كانت بحق مفارقة سياسية أثارت دهشة الكثيرين حين قال رئيس الحملة الانتخابية للحركة الشعبية محمد المعتصم حاكم ان حركته (لن تسحب مرشحها الرئاسي عرمان لصالح البشير)!، لقد بدأ الأمر هنا وكأن الحركة الشعبية قد تلقت طلباً وترجياً حاراً من المؤتمر الوطني لسحب عرمان لاتاحة الفرصة للرئيس البشير للفوز!! وهو ما لم نجد له أدنى سند لدى كافة الأطراف التي هاتفناها سواء من هذا الطرف أو ذاك. ونقول أنها مفارقة لأن عرمان – باجماع كافة المحللين السياسيين والمراقبين من الممكن – لأي سبب من الأسباب – أن يحصل على أصوات إنتخابية فالذي من نصيبه سوف يناله دون شك، ولكن هذه الأصوات لن تصل الى درجة التأثير على موقف أي مرشح رئاسي آخر من المرشحين ال(11) المتنافسين على الرئاسة دعك من مرشح الوطني وقد رأينا كيف (خابت ظنون) مؤيدي الحركة الشعبية وقال بعضهم أنهم (فوجئوا)، وبعض آخر قال انهم (صدموا) بترشيح عرمان للرئاسة وحين سئلوا لماذا – مع أن كافة المتابعين يعلمون بالأسباب – فإنهم قالوا ان عرمان فشل في ادارة قطاع الشمال بالحركة طوال خمس أعوام قضاها رئيساً للقطاع حوّله خلالها الى خراب ينعق فيه البوم، ولم تخسر الحركة عضوية في تنظيمها كما خسرت في قطاع الشمال الذي وصل لدرجة (تجميد) زعيم الحركة الفريق كير للهياكل السياسية للقطاع التي اقترحها له عرمان ورفعها اليه راجياً التوقيع عليها ووضع ختم زعيم الحركة في ذيلها! وما من شك أن الجميع بدأ على قناعة أن تقديم الحركة الشعبية لمرشحها الرئاسي عرمان هو بمثابة (زُهد واضح) في الرئاسة وأن الحركة ألقت بأحد ابناء الشمال، ليصارع أهله في الشمال فإن خاب وفشل فخيبته وفشله عليه، وان نجح – وهذا بعيد – فسوف يدخلها في ورطة، وما دام أن فرصه بعيدة فلا ضير من (التضحية) به في اطار (التضحية النضالية) التي عرف بها عرمان والتي جعلته في يوم من الأيام يكلف بقيادة قطيع من الابقار ويقوم بايصاله الى منطقة معينة لقياس (قدراته القيادية)!! لقد أجهد رئيس الحملة الانتخابية للحركة نفسه اجهاداً غير ضروري للتلويح بمساومة ضحلة وفاقدة القيمة كهذه، وكان واضحاً أن السيد حاكم غير مدرك لطبيعة موقف الحركة في مجمله من العملية الانتخابية حين قال في ذات الصدد أنه يستغرب عدم ترشيح المؤتمر الوطني لمرشح منافس للفريق كير في جنوب السودان!، بهذا التساؤل، أثبت حاكم أنه – للأسف الشديد – لم يدرك بعد مأزق الحركة ودواعي إثارتها لأزمات جانبية الآن في جنوب كردفان ومخاوفها من د. أكول وتخلصها غير الرحيم من عرمان!