يليق بمصر وتراثها الحضاري الانساني توقف بعد نجاح الثورة المصرية. اسرائيل دولة المهاجرين التي تأسست على حساب تهجير الشعب الفلسطيني من ارضه، واحلال المهاجرين اليهود القادمين من مختلف انحاء العالم في ارضه الفلسطينية، ترفض استقبال المهاجرين اسوة بالدول الاوروبية التي تدعي تبني قيمها الحضارية الانسانية واحترام قوانين الهجرة المتبعة والمحكومة بقوانين ومعاهدات دولية. جميع الدول الاوروبية، ودون اي استثناء، تستقبل مهاجرين اجانب ومن المناطق المنكوبة بالمجاعات والحروب الاهلية، مثل الصومال واريتريا واثيوبيا، وتقدم لهم كل سبل الحياة الكريمة بما في ذلك توطينهم ومنحهم جنسياتها، ولا نعرف لماذا تسكت هذه الدول على هذه العنصرية البغيضة التي تمارسها اسرائيل التي باتت النظام العنصري الوحيد في العالم باسره بعد سقوط الانظمة العنصرية البيضاء في جنوب افريقيا وزيمبابوي. السلطات الاسرائيلية تعتقل المهاجرين وتضعهم في معتقلات عنصرية، وتمنعهم من العمل الشريف، وبدأت في الاسابيع الاخيرة ترحيل آلاف اللاجئين اليها من دولة جنوب السودان رغما عنهم. الدول الاوروبية، والغربية عموما، لا تطلق النار بهدف القتل على المهاجرين اللاجئين اليها، مثلما تفعل اسرائيل، ولم نسمع مطلقا ان قوات حرس الحدود البريطاني اطلقت النار على مهاجرين غير شرعيين حاولوا التسلل عبر المنفذ الحدودي في دوفر قادمين من فرنسا او غيرها، وانما سمعنا عن معاملتهم معاملة حسنة، وتقديم كل سبل الراحة لهم، وكذلك الحال في فرنسا التي يوجد فيها ستة ملايين مهاجر منحتهم جنسيتها، او المانيا التي يقدر عدد المهاجرين فيها بحوالي اربعة ملايين معظمهم من الاتراك. حتى الدول الفقيرة والمعدمة والتي يعيش معظم سكانها تحت خط الفقر مثل السودان واليمن لم تغلق ابوابها مطلقا في وجه المهاجرين الافارقة الفارين من حروب اهلية ومجاعات في الدول المجاورة مثل الصومال واريتريا واثيوبيا وتشاد واوغندا، وفي فترة من الفترات بلغ عدد هؤلاء المهاجرين اربعة ملايين في السودان، ومليونين في اليمن معظمهم من الصومال واريتريا. هذه الممارسات العنصرية الاسرائيلية الوحشية يجب ان لا تمر دون تحقيق وادانة دوليين، والصمت عليها من قبل المجتمع الدولي جريمة اخلاقية تماما مثل صمت هذه الدولة العنصرية على قتل الفلسطينيين واحتلال ارضهم ومعاملتهم كمواطنين درجة عاشرة. المصدر :القدس العربي 18/7/2012