إسرائيل دولة عدوة ولكن ستظل علي استعداد لدفع ثمن التمسك بمبادئنا ... هكذا تحدث د. أمين حسن عمر الوزير برئاسة الجمهورية عقب الهجوم الإسرائيلي علي مصنع اليرموك للصناعات العسكرية جنوبيالخرطوم، الغارة الإسرائيلية التي دمرت المصنع وألحقت اضراراً فادحة بالبنية التحتية للصناعات العسكرية في البلاد أثارت أسئلة التطبيع والعلاقة بين إسرائيل والعالم العربي ومسالة رفض السودان لإقامة أي نوع من العلاقات مع الدولة العبرية غير أن الموقف الرسمي لحكومات السودان لأكثر من خمسين عاما من قضية الصراع العربي الإسرائيلي القائم علي التأييد المطلق لحق الشعب الفلسطيني في العيش بدولة مستقلة ذات سيادة وقابلة للاستمرار. دفع دولة إسرائيل لابتداع أكثر سيناريو للتدخل في الشأن السوداني ومحاولة تفتيت الدولة السودانية بتغذية الصراعات بين المكونات الاثنية للدولة وترويج دعاوي التهميش علي أسس عرقية وجهوية ويري المحلل السياسي والخبير في شؤون القرن الإفريقي دكتور حسن مكي أن دولة إسرائيل ذات علاقات قديمة بالحركات المتمردة في الجنوب وابتدعت المخابرات الإسرائيلية علي أيام رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولادا مائير منذ أكثر من خمسة عقود إستراتيجية شد الأطراف ثم بترها لمواجهة الأوضاع في السودان. الدور الإسرائيلي لم يكن جله في الظلام بالطبع فقد اعترف جهاز للمخابرات الإسرائيلي (الموساد) بما قامت به إسرائيل في دفع جنوب السودان نحو الانفصال. بالعودة لما إثارته الغارة الإسرائيلية علي السودان ينفتح الفضاء والخطاب الرسمي للحكومة علي أسئلة أكثر جدية حول مستقبل المواجهة مع التهديد الإسرائيلي للأمن القومي وسيادة الدولة وهل للسودان القدرة علي مواجهة العدوان الإسرائيلي علي أراضيه ومنشاته العسكرية بالتوازي مع حالة الجدل التي أعقبت الغارة الإسرائيلية في أوساط المؤتمر الوطني والدوائر المقربة من القصر شهدت الساحة السياسية في أوقات قريبة دعوات مشهورة انطلقت من احدي القيادات المحسوبة علي المؤتمر الوطني للتطبيع مع إسرائيل فقد دعا والي القضارف السابق كرم الله عباس لقيام علاقات طبيعية مع دولة إسرائيل وحسب كرم الله فان لا عيب في إقامة أي نوع من العلاقات مع الدولة العبرية، لكن قيادة الحزب اعتبرت حديث كرم الله من قبيل الرأي الشخصي ولا يعبر عن توجه الحزب وقناعاته. لكن دعوة الوطني التي عبرت عن رأي شخصي ربما كان لدي قيادات أخري ذات الرأي تعدت أسوار الحزب الكبير لتنداح اذا جاز التعبير في الساحة، مؤخراً أدلي رئيس حزب الوسط الإسلامي د. يوسف الكودة برأيه حول التطبيع مع الدولة العبرية ووفقا للكودة الذي يمثل حزبه اليمين الإسلامي الأكثر اعتدالا فانه لا يمانع من إقامة علاقات إستراتيجية مع اسرائيل وبالطبع لا يمكن لاي قيادي في حزب د. الكودة ان ينسب رأي رئيس الحزب في مسألة العلاقة مع إسرائيل لوجهة النظر الخاصة التي لا يعبر عن الحزب كمؤسسة كما رأي الوطني في تصريحات كرم الله عباس ولكن هل يمكن ان يقيم السودان علاقات طبيعية مع دولة إسرائيل ذات النفوذ والقوة التي لا تخطئها عين في المنطقة؟ سألت أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي د. حسن الساعوري عن احتمالات العلاقة مع إسرائيل بعد ضرب اليرموك أجابه د. الساعوري لم تذهب بعيداً عن خلفية المشهد الذي رسمه قصف المصنع إذ يري د. الساعوري أن التفكير في إقامة علاقات مع اسرئيل بطريقة فردية ليس صحيحاً ويتعين علي السودان ان أراد المضي في مسالة التطبيع ان ينسق مع الآخرين لكن من هم الآخرون؟ يري الساعوري ان السودان لابد ان ينسق مع الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية في المسألة لان القضية الفلسطينية هي في الأساس قومية عربية وإسلامية وليست سودانية فقط ولكن ما هي السيناريوهات المحتملة في حالة اختيار السودان رفض التطبيع.. يشير د. الساعوري الي ان السودان أصبح من دول المواجهة مع إسرائيل ولن تتردد الأخيرة في ضرب أي جهة حتي القصر الجمهوري أن أرادت. لن يضر السودان إقامة علاقات علي أي مستوي مع دولة إسرائيل برأي البعض فدول الطوق أو المواجهة لدي اغلبها علاقات مع الدولة العبرية مصر والأردن مثلا يرتبطان باتفاقيات دولية مع الدولة العبرية ولكن هل تقدم الحكومة في مسألة العلاقة مع إسرائيل القاعدة الفقهية المشهورة (دفع الضرر مقدم علي جلب المنافع) فتكون العلاقة مع العدو دفعاً لضرره المحتمل .. ربما . نقلا عن صحيفة الوفاق 14/11/2012