تردَّدت أنباء الاسبوع الماضي عن مقتل قائد استخبارات حركة عبد الواحد محمد نور ضمن عدد من القادة الميدانيين لقوا مصرعهم من الحركة فى مناطق (تبن) و ( سرونق) فى منطقة جبل مرة. حركة العدل والمساواة هى الاخري تعيش واقعاً لإنقسامات حادة، تجاوزت فصائلها حتى الآن الأربعة بعدما إلتحق الفصيل الرئيسي بإتفاقية الدوحة قبل حوالي الاسبوعين. حركة مناوي هى ايضاً كانت هدفاً لحركة عبد الواحد فى منطقة طويلة بشمال دارفور إثر المعارك التى دارت هناك قبل حوالي ثلاثة أسابيع بين الفصائل المكونة لما يسمى بالجبهة الثورية وأستغلّها قادة الحركات لإجراء عمليات تصفية متلاحقة ومتبادلة فيما بينهما. هذا المشهد الدرامي الدارفوري يتكرر فى كل يوم فى مناطق مختلفة من اقليم دارفور وبصورة أعنف وأكثر دموية من ما يعرضه الاعلام. هناك فى الواقع عشرات الحوادث اليومية التى تقع فيما بين الحركات المسلحة بعضها بعضاً وبداخلها وبين قادتها، فى اصطدامها ببعض القبائل والمكونات الاثنية فى المناطق التى يهاجمونها. وتشير متابعات (سودان سفاري) من منطقة جبل مرة، ان العام الحالي وحده إبتداءً من يناير وحتى نوفمبر الحالي شهِدَ حوالي 59 حالة مواجهة بين قادة يتبعون لحركة عبدالواحد سقط منهم حوالي 114 قائد، وأنَّ ما يجاوز ال50% من هذه المواجهات الداخلية جرى إخفاؤها بعناية مخافة ان تؤدي الى إضعاف الحركة فى نظر بقية الحركات. وتقول مصادر داخل حركة عبد الواحد تقيم حالياً فى كمبالا، إن غالب المواجهات تتم إما لخلافات على القيادة أو على اموال يحصل عليها البعض بصورة غير معروفة، ولا يجد البعض حتى ما يسد رمقه، فالمفارقة -بحسب المصدر- أن حركة عبد الواحد يغلب عليها أمرين: الأمر الأول وجود صفوة بين القادة لديهم كل وسائل الراحة وتذاكر الطيران والسيارات القوية وقادة آخرين يتم الدفع بهم دائماً الى المعارك ولا تتاح لهم فرصة الراحة. الأمر الثاني، غلبة منسوبي إثنية الفور على ما عداهم من المساليت وبعض الزغاوة. وفى الغالب تدور المعارك بين المنحدرين من إثنية الفور والزغاوة وهو ما جعل بعض هؤلاء القادة يفكر فى إغتيال عبد الواحد نفسه ثأراً. ونستخلص من ذلك ان الحركات الدارفورية المسلحة فى الواقع هى الأزمة لأنها تستجلب السلاح بكثافة وتضعه فى يد الصبية والشباب اليافعين، وتعمل على تأجيج العامل الاثني بشدة، إذ ليس سراً ان عبد الواحد نفسه يستخدم فى مخاطباته النادرة لجنوده عنصر القبيلة بصورة مريعة ويذكِّر قادته بإستمرار ان (دولة الفور) قادمة لا محالة! من المؤكد ان حركات مسلحة بهذا القدر من ضحالة الرؤية السياسية وتعمل على تعميق التبايُن بين مكونات الاقليم هى نفسها تشكل خطورة على الاقليم وعلى مستقبله؛ ولهذا ليس غريباً ان يسقط قتلى فى كل يوم، بل فى كل ساعة داخل هذه الحركات المسلحة، كما لن يكون غريباً أنه وعلى المدي القريب جداً ستقضي هذه الحركات على نفسها بنفسها، ذلك أنها فى كل يوم تزداد نفوراً من عناصرها، كما أن من المستحيل وهي على هذه الحالة ان تجلس لمفاوضات ويوقع معها إتفاق سلام، وهى حقيقة – للأسف الشديد – أدركها المجتمع الدولي منذ اكثر من عامين ولكنه يحتفظ بالأزمة فقط كورقة ضغط على الحكومة السودانية للإستفادة منها بشتّى السبل حتى ولو على جماجم أهل دارفور !