بدا وفد قطاع الشمال مشوش الذهن فاقد الترابط ليس بفعل شيء معين بقدر ما أن القطاع لم يكن من الأساس يمتلك رؤية واضحة وطرح واقعي جاد وكما كان متوقعاً لم يتحل والقطاع بالجدية المطلوبة ولو فى أدني درجتها. وعاد الامين العام لقطاع الشمال ياسر عرمان بتصريحاته الواهية والخاوية من جديد يتهم فيها الخرطوم بعرقلة الجولة التفاوضية باديس ابابا. وكذب حزب المؤتمر الوطني الحزب الحكم فى السودان مزاعم وادعاءات، ياسر عرمان، التي اتهم فيها السودان بالعمل على عرقلة مفاوضات اديس ابا با. وقال أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني بروفيسور بدر الدين أحمد إبراهيم في تصريح له نحن لا نتفاوض أصلا مع شئ اسمه قطاع الشمال ولا نعترف به ، وأشار إلي ان حديث عرمان اضطراب سياسي لا معنى له لكون الرجل أصلاً خارج الفورمة، وليس هنالك ما يسمى قطاع الشمال ولا علاقة لنا بعرمان من قريب أو من بعيد . وقال الأمين العام للحركة ياسر عرمان في بيان عقب ختام اجتماعات المجلس القيادي للحركة والذي استمر اسبوعا وتلقت (سفارى ) نسخة منه، إنّ عدد النازحين بلغ أكثر من نصف مليون شخص إلى جانب مئتي ألف لاجئ، بسبب عرقلة حكومة الخرطوم مذكرة التفاهم الثلاثية مرتين، إلى جانب مضي ما يقارب الشهر على توقيع الاتفاقية الأخيرة المتعلقة بالمساعدات الإنسانية والتي لم تنفذ أي من خطواتها. وأشار عرمان إلى أنّ «المجلس القيادي للحركة قرر وضع وفد الحركة التفاوضي خلال جولة بأديس أبابا الحالية المطالب بفتح الممرات الآمنة ونقل الطعام عبر حدود من دولتي إثيوبيا وجنوب السودان كحل وحيد لمأساة النازحين وإنهاء استخدام الطعام كسلاح، إلى جانب مطالبة الوساطة الإفريقية برئاسة ثامبو امبيكي للسماح للحركة بضم عدد من أعضائها لوفد التفاوض، لافتاً إلى أنّ «الحركة ستطلب من الوساطة السماح لها بإجراء مشاورات مع القوى السياسية والشخصيات الفاعلة المعارضة للنظام في المنطقتين». ويقول رئيس الجانب السوداني الدكتور كمال عبيد إن وفد القطاع يعمل علي عرقلة التفاوض ويطرح قضايا لا صلة لها بأجندة التفاوض. وأورد عبيد مثلاً لذلك بأن وفد القطاع طرح ورقة حول خارطة الطريق الافريقية ومجلس الأمن تتكون من (5) صفحات، أقصي ما نالته ولايتيّ النيل الأزرق وجنوب كردفان –مع أن العملية التفاوضية بكاملها منصبّة عليها– هو فقط سطر ونصف! وتشير المتابعات من العاصمة الإثيوبية أن وفد قطاع الشمال بدا مشوش الذهن فاقد الترابط ليس بفعل شيء معين بقدر ما أن القطاع لم يكن من الأساس يمتلك رؤية واضحة وطرح واقعي جاد، والأسوأ من كل ذلك فإن الوفد جلس -لأيام- فى أديس ينتظر (وصول تعليمات) من العاصمة الجنوبيةجوبا، كما أن الوفد لم يكن يتوقع استجابة لطلبه بالجلوس الى الوفد الحكومى السوداني، ولهذا رأينا كيف انفلتت أعصاب ياسر عرمان ودخل فى موجة سُباب وكالَ إتهامات وألفاظ لا تليق أبداً بالأزمة المظلمة ومنعرجات المدن القصية دعك من قاعة تفاوض. كان ذلك تعبيراً عن (إفلاس) سياسي وفكري لم يكن غريباً ولا مستغرباً لدي قادة مثل (عرمان وعقار) ارتضوا أن يكونوا مجرد حلقة فى عقد طويل يرصِّع جيد الحكومة الجنوبية وربما لهذا السبب سبق وأن أشرنا الى عدم معقولية التفاوض مع القطاع بواسطة الحكومة السودانية. القرار 2046 الصادر عن مجلس الأمن عمل على تغليف العملية التفاوضية بغلاف إنساني بحت لأغراض معالجة الأوضاع الإنسانية و الاغاثية في المنطقتين، وهو أمر لم يكن منطقياً لأنّ بوسع المجتمع الدولي ان يضغط على منسوبي القطاع فيما يخص المناطق التى تقع تحت سيطرتهم وهى قليلة للغاية ومحصورة ومحددة. كما أن بوسع المجتمع الدولي - إن أراد - أن يلزم حكومة جنوب السودان بوقف تدخلها ودعمها اللامحدود للمتمردين ضد السلطة السودانية. لو أن المجتمع الدولي عمل على غلّ يد جوبا فى جنوب كردفان والنيل الأزرق لكان أدعي لأن تنتهي كافة مظاهر التردّي الإنساني فى الولايتين والتي ما وصلت هذه الدرجة إلاّ بفعل هجمات المتمردين مسنودين بالجيش الشعبي الجنوبي وسلاحه وعتاده. إن الأزمة التى يتجه المجتمع الدولي لإعادة إنتاجها في السودان بدعوته للتفاوض بين قطاع الشمال والحكومة السودانية هى أزمة عدم جدية وبحث عن ما يكدِّر صفو الأمن والاستقرار في السودان، لأن عرمان وعقار والحلو لا يمثلون شيئاً ذي بال. هم ظلال لحركة تحكم الآن دولة مجاورة مستقلة وقائمة بذاتها، فقد سقط الحلو في انتخابات جنوب كردفان كما رأينا، وهو السبب الأساسي الذى دفعه لحمل السلاح والتمرد ومحاولة تدمير الولاية بأسرها. وقد أسقط عقار هو الآخر الثقة التى كان قد أولاه إياها شعب الولاية فى انتخابات 2010 حين حمل السلاح وخرق أمن واستقرار ولايته - دون أدني مسوغ منطقي - وأما عرمان فإن حاله السياسي يغني عن سؤاله؛ لا يملك أحد أن يقف قريباً منه حتى ظله! تري كيف لمن ليست لهم أىِّ قواعد سياسية أو أدني أسس جماهيرية أو برامج أو رؤي مقبولة أن يصبحوا طرفاً في معادلة سياسية تصل الى حد التفاوض؟ ومن بوسعه أن يصدق أن هؤلاء الثلاثة بإمكانهم أن يصنعوا مستقبلاً أفضلاً سواء لعبقرية فيهم أو لبرامجهم السياسية أو آرائهم الفكرية؟ إن التفاوض مع قطاع الشمال من الناحية الشكلية ربما كان عادياً، ولكنه قطعاً من الناحية الموضوعية لا يساوي في محصلته النهائية شيئاً، إلاّ بمقدار ما يتم إهداره من جهد ووقت ومال.